ترقب ليبي لـ«قرب انضمام» مقاتلين موالين لتركيا إلى قوات «الوفاق»

عقب حديث عن افتتاح مراكز في سوريا لتسجيل الراغبين بالقتال في طرابلس

مقاتلون موالون لحكومة {الوفاق} خلال مواجهات مع قوات {الجيش الوطني} جنوب طرابلس في مايو الماضي (غيتي)
مقاتلون موالون لحكومة {الوفاق} خلال مواجهات مع قوات {الجيش الوطني} جنوب طرابلس في مايو الماضي (غيتي)
TT

ترقب ليبي لـ«قرب انضمام» مقاتلين موالين لتركيا إلى قوات «الوفاق»

مقاتلون موالون لحكومة {الوفاق} خلال مواجهات مع قوات {الجيش الوطني} جنوب طرابلس في مايو الماضي (غيتي)
مقاتلون موالون لحكومة {الوفاق} خلال مواجهات مع قوات {الجيش الوطني} جنوب طرابلس في مايو الماضي (غيتي)

تسود ليبيا حالة من الترقب عقب تقارير غير رسمية تتحدث عن قرب وصول مقاتلين موالين لتركيا يتم نقلهم من سوريا إلى طرابلس الغرب، وسط تأهب أمني في العاصمة الليبية.
وفسّر مقربون من «الجيش الوطني» ما وصفوه بـ«نوبة الثقة» التي ظهرت لدى السلطات في طرابلس، بأنها مرتبطة بـ«الدعم التركي» الذي يصل إلى الميليشيات المسلحة الناشطة في العاصمة الليبية، وهو ما عكسته تصريحات فتحي باشاغا، وزير الداخلية بحكومة «الوفاق»، بأن «محاور القتال ستشهد في الأيام المقبلة تغييرات كبيرة».
وتوقع مصدر ليبي موال لسلطات طرابلس أن يتم الدفع قريباً بمقاتلين تابعين لتركيا إلى محاور القتال لمواجهة ما سمّاه بـ«عدوان حفتر»، في إشارة إلى القائد العام لـ«الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر. وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن المشير حفتر «يستعين بمقاتلين أجانب، ويستقبل عتاداً عسكرياً من دول عدة منذ بداية الحرب»، مضيفاً أن قوات حكومة «الوفاق» تسعى أيضاً إلى الحصول على كل ما يساعدها «في الدفاع عن أنفسنا وعاصمتنا».
وجاءت تصريحات المصدر الليبي الذي تحفّظ عن ذكر اسمه، عقب إفادة سابقة لـ«المرصد السوري لحقوق الإنسان» المعارض بأن فصائل مسلحة موالية لتركيا افتتحت أربعة مراكز في عفرين، شمال حلب، لتسجيل أسماء الأشخاص الراغبين بالذهاب للقتال في ليبيا.
وقال محمد إبراهيم تامر، عضو مجلس النواب الليبي، في حديث إلى «الشرق الأوسط» إن «تركيا ترسل مقاتلين من سوريا إلى بلادنا منذ بداية عملية تحرير طرابلس في بداية أبريل (نيسان) الماضي، وبالتالي ليس غريباً أن ترسل المزيد منهم الآن، خاصة أن جيشنا يحارب هذه النوعية من المقاتلين في طرابلس، وقد قتل العديد منهم».
وسبق لـ«المرصد السوري» أن أشار إلى علمه بـ«افتتاح أربعة مراكز في منطقة عفرين شمال حلب لاستقطاب المقاتلين ضمن مقرات تتبع للفصائل الموالية لتركيا»، موضحاً أنه «تم فتح مكتب تحت إشراف (فرقة الحمزات) في مبنى الأسايش سابقاً، وفي مبنى الإدارة المحلية سابقاً تحت إشراف (الجبهة الشامية)، كما افتتح (لواء المعتصم) مكتباً في قرية قيباريه، وفي حي المحمودية مكتب (تجنيد) آخر تحت إشراف (لواء الشامل)». ولفت إلى «رصد توجه عشرات الأشخاص إلى تلك المراكز، للالتحاق بالمعارك في ليبيا، للعمل تحت الحماية التركية هناك». وأكدت مصادر أن «الفصائل الموالية لتركيا تشجع الشباب على الالتحاق بالحرب الليبية وتقدم مغريات ورواتب مجزية تتراوح بين 1800 إلى 2000 دولار أميركي لكل مسلح شهرياً، علاوة على تقديم خدمات إضافية تتكفل بها الدولة المضيفة».
ورفض مسؤول حكومي من حكومة «الوفاق» التعليق على هذه التقارير، لكن خالد الغويل مستشار الشؤون الخارجية لرئيس المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، قال إن «تركيا تحتضن قيادات الجماعات المتطرفة، وبالتالي يمكنها تفعل أي شيء لتحقيق أهدافها».
ورأى الغويل في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن التقارير عن إرسال تركيا مجندين من سوريا إلى ليبيا «قد تكون صحيحة، وقد تكون من قبيل التمني لمن يريد تحقيقها، وبالتالي وجب علينا الانتباه لأي تحركات من هؤلاء قد تربك المنطقة».
وكانت حكومة فايز السراج قد طالبت رسمياً بتدخل عسكري تركي، براً وبحراً وجواً، علماً أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قال إن من المتوقع أن تمرر بلاده تفويضاً لإرسال جنود إلى ليبيا في البرلمان خلال يومي 8 و9 يناير (كانون الثاني) المقبل.
وقال سعيد امغيب، عضو مجلس النواب الليبي، أمس، «إن (الجيش الوطني) لم يستخدم القوة المفرطة للدخول إلى وسط طرابلس، أما السراج وباشا أغا فيسعيان الآن إلى الاستعانة بالأتراك الذين سيرسلون الإرهابيين من تنظيم (داعش)»، مبدياً تخوفاً من «أن يحدث في طرابلس ما حدث في حلب السورية».
وفي الإطار ذاته، نقلت وكالة الأنباء الألمانية عمن سمتهم بـ«مسؤولين كبار في تركيا وليبيا»، أن مجموعات من التركمان الذين تدعمهم تركيا في سوريا ستنضم قريباً إلى قوات حكومة «الوفاق» ضد حفتر. وقال مسؤول في حكومة طرابلس إنها «عارضت في البداية فكرة مثل هذا الانتشار لكنها قبلته في النهاية مع تقدم قوات حفتر في طرابلس». فيما رأى مسؤول آخر في الحكومة أن الدعم مما يطلق عليه «لواء السلطان مراد»، وهو فصيل سوري معارض مدعوم من أنقرة، لن ينظر إليه على أنه نشر رسمي لـ«قوات تركية» في ليبيا.
وكثّفت وزارة الداخلية بحكومة «الوفاق» من الوجود الأمني في وسط العاصمة الليبية، ونشرت دوريات وتمركزات للشرطة في شكل وصف بأنه غير مسبوق، ما يوحي بأن حكومة طرابلس تخشى انفلاتاً أمنياً نتيجة تقدم قوات المشير حفتر على أطراف العاصمة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.