لغز مقتل ضابط سابق في عملية انتحارية لـ«داعش» يشعل الجدل في مصر

أسرته أعلنت وفاته جراء المرض في تركيا.. ومصدر أمني لـ («الشرق الأوسط»): الدروي أجبر على الاستقالة في 2005

الدروي كما ظهر في صورة بثتها مواقع متطرفة  وملصق انتخابي لأحمد الدروي خلال ترشحه لانتخابات مجلس الشعب عن إحدى دوائر القاهرة عام 2011
الدروي كما ظهر في صورة بثتها مواقع متطرفة وملصق انتخابي لأحمد الدروي خلال ترشحه لانتخابات مجلس الشعب عن إحدى دوائر القاهرة عام 2011
TT

لغز مقتل ضابط سابق في عملية انتحارية لـ«داعش» يشعل الجدل في مصر

الدروي كما ظهر في صورة بثتها مواقع متطرفة  وملصق انتخابي لأحمد الدروي خلال ترشحه لانتخابات مجلس الشعب عن إحدى دوائر القاهرة عام 2011
الدروي كما ظهر في صورة بثتها مواقع متطرفة وملصق انتخابي لأحمد الدروي خلال ترشحه لانتخابات مجلس الشعب عن إحدى دوائر القاهرة عام 2011

رغم إعلان وفاته مريضا في تركيا في نهاية شهر مايو (أيار) الماضي، فإن صورة مع تعليق على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي فجرت الجدل في مصر ليلة أول من أمس حول حقيقة ومكان وفاة الضابط المصري السابق أحمد الدروي الذي ظهر كأحد الوجوه النشطة خلال ثورة 25 يناير عام 2011 وبعدها، مطالبا بإجراء إصلاحات جذرية في جهاز الشرطة المصري، الذي تسبب بذاته في إشعال ثورة الغضب.
الصورة كانت للدروي حاملا سلاحا آليا بإحدى يديه ومسدسا في اليد الأخرى، مرتديا زيا أسود، بينما يبدو خلفه مدفع محمول على سيارة نقل، في أجواء تظهر أنه في سوريا.. أما التعليق، فكان من حساب أحد المحسوبين على تنظيم «داعش»، يقول فيه: «أحمد الدروي كان ضابطا في الأمن المصري ومرشحا لانتخابات مجلس الشعب، ثم تاب فنفر إلى أرض الخلافة، فنفذ عملية استشهادية».
والأمر ذاته أكدته مواقع إخبارية متشددة مساء السبت، أبرزها موقع «أنا مسلم» التابع لـ«داعش»، حيث أعلنت أن الدروي قتل خلال «عملية تفجير استشهادية» نفذها في العراق. كاشفة عن مفاجأة مفادها أن الدروي هو نفسه «أبو معاذ المصري»، القائد العسكري لتنظيم «داعش» في تكريت، قائد كتيبة ما يسمى «أسود الخلافة»، والذي أعلن الجيش العراقي عن مصرعه في 4 يوليو (تموز) الماضي.
وأشار عدد من المنتمين إلى التنظيم إلى أن الدروي كان القائد العسكري لجماعة «جند الخلافة» في اللاذقية بسوريا، والتي بايعت «داعش» لاحقا. وقال «جهادي» يدعى «أبو مصعب المصري» على حسابه في موقع «تويتر» إن الدروي «كان مترددا في بيعة (داعش) بداية الأمر، وكان يبحث ويتحرى الأخبار حتى يبايع ومن معه على بينة من أمرهم، خاصة مع كثرة الشائعات والأكاذيب التي يروجها الخصوم.. وكان مما طمأنه لمنهج (داعش) وحثه على بيعتها أنه عندما كان يلتقي بجامعي التبرعات والممولين في تركيا، كان البعض يشترطون عليه محاربة (داعش) مقابل الدعم المادي».
الغريب في الأمر أن الدروي أعلن عن وفاته في نهاية مايو (أيار) الماضي، ورغم أن مواقع «داعش» لم تحدد تاريخ تنفيذ الدروي لعمليته التي قتل خلالها، فإن الرائج في مصر كان أن الدروي مات في تركيا متأثرا بمرضه، حيث كان يعالج هناك من مرض عضال، وأشيع أيضا أنه مات خلال عملية لاستئصال ورم سرطاني. وأقامت أسرته عزاء بالفعل، تلقت خلاله وابلا من التعازي من الناشطين المحسوبين على ثورة 25 يناير.
وظهر الدروي كوجه بارز وفاعل في ميدان التحرير بوسط القاهرة خلال الـ18 يوما التي شهدتها مصر خلال تلك الفترة حتى تنحي الرئيس الأسبق حسني مبارك عن الحكم، بحسب ما يرويه أغلب من شاركوا في تلك الأحداث. كما برز لاحقا في الإعلام كأحد الضباط السابقين، الداعين بقوة إلى تغيير جذري في عقيدة جهاز الشرطة، والذي أدت «تجاوزاته» إلى إشعال الأوضاع في مصر، وكانت السبب الرئيس للثورة ضد نظام الحكم. ويشير مصدر أمني رفيع إلى أن الدروي كان ضابطا تخرج في كلية الشرطة في عام 1998، وجرى ترشيحه للعمل بأحد الأجهزة الأمنية في عام 2004. وبينما يقول الدروي على صفحته بموقع «فيس بوك»، وقت ترشحه لانتخابات مجلس الشعب في عام 2011 عن دائرة ضاحية المعادي (جنوب غربي القاهرة) إنه استقال من جهاز الشرطة في عام 2007 «اعتراضا على تزوير الانتخابات في عام 2005»، عازيا ذلك إلى دور الشرطة في «التزوير»، قال المصدر الأمني لـ«الشرق الأوسط» إن الدروي «أجبر على تقديم استقالته، وقبلت، لأن اختبار فحص المخدرات الخاص به كان إيجابيا خلال التحاقه بالجهاز الأمني.. وجرى الاكتفاء بمطالبته بالاستقالة حفاظا على سمعته، وهو عرف جار في جهاز الشرطة في حال وجود مخالفة أو تجاوز من أحد الأفراد لا يتعدى على حقوق الآخرين ويستوجب الإحالة إلى المحاكمة أو الفصل».
وروت مصادر قريبة الصلة بالدروي لـ«الشرق الأوسط» عن أنه «كان دمث الخلق وملتزما دينيا باعتدال حتى قبل ثورة يناير. وترشح للانتخابات البرلمانية مدعوما من التيارات الإسلامية، وخاصة السلفيين». موضحة أنه عقب تولي الرئيس الأسبق محمد مرسي مقاليد الحكم، أظهر دعما واضحا له، كما شارك في اعتصام أنصار مرسي في ميدان رابعة العدوية، اعتراضا على عزله من الحكم.
وعقب فض الاعتصام، اختفى الدروي من الظهور، وقالت المصادر المقربة، والتي يقطن بعضها في ضاحية المعادي، إنه سافر إلى تركيا بدعوى العلاج. وخلال مايو الماضي، قالت المصادر إن المعلوم لديهم، وما أشيع منذ ذلك الحين، هو أن الدروي توفي خلال إجرائه عملية جراحية لاستئصال ورم في ظهره.
لكن المصدر الأمني أوضح أن «جهازا أمنيا مصريا رفيعا رصد اتصالات بين الدروي وعدد من المتطرفين في سوريا بعد توجهه إلى تركيا، وأنه تسلل عبر الحدود المشتركة إلى سوريا للتدريب، وتحديدا في منطقة حلب»، مؤكدا أن «أخبار الدروي انقطعت خلال تلك الفترة، إلا أنه كان يجري التحري عنه لرصده من الأجهزة المصرية، نظرا للتشكك في أنه كان يتدرب في سوريا بهدف العودة إلى مصر لاحقا للقيام بعمليات إرهابية».
ورغم إشارة المصدر إلى أن «الأجهزة الأمنية المصرية كانت على دراية بأن الدروي لم يمت في تركيا، وتأكدت من وجوده في سوريا»، فإنه أكد أن «حقائق المتابعة لم تعلن، ولم نعارض القصة الشائعة التي جرى بثها من قبل الدروي للتمويه على مكان وجوده وأهدافه، نظرا لأننا كنا نترقب عودته في أي وقت، وكنا نريده أن يعتقد أن الأمن المصري صدق ادعاءاته».
ولم يستبعد المصدر أن يكون خبر وفاته في عملية انتحارية نوعا من التحايل بدوره، قائلا إن «ملفه سيظل مفتوحا».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.