دعا سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، أمس، إلى تطوير منهجية مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة في هذا المجال؛ حتى يتسنى إعطاء دفعة أكبر لعمل المؤتمر.
وقال العثماني خلال افتتاح الدورة الثالثة لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد، الذي نظمته الهيئة الوطنية للنزاهة والرقابة من الرشوة ومحاربتها أمس في الرباط، إن «آفة الفساد تشكل إحدى العقبات الرئيسية التي تعيق تنمية واستقرار المجتمعات؛ لأنها تؤدي إلى إضعاف المخططات التنموية والسياسات العمومية، والحيلولة دون تحقيق أهدافها، وعرقلة الاستثمارات وتأخيرها، وضعف جودة البنيات التحتية».
واستدل العثماني بدراسة أنجزها صندوق النقد الدولي سنة 2016، مفادها أن مجموع الرشى وحدها تقدر بنحو 2 في المائة من الناتج الداخلي الخام على مستوى العالم، مستعرضاً بعض النتائج التي حققها المغرب في مجال محاربة الفساد، واعتبرها «مشجعة». لكنها «تبقى غير كافية، ونطمح إلى المزيد»، معتبراً أن «الفساد نبتة خبيثة، تنمو في أي بيئة تفتقد لعناصر المناعة الذاتية».
وأوضح العثماني، أن المغرب حقق نقلة نوعية في مؤشر إدراك الفساد من خلال تحسين تصنيفه بـ17 رتبة و6 نقاط في ظرف سنتين، محتلاً بذلك الرتبة الـ73 من أصل 180 دولة سنة 2019، بعد أن كان يحتل الرتبة الـ90 سنة 2017، فضلاً عن تبوئه المركز الأول على صعيد شمال أفريقيا والمركز السادس عربياً.
وأضاف العثماني، أن المغرب حقق التحسن نفسه في تقرير ممارسة الأعمال، الذي تُصدره مجموعة البنك الدولي سنوياً، من خلال تحسين تصنيفه بسبع مراكز برسم سنة 2019 على المستوى الدولي، ليحتل لأول مرة المرتبة الـ53 من أصل 190 دولة شملها التقرير، ويكون بذلك على مشارف الولوج إلى دائرة الاقتصادات الخمسين الأوائل عالمياً.
كما حافظ المغرب، يضيف العثماني، على صدارة دول شمال أفريقيا، وعلى المرتبة الثانية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وعلى المرتبة الثالثة على مستوى القارة الأفريقية.
من جهته، اعتبر محمد بشير الراشدي، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن ظاهرة الفساد «أصبحت أكثر تفشياً وتعقيداً، نتيجة ما يتيحه النمو التكنولوجي وتطور الآليات والشبكات المالية العالمية، وتداخل مصالح وطرق عمل المفسدين».
واستشهد الراشدي بتقرير للبنك الدولي، قدّر تكلفة الفساد عالمياً بما يناهز 1000 مليار دولار في السنة، في حين أوضح تقرير للجنة الاقتصادية لأجل أفريقيا، التابعة للأمم المتحدة، بأن القارة الأفريقية تفقد ما يفوق 146 مليار دولار في السنة، أي ما يعادل أزيد من 6 في المائة من ناتجها الداخلي الخام، مشيراً أيضاً إلى أن تكلفة الظاهرة بالنسبة لدول الاتحاد الأوروبي وحدها قدرت بما يفوق 900 مليار يورو في السنة، حسب تقرير حديث أصدرته مجموعة «الخضر» بالبرلمان الأوروبي.
بدوره، قال مازن إبراهيم الكهموس، رئيس هيئة مكافحة الفساد في السعودية، إن «المملكة حرصت في وقت مبكر على وضع خطط واضحة لمكافحة الفساد حين أصدرت الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، ضمنتها منطلقات وأهدافاً وآليات قائمة على أسس تشاركية بين مكونات المجتمع كافة لحماية النزاهة، ومكافحة الفساد ضمن جهود شفافة ومنسقة».
وأضاف الكهموس خلال الجلسة الأولى للمؤتمر، التي خصصت لموضوع «التنسيق المؤسساتي لإنجاح سياسات مكافحة الفساد»، أنه إنفاذاً لأهداف تلك الاستراتيجية أنشأت المملكة الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة) عام 2011، وأوكلت لها مسؤوليات عدة، من بينها متابعة تنفيذ الاستراتيجية، فتولت مسؤولية وضع برامج عمل للاستراتيجية المذكورة، وآليات تطبيقها، والتنسيق فيما بين مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني المختصة بمكافحة الفساد، لتقف الهيئة بنفسها وتتأكد من فاعلية الأداء الحكومي والمشاركة المجتمعية الفعالة.
كما أوضح المسؤول السعودي، أنه «حرصاً من قيادة المملكة، وفي سبيل مضاعفة الجهود ومسابقة الزمن لتحقيق الأهداف وإحراز أهم النتائج، صدر أمر ملكي بضم الجهات المختصة بالرقابة الإدارية، وأجهزة الضبط الإداري إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وإنشاء وحدة للتحقيق الجنائي لتتوحد الجهود تحت مسمى (هيئة الرقابة ومكافحة الفساد)، والتي أصبح لديها الصلاحيات اللازمة كافة لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، وهي الآن تمثل نموذجاً حياً قائماً على التنسيق والتكامل المؤسسي».
في السياق ذاته، قال الكهموس، إن المملكة تدرك أهمية وضع استراتيجيات وطنية لمكافحة الفساد في الدول كافة، وخاصة دول مجموعة العشرين؛ لما في ذلك من تسهيل إجراءات التعاون الدولي، واسترداد الموجودات، مشيراً إلى أن السعودية وضعت ضمن أولوياتها في مكافحة الفساد في مجموعة العشرين باعتبارها ترأس المجموعة العام الحالي، وضع مبادئ عليا لتطوير استراتيجيات وطنية لمكافحة الفساد في دول العشرين، أملاً في أن تستفيد الدول العربية كافة من هذه المبادئ عند صدورها في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
{الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد} تعقد مؤتمرها الأول في الرباط
{الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد} تعقد مؤتمرها الأول في الرباط
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة