جنرال الحديدة ينقّب عن مفهوم عسكري مشترك لإعادة انتشار «مرضية للطرفين»

قال لـ «الشرق الأوسط» إن مشكلة الأمن المحلي سياسية... وحلّها سياسي

الجنرال غوها خلال مراقبته إنشاء نقاط التفتيش المشتركة بنقاط التماس في الحديدة خلال شهر أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
الجنرال غوها خلال مراقبته إنشاء نقاط التفتيش المشتركة بنقاط التماس في الحديدة خلال شهر أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

جنرال الحديدة ينقّب عن مفهوم عسكري مشترك لإعادة انتشار «مرضية للطرفين»

الجنرال غوها خلال مراقبته إنشاء نقاط التفتيش المشتركة بنقاط التماس في الحديدة خلال شهر أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
الجنرال غوها خلال مراقبته إنشاء نقاط التفتيش المشتركة بنقاط التماس في الحديدة خلال شهر أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)

بحلول الساعة الخامسة صباحا، وفي سفينة ترسو في ميناء الحديدة وتبحر قبالته أحيانا، يستيقظ الجنرال الهندي أبهيجيت غوها رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها)، رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار، ليبدأ يومه بالتمارين الصباحية، فهو رغم تقاعده من الخدمة العسكرية ما زال يرى أنه «رجل عسكري».
يستمر يوم «جنرال الحديدة» حتى التاسعة مساءً وقد يطول أحيانا إذا لزم الأمر. وجلّ أعماله وأعمال فريقه يجري تنفيذها داخل مقر إقامتهم، السفينة الأممية «أنتارتك دريم».
ومن الصعب المحاولة عند الحديث مع مسؤولي الأمم المتحدة أن تخرج بعناوين براقة، لكن شروحات الجنرال الذي يقرأ هذه الأيام كتاب «صعود وسقوط القوى العظمى» للبريطاني بول كيندي، كانت أقرب تفصيلاً ووضوحاً بالنسبة إلى معدل صراحة المسؤولين الأمميين. فهو يقول عن الانسحابات، أو كما يطلق عليها رسميا (إعادة الانتشار): «لن تكون عملية إعادة الانتشار الفعلية ممكنة إلا بعد مناقشة مسألة قوة الأمن المحلية وحلها سياسيا».
وفي أول حوار يجريه غوها منذ تعيينه في أكتوبر (تشرين الأول) ، وهو أيضا أول حوار يجريه أي جنرال للحديدة منذ عهدي باتريك كومارت أو مايكل لوليسغارد، تحدث غوها عن جملة قضايا تفصيلية عن الاتفاق الذي يتململ كثير من المراقبين حيال تأخر تنفيذه.
ويعتبر الجنرال اليمن «عند مفترق الطرق، سواء بين الحضارات التي كانت في الشرق الأقصى أو وديان بلاد ما بين النهرين ومصر، أو في منتصف طريق تجارة التوابل في أوقات لاحقة. علاوة على ذلك، كان دائما محور اهتمام»، ويقول: «لذلك فإن اليمن بالنسبة لنا هو مختبر للعالم، من نواح كثيرة».
ووجه رئيس «أونمها» لليمنيين رسالة قال فيها: «أنتم من جلبتمونا إلى هذا العالم، فالبشرية انتشرت من خلالكم. ونحن مدينون لكم بذلك، ونتطلع إلى رد الجميل بأن نهديكم السلام». كان ذلك في نهاية الحوار الذي جرى عبر الهاتف مع «الجنرال»، وللمزيد عن تفاصيل تلك المكالمة التي استغرقت نحو 30 دقيقة... فلنبدأ من جديد:

> دعنا نبدأ بنتيجة الاجتماع السابع «للجنة إعادة الانتشار المشتركة»، حيث كان هذا أول اجتماع مشترك ترأسه. ما رأيك في هذا الاجتماع وفي نتائجه؟
- رغم أن هذا هو أول اجتماع لي على هذا النحو، فإنه غير صحيح فإنني غير ملم بما جرى خلال الاجتماعات السابقة، وذلك لأن كل شيء قد تم توثيقه بالفعل. لذلك كانت لدي فكرة جيدة عن سير الاجتماعات حتى وإن لم أحضر بنفسي. كان الهدف من هذا الاجتماع هو تسهيل الخطوات التشغيلية لإعادة نشر القوات، بما في ذلك جميع الاستعدادات المطلوبة قبل إعادة الانتشار، وخلال مرحلة التنفيذ وبعد اكتمالها. ووصولا إلى هذه النقطة، فإن ما شجعني فعلاً هو الردود الأولية التي تلقيتها من كلا الطرفين. أقترح الآن الانتقال بين مدينتي المخا وصنعاء في الأسابيع القليلة المقبلة لوضع اللمسات الأخيرة على كافة الترتيبات بحيث يمكن بناء مفهوم عسكري مشترك لعملية إعادة الانتشار. بالطبع لن تكون عملية إعادة الانتشار الفعلية ممكنة إلا بعد مناقشة مسألة قوة الأمن المحلية وحلها سياسيا.
لكن بالإضافة إلى ذلك، كان هناك جانب مهم آخر كنا نحاول متابعته، وهو ضمان تسهيل الجوانب العسكرية لوصول المساعدات الإنسانية عبر الخطوط الأمامية التي تشمل أفضل الطرق بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني، وكذلك سلامة وأمن قوافلهم وموظفيهم، وكيفية قيامنا بتسهيل ذلك. لقد وجدنا بشكل عام أن الناس حريصون على تسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وأنا على يقين من أن هذا الإجراء سيكون ممكنا بطريقة أكثر تنظيماً.
القضية الثالثة هي تحسين حركة المدنيين عبر الخطوط الأمامية. فقد أبدى الجانبان حرصاً عليها وأنا على ثقة من أننا سنكون قادرين على تنفيذ ذلك أيضاً وفي الوقت المناسب.
> ذكر البيان الصحافي الذي أصدرته بعد الاجتماع الأخير عبارة «إضفاء الطابع الرسمي على عمليات إعادة الانتشار». هل يعني هذا أن إعادة الانتشار الأولى التي نفذها الحوثيون في مايو (أيار) ما زالت ذات مصداقية؟ أم أنك بحاجة إلى إعادة العملية برمتها، بدءاً من العملية السياسية بدلاً من تنفيذها على أرض الواقع؟
- أعتقد أن ما تقوله -إذا فهمته بشكل صحيح- هو أنه كان هناك اتفاق. فقد تطلب الاتفاق خروج الناس من أماكن معينة في وقت معين، وقد تحدد هذا في الاتفاق.
الآن، ما أقوله هو أن الانسحاب الأحادي كان خطوة نحو الهدف العام. ولكن، بالنسبة لإعادة الانتشار على النحو المتفق عليه في اتفاق الحديدة، فإنه يتطلب مفهوماً شاملاً للعمليات لضمان التنفيذ الكامل، وهذا ما نريده، أليس كذلك؟ ولتحقيق التنفيذ الكامل، فإننا نطالب كلا الطرفين بأن يكونا مستعدين للقيام بذلك وأن يكون هناك مفهوم عسكري للعملية يتفق عليه الطرفان ليكونا قادرين على تحقيقه. وبالطبع، لتأكيد نجاح ذلك يجب أن يكون هناك اتفاق سياسي بين الطرفين. هذا هو ما نتحرك الآن تجاهه. وتعتبر «بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة» و«لجنة إعادة الانتشار» كيانين مكلفين بالإشراف على هذه العملية.
> هل ستناقش هذا مع الجانبين في الأشهر القليلة القادمة؟
- ليست الأشهر القليلة القادمة، في الواقع هي الأيام القليلة القادمة. ستجري مناقشة المفهوم العسكري للعمليات بالتفصيل من جانبي بعد العروض الأولية التي جرت خلال الاجتماع المشترك السابع للجنة إعادة الانتشار في كل من المخا وصنعاء حتى نصل إلى نتيجة وأستطيع أن أسجل المفهوم الفعلي للعمليات.
> وماذا عن قضية قوات الأمن المحلية؟ كيف يمكن حلها لأن كلا الطرفين يفسر الاتفاق حسب فهمه الخاص لهذه القضية؟
- بالنسبة لي، فإن مسألة قوة الأمن المحلية هي مسألة ذات طبيعة سياسية ويجب حلها بواسطة القيادة السياسية لكلا الطرفين. وأشعر أنهم سيحلون هذه المشكلة عندما تحين اللحظة المناسبة. لكن حتى ذلك الحين، يتعين علينا الاستعداد لها من خلال رسم مفهوم للعمليات التي يتعين اتباعها عندما يحين الوقت المناسب.
> هناك الكثير من الانتقادات الموجهة إلى الأمم المتحدة لعدم إعلانها الطرف الذي يعيق عمليات إعادة الانتشار في الحديدة. ما رأيك بهذا؟
- أود أن أقول إنه يجب أن تفهم دور الأمم المتحدة. فدور الأمم المتحدة هو العمل مع الطرفين من أجل التنفيذ الكامل. هذا هو ما نعتزم القيام به، وأرى أيضاً أنه رغم الصعوبات، فقد أبدى كلا الطرفين حرصاً والتزاماً تجاه هذه العملية، وواجبنا هو الحفاظ على المسار والمساعدة في سد الفجوة حيثما كان ذلك ضرورياً وتنفيذ إعادة الانتشار بطريقة مرضية للغاية لكلا الطرفين والأهم من ذلك، للشعب اليمني.
> لكن الطرفين يتبادلان الاتهامات بانتهاك وقف إطلاق النار، وهو ما يؤخر التنفيذ الكامل لاتفاقية الحديدة. ما هو دور «بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة» و«لجنة إعادة الانتشار» في هذا الصدد؟
- شكرا على سؤالك. الآن أود أن أؤكد على أن كلا الطرفين قد التزم بوقف إطلاق النار. ومع ذلك، لا يمكن إنكار حالة انعدام الثقة نتيجة للصراع الطويل، وأود أن أوجه عنايتكم إلى أنه منذ توقيع الاتفاقية لم يحدث أي اعتداء. وأعتقد أن كلا الطرفين صادق في رغبتهما في إنهاء الحرب، وهو ما يعطيني الكثير من الأمل. خلال الأشهر الثلاثة الماضية، شاهدت ضباط الاتصال من كلا الجانبين يعملون في مركز العمليات المشتركة لتعزيز وقف إطلاق النار ووضع حد للتصعيد. وأود أن أقول إنه نتيجة لذلك وبالإضافة إلى إنشاء خمسة مراكز مراقبة مشتركة حول مدينة الحديدة قبل ثلاثة أشهر فقد حققنا إنجازا، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل ذلك. ولذلك فالأمل كبير.
> ماذا عن حرية الحركة بالنسبة لـ«بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة»؟
- أود أن أقول إننا نعمل في بيئة عمل صعبة للغاية، وهذا جزء من الصراع النشط الذي يجري. فنحن نشعر أن هناك مجالا للتحسن ولذلك نتمنى أن تشعر الأطراف بأهمية مواصلة تسهيل مهمتنا وعملياتنا.
> ماذا عن العدد الحالي للعاملين في «بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة» والمراقبين الموجودين حالياً في الحديدة؟ كم منهم حاليا على الأرض؟ لأننا كنا نعرف أنه يجب أن يكون نحو 75 (مراقبا جيش- شرطة)؟
- أعتقد أنك تعلم الأرقام الحقيقية. حسنا، إن العنصر الأساسي لموظفينا هو في الواقع المراقبون العسكريون والشرطة ويبلغ عددهم 75 فردا.
> ولكن هل لديك 75 فردا على الأرض؟
- لا، سيكون من الخطأ بالنسبة لنا إيجاد 75 فردا في هذا الوقت، إذ أن هذا هو العدد هو المطلوب لعملية إعادة الانتشار. لم نصل بعد إلى ذلك، لكننا سنرفع العدد مع الاقتراب من تنفيذ العملية. لكن هل هناك تحديات فيما يخص الخدمات اللوجيستية؟ الوضع الحالي هو أن الحكومة اليمنية تقوم بتسهيل التأشيرات واللوجيستيات الأخرى لموظفي بعثة الأمم المتحدة ولكن قيل لنا إن القضية مختلفة عن سلطات الأمر الواقع في صنعاء (الحوثيين).
> هل واجهت أي تحديات مع الخدمات اللوجيستية بالنسبة لموظفيك للوصول إلى صنعاء؟
- العملية طويلة، لكنني لم أواجه أي مشاكل في الحفاظ على الأعداد التي أطلبها. حاليا لدينا نحو 75 في الإجمالي، سواء كانوا الموظفين المدنيين الدوليين أو المراقبين. لكننا نتزايد كل شهر، ونهدف إلى التحرك نحو رقم يزيد قليلاً عن 130 بحلول موعد إعادة الانتشار.
> كيف يمكنك إدارة العمليات اليومية على متن سفينة ترفع علم الأمم المتحدة؟ هل هي راسية أم أنها تبحر من وقت لآخر؟
- لدينا السفينة التي تحمل علم الأمم المتحدة حيث تبقى للعمل. ترسو السفينة على رصيف في ميناء الحديدة، ونقوم بالإبحار من وقت لآخر عندما يكون لدينا اجتماعات مشتركة مع «لجنة إعادة الانتشار» حيث إننا نعقد الاجتماعات في المياه الدولية.
> كيف يبدو روتينك اليومي في الحديدة؟
- حسناً، أنا رجل عسكري، لذلك لم أتغير كثيراً على مر السنين رغم أنني الآن رجل عسكري متقاعد. لكنني أستيقظ مبكرا كل يوم؛ في نحو الساعة 5:00 صباحاً. أؤدي تمارين رياضية ثم أتناول وجبة الإفطار في وقت مبكر، وأذهب إلى العمل طوال اليوم وأستعد للنوم نحو الساعة 9:00 مساءً. لكنني أستمر في تلقي المكالمات وتسلمها لدواعي العمل. وإذا كان هناك شيء ما يحتاجني فإنني أظل متيقظا إلى أن ينتهي العمل. هذا هو الأساس الذي يعمل الجميع به على متن سفينتنا.
> هل تعمل عن كثب مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة مارتن غريفيث؟
- نعم. نحن على اتصال وثيق للغاية مع بعضنا البعض لأن لكل ما نقوم به له غرض مشترك، لذلك نحن على اتصال دائم.
> ما نوع الكتب التي تقرأها هذه الأيام؟
- أقرأ حالياً «صعود وسقوط القوى العظمى» لبول كيندي.
> هل أحضرت كتباً أخرى معك؟
- في هذه الأيام لا تحتاج إلى حمل (نسخ ورقية) معك، يمكنك الحصول على ما تريد إلكترونياً، وهذا ما أقوم به.
> من هي الشخصية اليمنية التاريخية المفضلة لديك؟
- في الواقع، أنا من محبي التاريخ. بالنسبة لي اليمن مثير جدا للاهتمام. اليمن كان على مفترق طرق الحضارات، وكان لصيقا بحضارات أخرى وكذلك بالحضارة الإنسانية بصفة عامة. فعبر القرن الأفريقي انتقل البشر إلى اليمن، ومنه إلى الشرق والغرب لينشتروا في بقية أنحاء العالم.
إذن اليمن هو خط الحضارات كما نفهمها اليوم. كان اليمن عند مفترق الطرق، سواء بين الحضارات التي كانت في الشرق الأقصى أو وديان بلاد ما بين النهرين ومصر، أو في منتصف طريق تجارة التوابل في أوقات لاحقة. علاوة على ذلك، كان دائما محور اهتمام. لذلك فإن اليمن بالنسبة لي هو مختبر للعالم من نواح كثيرة.
أيضاً أحب أن أرى ما يُعتقد أنه أول نظام ري في العالم، ويعتقد أنه سد تم بناؤه منذ مئات القرون، أود أن أرى ذلك السد في مملكة سبأ.
> أخيراً، ما هي رسالتك للشعب اليمني؟
- رسالتي إليهم هي: أنتم من جلبتمونا إلى هذا العالم، فالبشرية انتشرت من خلالكم. ونحن مدينون لكم بذلك، ونتطلع إلى رد الجميل بأن نهديكم السلام.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».