القيادة الجديدة في الجزائر تفرج مؤقتاً عن أشهر «أيقونات الحراك»

«رسائل تهدئة» للمتظاهرين لتسهيل إجراء حوار مع السلطات

لخضر بورقعة بعد الافراج عنه (أ.ف.ب)
لخضر بورقعة بعد الافراج عنه (أ.ف.ب)
TT

القيادة الجديدة في الجزائر تفرج مؤقتاً عن أشهر «أيقونات الحراك»

لخضر بورقعة بعد الافراج عنه (أ.ف.ب)
لخضر بورقعة بعد الافراج عنه (أ.ف.ب)

قال مراقبون في الجزائر إن السلطات الجديدة أصبحت تبعث برسائل تهدئة إلى الحراك الشعبي بغرض إقناع نشطائه بالحوار، الذي دعا إليه الرئيس عبد المجيد تبون، وذلك بعد أن وافقت على إطلاق سراح الثمانيني رجل الثورة لخضر بورقعة، على أن يحاكم بعد شهرين. كما تم إطلاق سراح صحافي ومدون بشرق البلاد، إضافة إلى أكثر من 20 معتقلا آخرين.
وتجمع ظهر أمس عدد كبير من الناشطين وأفراد عائلة بورقعة، وصحافيين أمام سجن الحراش بالضاحية الجنوبية للعاصمة، حيث كانوا ينتظرون خروج «أيقونة الحراك»، أو «عمي لخضر»، كما يناديه المتظاهرون. وكانت المحامية زبيدة عسول قد أعلنت صباح أمس أن دفاع السجين المسن أودع طلبا لدى محكمة الاستئناف بالعاصمة للإفراج المؤقت عنه، على إثر تدهور لافت لحالته الصحية، وتمت الموافقة على الطلب، وإبلاغ محاميه بتاريخ محاكمته في 12 من مارس (آذار) المقبل.
واعتقل جهاز الأمن الداخلي بورقعة في نهاية يونيو (حزيران) الماضي، بسبب تصريحات إعلامية، وصف فيها الجيش بـ«ميليشيا»، وهاجم بشدة قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، المتوفى في 23 من الشهر الماضي، وذلك بسبب الاعتقالات الجماعية التي أمر بها في صفوف المتظاهرين. واتهمت النيابة الثمانيني المعارض بـ«التأثير على معنويات الجيش»، و«إهانة هيئة نظامية»، وهي تهمة يشترك فيها مع عدد كبير من النشطاء، ممن لهم مواقف لم تكن تعجب الجنرال أحمد قايد.
وشوهد بورقعة بعد خروجه من السجن بمعية قياديين بـ«جبهة القوى الاشتراكية»، أقدم حزب معارض ينتمي إليه بورقعة، وقد بدت عليه علامات الإرهاق، وكان أول تصريح له للإعلام هو أن «الجزائر مستهدفة». ونقل بورقعة إلى مستشفى خارج السجن عدة مرات بسبب تدهور حالته الصحية، وكانت أسرته قد أعلنت الأسبوع الماضي عن متابعة البرلمانية المثيرة للجدل نعيمة صالحي في القضاء، بعد أن اتهمته بـ«العمالة للأجانب»، بمناسبة تشييع قايد صالح.
في غضون ذلك، أعلن محامون بقسنطينة (شرق) بأن الصحافي والمدون عبد المنجي خلادي غادر السجن المحلي أمس، بعد شهور قضاها في الحبس الاحتياطي، بسبب نشاطه في الحراك المعارض للنظام.
وكتب الصحافي خالد درارني، ممثل منظمة «مراسلون بلا حدود» بالجزائر، على حسابه بـ«فيسبوك» أن صحافيا واحدا فقط يظل في السجن هو سفيان مراكشي، مراسل فضائية لبنانية، الذي أودعه قاضي التحقيق الحبس الاحتياطي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بسبب استعماله عتادا محظورا، حسب السلطات لبث صور المظاهرات لفائدة وسائل إعلام أجنبية. ولا يعرف رأي للمحامية المعروفة فاطمة بن براهم، التي تدافع عن مراكشي حول القضية.
وصرح لخضر بن خلاف، وهو برلماني وقيادي «جبهة العدالة والتنمية» (معارضة)، بأن «إطلاق سراح المجاهد بورقعة، خطوة إيجابية في طريق التهدئة».
كما تداول أمس ناشطون خبر الإفراج عن الجنرال المتقاعد حسين بن حديد، الذي نقل منذ يومين إلى مستشفى خارج السجن، على إثر مضاعفات صحية. ولم يتأكد الخبر حتى آخر النهار.
ويوجد بن حديد (76 سنة) في السجن منذ الصيف الماضي، إثر اتهامه بـ«التأثير على معنويات الجيش». ويعود السبب إلى مقال نشره في صحيفة محلية، عده الجيش مسيئا لقائده السابق قايد صالح، الذي سبق أن سجن بن حديد منذ عامين لمدة 8 أشهر. وكانت بين الرجلين خصومة شديدة نشأت بالمؤسسة العسكرية.
ويقول مراقبون إن السلطة الجديدة «بصدد إطلاق مؤشرات تهدئة بهدف إقناع المتظاهرين بالحوار»، الذي اقترحه الرئيس تبون لتجاوز المأزق الحالي. غير أن ردود فعل كثير من المتظاهرين جاءت سلبية. فبقاء بورقعة متهما وإصرار السلطات على محاكمته، لا يدل حسبهم، على وجود نية حسنة، من جانبها لإنهاء الأزمة. كما أن العشرات ممن أطلق سراحهم في الأيام الماضية استعادوا حريتهم فقط بعد انقضاء فترة العقوبة، ولم تتم تبرئتهم من التهم، بحسب نفس المتظاهرين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».