مصر: «التعنت الإثيوبي» سبب عدم تحقيق تقدم في مفاوضات «سد النهضة»

وزارة الخارجية أكدت أن أديس أبابا تبنت مواقف مغالى فيها لـ«فرض الأمر الواقع»

من اليمين: وزير الري المصري محمد عبد العاطي، ووزير الري الإثيوبي سيلشي بيكلي، ووزير الري السوداني ياسر عباس،  بعد اجتماع الجولة الرابعة والأخيرة حول سد النهضة الإثيوبي في إديس أبابا (إ.ب.أ)
من اليمين: وزير الري المصري محمد عبد العاطي، ووزير الري الإثيوبي سيلشي بيكلي، ووزير الري السوداني ياسر عباس، بعد اجتماع الجولة الرابعة والأخيرة حول سد النهضة الإثيوبي في إديس أبابا (إ.ب.أ)
TT

مصر: «التعنت الإثيوبي» سبب عدم تحقيق تقدم في مفاوضات «سد النهضة»

من اليمين: وزير الري المصري محمد عبد العاطي، ووزير الري الإثيوبي سيلشي بيكلي، ووزير الري السوداني ياسر عباس،  بعد اجتماع الجولة الرابعة والأخيرة حول سد النهضة الإثيوبي في إديس أبابا (إ.ب.أ)
من اليمين: وزير الري المصري محمد عبد العاطي، ووزير الري الإثيوبي سيلشي بيكلي، ووزير الري السوداني ياسر عباس، بعد اجتماع الجولة الرابعة والأخيرة حول سد النهضة الإثيوبي في إديس أبابا (إ.ب.أ)

صعدت مصر من لهجتها ضد إثيوبيا، أمس، وأكدت «عدم تحقيق تقدم ملموس في مفاوضات (سد النهضة)» الذي تشيده إثيوبيا على نهر النيل، والذي تخشى مصر من إضراره بحصتها من المياه.
وقالت الخارجية المصرية إن «الاجتماعات الوزارية الأربعة لم تفض إلى تحقيق تقدم ملموس بسبب تعنت إثيوبيا، وتبنيها مواقف مغالى فيها، تكشف عن نيتها فرض الأمر الواقع، وبسط سيطرتها على النيل الأزرق، وملء وتشغيل السد، دون أدنى مراعاة للمصالح المائية لدول المصب، بالأخص مصر بوصفها دولة المصب الأخيرة».
وأعلنت مصر، أول من أمس، «عدم الوصول إلى توافق حيال أزمة السد»، وذكرت في بيان للخارجية، أمس، أن «البيان الصادر عن وزارة الخارجية الإثيوبية بشأن الاجتماع الوزاري حول السد، الذي عقد في 8 و9 من يناير (كانون الثاني) الحالي بأديس أبابا، تضمن العديد من المغالطات المرفوضة، جملةً وتفصيلاً، وانطوى على تضليل متعمد وتشويه للحقائق... كما قدم صورة منافية تماماً لمسار المفاوضات، ولمواقف مصر وأطروحاتها الفنية، ولواقع ما دار في هذا الاجتماع»، موضحة أن «موقف إثيوبيا يخالف التزاماتها القانونية، وفق المعاهدات والأعراف الدولية، في مقدمتها اتفاق إعلان المبادئ، المبرم في 23 مارس (آذار) عام 2015، واتفاقية 1993 التي تعهدت فيها بعدم إحداث ضرر بمصالح مصر المائية».
وتؤكد مصر أن «هذا المنحى الإثيوبي المؤسف قد تجلى في مواقفها الفنية ومقترحاتها، التي قدمتها خلال الاجتماعات الوزارية، والتي تعكس نية إثيوبيا ملء خزان السد، دون قيد أو شرط، ودون تطبيق أي قواعد توفر ضمانات حقيقة لدول المصب، وتحميها من الأضرار المحتملة لعملية الملء».
كما أكد البيان المصري أن «القاهرة انخرطت في المفاوضات، بحسن نية، وبروح إيجابية تعكس رغبتها الصادقة في التوصل لاتفاق عادل ومتوازن، يحقق المصالح المشتركة لمصر ولإثيوبيا»، لافتاً إلى أن «القاهرة لم تحدد عدداً من السنوات لملء السد؛ وواقع الأمر هو أن الدول الثلاث اتفقت منذ أكثر من عام على ملء السد على مراحل، تعتمد سرعة تنفيذها على الإيراد السنوي للنيل الأزرق، حيث إن الطرح المصري يقود إلى ملء السد في 6 أو 7 سنوات، إذا كان إيراد النهر متوسطاً، أو فوق المتوسط خلال فترة الملء. أما في حالة حدوث جفاف، فإن الطرح المصري يمكن سد النهضة من توليد 80 في المائة من قدرته الإنتاجية من الكهرباء، بما يعني تحمل الجانب الإثيوبي أعباء الجفاف بنسبة ضئيلة».
وعرض البيان المصري ما اقترحته القاهرة «بوضع آليات وقواعد للتكيف مع التغيرات الهيدرولوجية في النيل الأزرق، وللتعامل مع سنوات الجفاف التي قد تتزامن مع عملية ملء (سد النهضة)، بما في ذلك الإبطاء من سرعة الملء، وإخراج كميات من المياه المخزنة في السد للحد من الآثار السلبية لعملية الملء أثناء الجفاف، وسد العجز المائي الذي قد تتعرض له دول المصب، مع الحفاظ على قدرة السد في الاستمرار في توليد الكهرباء بمعدلات مرتفعة». وذكر بيان الخارجية المصرية أن «إثيوبيا تأبى إلا أن تتحمل مصر بمفردها أعباء الجفاف، وهو الأمر الذي يتنافى مع قواعد القانون الدولي، ومبادئ العدالة والإنصاف في استخدامات الأنهار الدولية».
واستنكر البيان المصري ما ورد في بيان الخارجية الإثيوبية من مزاعم بأن مصر «تسعى للاستئثار بمياه النيل»، موضحاً أن «مثل هذه التصريحات والشعارات الجوفاء، التي ربما تصدر للاستهلاك المحلي، لا تساعد على خلق البيئة المواتية لتحقيق تقدم في المفاوضات».
وأعلنت القاهرة أنها «ستشارك في الاجتماع المقرر أن يعقده وزير الخزانة الأميركي مع وزراء الخارجية والمياه لمصر والسودان وإثيوبيا في واشنطن يومي 13 و14 الحالي، من منطلق التزامها بالتوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن».
ومن المقرر أن تجتمع وفود الدول الثلاث في 13 يناير الحالي في واشنطن لتقييم الموقف، في ظل تحديد مهلة بحلول 15 يناير للتوافق على ملء الخزان وتشغيل السد.
كانت الدول الثلاث قد قررت تفعيل البند العاشر من «اتفاق إعلان المبادئ»، الموقع في الخرطوم عام 2015، الذي نص على «إحالة الأمر إلى الوساطة أو رؤساء الدول، حال الفشل في التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا الخلافية بحلول منتصف يناير 2020».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».