الرئيس التونسي يوافق على تشكيلة الحكومة الجديدة

تتكون من 41 وزيراً ووزير دولة

TT

الرئيس التونسي يوافق على تشكيلة الحكومة الجديدة

قالت الرئاسة التونسية، أمس، إن رئيس الجمهورية قيس سعيد وافق على الحكومة الجديدة المقترحة من شخصيات مستقلة، وإنه أحالها إلى البرلمان لمنحها الثقة.
وكان رئيس الوزراء المكلف الحبيب الجملي قد أوضح أن الحكومة المقترحة تضم عبد الرحمن الخشتالي وزيراً للمالية، وخالد السهيلي وزيراً للخارجية. وقال في بيان بثّه التلفزيون إن حكومته المقترحة تحظى بتأييد الأغلبية في البرلمان المنقسم بشدة، والذي انتخب قبل نحو 3 أشهر.
وتضم الحكومة الجديدة المقترحة كلاً من عماد درويش وزيراً للدفاع الوطني، وسفيان السليطي وزيراً للداخلية، والهادي القديري وزيراً للعدل. فيما سيحتفظ روني الطرابلسي وزير السياحة والصناعات التقليدية الحالي بمنصبه في الحكومة الجديدة. وسيحدد رئيس البرلمان راشد الغنوشي موعد تصويت البرلمان على الحكومة الجديدة.
وتضم تركيبة الحكومة التي أعلن عنها الجملي 41 وزيراً ووزير دولة (26 وزيراً و15 وزير دولة)، وهو تقريباً نفس عدد الحقائب الذي كان في حكومة يوسف الشاهد (40 حقيبة وزارية)، كما ضمّت الحكومة الجديدة نحو 40 في المائة من النساء، وتتراوح أعمار أعضائها بين 31 سنة و69 سنة.
وفي ردّه على أسئلة الصحافيين، رجّح الجملي أن تحظى الحكومة الجديدة بموافقة أغلبية نواب البرلمان، نافياً وجود أي ضغوط مورست عليه خلال الإعلان عن تركيبة الحكومة. لكن قيادات من حركة النهضة (إسلامية)، الفائزة في الانتخابات الأخيرة، أكدت عقد اجتماع لمجلس شورى حركة النهضة يوم غد (السبت) للنظر في مسألة منح الثقة لحكومة الجملي من عدمه.
وفي ردّها على تشكيلة الحكومة الجديدة، عبرت عدة أحزاب سياسية عن استغرابها من طريقة إعلان الجملي عن تركيبة الحكومة المرتقبة، ومن عدم معرفة أعضاء الحكومة بالتشكيلة الجديدة، رغم مرور أكثر من 6 أسابيع من التفاوض والتشاور.
وفي الوقت الذي اعتبرت فيه أحزاب المعارضة ما حدث مساء أول من أمس «مغالطة للتونسيين»، وجّه الشارع التونسي جام غضبه على رئيس الحكومة المكلف، باعتبار أن الشارع التونسي تعود على إعلان أسماء من سيتولون الحقائب الوزارية من قبل رئيس الحكومة المكلف، وهو ما حدث في كل الحكومات السابقة دون استثناء.
وبخصوص الأطراف السياسية التي ستمنح ثقتها للحكومة الجديدة، قال نعمان العش، قيادي حزب «التيار الديمقراطي» (22 نائباً) إن حزبه لن يمنح ثقته لحكومة الجملي، مشدداً على أنه لن يساند حكومة غير ممثل فيها، على حد تعبيره.
في السياق ذاته، أكد النائب سيف الدين مخلوف، رئيس ائتلاف الكرامة المقرب من حركة النهضة، أنه لن يصوت لحكومة الجملي، ولن يمكنها من أصوات كتلته البرلمانية، المشكلة من 21 نائباً برلمانياً.
كما كشف خالد الكريشي، القيادي في حركة الشعب، أن حزبه لن يمنح ثقته للحكومة المقبلة، معتبراً تأجيل الإعلان عن أسماء الوزراء «من مظاهر العشوائية والتخبط في الأداء».
وحمّل بيان موقع من نبيل القروي، رئيس حزب «قلب تونس» (38 مقعداً برلمانياً) عدم الاعتراف بالقائمة المسربة لحكومة الجملي، وأكد أن منح الثقة للحكومة يتطلب مشاورات مباشرة مع قياداتها السياسية، وهو ما لم يحدث قبل إعلان الجملي عن التشكيلة الحكومية.
أما بخصوص العلاقة التي ستربط الحكومة مع النقابات، فقد أكدت قيادات الاتحاد العام التونسي للشغل أن حكومة الجملي في انتظار مطالب اجتماعية ملحة، موضحة أنها ستقود المفاوضات الاجتماعية المقبلة مع الحكومة حول الزيادات في الأجور.
وبصرف النظر عن الفريق الحكومي الذي يرأسه الحبيب الجملي، فإن اتحاد الشغل سيسعى وفق بعض المراقبين إلى عقد اتفاقات مجزية لقواعده النقابية، دون النظر إلى المصاعب الكثيرة التي تنتظر تونس، أو الطرف الحكومي الذي سيتفاوض معه، وهو ما ينبئ بإمكانية التصادم بين الطرفين خلال الأشهر القليلة المقبلة.
ومن ناحيته، نفى عبد الحميد الجلاصي، قيادي حركة النهضة، أن يكون حزبه قد ضغط على رئيس الحكومة المكلف من أجل تأخير الإعلان عن تركيبة الحكومة، أو إجراء تغييرات على أسمائها. وأكد أن حكومة الجملي ستحظى بدعم نواب الحركة خلال الجلسة البرلمانية التي قد تعقد غداً (السبت).
أما على المستوى الاجتماعي، فلا يبدو أن الحكومة المقبلة ستجد أرضية تفاهم مع عدد من الشبان المحتجين، خاصة في المناطق المهمشة، التي شهدت مبكراً احتجاجات في منطقة تطاوين (جنوب شرقي)؛ حيث اعتصم شباب «الكامور» للمطالبة بتنفيذ محتوى اتفاقية مع الحكومة تعود إلى سنة 2017. ومن المنتظر أن يعرف شهر يناير (كانون الثاني) الحالي عدداً من التحركات الاجتماعية للمطالبة بالحد من غلاء المعيشة، والرفع من القدرة الشرائية للمواطنين. كما هددت قطاعات النقل والصحة والفلاحة بتنفيذ موجة من الاحتجاجات، لكنها تنتظر الانتهاء من تشكيل الحكومة بشكل رسمي للشروع في تنفيذ مجموعة من الاتفاقات الموقعة مع الحكومة.
يذكر أن رئيس الحكومة المكلف أكد أن أولويات حكومته ستتلخص في المسائل الاقتصادية والمالية والاجتماعية، وأولها مكافحة الفقر ومحاربة الفساد، ودعم الجوانب الأمنية التي لا تزال إحدى أولويات المرحلة في تونس. وعبر عن أمله في أن تنال حكومته ثقة جميع الأحزاب الممثلة بالبرلمان، باعتبارها تمثل طيفاً سياسياً واسعاً، متوجهاً بالتحية لجميع الأحزاب التي وافقت على شرط حكومة الكفاءات المستقلة، وعلى رأسها حركة النهضة، الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.