- الفيلم: 1917
- إخراج: سام منديز
- تقييم الناقد: (تحفة)
غالبية أفلام الحرب تعني بموضوع المجابهة: عدوّان، أحدهما عادة ما ينتمي إلى الجهة المنتجة، يتقاتلان في رحى أحداث عنيفة. «1917» ليس عن المجابهة بل عن الرحلة. تلك التي لا تحمل في ثناياها أي خطة مسبقة للتعامل مع أي منظور فلسفي أو فكري. بل تحافظ على بساطة منطلقها وقضيتها.
شوفيلد (جورج مكّاي) وبلايك (دين تشارلز تشامبان) جنديان بريطانيان يعيشان على خط الجبهة في تاريخ محدد (16 أبريل/نيسان، 1917) خلال الحرب العالمية الأولى. تسند إليهما مهمة القيام برحلة خطرة داخل ساحات القتال للوصول إلى جنرال ينوي شن هجوم على العدو من دون أن يعلم أن العدو خطط لأن يستدرج الجنرال إلى تلك المعركة ليبيده ورجاله. على الجنديين نقل أمر القيادة التي لم تستطع الاتصال به لاسلكياً وتسليمه ذلك الأمر مكتوباً.
ها هما ينطلقان لإنجاز تلك المهمة والكاميرا تنطلق معهما في نحو متواصل خال من القطع عموماً قائم على الحركة دوماً. الكاميرا تصاحبهما وتسير وراءهما وتحيط بهما وتدور حولهما. هي الشخص الثالث معهما في هذه الرحلة.
بعد نحو ساعة يُقتل أحدهما ويبقى الآخر. ما سبق مقتل ذلك الجندي (بطعنة من طيار ألماني) مثير للبال والعين والذات. ما يلي ذلك هو أكثر إثارة. فيه على الناجي الوحيد أن يمضي بمفرده وكلما اقترب من خطوط القتال ساعياً للتدخل قبل البدء بهجوم القوّة البريطانية على العدو، ازدادت الصعاب.
الفيلم نَفَسٌ لاهث لا يتوقف. مدير التصوير (روجر ديكنز) ينجز ما هو فعل شبه مستحيل: منح الكاميرا حياة موازية لحياة بطلي الفيلم وللفيلم ذاته. عين خارجية تُعمّق وجودها ككيان يؤكد على أن الفيلم (أي فيلم) ليس عملاً سينمائياً إلا إذا أُتقن تصويره.
الممثلان الرئيسيان غير معروفين، لكن هناك ظهور لمجموعة من الممثلين ذوي الأسماء المشهودة مثل بندكت كمبرباتش ورتشارد مادن وكولين فيرث.
يمعن المخرج البريطاني منديز في تمييز فيلمه بوضعه في إطار الحرب العالمية الأولى (قبل 101 سنة) وليس الثانية. إنها حرب ما قبل إنتاج وسائل القتال المتقدمة حيث كان الجندي ما زال الأداة الأولى. حرب تطرقت إليها أفلام كثيرة («ممرات المجد»، «أجنحة»، «الكل هادئ على الجبهة الغربية»، «الوهم العظيم»، وأولها فيلم تم إنجازه فعلاً سنة 1917 بعنوان «الأميركي الصغير» لسيسيل ب. دميل) والكثير منها جيد، لكن فيلم منديز لا يشبه، موضوعاً أو صنعاً، أي فيلم حربي آخر. بسيط من حيث الحبكة عميق ومحبك من حيث فنه وصنعته وكيفية تعامله مع مأساة الحروب.
شاشة الناقد: 1917
شاشة الناقد: 1917
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة