المبعوث الأميركي لتحالف مكافحة «داعش»: نحتاج إلى عام لإخراج التنظيم من العراق

ألن أكد لـ(«الشرق الأوسط») أن قوات الجيش السوري الحر التي تتدرب لن تكون لـ«تحرير دمشق»

المبعوث الأميركي لتحالف مكافحة «داعش»: نحتاج إلى عام لإخراج التنظيم من العراق
TT

المبعوث الأميركي لتحالف مكافحة «داعش»: نحتاج إلى عام لإخراج التنظيم من العراق

المبعوث الأميركي لتحالف مكافحة «داعش»: نحتاج إلى عام لإخراج التنظيم من العراق

بعد إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما استراتيجية لمكافحة تنظيم «داعش» وبدء الضربات الجوية ضد التنظيم في العراق وسوريا، بحث أوباما عن شخصية يمكن أن يعتمد عليها للعمل على بناء التحالف الدولي لمواجهة التنظيم والتنسيق بين الجهود السياسية والعسكرية والاقتصادية، فاختار الجنرال المتقاعد جون ألن ليكون «المبعوث الرئاسي الخاص للتحالف الدولي لمكافحة (داعش)». ومنذ توليه منصبه الشهر الماضي، يعمل ألن في واشنطن بالتواصل مع عواصم رئيسية في التحالف على بلورة وتقوية الاستراتيجية لمكافحة التنظيم، مع التركيز بالدرجة الأولى على طرد التنظيم من العراق والعمل على إنهائه في سوريا. ويبدأ ألن اليوم جولة في الشرق الأوسط يبدأها من السعودية، حيث يعقد اجتماعات رسمية صباح يوم غد قبل الانتقال إلى دول خليجية وعربية عدة. والجنرال المتقاعد الذي ترأس قوات «الناتو» الدولي في أفغانستان «ايساف» بين عامي 2011 و2013 له خبرة في العراق، إذ كان ضمن القيادات العسكرية في العراق وكان له دور محوري في تشكيل «الصحوات» التي واجهت تنظيم القاعدة في الأنبار وأخرجت التنظيم منه.
وفي أول مقابلة له مع وسيلة إعلام عربية منذ توليه منصبه، التقت «الشرق الأوسط» بألن خلال زيارته إلى لندن قبل التوجه إلى المنطقة.
وفي ما يلي أبرز ما جاء في الحوار:

* الكثير من المسؤولين الأميركيين صرحوا بأن الحرب ضد «داعش» ستستغرق سنوات طويلة، ولكنّ الكثيرين في منطقة الشرق الأوسط يتساءلون: لماذا هذه الفترة الطويلة؟ ألا يعطي «داعش» انتصارا معنويا عندما يقال إنهم سيحاربون أقوى جيش في العالم، الجيش الأميركي، وتحالفا دوليا من دون هزيمة لسنوات؟
- لا يوجد فقط مجال عسكري في التعامل مع «داعش»، هناك مجالات عدة. له وجود في المجال الجسماني، ما نسميه ساحة القتال، ويوجد في مجال تطوير المصادر المالية، ويوجد في المجال المعلوماتي. في المجال الجسماني، بينما نتعامل مع «داعش» عسكريا، نتوقع أن الأمر سيستغرق أشهرا، وربما عاما، لإخراجهم من العراق، وسيستمر لفترة أطول في سوريا. ولكن في ما يخص تعاملنا البعيد الأمد مع «داعش»، فذلك أبعد من الجانب العسكري، وأبعد من خنق مصادره المالية، مما يقلل من قدرات التنظيم ومرونته التنظيمية. هناك البعد المتعلق بشعار «داعش» وما يمثله من فكرة علينا التعامل معها على المدى البعيد. ومن ناحية أوسع، القضية لا تختصر فقط على «داعش»، فهذا التنظيم أحدث تجسيدا لمعاناة بعيدة الأمد للمنطقة من التطرف الذي يصيب بعض الشباب في دول المنطقة. والكثير من الدول حول العالم عانوا كثيرا نتيجة لظهور التطرف. وأعتقد أن مع تطور الاستراتيجية سنواجه «داعش» في المجال الجسماني خلال الأشهر المقبلة، بالتأكيد لأكثر من عام، ولكن على المدى البعيد، وهذه نقطة جوهرية، فالتعامل مع فكرة «داعش» ومعالجة التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تخلق بيئة يمكن أن يخرج منها التطرف وحيث يلجأ الشباب المتأثر بالتطرف إلى منظمات مثل «داعش»، فهذا سيستغرق وقتا، وعلينا أن نعترف بذلك وعلينا أن نعمل كلنا سويا، لأن تنظيم «داعش» ليس موجودا فقط على ساحات المعركة في العراق اليوم، بل هناك قضايا متعلقة بالتمويل غير الشرعي الذي يخلق الفرص لمنظمات مثل «داعش»، وهناك تدفق المقاتلين الأجانب مما يمكنه أن يؤدي إلى تحدي الدول لسنوات عدة بعد انتهاء منظمة مثل «داعش» ككيان متماسك. فالذين يشاركون في «داعش» يمكن أن يصبحوا مقاتلين أجانب يعودون إلى أوطانهم ويخلقون صعوبات في مجتمعاتهم. لذلك علينا أن نكون واعين لمجمل تأثير «داعش»، ليس في العراق وسوريا فقط، ولكن تأثير «داعش» والأسباب الكامنة التي علينا أن نعالجها على مدى فترة من السنين.
* مثلما قلت، هناك قضايا معينة في دول عدة تساهم في نمو «داعش»، ومثل التنظيمات المتطرفة الأخرى، تنظيم «داعش» يستغل تجارب البعض لبناء تحالفات بين مجموعات مختلفة. كيف يمكن لكم أن تكسروا تلك التحالفات وتكسبوا تأييد بعض هذه الجماعات؟ إذ ننظر إلى العراق على سبيل المثال، كيف تعملون على تفكيك تحالف المجموعات المرتبطة بـ«داعش»؟
- هذا يكون المسار الطبيعي للعملية، وما نقوم به تقليديا وما قمنا به في السابق عندما واجهنا منظمات مثل هذه، نرسم خريطة للتنظيم في تفصيل معمق من أجل أن نفهم الجهاز العصبي للتنظيم ولمعرفة أي مجموعات تحالفت. في الكثير من الأحيان، لديهم اتفاقات أو تحالفات مؤقتة بناء على المصالح، وهي تحالفات ذات فائدة قصيرة الأمد، وبعدها تنهار. وعندما نحاول فهم تركيبة «داعش» ومن موجود داخل التنظيم نعلم أنه غير موحد، فهناك أبعاد قبائلية فيه، وهناك عناصر من المتمردين وعناصر تسعى للتحرير وعناصر مرتبطة بنظام (الرئيس العراقي الأسبق) صدام (حسين). ومع فهمنا الأفضل للتنظيم، نسعى للعمل على كسر التنظيم بناء على خطوط الانشقاقات هذه. بعض ذلك يمكن تحقيقه من خلال استخدام المعلومات وبعضه يحقق عسكريا، وبعضه يحقق من خلال خنق التمويل. هناك مجموعة كاملة من الوسائل التي نسعى إلى الجمع بينها لشق «داعش» حول تلك الخطوط. وعلينا أن نفهم ذلك ونحن نأخذ هذا التنظيم على محمل الجد من حيث التحليل.
* إلى أي مرحلة وصلت في مرحلة «رسم خريطة» التنظيم؟
- تقدمنا في هذا المجال.
* هناك الكثير من الشكوك في المنطقة حول قضية «داعش»، الناس تتساءل: هل من الممكن أن الولايات المتحدة وحلفاءها غير واعين لما يحدث على الأرض، خصوصا في العراق؟ بعد خبرتك في العراق وأفغانستان، كيف يمكن أن تفسر وصول «داعش» إلى هذه القوة قبل التحرك ضد التنظيم؟
- هناك أجوبة عدة، أولا: جمعنا (للمعلومات) في هذا المجال كان مرتكزا في مناطق أخرى في العالم. ولكننا أيضا رأينا بعض الحالات من تحالف منظمات لم نكن نتوقع أن تقيم مثل هذه التحالفات التي توصلوا إليها في الأخير. وكان لديهم (مقاتلي «داعش») خطة قوية جدا لما ينوون فعله، ولكن كان من الصعب كشفها في المرحلة الأولى. ومع كشف الخطة، ومع رؤيتنا مهاجمتهم لليزيديين والمسحيين، ومع قدرتهم على سحق القوات الأمنية في الموصل وحولها، ومع توجههم إلى غرب العراق وشماله باتجاه حكومة إقليم كردستان، بات من الواضح أن هذه منظمة أكثر تماسكا مما توقعنا. وهذا ما خلق الحالة الطارئة الحالية التي يعالجها تحالف دول من حول العالم وليس فقط المنطقة.
* زرت العراق بداية الشهر، وأجريت لقاءات موسعة مع مسؤولين عراقيين، من بينهم رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي. ولكن العبادي صرح بعد زيارتكم بأنه لن يقبل بوجود قوات أجنبية في العراق، ولكنْ هناك مستشارون أميركيون عسكريون في العراق مع إمكانية توسع الوجود الأوروبي. هل أنتم على وفاق مع الحكومة العراقية حول وجود قوات أجنبية ومستشارين عسكريين؟
- نحن متفقون. النية عدم إعادة قوات أجنبية لفترات طويلة مثلما حدث لسنوات كثيرة في العراق. وهو مهتم جدا بالدعم والإجراءات التي يمكن اتخاذها، ليس فقط على الصعيد العسكري ولكن بأشكال أخرى يمكن تقديمها، ليس فقط للسنة ولكن لكل المواطنين العراقيين. وعندما يقول (العبادي) «قوات أجنبية» يعني وجودا بعيد الأمد. وهذا ليس جزءا من تخطيطنا، لا ننوي أن نعيد قوات أميركية إلى العراق أو خلق الظروف التي ستؤدي إلى وجود قوات أجنبية أخرى في العراق. كنت واضحا جدا مع رئيس الوزراء العبادي وغيره من قادة العراق من كل التوجهات السياسية والدينية، بأن هذا إجراء مؤقت. نحن نأتي لمساعدة العراق لأن العراق طلب منا ذلك، وعندما أقول «نحن» لا أعني فقط الولايات المتحدة، بل أعني التحالف، وسنساعد بأي طريقة ممكنة. ولكننا كلنا نعترف بأن هذا إجراء مؤقت وفور انتهاء هذا الطارئ، وفور تحقيق المهمة، بالاتفاق مع العراق، سيكون الوقت قد حان للعودة إلى بلادنا، نحن واضحون حول ذلك.
* ولكن مغادرتكم سنكون مرتبطة بوجود قوة عراقية يمكنها حماية جميع العراقيين، وهو جزء من السبب للدفع إلى إنشاء الحرس الوطني، وهناك قلق من أن الحرس الوطني يعني تسليح المحافظات، وعندما تخلق مشكلات بين المحافظات ويكون أبناؤها مسلحين يمكن أن يؤدي ذلك إلى قتال المحافظات العراقية. كيف توقف ذلك؟
- يجب النظر إلى الحرس الوطني على أنه أرضية متوسطة بين الشرطة التي تزود الاستقرار المحلي وتطبيق القانون كجزء من السكان المحليين، وهذا عنصر مهم لإعادة الاستقرار للكثير من المواطنين العراقيين، أن تكون هناك قوة شرطة يمكنها أن تعيدهم إلى بيئة اجتماعية مستقرة وتعيدهم إلى بيئة أمن ونظام، وبين الجيش الوطني، القوات العراقية الأمنية التي ستكون مسؤولة في النهاية عن سلامة أراضي العراق والدفاع عنه. هذا الجيش الوطني الذي يستطيع التحرك في كل مناطق العراق، جيش مهني يمثل جميع المواطنين العراقيين، وليس مبنيا على الطائفية، حيث يتم تجنيد القوات من كل الشعب كي تكون لدينا وحدات منسجمة داخل الجيش الوطني. ولكن الأرضية المتوسطة هي التي سنراها تكبر مع الوقت، حيث يكون على المستوى المحلي قوة بحجم لواء، نحو 5 آلاف عنصر على المستوى المحلي. وهذه المنظمة، أي الحرس الوطني، سيتم تجنيدها محليا، وستشبه شعب تلك المحافظة. في الوقت الراهن، نحن ننظر إلى 3 فرق في الشمال و3 في الجنوب، وربما ستكون وحدات إضافية مستقبلا. وبعض المحافظات قد لا تحتاج إلى الحرس الوطني، ولكن الكثير منها ستحتاج إليه. ومصطلح الحرس الوطني يستخدمه الأميركيون لأنه سيشبه الحرس الوطني لدينا. وهو حرس وطني من الشعب ويشبه الشعب، فهناك يزيدي أو مسيحي أو سني أو شيعي في تلك المحافظة، سيمثلون بشكل متساوٍ داخل المنظمة. وما زالت الفكرة تتطور ولكن آلية تجنيد أعضاء الحرس الوطني ستكون مبنية على لجنة من الأشخاص الذين يمثلون القبائل والأقليات والحكومة المحلية ووزارة الدفاع العراقية. سينظرون إلى المجند الذي سيحتاج إلى تزكية من قيادات قبائلية أو مدنية أو دينية كي يتم قبولهم وتدريبهم. وبعدها يكون الحرس الوطني بين الجيش والشرطة. وفي حال كانت هناك حالة طارئة في المحافظة، مثل كارثة طبيعية أو غير ذلك، أو إذا واجهت الشرطة تهديدا لا يمكنها أن تعالجه، حينها يمكن للمحافظ، الذي لديه السلطة الأولى على الحرس الوطني، أن يوجه الحرس الوطني داخل المحافظة لحل المشكلة. سيكون لدى عناصر الحرس الوطني أسلحة خفيفة مع حماية مسلحة، ولكن لن تكون لديهم مدرعات أو دبابات. ومرة أخرى أكرر، هذه أفكار وما زلنا نعمل عليها. ولكن الوحدات ستكون ضمن مسؤوليات المحافظ، وأعضاء اللواء سيشبهون أبناء المحافظة. ولن يتم تجنيدهم بشكل جماعي، أي لن يكون هناك تجنيد لميليشيا كاملة. سيتم تجنيد أفراد، وهذا أمر مهم، وستدفع رواتبهم من خلال وزارة الدفاع، وسيكونون ضمن مسؤوليات وزير الدفاع. ولكن في حال حصول طارئ يفوق قدرات الجيش الوطني، يمكن لرئيس الوزراء بالتعاون مع المحافظين أن يطلب تلك الوحدات وأن يجعلهم ضمن القوات الأمنية الوطنية بشكل كبير. والفكرة هي أن يكون جيش العراق صغيرا، تدعمه وحدات الحرس الوطني في حالة الطوارئ. ونعتقد أن ذلك مهم كي لا يصبح ميليشيا كبيرة مسلحة. ومن خلال ربطه بوزارة الدفاع ومن خلال اختيار لجنة منوعة تنظر في خلفيات المجندين ومن خلال ضمان تدريبهم وقيادتهم، سنجد أن الحرس الوطني سيكون جوهريا في تحقيق الإجماع المحلي وتحقيق شعور بين الناس بأن المحافظة تحمي نفسها.
* ولكن كل ذلك يتطلب الكثير من الوقت.
- بالطبع، الحرس الوطني لا وجود له اليوم، وخلال هذه المرحلة سيكون الكثير من جهدنا منصبا على إعادة الجيش العراقي إلى الانتظام والعودة إلى القتال.
* ما أولوياتكم في زيارتكم إلى الخليج؟ وما أهمية قضية معالجة تمويل المتطرفين ومكافحة تفكيرهم فيما ستبحثونه في الزيارة؟
- ستكون مهمة جدا.. لقد أجرينا محادثات معمقة جدا مع شركائنا في الخليج والسعودية والإمارات والكثير من الشركاء هناك. من أول ليلة من الضربات الجوية، يحلقون معنا ويقومون بإسهامات مهمة للمهمة الجوية. السعودية على سبيل المثال عرضت استضافة أحد مواقع التدريب لإعداد الجيش السوري الحر، ودول أخرى في المنطقة، الأردن وتركيا أيضا عرضا ذلك. البعد العسكري يتطلب محادثات متواصلة والدول تساهم بناء على قدراتهم ورغباتهم. ولكن من المهم جدا في دفع العناصر الأخرى. سأسعى مع قيادات الدول المعنية في الحديث عن الاستراتيجية والحديث عن كيف يمكن لنا أن نراها تتطور مع الوقت. وسأتحدث معهم عن الدور المركزي لدول الخليج والمنطقة لإنجاح الاستراتيجية. قوة أصوات رجال الدين وشيوخ العشائر والعائلات الحاكمة والأئمة في دعم هذه الاستراتيجية وقوة الأصوات التي تعلو ضد ما يحدث للدين الإسلامي من قبل تنظيم داعش وقوة تلك الأصوات في مساعدتنا على خنق تمويل «داعش» عبر الوقت. كل هذه الأمور جوهرية لنجاح هذه الاستراتيجية وهم شركاء مثتمنون وأساسيون في هذه العملية. فأنوي لقاء قادة تلك الدول لشرح الاستراتيجية وشرح دوري الجديد، ولطلب دعمهم في الخطوط الأخرى في هذه الجهود وللتوضيح لهم أهمية دورهم في نجاح هذه الاستراتيجية.
* هناك مسؤولون في الخليج وتركيا يرون أن التركيز يجب ألا يكون فقط على «داعش»، بل أن تتم معالجة الوضع السوري ومواجهة نظام الرئيس السوري بشار الأسد. كيف يمكن لك أن تقنعهم بأن الولايات المتحدة جدية في معالجة هذه القضية؟
- من المهم أن نشرح أن الكثير مما نتحدث عنه هنا هو استراتيجية لمواجهة «داعش»، ولكن هذه ليست الاستراتيجية الوحيدة هنا. هناك قضايا إقليمية أوسع على الأرض. هناك أهمية إنقاذ الشعب السوري على الصعيد الإنساني، ومثل الاستراتيجية لمواجهة «داعش»، هذه قضية تشكل جزءا أكبر من استراتيجية إقليمية بنتيجة سورية نسعى لها. وهذه النتيجة هي نتيجة سياسية لا تشمل الأسد. وعلينا التحدث عن الأزمة الطارئة مع «داعش»، نحن مجبورون على ذلك. وعلينا أيضا أن نبقي العراق متماسكا، وعلينا أن نعطي الجيش السوري الحر والمعارضة السورية المعتدلة القابلية على مواجهة «داعش». وضمن هذه النقاشات، إذا رأينا القدرة على تحقيق ما نريده من حيث المعارضة السورية المعتدلة على الصعيد السياسي والجيش السوري الحر على المستوى العسكري، وخلق قدرة موحدة لا تواجه «داعش» فقط، بل تصبح بارزة من خلال صوتها البارز وقدرتها العسكرية لتصبح (المعارضة) الصوت البارز في الحل السياسي في سوريا أيضا. دول التحالف تسعى إلى حل سياسي لا يشمل الأسد. وعلينا أن نتحدث عن الاستراتيجية لمواجهة «داعش»، ولكن نسعى التوضيح أننا نسعى إلى حل سياسي في سوريا من دون الأسد.
* ولكن ألا ترون أن وحدات الجيش السوري الحر التي يتم تدريبها ستكون هي التي ستحارب قوات النظام السوري؟
- لا، نريد أن نرى الجيش السوري الحر والقوات التي سندربها ونسلحها أن تكون القوة ذات المصداقية التي سيكون على حكومة الأسد أن تعترف بها في النهاية. لن يكون هناك حل سياسي هنا. علينا أن نخلق مصداقية عالية للمعارضة السورية المعتدلة على المستوى السياسي وأن نخلق مستوى عاليا من المصداقية مع القوة على الأرض التي ستحرر مناطق يسيطر عليها «داعش» وتقليديا كانت تسيطر عليها قوات المعارضة المعتدلة، وحينها سيكسبون مكانهم على الطاولة عندما يحين الوقت للحل السياسي. وقد تكون هناك عناصر من الجيش السوري الحر التي تصطدم في النهاية مع النظام، هذا قد يحدث، عندما يحاولون أن يدافعوا عن أنفسهم وعن المناطق التي سيطرون عليها، وبينما يحاولون حماية عائلاتهم وطريقة حياتهم. هذا قد يحدث. ولكن النية ليس لخلق قوة على الأرض لتحرير دمشق. هذه ليست النية. النية هي الخروج بنتيجة سياسية، ويجب أن يكون لديهم (المعارضة المعتدلة) صوت بارز، ربما الصوت الأبرز على طاولة (المفاوضات) للمساهمة في النتيجة السياسية النهائية التي نبحث عنها.
* الولايات المتحدة أبلغت الحكومة السورية قبل الضربات ضد «داعش» ودمشق قالت: إنكم نسقتم..
- لن يكون هناك أي تنسيق، كان هناك تبليغ.
* هل ما زلتم تبلغونهم قبل كل ضربة، أم كان الإبلاغ للضربة الأولى فقط؟
- نحن لا ننسق مع نظام الأسد في أي أمر نقوم به، ونحن نلاحق «داعش» في سوريا، لأنه كان غير راغب أو غير قادر على فعل ذلك.
* ماذا عن التنسيق مع إيران؟ هل تنسقون معهم في مواجهة العراق وسوريا؟
- لا، نحن لم ندعُ إيران إلى التحالف، ولكن رحبنا بدور إيران البناء في العراق، وبالطبع إيران مهتمة كثيرا بما نقوله ونفعله في سوريا أيضا. ومن المهم مرة أخرى أن عندما نتحدث عن النتيجة في سوريا، أن يكون من الواضح أننا نسعى إلى حل سياسي؛ حيث تكون هناك أصوات كثيرة تساهم في ذلك الحل السياسي. ولكن النتيجة السياسية لن تشمل الأسد، وأنا لا أريد الدخول في تفاصيل الحكومات الانتقالية، وكل تلك الإجراءات التي تُبحث. ولكننا نعترف بأن إيران لديها نفوذ مهم في العراق وسوريا وفي المنطقة، وبينما نواصل التقدم إلى الأمام، سنواصل الإصغاء بحذر شديد لكل ما يقولونه وسنرى إلى أين يصل ذلك.
* يمكن لـ«داعش» أن تنمو في مناطق تفتقد الأمن أو الحكم الرشيد. وهناك عناصر تعلن عن بيعتها لـ«داعش» في لبنان مع مخاوف من وصولها إلى اليمن. كيف يمكن التحرك لمنع انتشار «داعش» في هذه الدول؟
- الكثير من هذه المجموعات كانت موجودة لفترة من الزمن وكانت تشكل مشكلة معينة. «داعش» تنظيم يجسد مجموعة تستغل الأسباب الكامنة التي خلقت الفرصة للقاعدة في الجزيرة العربية أو مجموعة أبو سياف أو غيرها من المجموعات. الكثير من هذه المجموعات ظهرت بسبب الظروف الكامنة التي تسمح لها بالظهور، وربما كان ذلك لغياب حكومة أو غياب القانون أو مشاكل متعقلة بالنظام الاجتماعي أو عدم وجود الفرص للشباب أو عدم وجود فرص التعليم، كل هذه عناصر مؤثرة. وما نسمعه أن بعض هذه التنظيمات بدأت تعلن مبايعتها لـ«داعش»، وذلك لسمعة «داعش» وقوة جذبها في الإعلام وقدرتها على التلاعب بالمعلومات، وهذه إحدى المسارات التي نعمل على مواجهتها. نريد أن ننزع الشرعية من «داعش»، وأن نهاجم طبيعة فكرها. ومن أجل ذلك، نحتاج إلى أصوات كثيرة من هذه الدول، التي عادة ما تعاني من هذه التنظيمات «المتطرفة» وأن يرفعوا صوتهم معنا.
* هناك ضبابية في الموقف التركي فيما يخص مواجهة «داعش»، وأنت زرت أنقرة أخيرا وأجريت نقاشات مطولة مع القادة..
- نعم هذا صحيح.
* لماذا هذه الضبابية في الموقف التركي، وهل أنتم راضون عن مساهمتها في التحالف؟
- أولا، تركيا صديق قديم. ولدينا علاقات ثنائية تاريخية ممتازة مع أنقرة، هي حليف لنا في حلف الشمال الأطلسي «الناتو»، وأيضا كانت لها إسهامات مهمة في التحالف إذ سمحت لنا باستخدام إحدى قواعدها الجوية من أجل الاستطلاع الجوي، وسمحت لنا بالقيام بتدريب وتسليح (قوات معارضة سوريا) فتساعدنا من هذه الناحية، ولكن هناك مجالات أخرى يمكن لتركيا أن تساهم فيها، ومن المناسب أن نجري مشاورات سياسية معها بهذا الصدد.
سنواصل هذه المحادثات مع الأتراك ومن المرجح أن نرى تركيا تتخذ قرارات أخرى حول كيفية المشاركة في التحالف نتيجة لذلك، ولكنها دولة على الخط الأمامي وتعاني من أكثر من مليون لاجئ أتوا نتيجة مباشرة للحرب الأهلية في سوريا، ولكن خصوصا بسبب هجوم «داعش». تركيا تستحق احترامنا لما قامت به من تزويد ملاذ أمن إنساني ورعاية لهؤلاء، وأيضا تستأهل التشاور السياسي بصفتها دولة صديقة وحليفة، كي يفهموا تحديدا الدور الذي يمكن لهم أن يلعبوه في التحالف. وهذه المشاورات جارية.
* هل يمكن أن تقبلوا فرض تركيا منطقة آمنة؟
- سيكون ذلك جزءا من نقاشنا.
* هذه الجهود لمواجهة «داعش» تتطلب تكاليف عالية، من يتحمل هذه التكاليف؟
- الكثير من الدول، السعودية على سبيل المثال، قدمت أكبر مساعدة في المساعدات الإنسانية (500 مليون دولار) استثمار هائل في منطقة مهمة جدا لتحسين طبيعة حياة الناس الذين عانوا الكثير من «داعش»، وتسعى لإنقاذهم. وهناك دول أخرى في المنطقة التي ساهمت بشكل مهم. وذلك أيضا يشمل تدريب وتسليح «الجيش السوري الحر»، وتزويد القواعد الخاصة بذلك. هناك دائما طرق يمكن لدول المنطقة أن تساهم من خلالها في الاستراتيجية.
* وكل دولة تتحمل التكلفة المالية؟
- هذا صحيح.



مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
TT

مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)

دعت مصر وقطر، السبت، إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها في قطاع غزة.

وخلال لقاء عقده رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، على هامش انعقاد «منتدى الدوحة»، في العاصمة القطرية، السبت، أكد المسئولان أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار ومنع أي خروقات، إلى جانب التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها.

كما شدد الوزيران على أهمية ضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار.

وفي كلمته خلال افتتاح «منتدى الدوحة»، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن اتفاق غزة لم يطبَّق بالكامل، مشيراً إلى استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية.

وقال آل ثاني إن التحديات التي تشهدها المنطقة ليست معزولة عمَّا يشهده العالم من تراجع احترام القانون الدولي.

وأضاف أن «العدالة باتت في كثير من الأحوال غائبة عن مسار القانون الدولي»، مشيراً إلى أن الحلول العادلة وحدها هي التي تصنع السلام المستدام في العالم.

ولفت إلى أن «العالم لا يحتاج إلى مزيد من الوعود، بل يحتاج إلى عادلة تترجم الأقوال إلى أفعال»، مؤكداً أن «غياب المساءلة أحد أخطر مظاهر الاختلال في النظام الدولي الحالي».

وفي حديثه عن الوساطة، شدد على أنها ليست رفاهية سياسية، بل منهج راسخ لدولة قطر، معرباً عن إيمان الدوحة بأن العدالة ليست غاية سياسية فحسب، بل ركيزة أساسية لصون القانون الدولي.

معبر رفح وتهجير الفلسطينيين

وخلال مشاركته في جلسة بعنوان «محاسبة غزة: إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، التزام بلاده بمواصلة جهودها مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لتثبيت وقف إطلاق النار، ودعم مسار يُفضي إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية قائمة على مرجعيات الشرعية الدولية، وبما يحقق الأمن والاستقرار ويحفظ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وقال عبد العاطي إن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظَّم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام». وأوضح أن هذه المرحلة تتطلب إدخال المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ ودون عوائق، والبدء في جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار، بما يخفف من حدة المعاناة ويعيد الأمل لسكان القطاع.

وشدد الوزير عبد العاطي على أن معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، وأن المشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في خمسة معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها.

ولفت إلى أن خطة الرئيس ترمب تنص على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع.

وبعد لقاء بين وزيري خارجية قطر ومصر على هامش «حوار الدوحة»، ذكر المتحدث باسم الخارجية المصرية تميم خلاف، في بيان صحافي، أن الوزير عبد العاطي أكد الحرص على مواصلة التنسيق الوثيق مع دولة قطر في مختلف القضايا الإقليمية، والبناء على العلاقات الثنائية المتنامية بما يخدم مصالح الشعبين ويدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وانطلقت في العاصمة القطرية، النسخة الـ23 لـ«منتدى الدوحة 2025» بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومشاركة رؤساء دول وخبراء ودبلوماسيين وحضور رفيع المستوى من مختلف أنحاء العالم. وتقام جلسات المنتدى تحت شعار: «ترسيخ العدالة... من الوعود إلى الواقع الملموس».

اتفاق غزة لم يطبَّق

وخلال مشاركته في إحدى جلسات المنتدى، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري إنه لا يمكن اعتبار أن «هناك وقفاً كاملاً لإطلاق النار في غزة إلا بانسحاب إسرائيل من القطاع»، مؤكداً «استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية».

ولفت إلى أن الجهود التي بُذلت للتوصل إلى وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مطلوبة لمرحلتي الاستقرار وتأسيس دولة فلسطين، قائلاً: «نحن في مرحلة مفصلية ولم يطبَّق الاتفاق بشأن غزة فيها بالكامل».

وأضاف أن بلاده تؤمن بأن لديها دوراً في استقرار المنطقة والعالم، وتطمح لحل النزاعات بالوساطة.

فوارق الوساطة

أوضح رئيس الوزراء القطري أنه لا يمكن مقارنة جهود الوساطة بين الولايات المتحدة وأفغانستان بالوساطة بين إسرائيل وحركة «حماس»، مبيناً أن التحدي في جهود الوساطة الأخيرة يتمثل في أن الولايات المتحدة الأميركية بصفتها أحد الوسطاء، كانت تتحدث فقط مع طرف واحد وهو الطرف الإسرائيلي، غير أنها بدأت بعد ذلك الانخراط بالتحدث إلى الجانبين، وهو ما ساعد على إحداث اختراق في المفاوضات والتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال: «لكننا لا نعدّه وقفاً كاملاً لإطلاق النار، إلا إذا انسحبت القوات الإسرائيلية بشكل كامل وتحقق الاستقرار في القطاع، وأصبح بإمكان الناس الدخول والخروج دون عوائق على أرض الواقع».

ونبه رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري إلى أن الصراع لا ينحصر في قطاع غزة وحده بل يمتد ليشمل الضفة الغربية، وتطلعات الشعب الفلسطيني لبناء دولته، معرباً عن أمله في تعاون الحكومة الإسرائيلية على تحقيق ذلك.

وحذر الوزير القطري من عودة التطرف في غياب المحاسبة، وقال: «ما لمسناه وجرَّبناه على مر العامين الماضيين، هو أنه في حال غياب المحاسبة وفي حال غياب الإنفاذ، فإن الأمور ستبقى على حالها، وسوف نبقى رهائن في أيدي المتطرفين، وهذا ما نريد أن نتفاداه، وقد شهدنا ولاحظنا أن الجهود التي بذلناها جميعاً لكي نتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار كانت ضرورية ومطلوبة أيضاً للمرحلة الثانية، لإرساء الاستقرار، بينما تكون المرحلة الثالثة هي تأسيس الدولة الفلسطينية».

وحذر من أنه «في حال تمكنت هذه الأجندة المتطرفة من أن تكون لها الغلبة على جهودنا الجماعية في المجتمع الدولي فعلى الجميع أن يقر بأن هناك خطأ ما في الهيكلية أو البنية التي نعمل معها»، معرباً عن اعتقاده بأن الدور الأميركي هو دور رئيسي في هذا السياق، لأن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية الإنفاذ لكي تضع هذا الحل على المسار الصحيح.

ودعا في إجابة عن سؤال، إلى البناء على المصالح المشتركة لأطراف النزاع كأساس لأي مفاوضات لإرساء السلام والاستقرار، مع أهمية الدبلوماسية الاقتصادية في هذا السياق، لإحداث الازدهار والرخاء الاقتصادي أيضاً.


خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
TT

خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)

ركَّزت الجلسة الحوارية الرئيسية التي شهدها اليوم الأول من «منتدى الدوحة» على تطورات جهود حلّ الأزمة اليمنية، وبحث أبرز التحديات التي تعيق الوساطة وتقوِّض عملية السلام. وعدّ متحدثون في الجلسة الحوارية أن اليمن أمام مفترق طرق بين معوقات سياسية في ظل إعادة تشكيل الإقليم.

وحملت الجلسة الحوارية، التي عُقدت يوم السبت، عنوان: «الوساطة في النزاعات وبناء السلام والقانون الدولي والمساءلة». وشهدت مشاركة الدكتور شائع محسن الزنداني وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني، وهانس غروندبرغ المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، والدكتور عبد العزيز صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، وماجد المذحجي، رئيس مركز صنعاء للدراسات.

تحدث المشاركون خلال الجلسة، عن أبرز المعوقات التي تواجه الملف اليمني اليوم، والذي يشهد تحولات هائلة، وتحديداً بعد حرب غزة الأخيرة، مشددين على أن التعاطي مع اليمن يحتاج لتفكير عميق، وليس الاكتفاء بالتعاطي مع الأحداث الآنية ووليدة اللحظة.

العملية السياسية

أكد المتحدثون أهمية إيجاد الحل السياسي لإنهاء الصراع اليمني، والذي يحتاج لوقف عملية إطلاق النار، ليتم بدء العملية السياسية التي يبدأ الأطراف خلالها بمناقشة كيفية معالجة هذه الصراعات وصولاً إلى حل دائم.

وأوضحوا أن معالجة أبعاد الصراع في اليمن تستدعي مقاربة سياسية شاملة، تبدأ بإرادة حقيقية لدى الأطراف للوصول إلى تسوية دائمة، لافتين إلى أن أي عملية سياسية ذات جدوى لا بد أن تُبنى على حوار شامل يضم مختلف القوى الفاعلة، بما في ذلك المكونات السياسية والاجتماعية والمعارضة الداخلية؛ لضمان تمثيل واسع يرسّخ شرعية أي اتفاق مستقبلي.

وأشاروا إلى أن استمرار غياب الحل السياسي يعني استمرار دوامة الصعوبات والتوترات، ما يجعل الحاجة ملحة لخطوات عملية تعيد الأطراف إلى طاولة التفاوض.

وتطرقوا إلى أبرز الأبعاد الاقتصادية للصراع، التي أصبحت جزءاً أساسياً من ملف الحل، مبينين أن معالجتها تتطلب توافقاً حول برامج إنعاش اقتصادي وإصلاحات عاجلة تسهم في تخفيف المعاناة وتحسين الاستقرار.

الشراكة والتعقيدات

شدد الخبراء على أن إنجاح العملية السياسية يستوجب إشراك مجموعة واسعة من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، وتقديم الدعم للمشاركين بما يمكّنهم من تجاوز الخلافات وبناء أرضية مشتركة.

ولفتوا إلى أن أي حل مستدام ينقذ مستقبل اليمن لن يتحقق ما لم تؤخذ بالاعتبار تعقيدات المشهد اليمني وتوازنات القوى ومعارضة بعض المجموعات، وهو ما يتطلب جهداً منظماً وإرادة سياسية صادقة.

وخلال الجلسة، استعرض المشاركون عدداً من الأحداث والحقبات والمراحل الزمنية التي مرت على اليمن، مؤكدين أن هناك تعقيدات وتحديات تحتاج إلى تفكير عميق للولوج إلى حل سياسي يعيد البناء من جديد.


انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
TT

انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)

أكدت مصر رفض «تهجير الفلسطينيين» من خلال معبر رفح، وذلك بعد ساعات من موقف مماثل عبَّرت عنه دول عربية وإسلامية رفضت «التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر». وبينما تناولت مشاورات بـ«منتدى الدوحة»، السبت، «ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة ودخول المرحلة الثانية من الاتفاق». توافقت قطر ومصر على سرعة تشكيل «قوة الاستقرار الدولية».

وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي خلال «منتدى الدوحة»، السبت، إن «معبر رفح لن يكون بوابةً لتهجير الفلسطينيين، بل فقط لإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية».

وكان من المقرر فتح معبر رفح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي بدأ سريانه في الشهر ذاته، غير أن إسرائيل أبقته مغلقاً في كلا الاتجاهين منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قائلة إنه على «حماس» الالتزام بإعادة الرهائن جميعاً، الذين لا يزالون في غزة، الأحياء منهم والأموات.

وأعربت المملكة العربية السعودية ومصر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، مساء الجمعة، عن بالغ القلق إزاء التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر.

وشدَّد وزراء خارجية الدول الـ8، في بيان، على «الرفض التام لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه».

وأكدوا «ضرورة الالتزام الكامل بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وما تضمَّنته من فتح معبر رفح في الاتجاهين، وضمان حرية حركة السكان، وعدم إجبار أي من أبناء القطاع على المغادرة، بل تهيئة الظروف المناسبة لهم للبقاء على أرضهم، والمشاركة في بناء وطنهم، ضمن رؤية متكاملة لاستعادة الاستقرار وتحسين أوضاعهم الإنسانية».

وشكَّل معبر رفح بُعداً جديداً للتوتر بين مصر وإسرائيل، بعد أن قال مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في بيان، الأربعاء الماضي، «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وبتوجيه من المستوى السياسي، سيُفتَح معبر رفح خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

وعلى الفور، نقلت «هيئة الاستعلامات المصرية» عن مصدر مصري مسؤول نفيه ذلك، مؤكداً أنه «إذا تم التوافق على فتح معبر رفح، فسيكون العبور منه في الاتجاهين، للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي للسلام».

وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، أخيراً، إن «الجانب الإسرائيلي يحاول تحميل مصر الخطة الإسرائيلية بشأن التهجير، المرفوضة والمدانة مبدئياً من مصر ودول العالم كله، إما بالضغط على الفلسطينيين للخروج قسراً، وإما بتدمير غزة لجعلها غير صالحة للحياة فيخرجون طوعاً»، مؤكداً أن «التهجير سواء كان قسراً أو طوعاً فهو خط أحمر بالنسبة لمصر».

بدر عبد العاطي خلال جلسة «إعادة تقييم المسؤوليات العالمية ومسارات السلام في غزة» على هامش «منتدى الدوحة» (الخارجية المصرية)

وشارك وزير الخارجية المصري، السبت، في جلسة بعنوان «محاسبة غزة... إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، على هامش «منتدى الدوحة»، مشيراً إلى أن «معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، والمشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في 5 معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها».

ولفت إلى أن خطة الرئيس الأميركي تنص «على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع»، مؤكداً أن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام».

وفيما يتعلق بـ«قوة الاستقرار الدولية»، دعا عبد العاطي إلى نشر «قوة استقرار دولية على الخط الأصفر في قطاع غزة بأسرع وقت ممكن على الأرض، لأن أحد الأطراف، وهو إسرائيل، ينتهك وقف إطلاق النار يومياً، لذا فنحن بحاجة إلى مراقبين».

وبحسب مشروع قرار اقترحته الولايات المتحدة في مجلس الأمن، ستُمنح قوة الاستقرار الدولية «جميع التدابير اللازمة» لنزع سلاح غزة، وتأمين الحدود، ودعم شرطة فلسطينية مدربة، وضمان وصول المساعدات، وحماية المدنيين.

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليونَي فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً.

طفل يقف بموقع قُتل فيه فلسطينيون بغارة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش «منتدى الدوحة»، التقى عبد العاطي، رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، السبت، وتطرقت المحادثات بينهما إلى «تطورات الأوضاع الميدانية في قطاع غزة»، حيث أكدا «أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار، ومنع أي خروقات». وشدَّدا على أهمية «التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار».

إلى ذلك دخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة «مرحلة حرجة» بحسب تأكيد الوسيط القطري، وسط خروقات إسرائيلية متكررة والتفاف على بنود خطة الرئيس الأميركي.

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

وتحدَّث رئيس الوزراء القطري، السبت، خلال جلسة نقاش ضمن فعاليات «منتدى الدوحة» في قطر، عن أن المفاوضات بشأن حرب غزة تمر بـ«مرحلة حرجة»، مؤكداً أن «الوسطاء يعملون معاً لدخول المرحلة التالية من وقف إطلاق النار». كما أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال «المنتدى» أيضاً، السبت، أن المفاوضات بشأن قوة إرساء الاستقرار في غزة لا تزال جارية، بما في ذلك بحث تفويضها وقواعد الاشتباك.

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد حجازي، قال: «هناك إدراك من الجميع بأن هناك خطراً يتهدد خطة ترمب في ظل تلكؤ إسرائيلي في تنفيذ المرحلة الثانية مما يجعل هناك ضرورة للتنبيه واستدعاء تحرك دولي عاجل لدعم مسار الاتفاق»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أهمية أن تتحرك واشنطن لدعم وجهة النظر العربية حالياً، ووقف أي مناورات إسرائيلية دعماً لاستقرار المنطقة.

في حين أكد أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، الدكتور طارق فهمي، لـ«الشرق الأوسط» أن هناك استشعاراً عربياً، لا سيما من الوسيطَين مصر وقطر، بخطورة ما يتم في غزة، وإمكانية أن يتطور الأمر لما يهدد الاتفاق واستقرار المنطقة، مشيراً إلى أن المطلوب تحرك أميركي أكبر بمواعيد محددة وليس أقوالاً فقط.

وأوضح أن المرحلة الحرجة تأتي في ظل 3 سياقات مهمة مرتبطة بالاتفاق، أولها بدء ترتيبات تشكيل مجلس السلام، وثانيها الضغط على الإدارة الأميركية للتعجيل بالمرحلة الثانية، وثالثاً وقف أي تقدم إسرائيلي للالتفاف على خطة ترمب بخطط بديلة.

في حين يتوقَّع المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن يتحرك الوسطاء نحو تفاهمات أكبر مع واشنطن، لإنهاء منغصات المرحلة الثانية المرتبطة بتشكيل القوات الدولية وصلاحياتها ونزع سلاح «حماس»، وفق رؤية تُنفَّذ على الأرض وليس كما ترغب إسرائيل. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «توصيف الوسطاء المرحلة الحالية بأنها حرجة، يأتي في ظل استشعارٍ بأن إسرائيل تريد العودة للمربع الأول بعد تسلم رهائنها، وعدم الالتزام بالاتفاق ولا بنوده؛ مما يقوِّض مسار خطة ترمب بالكلية».