الحوثيون يعمّقون ولاءهم لإيران بحشد مظاهرات

أغرقوا الشوارع بصور سليماني والمهندس... وتوعّدوا بالانتقام من الولايات المتحدة

مسيرة نظمتها الجماعة الحوثية وحشدت لها الكثير من الأتباع في صنعاء أمس للتنديد بمقتل قاسم سليماني (رويترز)
مسيرة نظمتها الجماعة الحوثية وحشدت لها الكثير من الأتباع في صنعاء أمس للتنديد بمقتل قاسم سليماني (رويترز)
TT

الحوثيون يعمّقون ولاءهم لإيران بحشد مظاهرات

مسيرة نظمتها الجماعة الحوثية وحشدت لها الكثير من الأتباع في صنعاء أمس للتنديد بمقتل قاسم سليماني (رويترز)
مسيرة نظمتها الجماعة الحوثية وحشدت لها الكثير من الأتباع في صنعاء أمس للتنديد بمقتل قاسم سليماني (رويترز)

حشدت الميليشيات الحوثية مظاهرات ضمت الآلاف من أتباعها في مدينتي صنعاء وصعدة، أمس، للتأكيد على ولائها العميق للنظام الإيراني، وذلك عقب مقتل القائد في «الحرس الثوري» قاسم سليماني مع عدد من قيادات «الحشد الشعبي» العراقي بعملية أميركية في بغداد يوم الجمعة الماضي.
وملأت الجماعة الحوثية وأتباعها شوارع صنعاء وصعدة بصور سليماني، في حين واصلت عبر قياداتها وعيدها بالانتقام لمقتله من الولايات المتحدة الأميركية، في تناغم مع تلك التصريحات المماثلة التي أطلقها وكلاء طهران في المنطقة. وردّد أتباع الميليشيات الذين احتشدوا في ساحة «باب اليمن» وسط العاصمة صنعاء الهتافات المنددة بمقتل سليماني والقيادي الآخر في «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، كما هتفوا ضد الوجود الأميركي في المنطقة.
واعتبر أتباع الجماعة أن مقتل سليماني والمهندس يحتّم على الجماعة مع بقية الأذرع الإيرانية في المنطقة «تحمّل المسؤولية ومواجهة» من وصفوه بـ«العدو الذي يستهدفهم جميعاً دون استثناء»، في إشارة إلى الولايات المتحدة.
وقال وزير إعلام الجماعة الحوثية ضيف الله الشامي، «إن دماء سليماني والمهندس ستتحول إلى صواريخ عابرة للقارات وأسلحة تدمر البوارج الأميركية وتنهي التواجد الأميركي في المنطقة». ووصف القيادي الحوثي، الولايات المتحدة بـ«الهمجية»، زاعماً أنها «محكومة بمجموعة من العصابات والقتلة والمجرمين، وأن عليها أن تتحمل تداعيات أعمالها».
وجاءت المظاهرات الحوثية بالتزامن مع قيام النظام الإيراني في طهران بتشييع سليماني والمهندس ومن قتلوا إلى جوارهما في الضربة الأميركية التي استهدفتهم الجمعة قرب مطار بغداد.
واعتبر ناشطون وسياسيون يمنيون، أن الجماعة الحوثية أكدت من خلال حزنها العميق وتهديداتها على خلفية مقتل سليماني «عمق ولائها لنظام طهران وانسلاخها من الوجود العربي وتحوّلها إلى ذراع طائفية تعمل على تفتيت اليمن وتجنيده لخدمة نظام إيران التوسعي».
ودلل الناشطون اليمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي بهذه المظاهرات الحوثية وردود الفعل التي قامت بها الجماعة على استحالة نجاح أي مساعٍ سواء كانت دولية أو إقليمية لإقناع الميليشيات بالانفصال عن أجندة إيران.
وأوضح مغردون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي، أن «ما روّجت له الجماعة الحوثية عبر خطابات زعميها الحوثي من أنها تعمل بنهج مستقل وتسليح ذاتي، تم دحضه مع مقتل سليماني بالنظر إلى ردود فعل الجماعة التي أثبتت أنها تنظر إلى إيران بأهمية أكبر من اليمن، فضلاً عن تقديسها القيادات الإيرانية بشكل مبالغ فيه». واعتبر الناشطون اليمنيون، أن المظاهرات الحوثية الحزينة لمقتل سليماني «هي إعلان حرب بالوكالة عن إيران في المنطقة، ومحاولة للتضحية بدماء المزيد من اليمنيين في سبيل إرضاء ملالي طهران».
وكان مقتل القيادي الإيراني سليماني في ضربة جوية أميركية أثار عويل الميليشيات الحوثية في صنعاء وغيرها من المناطق الخاضعة للجماعة، على مستوى القيادات والأتباع وسط دعوات للانتقام لمقتله عبر رد سريع وحاسم باستهداف «القواعد الأميركية» في المنطقة.
وأوردت المصادر الرسمية للجماعة الحوثية تعزية قالت: إن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بعث بها إلى القيادة الإيرانية وحلفائها في العراق، في مقتل سليماني والقيادي في «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس ورفاقهما. ووصف زعيم الجماعة الحوثية مقتل سليماني بأنه «خاتمة مشرفة ولائقة، وباعتداء مباشر من الشيطان الأكبر المستكبر الأميركي الذي باشر جريمة عدوانه بمتابعة من مستوياته القيادية العليا»، على حد تعبيره.
وعدّ الحوثي قتلى العملية الأميركية «شهداء الأمة في معركتها للاستقلال ومواجهة الاستكبار والتصدي للعدو الأميركي والإسرائيلي»، وتوعد بأن دماءهم «لن تذهب هدراً».
في السياق نفسه، لكن بصوت أعلى من صوت زعيم الجماعة الحوثية، دعا الرجل الثالث فيها محمد علي الحوثي، رئيس ما تسمى «اللجنة الثورية العليا» والرئيس الحقيقي لمجلس حكم الانقلاب في صنعاء، إلى رد «سريع وحاسم» لمقتل سليماني. وقدم القيادي الحوثي تعازيه للمرشد الإيراني علي خامنئي والرئيس الإيراني حسن روحاني،
وقال في تغريدة على «تويتر»، إن «هذا الاغتيال مدان والرد السريع والمباشر في القواعد المنتشرة هو الخيار والحل». وفي تغريدة أخرى، نصح محمد الحوثي النظام الإيراني بالاستعجال في الرد على مقتل سليماني، لكنه عاد وقام بحذف تغريداته بما فيها تغريدة العزاء التي وجهها لخامنئي، وهو ما اعتبره ناشطون يمنيون خشية الحوثي من أن تتسبب تغريداته في جعله على قائمة الأهداف الأميركية المحتملة في اليمن.
وفي سياق التعبير عن حزن الميليشيات الحوثية على مقتل سليماني كانت أمرت أتباعها في صنعاء وعدد من المناطق الخاضعة لها، ولا سيما في محافظة الحديدة، بإقامة «صلاة الغائب». كما دفعت الجماعة الحوثية بوزارتها للخارجية في حكومة الانقلاب غير المعترف بها في صنعاء إلى إصدار بيان بالمناسبة، قالت فيه إن ما ارتكبته أميركا بحق سليماني ومن معه «يعد مغامرة كبيرة من شأنها أن تزيد الأوضاع المتوترة في المنطقة سوءاً».
إلى ذلك، كان المئات من الناشطين اليمنيين البارزين علّقوا على مواقع التواصل الاجتماعي على مقتل سليماني ومن معه، مشيرين إلى أنه «استحق ذلك نظراً للجرائم وأعمال القتل والتخريب التي قام بها في اليمن والمنطقة العربية عموماً». وتوقع الناشطون، أن تدفع إيران بالجماعة الحوثية إلى ارتكاب عمليات إرهابية جديدة في المنطقة سواء عبر إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة ضد دول الجوار أو مهاجمة ناقلات النفط في جنوب البحر الأحمر.
وكانت ظهرت أخيراً العلاقة السرية بين الميليشيات الحوثية وإيران فيما يخص تزويد الجماعة بالأسلحة إلى العلن مع اعتراف الميليشيات رسمياً بوجود هذه العلاقة خلال لقاء ممثلها لدى طهران بوزير الدفاع الإيراني. وفي حين ظلت الجماعة الحوثية طيلة السنوات الماضية تنفي على لسان قياداتها وجود أي دعم إيراني عسكري، كانت التحقيقات الدولية وشحنات الأسلحة المهربة التي أوقفت في عرض البحر أدلة دامغة على استمرار طهران في توفير الأسلحة كافة لميليشياتها في طهران.
وبثت المصادر الحوثية الرسمية الشهر الماضي صوراً جمعت مندوبها لدى طهران إبراهيم الديلمي الذي ينتحل صفة السفير اليمني منذ اعتراف طهران به، مع وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي. وذكرت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، أن الديلمي بحث مع الوزير الإيراني «سبل تعزيز التعاون المشترك في المجالات العسكرية»، وقالت إنه أشاد بعلاقات التعاون بين إيران والجماعة «على مختلف الأصعدة». ونسبت المصادر إلى حاتمي أنه أكد ضرورة تعزيز وتمتين العلاقة بين الجيش الإيراني والميليشيات الحوثية التي أشار إليها بوصف «الجيش اليمني» في سياق اعتراف طهران بالانقلاب الحوثي.
وكانت تقارير غربية حديثة كشفت عن حجم الحضور الإيراني العسكري في اليمن الذي يتزعمه القيادي في «الحرس الثوري» الإيراني عبد الرضا شهلايي إلى جانب نحو 400 من عناصر الحرس الثوري.
وأعلنت الولايات المتحدة الأميركية في 5 ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن مكافأة قدرها 15 مليون دولار لمن يدلي بأي معلومات عن مواقع أنشطة شهلايي في اليمن.
وفي سياق التعليق اليمني الرسمي، كان وزير الخارجية محمد الحضرمي، قال: إن تاريخ الإرهابي قاسم سليماني أسود، وقد عمل على زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة وفي اليمن تحديداً بدعمه الميليشيات الحوثية. واعتبر الحضرمي في تغريدات على «تويتر» أن «النظام الإيراني هو الراعي الأول للإرهاب في العالم»، كما حمّله المسؤولية «عن قتل وتشريد الآلاف من الأبرياء في اليمن وفي الوطن العربي».
من جهته، قال وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني «‏إن حالة الصدمة لدى الميليشيات الحوثية بعد مقتل سليماني تؤكد طبيعة العلاقة بين الجماعة الحوثية ونظام الملالي في طهران». واعتبر الإرياني في تصريح رسمي، أن العلاقة بين طهران والميليشيات الحوثية «تتجاوز مجرد التنسيق وتلقي الدعم أو العمل كأداة أو الحرب بالوكالة إلى التماهي الكامل في العقيدة والمشروع والأهداف والأجندة».


مقالات ذات صلة

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)
العالم العربي فعالية نسوية حوثية لجمع التبرعات الإلزامية واختبار الولاء للجماعة الحوثية (إعلام حوثي)

​جبايات الحوثيين تضاعف البطالة... ومخاوف من اتساعها بعد الضربات الإسرائيلية

تسببت الجبايات الحوثية بمزيد من معاناة السكان والتجار وضاعفت البطالة في وقت يخشى فيه التجار إلزامهم بالتبرع لإصلاح الأضرار الناجمة عن الغارات الإسرائيلية

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي قادة حوثيون ومسؤولون أمميون يتفقدون آثار الضربات الإسرائيلية في الحديدة (أ.ف.ب)

نتنياهو يوجه الجيش بـ«تدمير البنى التحتية» للحوثيين

أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعضاء الكنيست، أمس، بأنه طلب من الجيش تدمير البنى التحتية التابعة للحوثيين بعدما أطلق انقلابيو اليمن صواريخ.

«الشرق الأوسط» (القدس)
العالم العربي منذ أكثر من عام بدأت الجماعة الحوثية هجماتها في البحر الأحمر وتصعيدها ضد إسرائيل (أ.ف.ب)

تطورات المنطقة وأوضاع الداخل تعزز خلافات الأجنحة الحوثية

تفاقمت الخلافات بين الأجنحة الحوثية على مستقبل الجماعة، بسبب المواجهة مع إسرائيل والغرب، بين المطالبة بتقديم تنازلات والإصرار على التصعيد.

وضاح الجليل (عدن)
الولايات المتحدة​ أرشيفية لمقاتلة أميركية تستعد للإغارة على مواقع للحوثيين في اليمن (الجيش الأميركي)

الجيش الأميركي يعلن سقوط مقاتلة في البحر الأحمر بـ«نيران صديقة»

أعلن الجيش الأميركي، أن طيارين اثنين من البحرية الأميركية قد تم إسقاطهما فوق البحر الأحمر في حادثة تبدو أنها نتيجة «نيران صديقة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«الحوثيون» يعلنون استهداف إسرائيل بصاروخ باليستي ومسيّرات

صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (جماعة «الحوثي» عبر «تلغرام»)
صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (جماعة «الحوثي» عبر «تلغرام»)
TT

«الحوثيون» يعلنون استهداف إسرائيل بصاروخ باليستي ومسيّرات

صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (جماعة «الحوثي» عبر «تلغرام»)
صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (جماعة «الحوثي» عبر «تلغرام»)

أعلن «الحوثيون» في اليمن، الأربعاء، إطلاق صاروخ باليستي وطائرات مسيّرة على إسرائيل، بعد أيام على هجوم استهدف تل أبيب، أصاب 16 شخصاً.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن صباح اليوم، أنه اعترض صاروخاً أطلق من اليمن باتجاه إسرائيل، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

وجاء في بيان للجيش، نشر على تطبيق «تلغرام» قرابة الساعة 4:30 صباحاً بالتوقيت المحلي (2:30 بتوقيت غرينيتش)، أنه «تم اعتراض صاروخ أطلق من اليمن قبل دخوله الأجواء الإسرائيلية».

وأشار إلى إطلاق صفارات الإنذار «في مناطق عدة بوسط إسرائيل»، في إجراء احترازي خشية سقوط شظايا وحطام جراء عملية الاعتراض، بحسب البيان.

وكان المتحدث العسكري باسم جماعة «الحوثي» اليمنية، يحيى سريع، قال، في بيان، إن جماعته استخدمت في الهجوم «صاروخاً باليستياً (فرط صوتي) نوع فلسطين 2».

ومساء الأربعاء، أعلن سريع عن «تنفيذ عمليتين عسكريتين استهدفتا هدفين» في تل أبيب، وكذلك «المنطقة العسكرية في عسقلان»، بالطائرات المسيرة الهجومية.

وأعلن الجيش الإسرائيلي أن طائرة مسيّرة «سقطت في منطقة مفتوحة»، بعد دوي صفارات الإنذار في جنوب إسرائيل، قرب قطاع غزة.

وكانت جماعة «الحوثي» قد أعلنت، الثلاثاء، استهداف وسط إسرائيل بصاروخ باليستي من طراز «فلسطين 2». وأفاد الجيش الإسرائيلي بدوره عن اعتراضه قبل دخوله المجال الجوي.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بدأ الحوثيون شنّ هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وخليج عدن انطلاقاً من المناطق الخاضعة لسيطرتهم في اليمن، في إطار «دعم» الفلسطينيين في قطاع غزة، حيث تدور حرب مدمّرة بين إسرائيل و«حماس» منذ أن شنّت الحركة هجوماً غير مسبوق على الدولة العبرية في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وخلال الأشهر الماضية، تبنّى الحوثيون إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة نحو إسرائيل، التي تعلن اعتراض معظمها.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أكد، الاثنين، أنه أوعز إلى الجيش «تدمير البنى التحتية للحوثيين»، بعدما أطلقوا صاروخين على الأقل باتجاه الدولة العبرية الأسبوع الماضي، أسفر أحدهما عن إصابة 16 شخصاً بجروح طفيفة في تل أبيب.

وشنّت إسرائيل غارات جوية على اليمن 3 مرات خلال الأشهر الماضية، آخرها في 19 ديسمبر (كانون الأول) استهدفت مواني وبنى تحتية للطاقة في صنعاء والحديدة، وأعلن الحوثيون أن هذه الضربة أسفرت عن مقتل 9 مدنيين.