بتوصية من عبد المهدي... البرلمان العراقي يصوت على إنهاء الوجود الأميركي

نائب سابق رجح أن يظل القرار «حبراً على ورق»... وبغداد تشكو واشنطن إلى مجلس الأمن

جانب من جلسة البرلمان العراقي لمناقشة «الوجود الأجنبي» أمس (إ.ب.أ)
جانب من جلسة البرلمان العراقي لمناقشة «الوجود الأجنبي» أمس (إ.ب.أ)
TT

بتوصية من عبد المهدي... البرلمان العراقي يصوت على إنهاء الوجود الأميركي

جانب من جلسة البرلمان العراقي لمناقشة «الوجود الأجنبي» أمس (إ.ب.أ)
جانب من جلسة البرلمان العراقي لمناقشة «الوجود الأجنبي» أمس (إ.ب.أ)

صوت البرلمان العراقي بالأغلبية المطلقة بـ(نصف زائد واحد) وبناء على التوصية التي تقدم بها رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي على إنهاء الوجود الأجنبي في البلاد بعد 6 سنوات من طلب بغداد عودة القوات الأميركية لمحاربة «داعش» و3 سنوات على إعلان النصر عسكريا على التنظيم الإرهابي.
وجاء في قرار للبرلمان العراقي أن «القرار يلزم الحكومة بالعمل على إنهاء وجود أي قوات أجنبية في البلاد ومنعها من استخدام الأجواء العراقية لأي سبب كان، بالإضافة إلى حصر السلاح بيد الدولة». كما نص قرار البرلمان على «إلزام الحكومة بتقديم شكوى لمجلس الأمن ضد الولايات المتحدة عبر وزارة الخارجية».
ويأتي تصويت البرلمان العراقي بعد يومين من قيام الولايات المتحدة بتنفيذ عملية «البرق الأزرق» التي أدت إلى مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، حيث تم توفير الجو العاطفي الذي ألزم الحكومة بتقديم طلب إلى البرلمان بإنهاء الوجود الأميركي بعد أن كان رفض هو وسلفه حيدر العبادي إخراج الأميركيين من العراق بوصفهم موضع حاجة لأغراض التدريب والتسليح وتقديم الدعم اللوجيستي للقوات الأمنية العراقية.
وفي هذا السياق يقول السياسي العراقي حيدر الملا عضو البرلمان العراقي السابق لـ«الشرق الأوسط» إن «هنالك أمورا ينبغي علينا أن نميز بينها، فهناك اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي وقعت بين العراق والولايات المتحدة عام 2008 وبموجبها تم الاتفاق على سحب القوات الأميركية من العراق في موعد أقصاه نهاية عام 2011، وتم تنفيذ هذه الاتفاقية»، مبينا أن «الاتفاقية الثانية هي اتفاقية الإطار الاستراتيجي وتتضمن التزامات دولية بين الطرفين، وتم إيداع نسخة منها لدى الأمم المتحدة تتعلق بخروج العراق من البند السابع، وتوفير حماية أميركية للأموال العراقية وهي ليست لها علاقة بوجود القوات الأميركية في العراق».
وأضاف الملا أنه «في عام 2014 طلب العراق أن يكون عضوا، في التحالف الدولي لمحاربة (داعش) وتم تشكيل غرفة عمليات مشتركة للتحالف الدولي، وتم تسهيل الكثير من القضايا الخاصة بذلك، علما بأن هذا التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب ليس بقانون أو قرار أو باتفاقية، وإنما بموجب طلب من الحكومة العراقية، وبالتالي فإنه في حال أراد العراق الخروج من التحالف الدولي، فإنه يتم بطلب من الحكومة العراقية»، مشيرا إلى أنه «وفق هذه الآليات فإن قرار مجلس النواب هو عبارة عن حبر على ورق وليس له أثر قانوني على أرض الواقع».
وكانت بغداد وقعت عام 2008 على اتفاقيتين مع الولايات المتحدة الأميركية: إحداهما أمنية وهي اتفاقية سحب القوات الأمنية من العراق، وضمنت فقرة تعتبر الاتفاقية نافذة لمدة ثلاث سنوات فقط.
أما الاتفاقية الثانية فهي اتفاقية الإطار الاستراتيجي التي وقعت أيضا نهاية عام 2008 وتعتبر نافذة من تاريخ المصادقة عليها برلمانياً من الدولتين ولم يحدد وقت لانتهائها.
وطبقا لمصدر أمني فإنه «لا توجد في الواقع اتفاقية أمنية بين العراق والولايات، وإنما كان طلب الدعم من الولايات المتحدة في نهاية يونيو (حزيران) 2014 وهو طلب حكومي تنفيذي وفق تقدير الموقف بتلك الظروف الذي من خلاله دخل التحالف الدولي للعراق». وأضاف المصدر الأمني لـ«الشرق الأوسط» طالبا عدم الإشارة إلى اسمه أن «اتفاقية الإطار الاستراتيجي هي اتفاقية عامة وليست أمنية ولا يمكن إلغاؤها، بل يمكن الانسحاب منها بناء على قرار حكومي عراقي يرفع لمجلس النواب العراقي ليتم التصويت عليه وتجري إجراءات الانسحاب منها من خلال الفريق العراقي - الأميركي المعني بتنفيذ الاتفاقية (اللجنة العليا العراقية - الأميركية الخاصة باتفاقية الإطار الاستراتيجي)». وأوضح أن «إنهاء وجود التحالف الدولي يتم من خلال طلب حكومي أيضا يعلن انتفاء الحاجة لجهود الدعم الدولي للعراق مع قدرة العراق على مواجهة التحديات الأمنية وعليه يتم إنهاء وجود بعثات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة».
إلى ذلك أعلنت وزارة الخارجية العراقية رفع شكوى إلى رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة، بشأن الهجمات والاعتداءات الأميركية ضد مواقع عسكرية والقيام باغتيال قيادات عسكرية عراقية.
وقالت الخارجية في بيان إنها رفعت شكوى بموجب رسالتين متطابقتين إلى كل من رئيس مجلس الأمن والأمين العام للأمم المتحدة عبر ممثلية العراق في نيويورك بشأن الهجمات والاعتداءات الأميركية ضد مواقع عسكرية عراقية والقيام باغتيال قيادات عسكرية عراقية وصديقة رفيعة المستوى على الأراضي العراقية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.