الرئيس الجزائري يعيّن الأستاذ الجامعي عبد العزيز جراد رئيساً للوزراء

بن فليس يستقيل من رئاسة «طلائع الحريات» بعد خسارته في «الرئاسيات»

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مستقبلاً عبد العزيز جراد إثر تعيينه رئيساً للوزراء أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مستقبلاً عبد العزيز جراد إثر تعيينه رئيساً للوزراء أمس (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الجزائري يعيّن الأستاذ الجامعي عبد العزيز جراد رئيساً للوزراء

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مستقبلاً عبد العزيز جراد إثر تعيينه رئيساً للوزراء أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مستقبلاً عبد العزيز جراد إثر تعيينه رئيساً للوزراء أمس (أ.ف.ب)

عيّن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أمس، عبد العزيز جراد رئيساً للوزراء، وفق ما جاء في بيان رئاسي نقله التلفزيون الرسمي.
وذكر البيان أن جراد الأستاذ الجامعي الحائز شهادة دكتوراه في العلوم السياسية «كُلف بتشكيل حكومة جديدة»، خلفاً لصبري بوقدوم، وزير الخارجية، الذي عُيّن رئيساً للوزراء بالنيابة بعد استقالة نور الدين بدوي في 19 من ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في يوم تسلم تبون مسؤولياته على رأس البلاد.
وبثّ التلفزيون الرسمي مشاهد ظهر فيها جراد، البالغ من العمر 65 عاماً، وهو يلتقي الرئيس تبون.
وقال جراد، في تصريحات أوردتها شبكات تلفزيونية خاصة: «يجب أن نعمل معاً مع كل الكفاءات وإطارات الوطن والمواطنات والمواطنين لنخرج من هذه المرحلة الصعبة»، مضيفاً: «نحن أمام تحديات اقتصادية واجتماعية».
ويأتي تعيين جراد بعد أسبوعين من انتخاب عبد المجيد تبون رئيساً للبلاد، إثر انتخابات قاطعها الجزائريون بنسبة عالية (60 في المائة)، وندد بها الحراك الاحتجاجي الشعبي الذي يهزّ البلاد منذ 22 فبراير (شباط) الماضي. وقد أرغمت المظاهرات الحاشدة بوتفليقة، الذي حكم البلاد عشرين عاماً، على الاستقالة في أبريل (نيسان) الماضي، إلا أن الحراك ما يزال يواصل تعبئته على مدى أشهر، مطالباً برحيل كل مكوّنات «النظام» الذي يحكم الجزائر. وقد شارك عشرات آلاف الجزائريين، أول من أمس، مجدداً في مظاهرة أسبوعية في شوارع العاصمة، إلا أن الأعداد كانت أقلّ من الأسابيع الماضية.
وأكد رئيس الوزراء الجزائري الجديد، عبد العزيز جراد، لوكالة الأنباء الجزائرية، بعد خروجه من الرئاسة، حيث تسلم مهامه من الرئيس الجديد عبد العزيز تبون، أن «الرئيس كلفني بتشكيل حكومة، وأشكره جزيل الشكر على هذه الثقة»، موضحاً «أننا اليوم أمام تحد كبير من أجل استرجاع الثقة في مجتمعنا»، وداعياً إلى «ضرورة العمل معاً مع كل كفاءات الوطن، وأطر البلاد والمواطنين والمواطنات، من أجل رفع التحديات الاقتصادية والاجتماعية، والخروج من هذه المرحلة الصعبة».
وأضاف جراد أنه «متيقن بأن ما يحتويه برنامج رئيس الجمهورية يمكننا من العمل في إطار المصلحة الوطنية العليا».
وسيترتب على جراد خصوصاً أن يشكل، خلال مهلة غير محددة، حكومة من شأنها أن تضع أساليب حكم جديدة، تهدف إلى إرساء أسس الجمهورية الجديدة التي وعد بها تبون.
ومن المتوقع اختيار وزراء الحكومة الجديدة خلال الأيام المقبلة.
ومن جهة ثانية، أعلن علي بن فليس استقالته من رئاسة حزب «طلائع الحريات»، وذلك على خلفية خسارته في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 12 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وأسفرت عن فوز عبد المجيد تبون رئيساً جديداً للبلاد من الدور الأول.
وقال بن فليس، خلال دورة اللجنة المركزية لحزب طلائع الحريات التي عقدت أمس (السبت) بالعاصمة الجزائرية: «أعيد الأمانة والوديعة للجنة المركزية، وأضع بين أيديها رئاسة حزب طلائع الحريات، بصفتها الهيئة السيادية».
وأضاف بن فليس: «لكل مسعى بشري نهاية... منذ أكثر من أربع سنوات ونصف، منحتموني ثقتكم وحملتموني هذه المهمة، حيث قمت بإنشاء حزب طلائع الحريات تتويجاً لمسار سياسي طويل، عمره 15 سنة»، مبرزاً أن الجزائر «تعيش الصعاب، ودورنا اليوم كجزائريين هو الدفاع عن الدولة الوطنية. واليوم، أنتم أمام واقع جديد، يتطلب منكم الوقوف مع الدولة الوطنية. وبالنسبة لي، فقد تحررت من القيد الحزبي، حتى يكون لي مجال أوسع لخدمة الوطن».
وصادق أعضاء اللجنة المركزية لطلائع الحريات على تكليف عبد القادر سعدي أميناً عاماً بالنيابة للمكتب السياسي، كما تولى رئاسة الحزب بالنيابة إلى غاية انعقاد المؤتمر في غضون 3 أشهر.
وكان بن فليس (75 عاماً)، الذي فشل في الانتخابات الرئاسية عامي 2004 و2014، قد لمح إلى اعتزاله الحياة السياسية، مباشرة بعد إعلان نتائج الاقتراع الرئاسي الذي قاد عبد المجيد تبون إلى سدة الحكم في الجزائر.
وحصل بن فليس على نسبة 10.55 في المائة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية، وحل ثالثاً خلف عبد القادر بن قرينة (17.37 في المائة)، وعبد المجيد تبون الذي فاز بنسبة 58.13 في المائة. وكان ترشحه للانتخابات الرئاسية الثالث ضمن مسيرته السياسية.
وبدأ بن فليس حياته المهنية كقاضٍ، ثم عاد إلى مهنة المحاماة، وبقي فيها إلى أن شغل منصب وزير العدل بين 1988 و1991، وانضم إلى المكتب السياسي لجبهة التحرير الوطني عام 1989. وفي عام 1999، أدار الحملة الانتخابية للمرشح للانتخابات الرئاسية عبد العزيز بوتفليقة، ثم أصبح مديراً للديوان الرئاسي، قبل أن يتم اختياره عام 2000 ليشغل منصب رئيس الوزراء.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.