برلين: متهم بوسني بالانتماء لـ«داعش» يتخوف أمام المحكمة من خيانة زملائه

ألمانيا تعتقل شخصين يشتبه بأنهما من أنصار «داعش» وتداهم ممتلكات

الشاب البوسني كرشنكي ب. 20 سنة يتحدث مع  محاميه أمام المحكمة الإقليمية العليا في هامبورغ («الشرق الأوسط»)
الشاب البوسني كرشنكي ب. 20 سنة يتحدث مع محاميه أمام المحكمة الإقليمية العليا في هامبورغ («الشرق الأوسط»)
TT

برلين: متهم بوسني بالانتماء لـ«داعش» يتخوف أمام المحكمة من خيانة زملائه

الشاب البوسني كرشنكي ب. 20 سنة يتحدث مع  محاميه أمام المحكمة الإقليمية العليا في هامبورغ («الشرق الأوسط»)
الشاب البوسني كرشنكي ب. 20 سنة يتحدث مع محاميه أمام المحكمة الإقليمية العليا في هامبورغ («الشرق الأوسط»)

تسارع الأحداث في سوريا والعراق ومخاطر عودة إرهابيين قاتلوا في صفوف «داعش» و«النصرة» إلى ألمانيا، كان السبب كي لا ينتهي هذا الأسبوع دون اتخاذ إجراءات وقرارات حاسمة، فوزير الداخلية، توماس دي ميزير، شدد في اجتماعه، أول من أمس، مع وزراء داخلية الولايات الألمانية، على وجوب اتخاذ إجراءات موحدة وصارمة على صعيد ألمانيا لمواجهة مخاطر هذه العناصر، وبالأخص العائدة من ساحات القتال، سواء في سوريا أو شمال العراق، فهم عائدون بخبرة عسكرية ومعرفة لكيفية استعمال المواد المتفجرة، ومن المحتمل أن تكون لديهم أوامر لتنفيذ عمليات إرهابية.
وتقول معلومات دائرة حماية الدستور: «سافر حتى الآن إلى شمال العراق وسوريا نحو 450 ألمانيا وأجنبيا متجنسا، إما للمشاركة في القتال أو خاضوا معارك، عاد منهم إلى ألمانيا قرابة 150 مدربا على استعمال السلاح وتحضير المتفجرات، ولقد سحبت السلطات حتى الآن جوازات سفر 20 متطرفا إضافة إلى حظر سفر 12 ألمانيا من أصول أجنبية».
وكان الوزير قد أعلن عن قرار دخل فورا حيز التنفيذ، يعد تنظيم «داعش» من التنظيمات الإرهابية المحظورة في ألمانيا مثل تنظيم القاعدة، وذلك بهدف إعاقة «داعش» من نشر كراهيته وحقده في ألمانيا، فأعضاؤه يستغلون الإسلام للقيام بأعمال إجرامية بشعة، وعلى ألمانيا وقف أعمالهم اللاإنسانية التي لا تمت بصلة للدين الإسلامي.
ويطال القرار أيضا حظر رفع علم «داعش» الأسود في أي مكان أو في المظاهرات أو جعله رمزا لأي اتصالات على شبكة الاتصالات الاجتماعية والترويج لأفكاره المتطرفة في المجالس العامة أو المساجد بألمانيا، بهدف تجنيد متطوعين للقتال إلى جانبه، وعقوبة ذلك السجن لمدة عامين أو دفع غرامة مالية كبيرة.
ومع أن تنظيم «داعش» لم يدرج بعد في ألمانيا على لائحة التنظيمات الإرهابية الأجنبية، فالأمر يتطلب قرارا من المحكمة الدستورية أو محكمة إقليمية، إلا أن الوزير أقره في الجريدة الرسمية، وهذا يلزم كل الدوائر الأمنية للعمل به.
كما يريد الوزير إقرار قانون آخر يسمح بسحب الهوية الشخصية الألمانية لكل عائد من سوريا وشمال العراق حارب في صفوف «داعش»؛ إذ يسمح حاليا فقط بسحب جواز السفر، بينما يمكن للألمان السفر بالهوية الشخصية إلى مصر وتركيا، ومن هناك إلى سوريا وشمال العراق بجواز السفر، وهو عازم على إلغاء الجنسية المزدوجة، فالكثير منهم، كالأتراك مثلا، يسمح لهم القانون بالاحتفاظ بالتركية وحمل الألمانية.
وتوافرت المعلومات المهمة عن أنشطة الألمان في صفوف تنظيم «داعش»؛ مما مكن دوائر الأمن الألمانية من إلقاء القبض على بعض العائدين منهم من سوريا أو شمال العراق لمحاكمتهم، ويقف هذه الأيام أمام المحكمة الإقليمية العليا في هامبورغ الشاب البوسني كرشنكي ب. وعمره 20 سنة، وألقي القبض عليه في يوليو (تموز) الماضي في المطار بتهمة الانتماء إلى تنظيم «داعش» الإرهابي والقتال في صفوفه، وتمكنت السلطات الأمنية من كشف سره بعد التنصت على اتصالاته مع شقيقته في ألمانيا.
وبعد امتناعه طويلا عن الإجابة على أسئلة الادعاء العام اعترف بأنه قاتل في صفوف تنظيم «داعش» بسوريا، وسافر إلى سوريا منتصف عام 2013 وخدم في صفوف «داعش» مدة 5 أشهر، وشارك 5 مرات في القتال ضد القوات النظامية السورية وضد مجموعات إسلامية مناهضة لـ«داعش»، لكنه بقي دائما في الصفوف الخلفية.
كما اعترف بأنه كان عضوا من مجموعة قتالية فرعية كل عناصرها من الأجانب، إلا أن العرب والشيشان في «داعش» لا ينتظرون الكثير من الآتيين من أوروبا، وقال: «نحن الأوروبيين لم يكن بإمكاننا القيام بشيء في المعارك وسط آلاف المتمرسين على القتال». ورغم هذه الأقوال فهو لا يريد خيانة زملائه أو الإدلاء بمعلومات ضد من ساعده في اجتياز الحدود بين سوريا وتركيا وبأي الوسائل، مع ذلك، فإن ظنه خاب، لأن «داعش» تقاتل أيضا ميليشيات إسلامية أخرى؛ لذا قرر العودة. وتتواصل محاكمة هذا الشاب مطلع شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وإذا ما تعاون مع القضاء، وأجاب على الأسئلة التي تطرح عليه، فإن عقوبته ستكون 4 أعوام و3 أشهر، وذلك بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي.
وفي الأسابيع المقبلة سيمثل أمام القضاء الألماني التركي فاتح أ. (26 سنة) الذي اعتقل في فرانكفورت، وآخران في برلين وكولونيا، وسافروا إلى سوريا للقتال في صفوف «داعش»، وجاء اعتقالهم بعد وضعهم لمدة طويلة تحت المراقبة عندما عادوا من سوريا الخريف الماضي.
كما سينظر القضاء في فرانكفورت في قضية سفيان ك. (27 سنة) عربي الأصل يحمل الجنسية الألمانية، ألقي القبض عليه نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي في مطار فرانكفورت، بناء على معلومات من دائرة المخابرات الألمانية، والتهمة الموجهة إليه القتال في صفوف «جبهة النصرة» بسوريا وجمع تبرعات مادية وعينية لها، ويقول الادعاء العام إنه كان عضوا في الخلية التابعة للنصرة في مقاطعة هسن الألمانية، وشارك في معارك بسوريا وتدرب على استعمال السلاح، وصدر أمر إلقاء القبض عليه من قاضي التحقيق في المحكمة الاتحادية في كارلسروه.
في غضون ذلك، قال ممثلو الادعاء أمس إن الشرطة الألمانية اعتقلت رجلين يشتبه أنهما من أنصار تنظيم داعش، وداهمت ممتلكات في شتى أنحاء البلاد تخص 13 شخصا آخرين يشتبه أنهم أنصار لجماعات إسلامية متشددة.
وقال مدعون اتحاديون في بيان إن الرجلين اعتقلا في مدينة آخن بغرب ألمانيا وهما التونسي كامل بن يحيى (38 عاما)، والروسي يوسب جي (28 عاما).
ويشتبه في أن التونسي أرسل ملابس قيمتها أكثر من 1100 يورو بالإضافة لدفع مبلغ 3400 يورو نقدا لتنظيم داعش منذ يوليو (تموز) 2013 وعمل على تهريب فتى في السابعة عشرة من عمره من ألمانيا إلى سوريا عبر تركيا للانضمام للتنظيم. أما الروسي فمتهم بالمساعدة في عملية التهريب وبأنه عضو في جماعة إرهابية أجنبية.
وتعتقد السلطات أن مشتبها بهم آخرين يدعمون إما «داعش» أو جماعة أحرار الشام السورية الإسلامية بتوفير آلاف من الأحذية وغيرها من الملابس العسكرية.
ووقعت المداهمات في ولايات نورد راين فستفاليا وهيسه وبادن - فورتمبرج وهامبورج وراينلاند - بالاتينات وشلسفيج هولشتاين بالإضافة إلى ولاية ساكسونيا الشرقية.



ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
TT

ميلي يدعو من روما إلى إقامة تحالف يميني عالمي

ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)
ميلوني وميلي في تجمع «إخوان إيطاليا» بروما السبت (أ.ب)

دعا الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي إلى توحيد قوى اليمين العالمية في منظمة جامعة لـ«محاربة اليسار والاشتراكية، تكون مثل الكتائب الرومانية قادرة على دحر جيوش أكبر منها».

جاء ذلك في الخطاب الناري الذي ألقاه، مساء السبت، في روما، حيث لبّى دعوة رئيسة الحكومة الإيطالية جيورجيا ميلوني، ليكون ضيف الشرف في حفل اختتام أعمال المهرجان السياسي السنوي لشبيبة حزب «إخوان إيطاليا»، الذي تأسس على ركام الحزب الفاشي. وقدّمت ميلوني ضيفها الذي يفاخر بصداقته لإسرائيل والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بوصفه «قائد ثورة ثقافية في دولة صديقة، يعرف أن العمل هو الدواء الوحيد ضد الفقر».

«مسؤولية تاريخية»

ميلوني لدى استقبالها ميلي في قصر شيغي بروما الجمعة (إ.ب.أ)

قال ميلي إن القوى والأحزاب اليمينية في العالم يجب أن تكون في مستوى «المسؤولية التاريخية» الملقاة على عاتقها، وإن السبيل الأفضل لذلك هي الوحدة وفتح قنوات التعاون على أوسع نطاق، «لأن الأشرار المنظمين لا يمكن دحرهم إلا بوحدة الأخيار التي يعجز الاشتراكيون عن اختراقها». وحذّر ميلي من أن القوى اليمينية والليبرالية دفعت ثمناً باهظاً بسبب تشتتها وعجزها أو رفضها مواجهة اليسار متّحداً، وأن ذلك كلّف بلاده عقوداً طويلة من المهانة، «لأن اليسار يُفضّل أن يحكم في الجحيم على أن يخدم في الجنة».

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الأرجنتين خافيير ميلي في مارالاغو 14 نوفمبر (أ.ف.ب)

ليست هذه المرة الأولى التي يطلق فيها ميلي مثل هذه الفكرة، التي سبق وكررها أكثر من مرة في حملته الانتخابية، وفي خطاب القَسَم عندما تسلّم مهامه في مثل هذه الأيام من العام الماضي. لكنها تحمل رمزية خاصة في المدينة التي شهدت ولادة الحركة الفاشية العالمية على يد بنيتو موسوليني في عشرينات القرن الماضي، وفي ضيافة أول رئيسة يمينية متطرفة لدولة مؤسسة للاتحاد الأوروبي تحاول منذ وصولها إلى السلطة عام 2022 الظهور بحلة من الاعتدال أمام شركائها الأوروبيين.

جدل الجنسية الإيطالية

قال ميلي: «أكثر من شعوري بأني بين أصدقاء، أشعر أني بين أهلي» عندما أعلنت ميلوني منحه الجنسية الإيطالية، لأن أجداده هاجروا من الجنوب الإيطالي مطلع القرن الفائت، على غرار مئات الألوف من الإيطاليين. وأثار قرار منح الجنسية للرئيس الأرجنتيني انتقادات شديدة من المعارضة الإيطالية التي تطالب منذ سنوات بتسهيل منح الجنسية للأطفال الذين يولدون في إيطاليا من أبوين مهاجرين، الأمر الذي تُصرّ ميلوني وحلفاؤها في الحكومة على رفضه بذريعة محاربة ما وصفه أحد الوزراء في حكومتها بأنه «تلوّث عرقي».

ميلوني قدّمت الجنسية الإيطالية لميلي (رويترز)

وكان ميلي قد أجرى محادثات مع ميلوني تناولت تعزيز التعاون التجاري والقضائي بين البلدين لمكافحة الجريمة المنظمة، وتنسيق الجهود لمواجهة «العدو اليساري المشترك»، حسب قول الرئيس الأرجنتيني الذي دعا إلى «عدم إفساح أي مجال أمام هذا العدو، لأننا أفضل منهم في كل شيء، وهم الخاسرون ضدنا دائماً».

وانتقدت المعارضة الإيطالية بشدة قرار التلفزيون الرسمي الإيطالي بثّ خطاب ميلي مباشرةً عبر قناته الإخبارية، ثم إعادة بث مقتطفات منه كان قد دعا فيها إلى «عدم اللجوء إلى الأفكار لاستقطاب أصوات الناخبين» أو إلى عدم إقامة تحالفات سياسية مع أحزاب لا تؤمن بنفس العقيدة، «لأن الماء والزيت لا يمتزجان»، وشنّ هجوماً قاسياً على القوى السياسية التقليدية التي قال إنها «لم تأتِ إلا بالخراب». وأنهى ميلي كلمته، إلى جانب ميلوني وسط هتافات مدوية، مستحضراً شعار الدفاع عن «حرية وحضارة الغرب» الذي أقام عليه موسوليني مشروعه الفاشي لاستعادة عظمة الإمبراطورية الرومانية.