لقاءات هيل تؤكد الموقف الأميركي الداعي لإجراء إصلاحات

استكمل اليوم الثاني من زيارته بلقاء جنبلاط وجعجع وباسيل

من لقاء هيل مع الوزير جبران باسيل (الوكالة الوطنية)
من لقاء هيل مع الوزير جبران باسيل (الوكالة الوطنية)
TT

لقاءات هيل تؤكد الموقف الأميركي الداعي لإجراء إصلاحات

من لقاء هيل مع الوزير جبران باسيل (الوكالة الوطنية)
من لقاء هيل مع الوزير جبران باسيل (الوكالة الوطنية)

عززت أجواء اللقاءات التي عقدها وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل أمس في بيروت، التأكيد أنه «ليس للأميركيين موقف مسبق من الحكومة وهم ينتظرون تشكيلها وبرنامجها مع تشديد على أهمية الإصلاحات».
وواصل السفير هيل أمس لقاءاته في بيروت، حيث التقى رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط. وغرّد جنبلاط عبر «تويتر»: «اجتماع ودّي ومصارحة مع وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية السفير ديفيد هيل». وأرفق التغريدة بصورة جمعته بهيل إلى جانب رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب تيمور جنبلاط والنائب مروان حماده.
كما التقى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في معراب، السفير ديفيد هيل، في حضور النائبة ستريدا جعجع ومستشار جعجع للعلاقات الخارجية إيلي خوري، ورئيس جهاز العلاقات الخارجية في الحزب إيلي الهندي.
وعقب اللقاء، عقد جعجع خلوة جانبية مع هيل لقرابة ربع الساعة، أكد بعدها جعجع في دردشة مع الصحافيين، أن «اللقاء كان بروتوكولياً، إذ طرحنا خلاله تصورنا لوضع لبنان والمنطقة وما يحصل فيها»، مشيراً إلى أن «الحدث الأهم اليوم هو الاستشارات الوزارية».
واستكمل هيل والوفد المرافق، زيارته للمسؤولين، والتقى وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل في منزله، حيث أولم باسيل على شرف الوفد الأميركي. ونقلت مصادر متابعة أن «اللقاء كان أكثر من إيجابي».
وأفادت قناة «إل بي سي» بأن خلوة جمعت الرجلين وتطرقت إلى مختلف الملفات. وقالت مصادر الاجتماع إنه «ليس للأميركيين موقف مسبق من الحكومة وهم ينتظرون تشكيلها وبرنامجها مع تشديد على أهمية الإصلاحات».
وكان جعجع بعد لقائه السفير هيل، أكد أن «حزب القوات اللبنانية يعتبر أن المسألة الأهم بالنسبة إلى تشكيل الحكومة، هي أننا لا نريد أي حصة في هذه الحكومة وليست لدينا أسماء نريد اقتراحها، وأقصى تمنياتنا أن يحذو باقي السياسيين حذونا، على اعتبار، بعد ما وصلنا إليه اليوم، أننا أصبحنا في حاجة إلى تصرفات جديدة مغايرة لما كانت تحصل سابقاً». وشدد على أنه «يجب أن تشكل حكومة جديدة بشكل كلي، لذا بدأنا بأنفسنا». وجدد التأكيد: «إننا لا نريد شيئاً في هذه الحكومة وليس لدينا أسماء أيضاً لاقتراحها ولا نريد أي حقيبة».
وأضاف: «يجب أن يكون كل الوزراء مستقلين في الحكومة العتيدة، إلا أن هناك من يحاول لعب لعبة سيئة خصوصاً في هذا الظرف، من خلال الإتيان بتقنيين اختصاصيين إلى الحكومة ولكن غير مستقلين، وفي هذه الحال نراوح مكاننا من دون إحراز أي تقدم».
ورداً على سؤال عن أن الرئيس نبيه بري طالب بأن تضم الحكومة الجميع، أجاب: «مع احترامي الشديد للرئيس بري والكل يعرف علاقتنا به، فإن الجميع شاركوا في الحكومات السابقة ورأينا إلى أين وصل الوضع، لهذا السبب ليس هذا هو المقياس إطلاقاً. يجب ألا يكون الجميع في الحكومة لا أن يشارك قسم من دون الآخر، لتتمكن هذه الحكومة من الإنجاز والعمل».
ورأى أنه «إذا لم تأتِ الحكومة بالشكل الذي نطرحه، لن تحصل أي عملية نهوض اقتصادي، والوضع المالي سيستمر بالتدهور». وأضاف: «لذا على هؤلاء الفرسان الثلاثة أن يتركوا الحكومة تتشكل بالشكل الذي نطرحه لكي يتمكنوا من البقاء في أماكنهم، لأننا اليوم بأمس الحاجة إلى تدفقات مالية سريعة إلى لبنان كانت ستحصل وتقوم بها الدول الأجنبية، خصوصاً الدول العربية والدول الغربية، وهذه الأخيرة لن تقوم بذلك إن لم تكن الحكومة موضع ثقة، كما أنها لن تقوم بأي تدفقات إن كان هناك أي أثر في الحكومة العتيدة للقوى السياسية التي كانت مشاركة في الحكومة الماضية، لأن لديهم تجارب سيئة في هذا الإطار. هذه الدول غير مستعدة اليوم لوضع فلس واحد في مكان لا تثق بأنه سيصل عبره إلى الشعب اللبناني، ولكي تتوفر هذه الثقة نحن في حاجة إلى حكومة جديدة بشكل كامل».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.