يختتم ممثلو مصر وإثيوبيا والسودان، اليوم (الخميس)، في أديس أبابا آخر الجولات الأربع لمفاوضات «سد النهضة»، التي حددها اتفاق «واشنطن» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بهدف الوصول لاتفاق حول قواعد ملء وتشغيل السد الإثيوبي، بما يجنب دولتي مصب نهر النيل (مصر والسودان)، أضراراً جسيمة متوقعة.
ويُنتظر أن تتوصل الدول الثلاث في نهاية الاجتماع إلى اتفاق بشأن القضايا الخلافية، على أن يجري تقييم الاتفاق، وإعلان النتائج في لقاء بالعاصمة الأميركية واشنطن، منتصف يناير (كانون الثاني) الجاري.
وخلال الاجتماعات الثلاثة الماضية، التي عُقدت على مدار الشهرين الماضيين في أديس أبابا والقاهرة والخرطوم، تم تحديد «مكونات أساسية لهذا الاتفاق»، تتمثل في «مرحلة ملء السد التي تمكِّن إثيوبيا من توليد الطاقة الكهرومائية وتحقيق التنمية، وتدابير تخفيف الجفاف، الذي قد يتزامن مع فترة الملء، والقواعد التشغيلية العادلة التي تمكّن إثيوبيا من توليد الطاقة الكهرومائية، مع الحفاظ على تشغيل السد العالي في مصر»، حسب وزير الموارد المائية المصري محمد عبد العاطي.
لكن الوزير المصري أشار في المقابل، خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع أمس، إلى أن «الاختلاف يتمثل في نهج التعبير عن هذه العناصر، وفي بعض القيم العددية المرتبطة ببعض التعريفات، مثل حدود الجفاف، وفيما يتعلق بالتصرفات الخارجة من سد النهضة في الظروف الهيدرولوجية المختلفة».
ويرأس سيلشي بيكيلي، وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، وفد بلاده في الاجتماع، وكذلك ياسر عباس وزير الري والموارد المائية السوداني، فضلاً عن مشاركة ممثلي الولايات المتحدة والبنك الدولي، كمراقبين.
وقال عبد العاطي إن المفاوضات «يجب أن تمضي بروح من حُسن النية، والتعاون من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل السد»، مؤكداً أن الدول الثلاث «تستطيع سد الفجوة» في القضايا الخلافية.
وتشترط مصر أن يحمي الاتفاقُ المزمع دولَ المصب من الأضرار الجسيمة، التي يمكن أن يسببها السد، وفقاً للوزير، الذي أعرب عن أمله أن يتكامل سد النهضة، بوصفه مُنشأً مائياً جديداً في نظام النيل الشرقي، في عملية إدارة مشتركة مع السد العالي في أسوان، قصد الحفاظ على مرونة المنظومة المائية لمواجهة الظروف القاسية، التي قد تنشأ عن ملء وتشغيل سد النهضة.
وأنجزت إثيوبيا نحو 70% من بناء السد، وفق تصريحات رسمية. وسبق أن أكد وزير الري الإثيوبي سيلشي بقلي أن «المرحلة الأولى من تعبئة بحيرة سد النهضة ستبدأ في يوليو (تموز) 2020».
وبينما تدافع إثيوبيا عن حقها في التنمية واستغلال مواردها المائية في إنتاج الكهرباء، التي تعاني من ندرتها، تخشى مصر من إضرار السد بحصتها من مياه النيل، الذي يعد المورد الرئيسي للمياه فيها. وتحصل مصر على 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل سنوياً، تصفها بـ«الحقوق التاريخية» في نهر النيل.
وأضاف الوزير المصري أن بلاده تطالب بالاتفاق على تدابير تخفيف الجفاف، بناءً على التنسيق والتعاون بين سد النهضة والسد العالي، باعتباره ضرورياً، كون مصر تعاني بالفعل من نقص كبير في المياه، يصل إلى 21 مليار متر مكعب في السنة، حيث تتم معالجة هذا العجز في الوقت الحالي عن طريق إعادة استخدام مياه الصرفين الزراعي والصحي المعالجة على نطاق واسع، مؤكداً أن بلاده تقوم بإعادة تدوير المياه بنسبة تصل إلى 10000 جزء في المليون، ما يعني أن كفاءة استخدام المياه في مصر تتجاوز 85%، وفقاً لعبد العاطي.
ودعا وزير الري السوداني ياسر عباس، خلال الجلسة الافتتاحية، إلى «إكمال الحوار والمداولات الهادفة» بشأن أوجه الخلاف في عملية الملء الأولي والتشغيل السنوي للسد. وأكد الوزير في تعميم صحافي أن «الفرص لا تزال سانحة للتعاون بين السودان وإثيوبيا ومصر، في مجالات مشاريع التنمية المختلفة». وأشار التعميم إلى أن «الاجتماع أضاف بعض التعديلات على المقترح الذي تقدم به السودان في اجتماعي القاهرة والخرطوم الشهر الماضي».
كان الاجتماع الأول قد عُقد في إثيوبيا في 15 و16 نوفمبر من العام الماضي، والثاني في القاهرة خلال يومي 2 و3 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بالإضافة إلى عقد اجتماع في التاسع من ديسمبر الماضي، في واشنطن، وذلك بحضور وزراء الموارد المائية والخارجية من الدول الثلاث، وبدعوة من وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين.
وتضمنت الاجتماعات الماضية عقد لقاءات ثنائية بين وزير الخزانة الأميركي مع وزراء الخارجية والري في كل من مصر والسودان وإثيوبيا، أعقبها اجتماع موسع، تم خلاله تناول الخطوات اللازمة من أجل التوصل لاتفاق قبل 15 يناير الجاري حول قواعد ملء وتشغيل السد.
وحال فشل الدول الثلاث في الاتفاق، فإنه من المقرر تفعيل البند العاشر من «اتفاق إعلان المبادئ» الموقّع في الخرطوم عام 2015 والذي نصّ على «إحالة الأمر إلى الوساطة أو رؤساء الدول، حال الفشل في التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا الخلافية بحلول منتصف يناير 2020».
مصر تشير إلى «توافق» على «مكونات فنية أساسية» في أزمة السد الإثيوبي
جولة أخيرة حاسمة تُختتم اليوم في أديس أبابا
مصر تشير إلى «توافق» على «مكونات فنية أساسية» في أزمة السد الإثيوبي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة