هنية في عُمان على رأس وفد من «حماس» تزامناً مع وصول عباس

ليعزي في السلطان قابوس في رابع زيارة له إلى دولة في المنطقة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مسقط امس يقدم التعازي للسلطان هيثم بن قاسم  (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مسقط امس يقدم التعازي للسلطان هيثم بن قاسم (رويترز)
TT

هنية في عُمان على رأس وفد من «حماس» تزامناً مع وصول عباس

الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مسقط امس يقدم التعازي للسلطان هيثم بن قاسم  (رويترز)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس في مسقط امس يقدم التعازي للسلطان هيثم بن قاسم (رويترز)

وصل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، إلى العاصمة العُمانية مسقط، على رأس وفد من الحركة للتعزية بالسلطان قابوس بن سعيد الذي توفي الجمعة، في وقت وصل فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس كذلك.
وقال بيان مقتضب لمكتب هنية إنه وصل على رأس وفد قيادي من الحركة لتقديم واجب العزاء، مؤكداً أنه سيلتقي بالسلطان الجديد هيثم بن طارق آل سعيد. ويضم وفد «حماس»، إضافة إلى هنية، رئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية عزت الرشق، ورئيس مكتب العلاقات الوطنية حسام بدران، وعضو المكتب السياسي نزار عوض الله.
وكان هنية قد أرسل معزياً بوفاة السلطان قابوس، وهاتف وزير الخارجية يوسف بن علوي. وأشاد هنية بـ«حياة ومسيرة السلطان قابوس، والنهضة الشاملة التي قام بها في السلطنة، وقيادته السياسية الحكيمة عربياً وإسلامياً ودولياً، ودوره في الدفاع عن فلسطين وقضيتها العادلة، والوقوف مع نضال الشعب الفلسطيني المشروع لانتزاع حقوقه وتحرير أرضه وتحقيق استقلاله».
وعُمان رابع دولة تسمح لهنية بزيارتها بعد تركيا وقطر وإيران. وسمحت مصر لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس بجولة خارجية، غادر على أثرها قطاع غزة في ديسمبر (كانون الأول)، في أول جولة إقليمية له منذ انتخابه عام 2017 لقيادة الحركة. ويستقر هنية في قطر بشكل مؤقت، ومنها يتم ترتيب زيارته للدول.
وسلطنة عُمان هي واحدة من دول الخليج القلائل التي حافظت على علاقات جيدة مع «حماس» وباقي الأطراف، قبل أن تتوتر العلاقة بسبب انتقادات «حماس» لمحاولة سلطنة عُمان طمأنة إسرائيل على مستقبلها.
والعام الماضي، استهجنت حركة حماس تصريحات وزير الخارجية العُماني يوسف بن علوي، في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي انعقد في منطقة البحر الميت بالأردن، وطالب خلالها الدول العربية بـ«طمأنة إسرائيل على مستقبلها، وتبديد مخاوفها». وقالت «حماس» إنها تستهجن بشكل شديد تصريحات بن علوي التي «تجاوزت حد التطبيع المجاني مع العدو المحتل إلى التماس الأعذار والذرائع له».
ورغم التوترات التي طالت أيضاً العلاقة مع السلطة الفلسطينية، تمكن السلطان السابق قابوس من الحفاظ على حياد سلطنة عُمان في معظم الخلافات العربية، وحتى في العلاقة مع الفلسطينيين وإسرائيل.
وفي مؤشر على العلاقات بين حماس والسلطنة، قدّم القيادي في «حماس» أحمد بحر التعازي بوفاة قابوس، خلال اتصال هاتفي مع رئيس مجلس الشورى العُماني الشيخ خالد المعولي. وذكر بيان عن مكتب بحر أنه تمنى التوفيق والسداد «في إدارة البلاد لخليفته صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق».
واستذكر بحر، وفق البيان «المواقف التاريخية للسلطان قابوس آل سعيد تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، مشيداً بدوره في خدمة القضايا العربية والإسلامية». وذكر البيان أن «المعولي شكر لبحر مبادرته بالاتصال وتقديم التعازي، مؤكداً على مواقف السلطنة الداعمة للشعب والقضية الفلسطينية».
ولم تؤثر العلاقة بين سلطنة عُمان و«حماس» على العلاقات مع السلطة أو إسرائيل. ووصل هنية لعُمان في وقت وصل فيه الرئيس الفلسطيني محمود عباس كذلك. وقدم عباس واجب العزاء لسلطان عُمان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد. وأكد عباس أن الأمتين العربية والإسلامية فقدتا قائداً وزعيماً من خيرة رجالاتها، كرّس حياته لخدمة وطنه وشعبه وقضايا أمتنا بحكمة واتزان، مشيداً بما حققته السلطنة الشقيقة في عهده من نهضة شاملة وتطور كبير في مختلف المجالات.
وأعرب بن طارق عن خالص شكره لعباس والوفد المرافق على تعازيهم الخالصة ومواساتهم الصادقة. وأعلنت دولة فلسطين الحداد الرسمي وتنكيس الأعلام ثلاثة أيام على روح الفقيد الكبير. كما عزى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في وفاة السلطان العُماني، مشيراً إلى دوره في «تعزير السلام والاستقرار في منطقتنا».
وغرد نتنياهو، عبر حسابه على «تويتر»: «أتقدم بالتعازي للشعب العُماني، وأشارك في حزنه العميق إثر رحيل السلطان قابوس بن سعيد، رحمه الله. وجه السلطان الراحل قبل عام دعوة لزوجتي ولي للقيام بزيارة مهمة مؤثرة للغاية لعُمان، عرض خلالها مساعدته في دفع السلام والاستقرار في المنطقة قدماً».
وأشار نتنياهو إلى أن السلطان قابوس «كان زعيماً عظيماً عمل دون هوادة من أجل تعزيز السلام والاستقرار في منطقتنا. أصبحت سلطنة عُمان تحت قيادته دولة مركزية متقدمة». وهنأ السلطان الجديد قائلاً: «أهنئ السلطان الجديد هيثم بن طارق على تعيينه، وأرحب بتصريحاته التي أكدت على استمرار السياسة الخارجية العُمانية وعملها من أجل تحقيق السلام في المنطقة».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.