نتنياهو يحاول تخويف أنصار منافسه في «الليكود»

اتهم الصحافة بـ«تزييف» استطلاعات رأي لخدمة ساعر

TT

نتنياهو يحاول تخويف أنصار منافسه في «الليكود»

مع اشتداد التنافس على رئاسة حزب «الليكود»، وبالتالي على رئاسة الحكومة الإسرائيلية، خرج رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية بنيامين نتنياهو، بهجوم على الصحافة العبرية يتهمها بنشر استطلاعات رأي «كاذبة» لخدمة منافسه جدعون ساعر. وتمكن من تجنيد المحكمة الداخلية في الحزب لإجراء انتخابات مجددة لتشكيل قائمة الحزب للكنيست (البرلمان)، ليستخدمها سلاحاً ضد معارضيه.
وتسبب ذلك في قلق معسكر ساعر الذي يتهم نتنياهو بإدارة حرب ضده شبيهة بالحرب ضد اليسار، فتوجه إلى مؤيديه قائلاً: «نحن لن نتبع أسلوب نتنياهو. وسنخوض المعركة الانتخابية بتنافس نظيف لأن همنا هو ضمان بقاء اليمين في الحكم. ونعرف جميعاً أن هناك خطراً حقيقياً بأن نخسر الحكم إذا خضنا الانتخابات المقبلة في 2 مارس (آذار) تحت رئاسة نتنياهو».
واعتمد ساعر على نتائج استطلاعات الرأي الكثيرة التي تنشرها الصحف وتبين أن «الليكود» بقيادة نتنياهو سيزيد قوته بنائب واحد، ولكن معسكر اليمين بقيادته يمكن أن يخسر الحكم. بينما سيفوز «الليكود» بعدد أقل من النواب تحت قيادة ساعر، لكن معسكر اليمين سيرفع تمثيله بشكل يضمن له الاستمرار في الحكم.
وهاجم نتنياهو هذه الاستطلاعات وقال إنها «مزيفة»، واتهم وسائل الإعلام العبرية بنشرها «ضمن عدائهم لنا وتأييدهم لساعر». وراح يحرض أعضاء الحزب: «لا تقبلوا أن تقرر لنا الصحافة المعادية من يقودنا. أنتم وحدكم تقررون». وتعهد أن يفوز أولاً على ساعر «لأتفرغ للانتصار الكبير الذي سأحققه هذه المرة، الذي سيتيح لي تشكيل حكومة يمين صرف قوية وثابتة».
المعروف أن الانتخابات الداخلية في «الليكود» ستجري الخميس المقبل، حيت سيختار نحو 138 ألف عضو، نتنياهو أو ساعر لرئاسة الحزب والترشح لرئاسة الحكومة المقبلة.
وقرر المجلس المركزي للحزب، الأسبوع الماضي، أن تقتصر الانتخابات على رئاسة الحزب، وألا يجري انتخاب قائمة المرشحين لعضوية الكنيست، باعتبار أن هذه اللائحة انتخبت قبل بضعة شهور عشية الانتخابات البرلمانية الأخيرة، في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي. لكن نتنياهو الذي شعر بأن منافسه يزداد قوة، وأنه يقترب منه في الشعبية ويؤيده نحو 40 في المائة من أعضاء الحزب، قرر خوض معركة جارفة ضده وضد مؤيديه.
ومع أن عدد النواب الذين يؤيدون ساعر لم يزد على 4 من مجموع 32. فإن نتنياهو يخشى من انتقال نواب ووزراء لتأييد ساعر في اللحظة الأخيرة. فاختار أن يجري انتخابات لقائمة المرشحين أيضاً، حتى يربط النواب به. فمن يقف مع ساعر سيحاولون إسقاطه. وساعر نفسه ينوون إبعاده عن سلم القيادة بمنحه أقل عدد من الأصوات.
وأصدرت المحكمة الداخلية لحزب «الليكود» بالفعل قرارها، أمس، بإلزام قيادة الحزب إجراء انتخابات تمهيدية لاختيار المرشحين. وأوضحت أن «إلغاء الانتخابات التمهيدية لمرشحي القائمة، يتطلب تعديلاً على دستور الحزب الذي ينص على إجراء انتخابات تمهيدية قبل كل انتخابات برلمانية». وبما أن إجراء تعديل في دستور «الليكود» يتطلب أغلبية 60 في المائة من أعضاء مركز الحزب، وفرص تعديله تبقى منخفضة، فالأرجح إجراء الانتخابات.
وواصل نتنياهو وساعر حملتيهما الانتخابيتين بالتقاء أعضاء «الليكود» في بلداتهم وإطلاق تصريحات نارية أمامهم. ويلاحظ أن مؤيدي نتنياهو هم من الأوساط الشعبية بالأساس الذين يستبقونه بالهتاف «بيبي ملك إسرائيل» ويغمرونه بالشعارات العاطفية والحماس الشديد، بينما مؤيدو ساعر يتسمون بالهدوء والعقلانية.
وفي اجتماعات نتنياهو تُسمع خطابات التحريض على الشرطة والمحاكم والنيابة والمستشار القضائي للحكومة، فيما اجتماعات ساعر يدور الحديث فيها عن السياسة ويبدو فيها متشدداً أكثر من نتنياهو، وفي فرص الحزب ومعسكر اليمين الانتخابية.
ويتحدث نتنياهو عن ضرورة بقائه في الحكم ليكمل مسيرته «في رفع شأن إسرائيل بين الأمم ودحر الخطر الإيراني»، أما اجتماعات ساعر فتركز على «ضرورة التغيير وإعادة اليمين إلى مكانته الطبيعية المحترمة في قيادة الحكم». وفي حين يُهاجَم ساعر في اجتماعات نتنياهو باعتباره «خارجاً على الصف» ويتهم بالخيانة، يتحدث مؤيدو ساعر عن «الرصيد الكبير» لنتنياهو في انتصار اليمين وسياسته.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.