إردوغان يعلن بدء إرسال القوات إلى ليبيا... ومقتل «سوري مرتزق» في المعارك

«حكومة الوفاق» تستهدف قاعدة للجيش بعد قصف الكلية العسكرية في طرابلس

ليبيون يعزون أنفسهم أمس بعد مقتل العشرات في غارة استهدفت الكلية العسكرية في طرابلس (أ.ف.ب)
ليبيون يعزون أنفسهم أمس بعد مقتل العشرات في غارة استهدفت الكلية العسكرية في طرابلس (أ.ف.ب)
TT

إردوغان يعلن بدء إرسال القوات إلى ليبيا... ومقتل «سوري مرتزق» في المعارك

ليبيون يعزون أنفسهم أمس بعد مقتل العشرات في غارة استهدفت الكلية العسكرية في طرابلس (أ.ف.ب)
ليبيون يعزون أنفسهم أمس بعد مقتل العشرات في غارة استهدفت الكلية العسكرية في طرابلس (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس، أن وحدات من الجيش التركي بدأت التحرك إلى ليبيا لدعم «حكومة الوفاق الوطني» المتركزة في طرابلس برئاسة فائز السراج، وذلك تزامناً مع إعلان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ارتفاع عدد المرتزقة السوريين الموالين لتركيا الذين وصلوا إلى طرابلس إلى نحو 1000 ومقتل أحد هؤلاء خلال الاشتباكات الدائرة في طرابلس.
وقال إردوغان في مقابلة مع محطة «سي إن إن ترك» التلفزيونية إن تركيا ترسل أيضاً كبار قادة الجيش. جاء هذا في الوقت الذي اعتبرت فيه القوات الموالية لحكومة «الوفاق الوطني» الليبية بقيادة فائز السراج أنها «نقلت معارك العاصمة طرابلس إلى أهم قاعدة عسكرية» لقوات «الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر»، قرب الحدود التونسية، وذلك بعد مقتل 30 شخصاً على الأقل، وإصابة العشرات من طلاب الكلية العسكرية في طرابلس في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، جراء قصف جوي تعرضت له الكلية.
وتحدثت وسائل إعلام محلية موالية للجيش الوطني عن «مقتل 3 جنود بقصف مسيّرة تركية قاعدة للجيش على الحدود مع تونس»، فيما نقلت عن مصادر عسكرية أن «القصف الذي تعرضت له القاعدة استهدف أحد تمركزات الحماية في محيطها، ما أسفر عن مقتل 3 وجرح 8 جنود تابعين للجيش الوطني».
لكن إدارة القاعدة أعلنت في بيان مقتضب، أن «القوة المساندة للجيش بالزنتان التابعة للجيش، والمتمثلة في الكتيبة 78 حماية قاعدة عقبة بن نافع (الوطية)، أكدت مقتل 3 جنود وإصابة 6 آخرين، إثر القصف الجوي الذي قالت إنه تم بالطيران التركي المسير على محيط القاعدة».
وتعد قاعدة الوطية الجوية (عقبة بن نافع)، من أهم القواعد العسكرية غرب ليبيا وأكبرها مساحة؛ حيث تمتد على مساحة تصل إلى 10 كيلومترات مربعة، ويفصل بينها وبين العاصمة طرابلس 140 كيلومتراً في الجنوب الغربي.
في المقابل، نقلت «عملية بركان الغضب» التي تشنها الميليشيات التابعة لحكومة فائز السراج، عن الناطق الرسمي باسمها أن قواتها استهدفت «تمركزات للجيش الوطني في قاعدة الوطية الجوية، دمّرت خلالها آليات عسكرية ومخزناً للذخيرة».
بدوره، قال «المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة» التابع للجيش الوطني إنه «لا صحة لما يردده إعلام الميليشيات عن مسؤولية قوات الجيش عن قصف الكلية»، معتبراً أن «ما تقوم به الميليشيات من استهداف مستمر بإطلاق القذائف العشوائية في اتجاهات مختلفة لإصابة المدنيين، ظن منهم أن هذه الأعمال غير مرصودة، وأنها فقط لمجرد إدانة قوات الجيش».
ونقلت وكالة الأنباء الليبية، الموالية للجيش الوطني في شرق البلاد، عن مصدر عسكري قوله، إن «الذي نفذ العملية الإرهابية ضد طلبة الكلية العسكرية في الهضبة هو مجرم حرب وإرهابي دولي، وعلى كل الأجهزة الأمنية والعسكرية سرعة ضبط من نفذ وخطط وساهم في هذه الجريمة، سواء من الليبيين أو الأجانب».
وأعرب المصدر عن «تخوف» من أن «تنفذ الميليشيات الإرهابية مزيداً من الأفعال الإجرامية في طرابلس خاصة، قبل وصول وفد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، في محاولة لإيقاف عملية تحرير طرابلس»، وأضاف: «سنحاكم كل من استهدف أبناء المؤسسة العسكرية في طرابلس وغيرها أو سهّل تنفيذ هذه الجريمة الإرهابية كما فعلنا في بنغازي ودرنة، وهذا وعد علينا».
في المقابل، نقلت وسائل إعلام محلية عن فوزي أونيس، الناطق باسم وزارة الصحة بحكومة السراج، أن «حصيلة القصف بلغت 30 قتيلاً و33 جريحاً في غارة» لمن وصفه بـ«الطيران الأجنبي» الداعم لحفتر. وقال ناطق باسم وزارة الصحة بحكومة السراج لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الطلاب كانوا يقومون بعملية الجمع المسائي في الباحة الرئيسية للكلية، استعداداً للدخول إلى عنابرهم الخاصة، قبل تعرض الباحة لقصف جوي تسبب في سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا»، ووجه نداءً عاجلاً لسكان طرابلس للتوجه إلى المستشفيات للتبرع بالدم، نظراً للإصابات الحرجة التي سجلت بين طلاب الكلية.
من جهتها، اتهمت عملية «بركان الغضب» التابعة لحكومة السراج قواتِ الجيش الوطني بالمسؤولية عن القصف الجوي الذي أوقع العشرات من القتلى والجرحى، كما نشرت صوراً تظهر عدداً من المصابين والجثث العائدة لطلبة الكلية، وآثار دمار طالت الباحة الرئيسية للكلية حيث موقع القصف الجوي.
ونشر المركز الإعلامي لعملية «بركان الغضب»، التابعة لقوات حكومة السراج، صوراً ولقطات فيديو أظهرت جرحى أثناء تلقيهم العلاج اللازم، وأشلاء متناثرة وبقع دماء في موقع الحادث، كما أظهرت لقطات أخرى سيارات إسعاف تخرج من مقر الكلية بوسط طرابلس.
بدورها، أدانت «بعثة الأمم المتحدة في ليبيا» في بيان لها بأشد العبارات القصف، معتبرة أن «التصعيد المتنامي في الأعمال العسكرية على هذا النحو الخطير يزيد من تعقيد الأوضاع في ليبيا ويهدد فرص العودة للعملية السياسية». وبعدما عبّرت عن «صادق التعازي لأسر الضحايا وتمنت الشفاء العاجل للمصابين»، ذكرت البعثة أن «التمادي المستمر في القصف العشوائي الذي يطال المدنيين والمرافق المدنية الخدمية كالمستشفيات والمدارس وغيرها، قد يرقى إلى مصاف جرائم الحرب، ولن يفلت الجناة من العقاب طال الزمن أو قصر». وكانت البعثة أعلنت أن الزيادة في الضربات الجوية والقصف داخل وحول طرابلس تسببت في وفاة 11 مدنياً على الأقل منذ مطلع الشهر الماضي، وإغلاق منشآت صحية ومدارس، كما أكدت على «الامتناع عن استهداف المدنيين والمنشآت الحيوية في طرابلس، وأن هجمات من هذا النوع يمكن أن ترقى إلى جرائم الحرب».
وزادت الضربات الجوية والقصف حول طرابلس في الأسابيع الأخيرة، في ظل مخاوف من احتمال احتدام القتال بعد موافقة البرلمان التركي على إرسال قوات إلى ليبيا لدعم حكومة السراج.
وتشهد مناطق بجنوب العاصمة الليبية تصعيداً غير مسبوق في الغارات الجوية خلال الأسابيع الماضية، كما تصاعدت وتيرة المعارك في الآونة الأخيرة مع إعلان حفتر بدء «المعركة الحاسمة» والتقدم نحو «قلب طرابلس».
وتشهد ليبيا، الغارقة في الفوضى منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي عام 2011، مواجهات عنيفة منذ 4 أبريل (نيسان) الماضي حيث تشن قوات الجيش الوطني، هجوماً للسيطرة على طرابلس مقر حكومة السراج، وتسببت المعارك بمقتل أكثر من 2000 مقاتل ونحو 300 مدني، فيما نزح 146 ألف شخص، بحسب غسان سلامة المبعوث الدولي إلى ليبيا.
في غضون ذلك، ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن عدد المرتزقة السوريين الموالين لتركيا الذين وصلوا إلى طرابلس حتى الآن وصل إلى نحو 1000، وأشار إلى مقتل أحد هؤلاء خلال الاشتباكات الدائرة في طرابلس، أثناء قتاله إلى جانب «حكومة الوفاق». وأوضح «المرصد» أن القتيل يتبع فصيل «السلطان مراد» أحد أبرز الفصائل التي أرسلت مقاتلين للقتال في ليبيا. وكان «المرصد السوري» أعلن ارتفاع عدد المجندين الذين وصلوا المعسكرات التركية لتلقي التدريب إلى ما لا يقل عن 1600 من مقاتلي فصائل السلطان مراد وسليمان شاه وفرقة المعتصم الموالية لتركيا. وجرى نقل هؤلاء المرتزقة من منطقة عفرين بعد تسجيل أسمائهم، في الوقت الذي تتواصل فيه عملية تسجيل الأسماء بشكل واسع، إذ إن العملية مستمرة بشكل مكثف، مع التركيز الكبير عليها إعلامياً وسياسياً.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».