تعقيدات المشهد اليمني: الحوثيون.. الواقع الجديد ( 3 - 3)

أصبحوا القوة الأكثر حضورا وتأثيرا في القرار السياسي.. وفرضوا آراءهم حتى على الرئيس

يمني مؤيد لجماعة الحوثيين يرفع صورة زعيمها عبد الملك الحوثي أثناء مظاهرة في صنعاء (أ.ف.ب)
يمني مؤيد لجماعة الحوثيين يرفع صورة زعيمها عبد الملك الحوثي أثناء مظاهرة في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

تعقيدات المشهد اليمني: الحوثيون.. الواقع الجديد ( 3 - 3)

يمني مؤيد لجماعة الحوثيين يرفع صورة زعيمها عبد الملك الحوثي أثناء مظاهرة في صنعاء (أ.ف.ب)
يمني مؤيد لجماعة الحوثيين يرفع صورة زعيمها عبد الملك الحوثي أثناء مظاهرة في صنعاء (أ.ف.ب)

فرض الحوثيون باقتحام صنعاء واقعا جديدا، كان مرا بالنسبة لخصومهم السياسيين، وحتى بالنسبة للرئيس عبد ربه منصور هادي، الذي آلمه سقوطها في أيدي حركة مسلحة وهو رئيس الدولة، وأشعرته بالانكسار والشلل، فنزح هو الآخر من منزله العامر في شارع الستين الغربي بصنعاء إلى دار الرئاسة بمحيط النهدين، الذي رفض السكن فيه خلال الأعوام الـ3 الماضية من رئاسته للبلاد لمخاوف أمنية.
وبالواقع الجديد الذي فرضه الحوثيون على صنعاء يوم 21 سبتمبر (أيلول) أصبحوا هم القوة الأكثر حضورا وتأثيرا في القرار السياسي، وقد بدأت بممارسة هذا الدور فعلا من خلال رفضها قرار الرئيس هادي تكليف مدير مكتبه (بن مبارك) بتشكيل الحكومة، الذي استجاب له الرئيس فورا، كما سيستجيب أيضا لمطالبهم التالية، وسيستفيد الحوثيون من الرئيس في «حكومة السلم والشراكة» لترتيب أوضاعهم كما فعل «الإخوان» في حكومة الوفاق.
فالحوثيون الذين يسيطرون على الوضع الأمني في صنعاء والحديدة ومناطق أخرى يسعون أيضا إلى السيطرة على الإدارة الأمنية في البلاد، ويرتبون لدمج 20 ألفا من مسلحيهم ضمن المؤسستين العسكرية والأمنية في خطوات يستهدفون من ورائها امتلاك ناصية القرار، فهم يتقمصون دور «حزب الله» في لبنان، ويسعون لأن يكونوا الثلث المعطل ضمن شراكة سياسية واسعة. ولعل بوادر تشكل الخارطة السياسية الجديدة كانت قد بدأت ملامحها بالظهور من خلال التنسيق مع جماعة الحوثي (أنصار الله) لإنجاح إسقاط حكومة باسندوه التي شاركت فيها بصورة أو بأخرى قيادات مؤتمرية، وأحزاب قومية ويسارية، وتيارات دينية موالية لحركة الحوثي، وهذه الخارطة التي بدأت تتشكل ستهدد ببعض قواها بتفكك اللقاء المشترك الذي يتزعمه حزب الإصلاح «الإخواني»، وستكون هذه التحالفات الجديدة هي الكفيلة بتشخيص مستقبل العملية السياسية والمآلات التي ستفضي إليها، لكن الشيء المؤكد أن هذه الخارطة ستخلق تحالفات يدين جزء كبير منها بالولاء لإيران ولأجندتها السياسية، قد تقوض العملية الديمقراطية، وتعيد عقارب الساعة إلى الوراء بمسافات ضوئية.
فالحوثيون لديهم مشروع «مذهبي» يسيرون باتجاهه للوصول إلى الحكم والسيطرة عليه، وهذا المشروع الذي أسقط صنعاء بقوة السلاح، سيتقاطع - بالتأكيد - مع دعوات وتوجهات بناء الدولة المدنية الحديثة التي ينادي بها كل أبناء الوطن اليمني، كما تنادي بها الأحزاب السياسية والتيارات الشبابية التي تعاطت مع دعوات الحوثيين لـ«إسقاط الحكومة، وإلغاء الجرعة». فمعظم القوى اليمنية الراغبة في التغيير تسعى إلى تحقيق العدالة والحرية والمواطنة المتساوية، وهو ما لا يمكن له أن يتحقق إلا بمشروع وطني تحديثي يجد الجميع فيه غايته، ويضع القناعات العقدية والفكرية والمذهبية جانبا، ويرفض العنف والسلاح، ويتجنب أيضا إملاء الممارسات وتعميم الطقوس والشعارات الخاصة بأي جماعة أو حزب أو فئة.
ومن هنا، وفي إطار هذا التوجه للتغيير، فقد جرب اليمنيون حكم اليسار واليمين، والوسط، والاشتراكي والمؤتمر، والإخوان على مدى عقود، فلماذا لا يجرب اليمنيون الواقع الجديد، الذي فرضه ويفرضه الحوثيون؛ فقد أصبحوا القوة الجديدة الموجودة في الساحة، التي لا بد من الاعتراف بها والتعامل معها؟ وبرأيي أن قواعد اللعبة السياسية كانت تقتضي إشراك الحوثيين في الحكومة وفي الهيئات المنبثقة عن مؤتمر الحوار من وقت مبكر وبمجرد انتهاء المؤتمر من أعماله. صحيح أن الحوثيين حركة مسلحة، وتعتمد السلاح في فرض خياراتها، لكنها بالمقابل ليست القوة المسلحة الوحيدة خارج المؤسستين الأمنية والعسكرية في البلاد التي تتعامل بمنطق القوة والسلاح، فهناك الحراك المسلح في الجنوب، وهناك الميليشيات الحزبية المسلحة التابعة لحزب الإصلاح (إخوان اليمن)، وهناك أيضا ميليشيات قبلية مسلحة منتشرة على طول اليمن وعرضه، وبالتالي فحل هذه الميليشيات وسحب أسلحتها الثقيلة لا يمكن أن يجري إلا عبر دمجها في العملية السياسية، وإشراكها في تحمل المسؤولية الأمنية والوطنية في البلاد، طالما أن الدولة عاجزة عن مواجهتها ووقف أنشطتها المسلحة.
لكن بالمقابل يجب أن لا ننسى أنه قد سبق الاعتراف بالحركة الحوثية وجرى إشراكها في مؤتمر الحوار الوطني وهي مسلحة، وجرى القبول بنتائج مواجهاتها مع السلفيين في دماج، حيث جرى تهجير السلفيين من مناطقهم برضاء ورغبة رئاسية وهي مسلحة، وجرى أيضا القبول بالحوثيين والتعامل معهم إيجابيا بعد اقتحامهم المسلح لمدينة عمران والسيطرة على أحد أهم وأقوى ألوية الجيش فيها (اللواء 310) وقتل قائده وأبرز ضباطه، ثم أخيرا جرى القبول باقتحامهم المسلح للعاصمة صنعاء وسيطرتهم على المؤسسات والدوائر الحكومية فيها.
وإذن، فالحوثيون أصبحوا واقعا موجودا على الأرض، وأصبحوا جزءا من العملية السياسية القائمة خاصة بعد التوقيع معهم بمشاركة مختلف القوى والأحزاب السياسية المشاركة في السلطة على وثيقة «السلم والشراكة الوطنية»، التي جرت بإشراف أممي ومباركة إقليمية ودولية.
> المخاوف والتداعيات المحتملة:
القبول بالحركة الحوثية والتعامل معها بوصفها شريكا قويا ومؤثرا في الساحة السياسية اليمنية، أمر يجب أن تستوعبه كل أطياف العمل السياسي، ولكن ليس لكونها حركة مرتبطة بالسلاح ومتمسكة بفرض خياراتها بالقوة، وإنما بافتراض أنها ستتحول إلى حركة سياسية، يكون لها برنامج مدني يرفض ممارسة العنف واستخدام السلاح، ويقبل بالآخر المختلف. أما في حالة استمرار تمسك الحوثيين بمنطق القوة والسلاح فمشروعهم سيظل يحتمل الكثير من المخاوف، فهو سيتقاطع مع أحاديث قادتهم عن الدولة المدنية، والحقوق والحريات، والعدالة والمساواة، ليتحول إلى مشروع يحميه السلاح، وتحكمه وتسيطر عليه أفكار واتجاهات مذهبية متعصبة.
ومشروع الحركة الحوثية الذي يتماهى أصلا في أهدافه ومراميه مع المشروع الإيراني في المنطقة، سيشكل من وجهة نظر سياسية محلية وإقليمية تهديدا لأمن واستقرار اليمن ودول المنطقة في الجزيرة والخليج، ذلك لأن المشروع الإيراني يقوم على توجهات سياسية - مذهبية تنطوي على عدد من المخاطر المحتملة، أهمها:
- إحياء الصراعات المذهبية والطائفية في المنطقة، التي ستقود حتما إلى تفكيك النسيج الاجتماعي، وتخل بقيم ومفاهيم التعايش والسلام بين الأسر والأفراد.
وكما تحاول إيران أن تكون الحركة الحوثية ذراعها القوية في المنطقة، ستسعى من خلالها لاستنهاض وإثارة التجمعات الشيعية في الجزيرة والخليج، فهناك في السعودية تتكاثر هذه التجمعات، ففي المنطقة الجنوبية توجد «الزيدية، والإسماعيلية» في نجران، وعسير، وجيزان، القريبة من مركز الزيدية (الهادوية) في صعدة اليمن، وفي المنطقة الشرقية توجد التجمعات الشيعية في الأحساء، والخبر، والظهران، ومناطق أخرى كالقطيف، والدمام، التي تتبنى المذهب الشيعي الجعفري (الاثني عشري). هذا هو الخطر نفسه الذي ينذر بالتمدد إلى بقية دول الخليج كدولة البحرين، المهيأة أصلا لانفجار الوضع فيها، وكذلك الكويت والإمارات، وكلها ستكون بالتأكيد بؤرا موقوتة قابلة للتفجير في أي لحظة يستعر فيها الصراع الطائفي والمذهبي في اليمن.
- السعي إلى فرض ثقافة التشيع ونشرها، وتعميم ولاية الفقيه، كما هو الحال في جنوب لبنان، وكما حاولت وتحاول إيران أن تجد لها موطئ قدم في مناطق التشيع في السودان وبعض دول أفريقيا ودول شرق آسيا.
- استكمال حلقة وجودها - إن لم نقل سيطرتها - على المضايق البحرية في البحرين العربي والأحمر، والبحث عن موطئ قدم في مضيق باب المندب، الذي يتحكم في الملاحة البحرية الدولية باتجاه دول الشرق الأفريقي وقناة السويس، وهو الذي أثار الكثير من المخاوف وردود الفعل لكثير من دول المنطقة.
فإيران تحاول من خلال التلاعب بالأوراق السياسية والطائفية والمذهبية في المنطقة، ومن نافذة المشكلة اليمنية، تعزيز نفوذها ووجودها في منطقة الجزيرة والخليج، كدولة إقليمية محورية، يهمها كثيرا تقوية مكانتها في المجتمع الدولي ليسهل لها الضغط على دول المنطقة، ولتتحكم في نهاية المطاف بمسار القرار السياسي فيها.
وعليه، فستكون انعكاسات الوضع الجديد في اليمن خطيرة على دول الخليج العربي أيضا، إذا ما استمر تفاقم الحالة الأمنية وغياب الدولة كما هو عليه اليوم.
> على المستوى الداخلي:
أما على المستوى الداخلي، فلا شك أن استمرار سيطرة الحركة الحوثية على صنعاء، والسيطرة على مؤسسات الدولة في بقية المحافظات بقوة السلاح بمقابل استمرار غياب الدولة، فمن غير المستبعد أن تكون له تأثيراته وانعكاساته السلبية على مستوى الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية العامة في البلاد، وسيجرها إلى منزلقات ومخاطر لن تكون أقل سوءا وفداحة مما يجري في سوريا والعراق، خاصة أن جزءا كبيرا من سلاح الجيش اليمني لم يعد في يد الجيش وحمايته، بل أصبح في أيدي الميليشيات المسلحة، حزبية، وحراكية، وقبلية منفلتة.
ومن هنا، يبدو اليمن مهيأ لمواجهة عدد من المخاطر المحتملة لعل من أهمها وأبرزها:
- انفلات الدولة (على انفلاتها)، وتفكك البنية الأساسية لمؤسسات الدولة وهيئاتها، التي تأتي في مقدمتها المؤسستان العسكرية والأمنية، لتحل محلهما العصابات المسلحة والفوضى والدمار.
- خطر نمو التنظيمات الإرهابية المسلحة، الأمر الذي سيستنهض معه الصراع «المذهبي» والعنصري في اليمن ما يهدد بنشوء حرب أهلية بهوى طائفي تكون أطرافها الأساسية جماعات دينية مذهبية «سنية - شيعية» متطرفة، وسيكون - بالتأكيد - تنظيم القاعدة في جزيرة العرب (أنصار الشريعة) جزاء كبيرا منها، ومن اللعبة القذرة التي يخطط لتمريرها في اليمن، الأمر الذي سيدفع بتكتلات إقليمية لأن تمول وتذكي الصراعات والحروب على دماء اليمنيين وأشلائهم، وحينها سيسمح وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم (2140) لسنة 2014م بالتدخل العسكري الدولي تحت البند السابع ليصبح اليمن بعدها مسرحا للحروب والصراعات الدولية والإقليمية.
- تصاعد نشاط الحراك الجنوبي «الانفصالي» المسلح، الذي فتح الحوثيون شهية قادته لمحاكاة أنشطتهم، والتحرك لتنظيم الاعتصامات السلمية (!!!) في ميادين مدينة عدن وساحاتها، وإقامة المخيمات المسلحة بمحيطها تمهيدا لتكرار ما حدث في صنعاء.
والحوثيون الذين يبدون في حالة تنسيق مع الحراك الجنوبي أوفدوا ليلة 14 أكتوبر (تشرين الأول) ممثليهم للمشاركة في احتفالات الحراك بالذكرى الـ51 للاستقلال، وتدشين المظاهرات والاعتصامات لما يسمونه بـ«فك الارتباط عن الشمال» لفك عرى الوحدة، والعودة باليمن إلى ما قبل مايو (أيار) 1990م، وهو ما يخشى من حدوثه إذا ما ازداد الوضع اليمني تعقيدا، وتواصل انفلات الوضع الأمني، وخروج الدولة عن جاهزيتها. لعلي هنا قد أفرطت في بعض التوقعات والاحتمالات المتشائمة، لكنها في واقع الحال قراءة عجلى لتداعيات خطيرة ومتسارعة شهدها ويشهدها اليمن في المرحلة الراهنة، غير أننا، نحن اليمنيين، تعلمنا من اشتداد الأحداث انفراجها، فالحكمة اليمانية تتدخل عادة في اللحظات الأخيرة، ونحن نراهن عليها، كما يحلو لنا أيضا أن نتوسم ببيتي شعر الإمام الشافعي رحمه الله الذي يقول فيهما:
ولرب نازلة يضيق بها الفتى
ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فرجت وكنت أظنها لا تفرج

* رئيس مركز الوحدة للدراسات الاستراتيجية بصنعاء ووزير الثقافة اليمني السابق

تعقيدات المشهد اليمني: سقوط صنعاء (2 - 3)
تعقيدات المشهد اليمني: الانقلاب على المبادرة الخليجية ( 1 - 3)


37 ألف مهاجر غير شرعي إلى اليمن خلال 4 أشهر

السواحل الشرقية لليمن تتحول إلى قبلة للمهاجرين غير الشرعيين (إعلام محلي)
السواحل الشرقية لليمن تتحول إلى قبلة للمهاجرين غير الشرعيين (إعلام محلي)
TT

37 ألف مهاجر غير شرعي إلى اليمن خلال 4 أشهر

السواحل الشرقية لليمن تتحول إلى قبلة للمهاجرين غير الشرعيين (إعلام محلي)
السواحل الشرقية لليمن تتحول إلى قبلة للمهاجرين غير الشرعيين (إعلام محلي)

على الرغم من تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، وسط تراجع التمويل الدولي للمساعدات، وتصاعد القيود التي فرضتها الجماعة الحوثية على عمل المنظمات الإنسانية، بما في ذلك مداهمة مكاتب الأمم المتحدة واعتقال العشرات من موظفيها، لا تزال البلاد تستقبل شهرياً آلاف المهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول القرن الأفريقي، في مشهد يعكس تعقيدات إنسانية وأمنية متشابكة.

وأفادت تقارير محلية وحقوقية بأن السواحل الشرقية لليمن، خصوصاً في محافظة شبوة، تحولت خلال الفترة الأخيرة إلى وجهة رئيسية للمهاجرين غير النظاميين، بعد تشديد الرقابة الأمنية على السواحل الغربية.

وتتهم منظمات حقوقية، الجماعة الحوثية وشبكات تهريب منظمة، بالتورط في انتهاكات واسعة النطاق بحق هؤلاء المهاجرين؛ تشمل التعذيب، والاغتصاب، والاحتجاز التعسفي، والاستغلال، وصولاً إلى التجنيد القسري للقتال.

شبكات التهريب تجني ملايين الدولارات من نقل المهاجرين إلى اليمن (إعلام حكومي)

وفي هذا السياق، ذكرت شرطة محافظة شبوة أن قارب تهريب أنزل خلال الأيام الماضية، 180 مهاجراً غير شرعي من حملة الجنسية الإثيوبية على ساحل مديرية رضوم، في موجة جديدة من تدفق المهاجرين إلى البلاد.

وأوضحت أن 4 بحارة من الجنسية الصومالية كانوا يقودون القارب، مشيرة إلى «اتخاذ الإجراءات الأمنية والقانونية اللازمة للتعامل مع هذه الظاهرة، بما يحفظ الأمن والاستقرار، ويحدّ من المخاطر الناجمة عن تدفقات الهجرة غير النظامية».

تجارة مربحة

وبحسب مصادر أمنية ومحلية يمنية، أصبحت محافظة شبوة قبلة رئيسية للمهاجرين غير الشرعيين، مستفيدة من اتساع سواحلها وضعف الإمكانات الرقابية، الأمر الذي شجع شبكات التهريب على نقل نشاطها إليها.

وتشير تقارير حكومية إلى أن هذه الشبكات تجني ملايين الدولارات سنوياً من تهريب المهاجرين إلى اليمن، مستغلة أوضاعهم الاقتصادية الصعبة وهشاشتهم الاجتماعية.

وفي تقرير حديث أصدره «المركز الأميركي للعدالة» (منظمة حقوقية يمنية في الولايات المتحدة)، أكد أن اليمن تحول إلى «ساحة مفتوحة لانتهاكات جسيمة بحق المهاجرين غير النظاميين»، في ظل غياب الحماية القانونية، وضعف التنسيق الإقليمي والدولي، واستفحال نشاط شبكات الاتجار بالبشر، وتداخلها مع أطراف مسلحة.

اتهامات بتورط الحوثيين في تهريب المهاجرين وتجنيدهم في الأعمال العسكرية (إعلام حكومي)

وأوضح التقرير الذي حمل عنوان «الهروب إلى الموت»، أن الطريق الشرقي للهجرة بات مسرحاً منظماً لعمل شبكات تهريب معقدة تحقق أرباحاً ضخمة، مستفيدة من تقاعس دول العبور عن مكافحة هذه الظاهرة، ومن استمرار النزاع المسلح في اليمن.

ووفقاً للتقرير الحقوقي، شهد اليمن تدفقات بشرية متصاعدة خلال السنوات الأخيرة، حيث دخل البلاد 77 ألف مهاجر في عام 2022، و97 ألفاً في 2023، و81,342 مهاجراً في 2024، فيما تجاوز عدد الوافدين 37 ألف مهاجر خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي فقط. وتتوقع السلطات أن يتضاعف هذا الرقم مع نهاية العام، رغم ظروف الحرب والانهيار الإنساني.

ووثق المركز الحقوقي 661 انتهاكاً بحق المهاجرين غير الشرعيين خلال الفترة بين 2023 و2025؛ «شملت الاختطاف، والاحتجاز التعسفي، والتعذيب، والاغتصاب، والاستغلال، والتجنيد القسري، إضافة إلى القتل والوفاة جوعاً».

وحمل التقرير، شبكات التهريب، مسؤولية 45 في المائة من هذه الانتهاكات، فيما نسب 35 في المائة منها إلى جماعة الحوثي، وتوزعت النسبة المتبقية على أطراف أخرى مرتبطة بالصراع.

تداعيات خطرة

وحذر التقرير الحقوقي من «التداعيات الخطرة لانخفاض المساعدات الدولية، الذي دفع بعض النساء والفتيات إلى التعرض للاستغلال الجنسي القسري مقابل الغذاء والمأوى». وأشار إلى أن المهاجرين الإثيوبيين يشكلون نحو 89 في المائة من إجمالي المهاجرين، مقابل 11 في المائة من الصوماليين، لافتاً إلى تسجيل 585 حالة وفاة غرقاً خلال العام الماضي وحده.

ودعا المركز الحقوقي، المجتمع الدولي، إلى «اتخاذ إجراءات حازمة ضد شبكات الاتجار بالبشر، وتفعيل مسارات قانونية لحماية المهاجرين»، كما طالب جماعة الحوثي بوقف تجنيد المهاجرين واحتجازهم في مراكز غير مطابقة للمعايير الإنسانية. وحضّ دول القرن الأفريقي، خصوصاً إثيوبيا والصومال، على معالجة جذور الهجرة غير النظامية، والعمل على إعادة مواطنيها المحتجزين.

وأكد المركز أن «الصمت الدولي إزاء الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون غير الشرعيين في اليمن، يعني استمرار نزيف الأرواح، في سياق لا يُنظر فيه إلى هؤلاء المهاجرين بوصفهم بشراً لهم حقوق»، متعهداً «مواصلة التوثيق والمناصرة القانونية لمساءلة المتورطين».


العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
TT

العليمي يدعو «المجلس الانتقالي» إلى تغليب لغة الحكمة والحوار

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (إعلام حكومي)

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، يوم الأحد، الشركاء في المجلس الانتقالي الجنوبي إلى «تغليب الحكمة ولغة الحوار».

وأوضح مصدر في مكتب رئاسة الجمهورية أن العليمي دعا كذلك إلى «تجنيب الشعب اليمني والأمن الإقليمي والدولي، تهديدات غير مسبوقة، وعدم التفريط بالمكاسب المحققة خلال السنوات الماضية بدعم من تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، وفي المقدمة مكاسب القضية الجنوبية العادلة».

وقال المصدر إن رئيس مجلس القيادة الرئاسي وجّه «باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية بحق أي تجاوزات تمس وحدة القرار، أو تحاول فرض أي سياسات خارج الأطر الدستورية، ومرجعيات المرحلة الانتقالية».

وشدّد على أن «القيادة السياسية الشرعية ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي هي الجهة الوحيدة المخولة بتحديد المواقف السياسية العليا للدولة، وبالتالي فإن استغلال السلطة، واستخدام الصفة الوظيفية، أو المنصب الرسمي لتحقيق مكاسب سياسية، يعد خرقاً جسيماً للدستور والقانون».

كما نقل المصدر عن العليمي دعوته «كافة المكونات السياسية، وأبناء الشعب اليمني، الالتفاف حول مشروع الدولة الوطنية، وحشد كافة الطاقات نحو معركة استعادة مؤسسات الدولة، وإسقاط انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني، وإنهاء المعاناة الإنسانية».


وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
TT

وزير الخارجية المصري: لا تسامح ولا تساهل مع أي مساس بمياه نهر النيل

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أ.ف.ب)

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن بلاده لن تتساهل أو تتسامح مع أي مساس أو إضرار بمياه نهر النيل «الذي تعتمد عليه مصر اعتماداً كاملاً».

وأضاف عبد العاطي في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية جنوب السودان مونداي سيمايا كومبا أن مصر ليست لديها أي مشكلات مع دول حوض النيل «باستثناء دولة واحدة في حوض النيل الشرقي»، في إشارة إلى إثيوبيا.

وافتتحت إثيوبيا في سبتمبر (أيلول) الماضي «سد النهضة» الضخم على نهر النيل الذي بدأت تشييده في 2011، وهو مشروع بلغت تكلفته مليارات الدولارات، وتعدّه مصر تهديداً لحقوقها التاريخية في مياه أطول أنهار أفريقيا.

من جانب آخر، قال وزير الخارجية المصري إنه ناقش مع نظيره في جنوب السودان أهمية الوصول إلى تهدئة في السودان، والتوصل لهدنة إنسانية وإطلاق عملية سياسية شاملة.

ويخوض الجيش السوداني حرباً ضد «قوات الدعم السريع» منذ أبريل (نيسان) 2023 أشعلها صراع على السلطة خلال مرحلة انتقالية كان من المفترض أن تفضي إلى إجراء انتخابات للتحول إلى حكم مدني.