حراك العراق يستعيد زخمه... ويندد بالتدخلات الخارجية

انتشار أمني كثيف في الناصرية تحسباً لاضطرابات

متظاهرون يرددون هتافات ضد تحويل العراق ميدانا لحرب إيرانية - أميركية في ساحة التحرير ببغداد أمس (أ.ب)
متظاهرون يرددون هتافات ضد تحويل العراق ميدانا لحرب إيرانية - أميركية في ساحة التحرير ببغداد أمس (أ.ب)
TT

حراك العراق يستعيد زخمه... ويندد بالتدخلات الخارجية

متظاهرون يرددون هتافات ضد تحويل العراق ميدانا لحرب إيرانية - أميركية في ساحة التحرير ببغداد أمس (أ.ب)
متظاهرون يرددون هتافات ضد تحويل العراق ميدانا لحرب إيرانية - أميركية في ساحة التحرير ببغداد أمس (أ.ب)

استأنف آلاف العراقيين الجمعة مظاهراتهم في أنحاء العراق، منددين بإيران والولايات المتحدة اللتين شنّتا ضربات مؤخراً على الأراضي العراقية، ما أثار قلقاً من سقوط البلاد في الفوضى مجدداً.
وأعاد المتظاهرون إحياء الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة المناهضة للحكومة، مع دخولها يومها المائة منذ انطلاقها في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وفي ساحة التحرير المركزية، وسط العاصمة بغداد، وعلى غرار مدن عدة في جنوب البلاد، تظاهر الآلاف من العراقيين هاتفين ضد أميركا وإيران، بحسب ما أفاد به مراسلون من «وكالة الصحافة الفرنسية».
وخرج المتظاهرون إلى الساحات الرئيسية في الديوانية والناصرية والبصرة والنجف وكربلاء التي شهدت مواجهات ليلاً بين المتظاهرين والقوات الأمنية. ومنذ أيام عدة، تنتشر دعوات من ناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي لاستئناف الحراك في العاشر من الشهر الأول في السنة (10/ 1) ليتناسب مع انطلاقته الأولى في الموعد نفسه. ويندد العراقيون منذ أكثر من ثلاثة أشهر بالطبقة السياسية الحاكمة التي يتهمونها بالفساد والمحسوبيات. وتعيش البلاد حالة شلل سياسي منذ استقالة حكومة عادل عبد المهدي، ولا تزال الكتل السياسية غير قادرة على التوافق لإيجاد شخصية بديلة لرئاسة الوزراء، رغم انقضاء المهل الدستورية.
وأسفرت أعمال العنف التي شهدتها المظاهرات في أنحاء البلاد عن مقتل نحو 460 شخصاً غالبيتهم من المحتجين، وإصابة أكثر من 25 ألفاً بجروح. وتعرض الناشطون أيضاً لحملات تخويف وعمليات خطف واغتيال في محافظات عدة.
ولكن بينما تتجه الأنظار اليوم إلى العراق الذي صار أشبه بملعب بين واشنطن وطهران على خلفية اغتيال الأميركيين للجنرال الإيراني النافذ قاسم سليماني، في بغداد، يرى العراقيون في ذلك فرصة لإيصال صوتهم. وقال الناشط حيدر كاظم من الناصرية إن «عودة المظاهرات يعبّر عن التمسك بمطالب ثورة أكتوبر، وتجديد لمطالب الشعب بأن ترفع الطبقة الحاكمة يدها عن مقدرات البلاد».
إلى ذلك، أفاد متظاهرون أمس بأن القوات الأمنية عززت من انتشارها بعد تدفق المئات من المتظاهرين لينضموا إلى المتظاهرين المعتصمين في ساحة الحبوبي بمدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار (375 كلم جنوب بغداد).
وذكر شهود عيان لوكالة الأنباء الألمانية أن القوات الأمنية ضربت أطواق أمنية في المحافظة وكثفت الانتشار الأمني منذ ساعات الصباح الأولى على خلفية دعوات للتظاهر في ساحة الحبوبي، مركز المظاهرات الاحتجاجية في الناصرية منذ 100 يوم متواصل.
وأوضح الشهود أن «قيادات المظاهرات اتفقوا على توحيد شعارات مظاهرات بأن تتركز على الدعوة لاختيار شخصية مستقلة لتشكيل الحكومة لا تنتمي إلى أي فئة سياسية، وأن يكون اختيارها ينسجم ومطالب المتظاهرين دون تدخلات خارجية، وحماية أرض العراق من أي خروقات أجنبية والحفاظ على وحدة وسيادة أرض العراق».
وباشرت القوات الأمنية منذ ساعات الصباح الأولى بالانتشار لضبط الأمن في جميع مناطق محافظة ذي قار. وقال اللواء رسول خيون نائب قائد شرطة ذي قار: «تم نشر المفارز الراجلة... التي انتشرت على طول شارع الحبوبي ومخارجه، وتأتي هذه الخطوة الاستباقية لتأمين ساحة الحبوبي ومربع المدينة الحيوي».
وأضاف أن «أفواج الطوارئ ضربت طوقاً أمنياً يمتدّ على محيط محافظة ذي قار وصولاً إلى مركزها بالتعاون مع كافة الصنوف الفنية والشرطة المحلية والاختصاصية، بينما شرعت شرطة الأقضية بتطبيق الخطة ذاتها لتشهد محافظة ذي قار أوسع انتشار أمني لتعزيز الأمن والاستقرار». وأضاف أن «اللجنة شُكّلت من ثلاثة نواب لرئيس محكمة استئناف ذي قار».



السودان يواجه مخاطر أسوأ مجاعة في العالم منذ عقود

سودانيتان تجهزان أواني الطهي داخل «تِكِيَّة» في أم درمان بالسودان... ويعتمد كثير من السودانيين النازحين على المطابخ المشتركة أو «التَّكَايا» في الحصول على الطعام بسبب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام... ولكن ضعف التبرعات وارتفاع الأسعار باتا يهددان وجود هذه المطاعم بشكل كبير في 9 يونيو 2024 (وكالة أنباء العالم العربي)
سودانيتان تجهزان أواني الطهي داخل «تِكِيَّة» في أم درمان بالسودان... ويعتمد كثير من السودانيين النازحين على المطابخ المشتركة أو «التَّكَايا» في الحصول على الطعام بسبب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام... ولكن ضعف التبرعات وارتفاع الأسعار باتا يهددان وجود هذه المطاعم بشكل كبير في 9 يونيو 2024 (وكالة أنباء العالم العربي)
TT

السودان يواجه مخاطر أسوأ مجاعة في العالم منذ عقود

سودانيتان تجهزان أواني الطهي داخل «تِكِيَّة» في أم درمان بالسودان... ويعتمد كثير من السودانيين النازحين على المطابخ المشتركة أو «التَّكَايا» في الحصول على الطعام بسبب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام... ولكن ضعف التبرعات وارتفاع الأسعار باتا يهددان وجود هذه المطاعم بشكل كبير في 9 يونيو 2024 (وكالة أنباء العالم العربي)
سودانيتان تجهزان أواني الطهي داخل «تِكِيَّة» في أم درمان بالسودان... ويعتمد كثير من السودانيين النازحين على المطابخ المشتركة أو «التَّكَايا» في الحصول على الطعام بسبب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام... ولكن ضعف التبرعات وارتفاع الأسعار باتا يهددان وجود هذه المطاعم بشكل كبير في 9 يونيو 2024 (وكالة أنباء العالم العربي)

حذر مسؤولون أميركيون بأن السودان يواجه مجاعة يمكن أن تصبح أسوأ من أي مجاعة شهدها العالم منذ المجاعة في إثيوبيا قبل 40 عاماً، حيث لا تزال القوات المتحاربة تمنع تسليم المساعدات، لكن إمدادات الأسلحة إلى الجانبين مستمرة في التدفق.

ومع تركيز قدر كبير من اهتمام العالم على غزة، التي أصبحت مسرحاً لمجاعة أخرى من صنع الإنسان، أصبح السودان بالفعل يعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وهو ينزلق نحو كارثة إنسانية ذات أبعاد تاريخية؛ وبتغطية إعلامية واهتمام عالمي أقل كثيراً. ولم يتلق النداء الإنساني الذي أطلقته الأمم المتحدة من أجل البلاد سوى 16 في المائة من الأموال التي تحتاجها، وفق ما أشار إليه تقرير من صحيفة «الغارديان» البريطانية.

وقالت ليندا توماس غرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، للصحافيين: «نحتاج إلى أن يستيقظ العالم على الكارثة التي تحدث أمام أعيننا».

وكانت غرينفيلد تتحدث بينما تواجه الفاشر؛ عاصمة منطقة شمال دارفور، شهرها الثاني تحت حصار «قوات الدعم السريع». ويبلغ عدد سكان مدينة الفاشر 1.8 مليون نسمة. ويحذر مسؤولون كبار في الأمم المتحدة من تفاقم الصراع هناك، مما قد يؤدي إلى أعمال عنف عرقية واسعة النطاق، وفق تقرير من وكالة «رويترز» للأنباء.

وشبّ النزاع في السودان منذ أبريل (نيسان) 2023، بين «قوات الدعم السريع» والقوات المسلحة السودانية، عندما اندلع صراع على السلطة بين الجنرالين عبد الفتاح البرهان، قائد القوات المسلحة السودانية والحاكم الفعلي للبلاد، ومحمد حمدان دقلو، قائد «قوات الدعم السريع، و المعروف أيضاً باسم «حميدتي». وأدى النزاع الذي تصاعدت حدته إلى تقسيم البلاد. وأدت الحرب الأهلية إلى مقتل 14 ألف شخص وأجبرت 10 ملايين على الفرار من منازلهم.

وتبنى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قراراً صاغته المملكة المتحدة يوم الخميس، يطالب بإنهاء حصار الفاشر، لكن القتال تصاعد يوم الجمعة حيث زعمت القوات المسلحة السودانية أنها صدت هجوماً كبيراً من «قوات الدعم السريع» وألحقت بها «خسائر فادحة».

وقالت رئيسة «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية»، سامانثا باور، إن هناك مخاوف بشأن ما سيحدث للأشخاص الذين لجأوا إلى الفاشر إذا سقطت المدينة في أيدي «قوات الدعم السريع». وقد جرى تجنيد هذه القوة إلى حد كبير من ميليشيات «الجنجويد»، التي ارتكبت مذابح خلال القتال إلى جانب حكومة الخرطوم في الإبادة الجماعية في دارفور خلال الفترة من 2003 إلى 2005.

وأعلنت يوم الجمعة عن مساعدات إنسانية أميركية جديدة للسودان بقيمة 315 مليون دولار، لكنها قالت إن المساعدات لا تصل إلى السكان المنعزلين؛ إلا نادراً. وقد اتُهم الجانبان باستخدام السيطرة على الوصول إلى الغذاء سلاحاً.

وقالت باور: «ذهبت (قوات الدعم السريع) لمنطقة دارفور تاريخياً، وفي هذا الصراع... تلت ذلك فظائع جماعية. (قوات الدعم السريع) تنهب بشكل منهجي المستودعات الإنسانية، وتسرق المواد الغذائية والماشية، وتدمر مرافق تخزين الحبوب، والآبار، في المجتمعات السودانية الأكثر ضعفاً».

وأضافت رئيسة «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية»: «القوات المسلحة السودانية تتناقض تماماً مع التزاماتها ومسؤولياتها تجاه الشعب السوداني من خلال إغلاق الوصول عبر الحدود من تشاد عند معبر (أدري)، وهو الطريق الرئيسية للمساعدة لدخول منطقة دارفور».

وقالت باور إن البرهان يمكنه فتح معبر «أدري» بـ«جرة قلم». وقد عرضت القوات المسلحة السودانية نقطة وصول أخرى من تشاد، وهي معبر «تينه»، لكن المسؤولين الأميركيين يقولون إنه «معوق بالفعل، وغير ملائم لاحتياجات السكان، وسيصبح غير قابل للعبور مع موسم الأمطار المقبل».

وقالت باور: «الرسالة الواضحة حقاً هنا؛ وهي أن العرقلة، وليس عدم كفاية مخزونات الغذاء، هي القوة الدافعة وراء مستويات المجاعة التاريخية والمميتة في السودان».

وأضافت أن البيانات الحالية تشير إلى أن الأزمة «قابلة للمقارنة؛ وربما أسوأ» من المجاعة التي حدثت في الصومال عام 2011 والتي أودت بحياة ربع مليون شخص.

وأضافت: «أود أن أضيف أن السيناريو الأكثر إثارة للقلق هو أن السودان سوف يصبح المجاعة الأكثر دموية منذ إثيوبيا في أوائل الثمانينات».

وأودت المجاعة الإثيوبية بحياة مليون شخص بين عامي 1983 و1985؛ وفق تقديرات الأمم المتحدة. وقالت توماس غرينفيلد إنه في أسوأ السيناريوهات، «يمكن أن تصبح المجاعة في السودان أكثر فتكاً».

وقالت: «لقد رأينا توقعات الوفيات التي تقدر أن ما يزيد على 2.5 مليون شخص؛ أي نحو 15 في المائة من السكان في دارفور وكردفان (المناطق الأكثر تضرراً)، يمكن أن يموتوا بحلول نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل». وتابعت: «هذه أكبر أزمة إنسانية على وجه الكوكب». وأضافت: «ومع ذلك؛ فإن الأمر يهدد بالتفاقم بطريقة ما».

وقال المسؤولون الأميركيون إنه في حين واجهت المساعدات الإنسانية عوائق مستمرة، فإن كلا طرفي الحرب يواصل تلقي الأسلحة.