تركيا تسارع لإقرار مذكرة التعاون مع «الوفاق» الليبية

إردوغان التقى السراج في إسطنبول لبحث التطورات

إردوغان والسراج خلال لقائهما في إسطنبول أمس (ا.ب)
إردوغان والسراج خلال لقائهما في إسطنبول أمس (ا.ب)
TT

تركيا تسارع لإقرار مذكرة التعاون مع «الوفاق» الليبية

إردوغان والسراج خلال لقائهما في إسطنبول أمس (ا.ب)
إردوغان والسراج خلال لقائهما في إسطنبول أمس (ا.ب)

التقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان رئيس «حكومة الوفاق الوطني» الليبية، فائز السراج، في إسطنبول، أمس، في الوقت الذي شرع فيه البرلمان التركي في إقرار مذكرة التفاهم في مجال التعاون العسكري والأمني، الموقعة بين تركيا وحكومة السراج أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وبحسب مصادر الرئاسة التركية، تم خلال اللقاء، وهو الثاني بعد اللقاء الذي عقد بينهما في 27 نوفمبر الماضي حيث جرى توقيع مذكرتي تفاهم في مجالي التعاون العسكري والأمني وتحديد مناطق السيادة في البحر المتوسط، وبحث آفاق التعاون بين البلدين.
وذكر بيان صادر عن المكتب الإعلامي للسراج أن اللقاء تناول مستجدات الأوضاع في ليبيا، وآفاق التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين الصديقين. وأعرب السراج، خلال اللقاء، عن تقديره لموقف تركيا الرافض لعمليات الجيش الوطني الليبي في العاصمة طرابلس، والحريص على عودة الاستقرار إلى ليبيا. كما بحث اللقاء البرنامج التنفيذي لمذكرتي التفاهم الموقعتين مؤخراً بين البلدين وآليات تفعيلهما. ولفت البيان إلى إشادة إردوغان بتضحيات أبناء الشعب الليبي دفاعاً عن العاصمة ومدنية الدولة.
والتقى السراج في الدوحة، أول من أمس، مع كل من وزيري الخارجية والدفاع التركيين، مولود جاويش أوغلو، وخلوصي أكار.
في سياق متصل، شرع البرلمان التركي في إجراءات إقرار مذكرة التفاهم في مجال التعاون العسكري والأمني الموقعة مع حكومة الوفاق. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن مذكرة التفاهم التي تتضمن توسيع التعاون العسكري والأمني ليست أمراً جديداً، وإنه لطالما كانت هناك اتفاقيات مع ليبيا في الماضي مشابهة للاتفاق الأخير. وأضاف جاويش أوغلو، في تصريحات بمقر البرلمان التركي، في أنقرة، أمس، حيث بدأت مناقشة مذكرة التفاهم: «حالياً تم عرض اتفاقية التعاون العسكري على البرلمان، وستدخل حيز التنفيذ بعد مصادقة برلماننا عليها». وتابع: «الرئيس رجب طيب إردوغان كان قد أشار إلى وجود اتفاقيات تعاون عسكري وأمني مع ليبيا في الماضي، مشابهة للاتفاق الأخير».
وأحالت الحكومة التركية في ساعة متأخرة، ليل السبت – الأحد، مذكرة التفاهم، التي تشمل بنوداً لإطلاق «قوة رد فعل سريع» إذا طلبت طرابلس ذلك.
وحثّ المشير خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي قواته، الخميس الماضي، على التقدم صوب وسط طرابلس، فيما أسماها «المعركة الحاسمة» بعد هجومه على العاصمة، الذي بدأه في أبريل (نيسان) الماضي.
وتنص مذكرة التفاهم بين تركيا والسراج، على أن طرابلس قد تطلب مركبات وعتاداً وأسلحة لاستخدامها في العمليات البرية والبحرية والجوية. وتنص أيضاً على تبادل جديد لمعلومات المخابرات. وجاء في المقترح المقدم من الحكومة إلى البرلمان بشأن المصادقة على مذكرة التفاهم، أن المذكرة تهدف إلى تعزيز التعاون بين تركيا وليبيا في المجالين الأمني والعسكري على أساس الاحترام المتبادل لسيادة البلدين.
وتشمل المذكرة التعاون في مجالات «الأمن، التدريب العسكري، الصناعات الدفاعية، مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظاميّة، اللوجستيّات والخرائط، التخطيط العسكري، نقل الخبرات، تأسيس مكتب تعاون دفاعي وأمني متبادل حال الطلب».
وبشأن ما إذا كانت تركيا سترسل قوات إلى ليبيا، قال جاويش أوغلو: «هذا موضوع مختلف... الرئيس إردوغان سبق أن أعرب عن استعداد تركيا للنظر في طلب هكذا، في حال وروده من الجانب الليبي». وأضاف: «تركيا تواصل العلاقات مع حكومة السراج في طرابلس، التي تعد الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا، وفي حال ورود طلب منها لإرسال قوات فإن أنقرة ستدرس ذلك، كما أكد الرئيس إردوغان».
وقال إردوغان الأسبوع الماضي إنه مستعد لإرسال قوات إلى ليبيا إذا طلبت ذلك الحكومة المعترف بها دولياً في طرابلس... «يمكننا إرسال أفرادنا إلى هناك؛ خصوصاً بعد إبرام الاتفاق الأمني العسكري».
وقال جاويش أوغلو، في تصريحات على هامش منتدى الدوحة، في قطر، أول من أمس، إن تركيا وافقت فوراً على مقترح من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للعمل المشترك على وقف الحرب في ليبيا. وأضاف أن «تدخل شركة خاصة في ليبيا لدعم حفتر أمر غير صائب... الجميع لا يوافق على هذا السلوك... ليبيا وسوريا لن يكونا مجالاً للتنافس بين أنقرة وموسكو.. كما أن لأنقرة ملفات تتوافق فيها مع موسكو، فإن لها أيضاً ملفات أخرى لا تتوافق فيها معها، وذلك لا يعني أنهما يتنافسان على هذه المناطق».
كان جاويش أوغلو التقى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية فائز السراج، أول من أمس، في الدوحة، وأكد الجانبان استمرارهما في الدفاع عن حقوقهما ومصالحهما «الشرعية في شرق البحر المتوسط». وأكد إردوغان في اتصال هاتفي مع بوتين، الأربعاء الماضي، ضرورة وقف إطلاق النار واستئناف محادثات السلام في ليبيا حتى تعود الأمور إلى طبيعتها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».