دعوتان منفصلتان من غوايدو وخصمه لانعقاد البرلمان الفنزويلي

واشنطن تفكر في فرض عقوبات اقتصادية إضافية ضد كيانات وأفراد في روسيا

غوايدو في طريقه أمس إلى مقر الجمعية الوطنية لممارسة مهامه (أ.ف.ب)
غوايدو في طريقه أمس إلى مقر الجمعية الوطنية لممارسة مهامه (أ.ف.ب)
TT

دعوتان منفصلتان من غوايدو وخصمه لانعقاد البرلمان الفنزويلي

غوايدو في طريقه أمس إلى مقر الجمعية الوطنية لممارسة مهامه (أ.ف.ب)
غوايدو في طريقه أمس إلى مقر الجمعية الوطنية لممارسة مهامه (أ.ف.ب)

أعاد «الانقلاب» الذي قام به النظام الفنزويلي يوم الأحد الماضي في البرلمان إلى واجهة الاهتمامات الإقليمية بعد أشهر من المراوحة التي تمّيزت بانكفاء اللاعب الأميركي عن الدور النشط الذي لعبه خلال المرحلة الأولى عندما هدّد غير مرّة بالتدخّل العسكري لإزاحة مادورو، ما أتاح للنظام رصّ صفوف المؤيدين له في الداخل والانصراف إلى إضعاف المعارضة بزرع التفرقة بين أطرافها. وكان النظام قد دفع بالنوّاب المؤيدين له في الجمعية الوطنية، التي لا يعترف بشرعيتها، إلى العودة إلى مقاعد البرلمان بعد أن وضع خطة لعرقلة وصول نوّاب المعارضة إلى القاعة التي تنعقد فيها جلسة انتخاب هيئة جديدة ورئيس جديد للبرلمان؛ منعاً لإعادة انتخاب خوان غوايدو الذي أعلن مطلع العام الماضي تولّيه رئاسة الجمهورية بالوكالة، واعترفت به أكثر من 60 دولة، على رأسها الولايات المتحدة.
وتمكّن النواب الموالون للنظام، بالتحالف مع بعض نواب المعارضة المنشقّين، وبعد أن منعت قوات الحرس الوطني عشرات النواب المعارضين، ومنهم خوان غوايدو، من الدخول إلى قاعة البرلمان، من إعلان انتخاب النائب المنشقّ لويس بارّا رئيساً للبرلمان، في حين كان غوايدو يعلن انتخابه لولاية ثانية بتأييد 100 نائب، من أصل 167، في جلسة عُقدت في مبنى صحيفة «الناسيونال». وقد سارعت الإدارة الأميركية إلى الاعتراف بشرعية رئاسة غوايدو للبرلمان، عقبتها منظمة البلدان الأميركية وبلدان مجموعة «ليما» التي أدانت ما حدث في البرلمان الفنزويلي يوم الأحد الماضي. وكان التطوّر الأبرز في التداعيات الأخيرة للأزمة، ما صدر من انتقادات شديدة عن الحكومتين المكسيكية والأرجنتينية لتصرّف القوى الموالية للنظام، علماً بأن المكسيك والأرجنتين تلتزمان موقفاً معتدلاً من النظام الذي تعارضه الأغلبية الساحقة من دول أميركا اللاتينية.
وكانت وزارة الخارجية المكسيكية قد أعلنت بعد ساعات قليلة من الأحداث التي جرت في البرلمان الفنزويلي، أن «المكسيك تعقد الأمل في أن تتمكن الجمعية الوطنية الفنزويلية من انتخاب هيئة بشكل ديمقراطي وفقاً لما ينصّ عليه الدستور في هذا البلد الشقيق؛ لأن النشاط السليم للسلطة التشريعية هو من الركائز الأساسية التي لا تُمسّ في النظم الديمقراطية». ويذكر أن المكسيك قد نأت حتى الآن عن تأييد أي من الطرفين في الأزمة الفنزويلية، رغم المحاولات التي بذلتها الجهتان لاستمالتها، وكانت قد عرضت منذ أشهر التوسط لحل الأزمة عبر الحوار، لكن من غير أن تثمر مساعيها أي نتيجة. ومن بوينس آيرس قال وزير الخارجية الأرجنتيني فيليبي سولا «إن حكومة الرئيس ألبرتو فرنانديز تسعى بكل الوسائل أن يكون الحوار هو السبيل لاستعادة الديمقراطية كاملة في فنزويلا». وبعد أن أعلن رفض حكومته لما حصل، معتبراً أن اللجوء إلى القوة لمنع المجلس التشريعي من القيام بنشاطه سيؤدي إلى زيادة العزلة الدولية للنظام، حضّ الحكومة الفنزويلية على القبول بأن الاتجاه الصحيح هو المعاكس.
وهنأ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو غوايدو، بينما كتب نائب الرئيس الأميركي مايك بنس على «تويتر»، أنه أكد في اتصال هاتفي مع غوايدو أنه «سيقف إلى جانب شعب فنزويلا إلى أن يستعيد حريته».
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إنه «يتابع بقلق» تداعيات انتخابات الجمعية العامة في فنزويلا، التي شهدت الموافقة على رئيسين لها في تصويتين منفصلين. وعبّر غوتيريش عن قلقه من إعلان بارا نفسه رئيساً للبرلمان، البادرة التي قالت منظمة الدول الأميركية إنها «باطلة ولا قيمة قانونية لها». ودعا غوتيريش، في بيان صدر عن المتحدث باسمه يوم الاثنين، جميع الأطراف إلى اتخاذ خطوات فورية لتخفيف التوترات والعمل من أجل التوصل إلى حل سلمي ودائم للأزمة السياسية.
الولايات المتحدة من جهتها شدّدت على أهمية الموقفين الأرجنتيني والمكسيكي. وقال المبعوث الأميركي للأزمة الفنزويلية إليوت أبرامز «عندما تأتي الإدانة من المكسيك والأرجنتين تضفي مزيداً من الأهميّة على ما حصل وتزيد من عزلة نظام مادورو. نعرف مثلاً أن كولومبيا تؤيد الديمقراطية وخوان غوايدو في فنزويلا، أما الموقف الجديد الذي اتخذته كلّ من الأرجنتين والمكسيك فله دلالة كبيرة، رغم أنه موقف يختلف عن موقف الولايات المتحدة، لكن من اللافت أن الحكومتين قد سارعتا، في اليوم نفسه، إلى الإعلان أن ما حصل ليس مقبولاً». وأضاف أبرامز «لا شك أن مادورو يتساءل الآن من بقي لديه من الحلفاء غير روسيا والصين وكوبا بعد أن انضمّت المكسيك والأرجنتين إلى الحلفاء الدوليين لغوايدو في رفض الانقلاب الذي حصل لانتخاب رئيس جديد للبرلمان».
وبعد أن توقّع أبرامز السقوط الأكيد لنظام مادورو، وتعهد أن تواصل واشنطن الضغط عليه بالتعاون مع الأسرة الدولية، توقّف عند الدور الروسي وقال: «لقد أرسلت روسيا 150 جندياً إلى فنزويلا، ونحن نراقب ذلك عن كثب ولن نسمح بمستوى أعلى من الدعم الروسي من غير أن نتحرّك. لا نريد التدخّل عسكرياً، لكننا سنواصل الضغط الاقتصادي على النظام. إنهم يدعمون مادورو، لكننا نعرف أنهم لا يتدخّلون في فنزويلا، فهم يحاولون استعادة أموالهم ولا يستثمرون ولا يقدّمون قروضاً لعدم ثقتهم بالنظام. الكرملين يعرف أن النظام يضعف يوماً بعد يوم». وقال أبرامز، إن واشنطن تفكر في فرض عقوبات على روسيا، مضيفاً «ندرس بدقة دور روسيا، ولن نسمح بمستوى الدعم الذي شهدناه في الفترة الأخيرة من دون أن نتحرك». وأضاف «نفكر في فرض عقوبات اقتصادية إضافية ضد كيانات وأفراد». وقال أبرامز، إن «الشركات الروسية تقوم حالياً بتشغيل أكثر من ثلثي (منشآت) النفط الفنزويلي، أكثر من 70 في المائة»، مؤكداً أن «دور روسيا يزداد أهمية». واعترف بأن واشنطن قللت من أهمية الدعم الذي يتلقاه مادورو من روسيا وكوبا، مؤكداً أن هذين البلدين أرسلا إلى فنزويلا آلافاً من عملاء الاستخبارات. وأضاف، أن المساعدة الروسية والكوبية «هي على ما أعتقد، أساس أكبر دعم للنظام، ومن دونها ما كان موجوداً حتى الآن».
وأوضح أن مادورو «لم يعد لديه سوى روسيا وكوبا والصين وبعض الديكتاتوريات في العالم، لكنه يخسر دعمه ليس فقط من اليمين، بل من الوسط وكذلك اليسار في أميركا اللاتينية».
واستبعد المبعوث الأميركي أن يكون لإيران دور فاعل في الأزمة الفنزويلية، قائلاً: «لديها الآن ما يكفيها من مشاكل». دعا كل من المعارض خوان غوايدو وخصمه لويس بارا البرلمان الفنزويلي الذي تهيمن عليه المعارضة، إلى عقد جلسة الثلاثاء برئاسته التي يؤكد كل منهما أنه فاز فيها.
وبعد إعلانه تجديد ولايته لسنة ثانية كرئيس للبرلمان من مقرّ صحيفة «الناسيونال»، تعهد غوايدو العودة إلى مقرّ الجمعية الوطنية لممارسة ومهامه، وأكّد الاستقالة من حزب «الإرادة الشعبية» الذي أسسه ليوبولدو لوبيز، الزعيم المعارض الذي لجأ إلى السفارة الإسبانية في الربيع الماضي؛ وذلك تجاوباً مع الانتقادات التي وجّهتها إليه بعض القوى المعارضة من حيث استئثار هذا الحزب بمواقع المسؤولية في الإدارة المعارضة.
وقال غوايدو، إن من بين أولوياته في الأشهر المقبلة، إعادة توحيد صفوف المعارضة التي تعاني من انقسامات وانشقاقات أتاحت للنظام أن يخترقها ويستميل عدداً من ممثليها.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.