بروكسل تعلن في بداية 2020 حالة التعبئة العامة لإنقاذ المشروع الأوروبي

بسبب فسخ العلاقة مع لندن والحرب التجارية مع واشنطن ومشكلة الهجرة والمناخ

الرئيسة الجديدة أورسولا فان دير لاين مع كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه في مواجهة ملف «بريكست» (أ.ف.ب)
الرئيسة الجديدة أورسولا فان دير لاين مع كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه في مواجهة ملف «بريكست» (أ.ف.ب)
TT

بروكسل تعلن في بداية 2020 حالة التعبئة العامة لإنقاذ المشروع الأوروبي

الرئيسة الجديدة أورسولا فان دير لاين مع كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه في مواجهة ملف «بريكست» (أ.ف.ب)
الرئيسة الجديدة أورسولا فان دير لاين مع كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه في مواجهة ملف «بريكست» (أ.ف.ب)

منذ أن تسلّمت الحكومة الأوروبية الجديدة مهامها مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تشهد المفوضية نشاطاً محموماً يقول الموظفون إنهم لم يعرفوا مثله من قبل، وإن الرئيسة الجديدة أورسولا فان دير لاين قد «أنذرت» معاونيها بأن حالة التعبئة العامة سوف تستمرّ، على الأقل، حتى نهاية السنة.
إنها سنة التحدّيات الكبرى التي قد يتوقّف عليها مستقبل المشروع الأوروبي برمّته: فسخ العلاقة مع المملكة المتحدة وما قد يترتّب عنها، الحرب التجارية التي أعلنتها الإدارة الأميركية ولم توفّر حتى الحلفاء، الهجرة التي ما زالت معالجتها والتعامل مع تداعياتها موضع خلافات عميقة بين الدول الأعضاء، والصورة المهتزّة للمشروع الأوروبي الذي يواجه حصارات من الداخل والخارج.
أمام هذه التحدّيات قرّرت المفوضية الجديدة تخصيص السنة الأولى من هذا العقد للتركيز على الأولويات التالية: الميثاق الأخضر الذي يشمل مشاريع الطاقة المتجددة ومواجهة التغيّر المناخي، الثورة الرقمية التي ستكون العماد الاستراتيجي الأساسي في المستقبل، إعادة هيكلة المنظومة الأوروبية للهجرة واللجوء، إرساء القواعد الأساسية للسياسة الدفاعية المشتركة الضرورية للاستقلال الجيوستراتيجي للاتحاد، وتسوية النزاعات التجارية المتعددة التي أصبحت ميدان الصراع الرئيسي بين القوى العظمى.
ويفيد تقرير داخلي أعده مكتب رئيسة المفوضية، بأن التحديات الطارئة والملفات الملّحة لا يجب أن تكون معالجتها على حساب القضايا الأساسية التي تشكّل أولويات الإدارة الجديدة. وفي طليعة هذه الملفات الاتفاق مع المملكة المتحدة حول الخروج من الاتحاد، الذي سيقتضي عاماً كاملاً من المفاوضات المعقدة قبل إبرام عقد الطلاق النهائي. تليه في المقام الثاني موازنة الاتحاد للسنوات السبع المقبلة، التي لا بد من إنجازها قبل نهاية هذا العام والتي ستكون موضع مفاوضات صعبة بين الدول الأعضاء.
على الصعيد الخارجي، يواجه الاتحاد منافسة شرسة من القوى الدولية الأخرى، في حين يعاني داخلياً من تباطؤ النمو الاقتصادي ومن الحركات الشعبوية المناهضة للمشروع الأوروبي التي لم تتمكّن من الفوز في الانتخابات الأوروبية الأخيرة، لكنها تختزن من القوة ما يكفي لتبقى الخاصرة الرخوة للاتحاد في السنوات المقبلة.
ويفيد التقرير الذي عممته رئيسة المفوضية على جميع الإدارات، بأن الميثاق الأوروبي الأخضر هو أولوية الأولويات والشعار الرئيسي للاتحاد في السنوات المقبلة، وأن «كل القطاعات والاستراتيجيات يجب أن تعاد صياغتها وتصويبها كي تساعد على تحقيق أهداف الميثاق». ويشير التقرير إلى أن الظروف السياسية مهيأة لتفعيل هذا الميثاق في ظل تزايد الاهتمام الشعبي بقضيّة تغيّر المناخ ومطالب الناخبين بإجراءات سريعة وطموحة لمواجهته، لكنه يحذّر من أن المهمّة لن تكون سهلة بسبب من المعارضة الداخلية التي تقودها حكومات أوروبا الشرقية والوسطى، والموقف الأميركي الرافض لمواكبة الجهود الدولية لمكافحة تغيّر المناخ وتردد الصين وبعض الدول الأخرى، فضلاً عن أن تفعيل الميثاق يتطلّب موارد مالية ضخمة لتشجيع الابتكار والتعويض على الدول المتضررة.
ويقول المسؤول الجديد عن السياسة الخارجية الأوروبية، جوزيب بورّيل، إن ولايته تتضمّن «دبلوماسية مناخية مكثفة»، مشيراً إلى الصعوبة البالغة في معالجة هذا الملفّ، حتى على الصعيد الأخلاقي؛ إذ يتساءل «نحن نهدف إلى تحقيق الحياد في الانبعاثات، في حين تقول بلدان أخرى إن انبعاثاتها الغازية هي لإنتاج مواد تستهلكها أوروبا. أي الاثنين هو الأهمّ إذن: الغاز المنتَج أو الغاز المستهلَك؟». ويذكّر بورّيل بكمية الطاقة التي تستهلكها الخدمات الرقمية، فيقول «إن الطاقة التي تستهلكها نقرتان للبحث عبر محرّك (غوغل) تعادل ما يحتاج إليه إنتاج فنجانين من القهوة. علينا أن نستثمر أكثر في البحوث لنكون أكثر فاعلية في هذا المجال». ورغم ما هو معروف عن بورّيل من رغبة قوية في أن يلعب الاتحاد الأوروبي دوراً أساسياً في اللعبة السياسية الكبرى، فإنه يدعو إلى الحذر والواقعية، ويقول: «علينا أن نكون واقعيين. مواقف الدول الأعضاء متباينة في ملفّات كثيرة، وعلينا دائماً أن نبحث عن قواسم مشتركة غالباً في الحد الأدنى. لا يجب أن نخادع أنفسنا. ومن نقاط ضعفنا الأساسية في السياسة الخارجية أن الآخرين يعرفون ما هي خلافاتنا».
الهجرة هي من الملفّات الأخرى التي تقضّ مضجع المسؤولين الأوروبيين منذ انفجار هذه الظاهرة في عام 2015، والتي تغلي تحت نارها السياسة الأوروبية منذ سنوات. ويقول نائب رئيس المفوضية المكلّف شؤون الهجرة، اليوناني مارغاريتيس سكيناس «إن نظام اللجوء الحالي يلقي بمسؤولية الجميع على عاتق بلدان الحدود الخارجية للاتحاد، وهذا ليس مقبولاً. لا يمكن أن تتحمّل اليونان وإسبانيا ومالطا وإيطاليا وحدها المسؤولية بالنيابة عن جميع الدول الأعضاء. لا بد من تعديل القوانين وإيجاد السبل الكفيلة بتقاسم المسؤولية بين الجميع. علينا أن نتوصّل إلى اتفاق يقنع كل الدول بأن لها مصلحة في الانضمام إليه والمشاركة في تنفيذه».
أما عن ملفّ «بريكست» الذي سينكبّ عليه المفاوضون اعتباراً من الأسبوع المقبل، يقول المفوّض الآيرلندي فيليب هوغان «لا أفهم ما الذي يدفع رئيس الوزراء البريطاني إلى تكبيل يديه بتحديد هذه المهلة القصيرة للمفاوضات... ربما يشعر بالقوة بعد حصوله على هذه الأغلبية الجديدة، لكن الحكمة تقضي بالحفاظ على بعض المرونة مثل القبول باحتمال إنجاز الخطوط العريضة للاتفاق السياسي وإفساح المزيد من الوقت لتنفيذ التشريعات الضرورية. وإذا أصرّ على الانطلاق من قاعدة أنه يملك كل الأوراق في المفاوضات، فهو يرتكب خطأ أساسياً في استراتيجيته التفاوضية».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».