مخاوف من تداعيات قانون الجنسية على مسلمي الهند

تجدد المواجهات في الشوارع... ودعوات إلى تراجع الحكومة

جانب من احتجاجات المسلمين ضد قانون الجنسية في أحمد آباد أمس (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات المسلمين ضد قانون الجنسية في أحمد آباد أمس (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من تداعيات قانون الجنسية على مسلمي الهند

جانب من احتجاجات المسلمين ضد قانون الجنسية في أحمد آباد أمس (أ.ف.ب)
جانب من احتجاجات المسلمين ضد قانون الجنسية في أحمد آباد أمس (أ.ف.ب)

ارتفعت حصيلة القتلى في أعمال عنف تخللت مظاهرات ضد قانون جديد مثير للجدل حول الجنسية في شمال شرقي الهند، إلى 6 أشخاص، كما قال مسؤولون أمس، فيما واصلت السلطات حجب خدمة الإنترنت وفرض حظر تجول لكبح الاحتجاجات.
ولا يزال منسوب التوتر مرتفعاً في بؤرة الاحتجاجات في غواهاتي، كبرى مدن ولاية آسام حيث تقوم الشرطة بدوريات على متن مركبات وسط تدابير أمنية مشددة. وشارك نحو 5 آلاف شخص في مظاهرات جديدة في غواهاتي أمس تحت أنظار مئات الشرطيين. وردد المشاركون هتافات معادية للقانون كما رفعوا لافتات كتب عليها «تحيا آسام»، في مشهد نقلته وكالة الصحافة الفرنسية. وقال مسؤولون إنّ إنتاج النفط والغاز في الولاية تأثر على وقع حظر التجول، رغم تخفيف القيود وفتح بعض المحال أبوابها أمس.
ويتخوف كثيرون في هذه المنطقة الغنية بالموارد في الهند من أن يؤدي قانون جديد اعتمده البرلمان الأسبوع الماضي إلى منح الجنسية لأبناء الأقليات في 3 دول مجاورة إذا كانوا دخلوا الهند قبل 31 ديسمبر (كانون الأول) 2014، لكن شرط ألا يكونوا من المسلمين. وهذه الدول هي باكستان وبنغلاديش وأفغانستان.
لكن السكان المحليين يتهمون المهاجرين بسرقة الوظائف وتغيير الهوية الثقافية للمنطقة. وفي ولاية آسام، لقي 4 أشخاص مصرعهم بعد أن أطلقت الشرطة النار عليهم، فيما قُتل شخص آخر عندما أُضرمت النار في متجر، فيما سقط قتيل سادس بعد أن تعرض لضرب مبرح أثناء مظاهرة، حسبما أعلن مسؤولون.
وفي ولاية البنغال الغربية، أشعل المتظاهرون إطارات السيارات ونظموا إضرابات على الطرق السريعة وخطوط السكك الحديدية وأضرموا النيران في قطارات وحافلات، ودفعت السلطات بقوات مكافحة الشغب لتفريق المحتجين فيما أوقفت خدمات القطارات في بعض مناطق الولاية.
وأصدرت واشنطن ولندن السبت تحذيرات من السفر إلى شمال شرقي البلاد إثر أيام من الصدامات العنيفة. وترى مجموعات معارضة ومنظمات حقوقية أن القانون جزء من برنامج رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، القومي الهندوسي، لتهميش المسلمين في الهند البالغ عددهم نحو 200 مليون نسمة.
وينفي مودي ذلك، مؤكداً أن المسلمين من الدول الثلاث لا يشملهم القانون لأنهم ليسوا بحاجة لحماية الهند. وعقب تمرير قانون المواطنة الجديد في البرلمان الهندي بغرفتيه، كتب مودي في تغريدة: «إنه يوم تاريخي للهند وقيم أمتنا من تراحم وأخوة».
وقررت جماعات حقوق الإنسان وحزب سياسي مسلم الطعن في القانون أمام المحكمة العليا، قائلين إنّه يتعارض مع الدستور والتقاليد العلمانية في الهند.
على ماذا ينص القانون؟
يذكر نصّ القانون أنّه «من الحقائق التاريخية وجود هجرة عابرة للحدود تحدث بشكل مستمر بين المناطق الهندية، والمناطق التي تضم حالياً باكستان، وأفغانستان، وبنغلاديش. يحدد دستور كل من باكستان وأفغانستان وبنغلاديش دين كل منها. نتيجة لذلك، يواجه كثيرون ممن ينتمون إلى الهندوسية، والسيخ، والبوذية، والجاينية، والبارسية، والمسيحية، اضطهاداً على أساس الدين في تلك الدول. وسيتم منح حقوق المواطنة إلى أي شخص ينتمي إلى الهندوسية، أو السيخ، أو البوذية، أو الجاينية، أو البارسية، أو المسيحية، وأتوا إلى الهند في 31 ديسمبر 2014 أو قبل ذلك، ولن يتم التعامل معهم كمهاجرين غير شرعيين طبقاً لمقاصد هذا القانون».
وسيتم تخفيف شروط الحصول على الجنسية بالنسبة لأولئك المهاجرين، حيث سيتم خفض مدة الإقامة من 11 عاماً إلى 5 سنوات. ولم يتم ذكر الإسلام ضمن الديانات التي يشملها القانون.
إلى جانب قانون المواطنة الجديد، دشّنت الحكومة الهندية خطة منفصلة تعرف باسم «السجل الوطني الجديد للمواطنين» في بداية العام الحالي في ولاية آسام شمال شرقي الهند. وتأتي تلك القائمة في إطار جهود الحكومة لمنح الهوية للأشخاص الذين تعدّهم مهاجرين غير شرعيين في تلك الولاية. وترفض الهند الاعتراف بمواطنة كثير من المسلمين، الذين أتت أسرهم من دولة الجوار كبنغلاديش، حتى لو أقاموا في ولاية آسام لعقود. وعندما تم نشر السجل الوطني الجديد للمواطنين في أغسطس (آب) الماضي، لم يجد نحو مليوني شخص، كان أكثرهم من المسلمين، وبعضهم من الهندوس، أسماءهم في ذلك السجل.
معارضة واسعة وانتقاد شديد
انتُقد وضع الدين ضمن معايير ومتطلبات المواطنة بشكل واسع في الهند، وخرجت احتجاجات في الشوارع ضد القانون. ويقول معارضو القانون إن تلك الخطوة محاولة من جانب حكومة مودي لتهميش الأقلية المسلمة في البلاد. ويبلغ عدد سكان الهند نحو 1.3 مليار نسمة، بينهم مائتا مليون مسلم. وقد وقّعت أكثر من ألف شخصية هندية بارزة، من بينهم قضاة، ومحامون، وأكاديميون، وأطباء، على بيان يدين القانون. وذكر البيان أن الحكومة على ما يبدو «تعتزم إثارة القلاقل والاضطرابات داخل المجتمع الهندي. وقد ولدت الهند كدولة من رحم حركة الاستقلال، وهي دولة تتطلع إلى التعامل بمساواة مع جميع المواطنين باختلاف أديانهم». رغم ذلك، فإن هذا القانون، حسب المفكرين، يعدّ «انفصالاً جذرياً عن هذا التاريخ، وسوف يمزق نسيج البلاد القائم على التعددية».
وفي حين انتقد تافلين سينغ، الصحافي البارز، القانون مشيراً إلى أنه ليس أكثر من قانون لصالح الأغلبية، وممارسة قبيحة تستهدف الإثبات للمسلمين الهنود أن لديهم في «الهند الجديدة» مساحة وفرصة أقل من تلك المتاحة لكل من الهندوس، والسيخ، والبوذيين، والجاينيين، والبارسيين، والمسيحيين، وأنه من الأفضل لهم الاعتياد على هذا الأمر.
وجاء في مقال افتتاحي في صحيفة «هندوستان تايمز»: «تركز حكومة مودي بشكل ثابت على تنفيذ جدول أعمالها الآيديولوجي الداخلي، مع ضمان اهتمام الدولة الهندية بأولويات ومخاوف الأغلبية الهندوسية التي يمثلها حزب (بهاراتيا جاناتا)».
وقالت سونيا غاندي، رئيسة حزب المؤتمر الوطني، بعد إقرار قانون المواطنة: «اليوم يعدّ يوماً أسود في تاريخ الدستور الهندي. يمثل تمرير تعديل قانون المواطنة انتصاراً لقوى ضيقة الأفق ومتعصبة، على التعددية في الهند. ويتعارض القانون في جوهره مع فكرة الدولة الهندية، التي ناضل أجدادنا من أجلها، ويقيم بدلاً منها دولة مضطربة، مشوهة، منقسمة على نفسها، يصبح فيها الدين عنصراً محدداً للقومية». كذلك صرّح عضو البرلمان أسد الدين عويسي قائلاً: «سوف يجعل قانون المواطنة الهند مثل إسرائيل التي تعد الدولة الأكثر عنصرية في العالم».
على الجانب الآخر، صرّحت الحكومة الهندية بأن السبب وراء عدم إدراج المسلمين ضمن الفئات المذكورة في القانون هو قدرتهم على اللجوء إلى الدول الإسلامية في مختلف أنحاء العالم. وصرّح الوزير براكاش جافاديكار لصحافيين بأن التشريع سوف يتبع مبادئ «العدالة الطبيعية» و«ليس موجهاً ضد أي شخص». مع ذلك، ذكرت اللجنة الأميركية للحريات الدينية في العالم في بيان أن القانون الجديد «يتعارض مع التاريخ الهندي الثري والزاخر بالتعددية العلمانية، ومخالف للدستور الهندي». وأشار البيان إلى ضرورة نظر الحكومة الأميركية في فرض عقوبات ضد وزير الداخلية الهندي والقيادة العليا للبلاد.
مراعاة مصالح الأغلبية في جنوب آسيا
يشهد كثير من البلدان حول العالم في هذه اللحظة ظاهرة شعور الأغلبية بالتهديد من جانب الأقلية، ويحدث هذا بوجه خاص في جنوب آسيا. الطريقة التقليدية لاستهداف الأقليات هي عبر الطريق الدستورية. فينصّ دستور سريلانكا على: «منح جمهورية سريلانكا البوذية المكانة والاهتمام الأكبر، وعليه سيكون من واجب الدولة حماية ودعم تعليمات بوذا»، وكثيراً ما يمنح هذا التوجه الأشخاص الذين يمتلكون السلطة الفرصة لإساءة معاملة المواطنين غير البوذيين. في دولة جوار أخرى هي بوتان لا يمكن لشخص غير بوذي حكم البلاد. وحتى سنوات قليلة ماضية فقط، كانت نيبال دولة هندوسية.
ولطالما كانت للهند مكانة متميزة في جنوب آسيا نظراً لكونها الجمهورية الوحيدة التي تتسم بالتعددية دستورياً، حيث لا مكان للدين في دستورها. وقد أضافت أنديرا غاندي، رئيسة الوزراء السابقة، كلمة «علماني» إلى ديباجة الدستور لضمان مزيد من الوضوح. وذكر مانيش تشيبر، المحرر البارز: «مع ذلك تتجه الهند حالياً نحو التحول إلى دولة هندوسية تعمل لصالح الأغلبية، ولا تحظى فيها الأقليات بحقوق الإنسان الأساسية، ويتم تسخير آلة الدولة إما لقمع أو لتهميش المسلمين وإقصائهم».



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.