الفرنسيون ينتظرون كلمة رئيسهم اليوم مع احتدام التوتر بين الحكومة والنقابات

مائة ألف رجل للمحافظة على الأمن ليلاً... والشانزليزيه تحت «رعاية خاصة»

وزير الداخلية الفرنسي يتفقد الإجراءات الأمنية قرب برج «إيفيل» أمس (أ.ف.ب)
وزير الداخلية الفرنسي يتفقد الإجراءات الأمنية قرب برج «إيفيل» أمس (أ.ف.ب)
TT

الفرنسيون ينتظرون كلمة رئيسهم اليوم مع احتدام التوتر بين الحكومة والنقابات

وزير الداخلية الفرنسي يتفقد الإجراءات الأمنية قرب برج «إيفيل» أمس (أ.ف.ب)
وزير الداخلية الفرنسي يتفقد الإجراءات الأمنية قرب برج «إيفيل» أمس (أ.ف.ب)

حتى مساء اليوم، بقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في المقاعد الخلفية تاركاً المجال لرئيس حكومته إدوار فيليب ليقود عملية إصلاح أنظمة التعاقد المتعددة والوصول إلى نظام واحد شامل. والحال؛ أنه بعد 26 يوماً من الإضرابات والمظاهرات، ما زال الوضع في طريق مسدودة: فلا الحكومة مستعدة للتراجع وسحب مشروعها أو على الأقل تعديله بشكل يرضي النقابات الرئيسية، ولا النقابات راغبة في وقف حركتها الاحتجاجية. ورغم سعي الحكومة لاستغلال فترة الأعياد لتأليب الرأي العام ضد النقابات المضربة، وعلى رأسها ثلاث: «الكونفدرالية العامة للشغل» القريبة من الحزب الشيوعي، و«الكونفدرالية العامة للعمال» القريبة من الحزب الاشتراكي وتقدم نفسها على أنها نقابة «إصلاحية»، و«القوة العمالية» وهي تقف في منزلة بين المنزلتين، إلا إن الحركة الاحتجاجية ما زالت تحظى بعطف وتأييد الرأي العام الفرنسي رغم «الإزعاج» الذي تتسبب فيه الإضرابات في قطاع النقل العام (قطارات سريعة، وقطارات داخلية، وقطارات الضواحي، ومترو، وحافلات).
وجاءت الإضرابات في عز أعياد نهاية العام لتطرح صعوبات بوجه الفرنسيين الذين يستغلون هذه المناسبة لجمع شمل العائلات. وتتهم النقابات السلطات بأنها تلعب على عامل الوقت و«اهتراء» الحركة المطلبية وتراجع نسب المضربين والمتظاهرين. والحال، أن جميع النقابات ضربت موعداً جديداً للتعبئة والنزول مجدداً بكثافة إلى الشوارع يوم 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، فيما ينتظر أن يعاود التواصل بين الحكومة والنقابات قبل ذلك بيومين.
في إطار هذه المعمعة، كان الرئيس ماكرون الغائب الأكبر. والمرة الوحيدة التي تناول فيها موضوع الإضراب كان قبل أعياد الميلاد عندما كان في جولة أفريقية، حيث اكتفى بالدعوة إلى «هدنة» واحترام رغبة المواطنين في التلاقي وتسهيل حركة النقل. لكن أحداً لم يصغ لمطلبه، بل إن إضراب عام 2019 تجاوز زمنياً ما عرفته فرنسا في عام 1997 عندما ألزم الإضراب الحكومة اليمينة وقتها، والتي كانت برئاسة ألان جوبيه، بسحب مشروعها لتعديل قوانين التقاعد والدعوة إلى انتخابات مبكرة خسرها اليمين وأفضت إلى وصول الاشتراكيين إلى السطلة لمدة 5 سنوات.
مساء هذا اليوم، سوف ينتهي الصمت الرئاسي وذلك بمناسبة كلمة نهاية العام التي يتوجه بها الرئيس الفرنسي تقليدياً إلى مواطنيه. ويترقب الفرنسيون ما سيصدر عن ماكرون لمعرفة مصير الإضراب من جهة، ومصير خطط الحكومة الإصلاحية. والحقيقة أن نهاية عام 2019 ليست أفضل حالاً بالنسبة لماكرون مما كانت عليه نهاية عام 2018، الذي شهد احتجاجات حركة «السترات الصفراء» بما رافقها من عنف نقلته شاشات العالم أجمع.
وحتى اليوم، لم تنطفئ هذه الحركة تماماً رغم أن بعض جمرها ما زال تحت الرماد. ولم يستطع ماكرون الخروج من أزمة «السترات الصفراء» إلا بعد أن استجاب لكثير من المطالب التي رفعتها، وبعد أن أطلق «حواراً وطنياً» استمر 3 أشهر، واستغله لشرح سياساته الاقتصادية والاجتماعية ومحاولة إيجاد إجماع وطني حول ما يتوجب القيام به من إصلاحات. وبعكس ما هو حاصل اليوم، فقد كان ماكرون العام الماضي «الربّان» الذي يدير الدفة، بينما الربّان اليوم هو إدوار فيليب.
إذا صدقت التسريبات التي نقلتها وكالة الصحافة الفرنسية عن مصادر الإليزيه، فإن ماكرون سيبقى في العموميات وسيشرح مجدداً رغبته في «إصلاح» فرنسا ومؤسساتها، وهو الوعد الذي جاء به إلى رئاسة الجمهورية. وبعد انقضاء نصف الولاية الرئاسية، فإن ماكرون يبحث عن دفعة جديدة لما تبقى من ولايته، علما بأن ثمّة يقيناً لدى الفرنسيين بأنه سيترشح لولاية ثانية. والحال أن تراجعه في ملف التقاعد سيعني خسارته المصداقية لدى كثير من الشرائح، خصوصاً لدى قطاع رجال الأعمال واليمين بشكل عام الذي يدفعه إلى الاستمرار باعتبار أن النقابات الموجودة في الشارع يسارية الهوى في غالبيتها وقد استفادت من المشاريع الحكومية للعودة بقوة إلى الساحة، بعد أن همشتها العام الماضي حركة «السترات الصفراء».
في المقابل، لا يستطيع ماكرون أن يتناسى أن هناك انتخابات محلية في شهر مارس (آذار) المقبل، وأنه يتعين على حزبه حديث العهد أن يفرض نفسه على الخريطة المحلية، وهذا ما لم يستطع تحقيقه حتى اليوم. وثمة من يدفع داخل الأكثرية الرئاسية وحلفاء ماكرون باتجاه إيجاد سبيل للخروج من الطريق المسدودة، وحرمان النقابات من وحدة المطالب. ويعني ذلك، عملياً، أن يتراجع رئيس الحكومة عن قراره رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاماً، وهو المطلب الذي ترفعه «كونفدرالية العمال» التي تربط استعدادها للتعاون مع الحكومة بتراجعها عن هذا التدبير.
بموازاة ذلك، تستعد فرنسا للدخول في العام الجديد. وككل عام، عمدت وزارة الداخلية إلى تعبئة القوى الأمنية بحيث ستنشر ما لا يقل عن مائة ألف رجل بهذه المناسبة، وستحظى جادة الشانزليزيه باهتمام خاص؛ إذ ينتظر أن يتدفق إليها ما قد يصل إلى 300 ألف شخص عندما يودَّع عام 2019 وتفتح الأذرع للعام الجديد.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.