الجملي يعلن تشكيل حكومة تونسية جديدة خالية من الأحزاب

في انتظار أن يقدمها رئيس الجمهورية إلى رئيس البرلمان لنيل ثقة النواب

رئيس الوزراء التونسي الحبيب الجملي أثناء اعلانه تشكيل الحكومة الجديدة أمس (رويترز)
رئيس الوزراء التونسي الحبيب الجملي أثناء اعلانه تشكيل الحكومة الجديدة أمس (رويترز)
TT

الجملي يعلن تشكيل حكومة تونسية جديدة خالية من الأحزاب

رئيس الوزراء التونسي الحبيب الجملي أثناء اعلانه تشكيل الحكومة الجديدة أمس (رويترز)
رئيس الوزراء التونسي الحبيب الجملي أثناء اعلانه تشكيل الحكومة الجديدة أمس (رويترز)

بعد ساعات طويلة من الانتظار والترقب، ومشاورات تجاوزت ستة أسابيع، أعلن الحبيب الجملي، رئيس الحكومة التونسية المكلف، في مؤتمر صحافي عقده مساء أمس، عن الانتهاء من تحديد قائمة التشكيلة الحكومية من دون مشاركة الأحزاب السياسية، وأكد أنه سلّم قائمة الوزراء إلى الرئيس التونسي قيس سعيد، الذي سيوجهها بدوره إلى رئيس البرلمان لتحديد جلسة برلمانية قصد نيل ثقة النواب.
ولم يعلن رئيس الحكومة المكلف أسماء الوزراء الذين تم اختيارهم، وأرجأ تقديم قائمة الأسماء للصحافة إلى نهار اليوم (الخميس)، لكنه أشار إلى وجود كفاءات تونسية في الحكومة من خارج الوطن.
وقال الجملي إنه اعتمد عناصر ذات كفاءة واستقلالية عن الأحزاب، وتتمتع بالقدرة على التسيير، في تحديده قائمة الوزراء. وتابع موضحاً: «لدينا برنامج عام للحكومة، وسيتولى كل وزير تحديد برنامج عمل وزارته خلال الشهر الأول».
ومن بين الوزراء يخضع وزيرا الخارجية والدفاع وجوباً للتشاور بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية بحسب الدستور.
في غضون ذلك، اعترف الجملي بوجود عدة صعوبات اعترت المشاورات، واعتبر أن المقياس الأساسي لاختيار أعضاء الحكومة «مدى توفقهم في تنفيذ البرامج الحكومية»، مشدداً على أن الحكومة «جاهزة وستكون في مستوى انتظارات الشعب التونسي، خاصة أنها تتكون من كفاءات ستكون قادرة على أداء المسؤولية الموكولة إليها في هذه الفترة التاريخية الحاسمة من تاريخ البلاد»، على حد تعبيره.
وأكدت مصادر مقربة من رئيس الحكومة المكلف أن هذا الأخير حسم اختياراته حول أعضاء الحكومة الجديدة، ومن المنتظر أن تكون تركيبتها على النحو التالي ما لم تحصل تغييرات في آخر لحظة، حيث يُتوقع أن يشغل منصب وزير الداخلية سفيان الصيد، وهو رئيس ديوان سابق بوزارة الجماعات المحلية. فيما سيشغل منصب وزير الدفاع كمال العيادي، الذي تقلد عدداً من المسؤوليات، كان آخرها رئاسة الهيئة العليا للرقابة المالية والإدارية، ومنصب وزير الوظيفة العمومية في حكومة الحبيب الصيد.
أما وزارة الخارجية، فأُسندت لعثمان الجارندي، الذي تقلد سابقاً مسؤوليات دبلوماسية، ومنصب وزير للخارجية بين سنتي 2013 و2014 (في حكومة حمادي الجبالي القيادي في حركة «النهضة»).
وبالنسبة لوزارة العدل، فقد أسندت للهادي القديري، الذي انتخب في 21 من مارس (آذار) 2018 من قبل المجلس الأعلى للقضاء رئيساً مؤقتاً له، وهو أيضاً الرئيس الأول لمحكمة التعقيب، وقد كان يشغل منصب الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بتونس. كما شغل منصب مدير ديوان وزير العدل نذير بن عمّو سنة 2013 لبضعة أشهر قبل استقالته، احتجاجاً على ما سمي «رغبة الوزير في تطويع هيئة القضاء العدلي».
وأسندت وزارة المالية والتعاون الدولي للفاضل عبد الكافي، الذي تولى الحقيبة الوزارية نفسها، في السابق ووزير المالية بالنيابة. وأسندت وزارة أملاك الدولة لسفيان السليطي، المتحدث السابق باسم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب. فيما أسندت وزارة الصحة لمصطفى الفرجاني، الذي شغل منصب مدير عام للصحة العسكرية بوزارة الدفاع. في حين عادت وزارة الصناعة والطاقة للمنجي مرزوق، الذي شغل المنصب الوزاري نفسه في السابق.
أما وزارة السياحة، فقد احتفظ بها روني الطرابلسي، الذي تسلم هذا المنصب في حكومة يوسف الشاهد.
بينما أسندت وزارة الشؤون الدينية لأحمد عظوم، الذي احتفظ كذلك بمنصبه السابق، ووزارة الشؤون الاجتماعية لحسين دبش، الذي شغل منصب مدير عام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالوزارة ذاتها، في حين أُسندت وزارة التربية لكمال الحجام، الذي كان يتقلّد منصب مدير عام للمرحلة الابتدائية بالوزارة ذاتها.
بالنسبة لوزارة التعليم العالي، فقد أسندت لسليم شورى، الذي كان يشغل منصب مدير عام للدراسات التكنولوجية بالوزارة ذاتها. في حين أسندت وزارة الرياضة لطارق ذياب، وهو وجه رياضي معروف في تونس والعالم العربي. كما تقلد نور الدين الكعبي منصب وزير الحكم المحلي، الذي شغل في السابق منصب وزير دولة لدى وزير التنمية والتعاون الدولي مكلف التنمية.
أما وزارة الفلاحة، فعادت لحسن الشورابي، الذي سبق أن ترأس إدارة العامة للتهيئة والمحافظة على الأراضي الفلاحية بوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».