مصر تتحفظ بشأن إحراز تقدم في مفاوضات «سد النهضة»... وتعول على الجولة المقبلة

بعد تصريحات إثيوبية ـ سودانية «مبشرة»

TT

مصر تتحفظ بشأن إحراز تقدم في مفاوضات «سد النهضة»... وتعول على الجولة المقبلة

أبدت مصر تحفظها بشأن حديث إثيوبي - سوداني، يشير إلى إحراز تقدم في مفاوضات سد النهضة، التي اختتمت جولتها الثالثة في الخرطوم، يوم (الأحد) الماضي، ضمن اتفاق «واشنطن».
وقال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية المصرية، محمد السباعي، لـ«الشرق الأوسط»: «لا يمكن تأكيد أو نفي أي تصريحات في هذا الشأن... نحن ملتزمون بجدول زمني للتوصل لاتفاق، نأمل أن يتم خلال الاجتماع الرابع في أديس أبابا خلال الفترة (9 - 10) يناير (كانون الثاني) المقبل». وكان سيليشي بيكيلي وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي، قد أعلن أن الجولة الثالثة من المحادثات الثلاثية حول سد النهضة، والتي عقدت الخرطوم، كانت ناجحة بعدما توصلت إلى اتفاقيات حول عدد من القضايا. وعبّر الوزير، خلال مؤتمر صحافي أمس، عن أمله في أن تتوصل الدول الثلاث لاتفاق بشأن القضايا المتعلقة بالجولة القادمة.
وتأتي تصريحات بيكيلي، متوافقة مع حديث وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس، الأحد الماضي، التي أكد فيها أن وجهات النظر بين مصر وإثيوبيا والسودان حول ملء خزان سد النهضة، الذي تقيمه إثيوبيا على النيل الأزرق وتشغيل السد، تقاربت. وأضاف عباس: «تم الاتفاق على أخذ المواقف الجديدة، كل على حدة، لمناقشتها في الاجتماعات في أديس أبابا». وقال إن الدول الثلاث اتفقت أيضاً على تعريفات الجفاف والتشغيل في الجفاف.
وتخشى مصر أن يؤدي ملء خزان السد، الذي يجري بناؤه على رافد النيل الأزرق إلى تقييد إمدادات المياه الشحيحة بالفعل من نهر النيل، والتي تعتمد عليها البلاد بالكامل تقريباً. بينما تقول إثيوبيا إن السد الذي يولد الطاقة الكهرومائية سيكون الأكبر في أفريقيا، وسيلعب دوراً حاسماً في تنميتها الاقتصادية. وجاء اجتماع الخرطوم ضمن 4 اجتماعات تقرر عقدها على مستوى وزراء الموارد المائية والوفود الفنية لدول مصر وإثيوبيا والسودان، بمشاركة ممثلي الولايات المتحدة والبنك الدولي مراقبين، في ضوء مخرجات اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث؛ مصر والسودان وإثيوبيا، في العاصمة الأميركية واشنطن، يوم 6 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، برعاية وزير الخزانة الأميركية، وحضور رئيس البنك الدولي.
وقال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية المصرية؛ نسعى للتوصل إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل السد الإثيوبي، بما يحقق مصالح الجميع، وهو ما لم يتحقق حتى الآن، ونأمل أن يتم في الجولة القادمة. وترعى وزارة الخزانة الأميركية، الاجتماعات بمشاركة البنك الدولي، بعدما فشلت المفاوضات الثلاثية الدائرة منذ سنوات في التوصل إلى نتيجة. وتعد فترة ملء الخزان أكبر النقاط الخلافية بين إثيوبيا ومصر، وخلال المفاوضات السابقة كانت إثيوبيا تصر على أن تتم في 3 سنوات، بينما تريد القاهرة زيادتها إلى 7 سنوات.
واتفق وزراء الخارجية في اجتماع واشنطن على اللجوء إلى البند العاشر من «اتفاق إعلان المبادئ» الموقّع في الخرطوم 2015، الذي نصّ على إحالة الأمر للوساطة أو رؤساء الدول، حال الفشل التوصل إلى اتفاق بشأن القضايا الخلافية بحلول منتصف يناير 2020. ويرى الدكتور محمد نصر علام، وزير الموارد المائية المصري الأسبق، أنه «لن يتم الإعلان عن أي تفاصيل رسمياً قبل اجتماع واشنطن الأخير منتصف يناير المقبل... وذلك لصعوبة المفاوضات وتعدد الملفات».
وأضاف علام لـ«الشرق الأوسط» أن ملفات التفاوض متعددة وصعبة، وتشمل سياسات تخزين سد النهضة والتشغيل تحت الظروف المائية المختلفة للنيل الأزرق بعد انتهاء ملء السد، وإدارة طوارئ السد في ظروف هيدرولوجية غير متوقعة للنيل الأزرق من جفاف شديد ممتد، أو فيضانات مدمرة.
ويعتقد علام أن إثيوبيا تريد التفاوض فقط حول قضية ملء السد لكي تبدأ الملء في يونيو (حزيران) المقبل، ولا تريد التفاوض حول قضية تشغيل السد، بل تأجيله فيما بعد فترة الملء لاستنفاد الوقت، ووضع مصر أمام الأمر الواقع، في حين أن مصر تعطي أهمية كبيرة للاتفاق مع إثيوبيا حول سياسة تشغيل السد التي تمتد بكامل عمره.
وتشرع أديس أبابا في بناء السد منذ عام 2011. ووفقاً لكيفل هورو، مدير عام المشروع، فإن نحو 70 في المائة من الأعمال اكتملت، ومن المقرر أن يكتمل المشروع بالكامل عام 2023. وقال هورو، في تصريحات أوردتها الوكالة الإثيوبية الرسمية، إن الأعمال في الوحدتين 9 و10 اللتين تم التخطيط لهما لتوليد الطاقة قبل الانتهاء الكامل من المشروع، تسير بشكل جيد أيضاً. ومن المتوقع أن يولد التوربينان ما مجموعه 750 ميغاواط من الكهرباء في أوائل عام 2021.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.