الجيش الليبي يواصل تقدمه نحو طرابلس... والميليشيات تتراجع

قتلى وجرحى جراء قصف جوي على مدينة الزاوية

TT

الجيش الليبي يواصل تقدمه نحو طرابلس... والميليشيات تتراجع

قالت مصادر عسكرية بالجيش الوطني الليبي، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، لـ«الشرق الأوسط» إن قواته على وشك الدخول إلى أحد أكبر الأحياء السكنية في المدينة، بعد معارك عنيفة ضد الميلشيات المسلحة الموالية لحكومة السراج.
من جانبه، ترأس السراج اجتماعا لحكومته في طرابلس، تم خلاله استعراض الوضع العسكري والأمني، وتجاوب الأطراف الدولية لمخاطبات السراج بشأن طلبه الحصول على دعم عسكري للميلشيات المسلحة الموالية له.
وقدم السراج، بحسب بيان أصدره مكتبه، ملخصا يتضمن آخر التطورات والمستجدات على مختلف الأصعدة محليا ودوليا، قبل أن يناقش الاجتماع جدول الأعمال والموضوعات المحالة من قبل الوزارات.
في المقابل، اجتمع المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، مساء أول من أمس بضباط غرف العمليات لكافة المحاور لمتابعة سير العمليات العسكرية في طرابلس وتوجيه تعليماته. وقال مكتب حفتر في بيان إنه أوصى بضرورة استمرارية الانضباط العسكري داخل المحاور، وحماية المدنيين والحفاظ على سلامتهم.
وشنت قوات الجيش الوطني، بحسب إعلان ‎المركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة‎ التابع له، ضربات جوية في مدينتي مصراتة وسرت، كما قصفت تمركزات للميلشيات المسلحة في جنوب طرابلس.
وأورد المركز في بيان مقتضب أمس معلومات عن اندلاع اشتباكات بالأسلحة الخفيفة في منطقة البدري بالهضبة الملاصقة لمنطقة صلاح الدين، حيث توجد قوات الجيش، لافتا إلى «تقهقر الميليشيات وانهيار ما تبقى من دفاعات لها».
وكان المركز قد أعلن في وقت سابق من مساء أول من أمس السيطرة على حي الزهور، وسط ما وصفه بمزيد من تقهقر الميليشيات، لافتا إلى تدمير مدرعة تركية في محور عين زارة، وهو ما أدى إلى مقتل من كان فيها من الميليشيات، ومن بينهم قائدها.
كما تحدث عن استمرار الدعم الناري من الطيران العمودي والسلاح الجوي، مع تقدم قوات الجيش في محيط صلاح الدين، مشيرا إلى أن الميليشيات «تستنجد وتطلب الدعم، وتتحدث عن عدم قدرتها على الصمود واحتمالات انهيارها».
وقال مسؤول عسكري لـ«الشرق الأوسط»، مشترطا عدم تعريفه، إن هناك تركيزا من قوات الجيش على تحطيم دفاعات الميلشيات المسلحة، خاصة في محور صلاح الدين، حيث تتمترس الميلشيات بين شوارع وعمارات المنطقة، ما سيفتح الطريق أمام هذه القوات إلى داخل الهضبة الخضراء، التي تعد أكبر أحياء العاصمة، كما أنه يؤدي مباشرة إلى وسط المدينة.
وبثت إدارة التوجيه المعنوي بالجيش بيانا مصورا لسرية طوفان الكرامة من قلب طرابلس، تعلن فيه بدء تنفيذ عمليات استهداف وقنص الميليشيات، حيث تلا متحدث مقنع، وخلفه مجموعة من المسلحين الملثمين، البيان وسط تصفيق وتكبير. بدورها، أكدت شعبة الإعلام الحربي بالجيش الوطني أن قواته تخوض منذ مساء أول من أمس ما وصفته باشتباكات عنيفة في كافة محاور العاصمة، خاصة محور صلاح الدين، الذي بدأ «يتراجع فيه العدو، ويتقهقر أمام كثافة نيران الجيش».
في المقابل، وفيما بدا أنه بمثابة محاولة للتعتيم على تحركات القوات الموالية لها، حثت أمس غرفة العمليات المشتركة لعملية «بركان الغضب»، التي تشنها ميلشيات حكومة السراج، كافة المدونين والنُشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام على «عدم نشر أو تداول أي أخبار، أو صور، أو فيديوهات للمواقع والأفراد والآليات والتحركات العسكرية حتى يتم الإعلان عنها رسمياً»، واعتبرت أن نشرها «قد يكون سبباً في إرباك العمليات العسكرية، ويشكل خطرا على حياة المقاتلين».
بدوره، وجه الصادق الغرياني، المفتي السابق للبلاد، المحسوب على الجماعات المتطرفة وحكومة السراج، الشكر للرئيس التركي لـ«جعله الملف الليبي على رأس أولوياته في لقاءاته السياسية دفاعا عن ليبيا وشعبها»، على حد زعمه.
ودعا الغرياني في تصريحات تلفزيونية له، مساء أول من أمس، السراج مجددا إلى «تشكيل وزارة حرب فعّالة يتولّاها رجال أكفاء، ورئاسة استخبارات قوية، ورئاسة أركان فعالة، في انعقاد مستمر من غرفة القيادة لإدارة المعركة عسكريا وأمنيا وسياسيا».
في غضون ذلك، أكد خالد الهنقاري، عضو المجلس البلدي بمدينة الزاوية، مقتل {مدنيين} اثنين، وإصابة ثمانية آخرين جراء القصف الجوي، الذي استهدف المدينة ظهر أمس، وأسفر أيضاً عن أضرار مادية بإحدى الصيدليات، ومطعم يقعان بالطريق الساحلي في المدينة (40 كلم غرب طرابلس).
كما أكد الهنقاري تعرض مقر ميناء الزاوية النفطي لقصف جوي، دون إعطاء مزيد من التوضيحات حول آثار هذا القصف.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».