مائة غارة للتحالف تؤخر الهجوم على كوباني.. ودقتها تحول دون مقتل مدنيين

الغارات ضد «داعش» في عين العرب «كانت أكثر تأثيرا» من بقية المناطق

مائة غارة للتحالف تؤخر الهجوم على كوباني.. ودقتها تحول دون مقتل مدنيين
TT

مائة غارة للتحالف تؤخر الهجوم على كوباني.. ودقتها تحول دون مقتل مدنيين

مائة غارة للتحالف تؤخر الهجوم على كوباني.. ودقتها تحول دون مقتل مدنيين

مكّنت مائة غارة جوية نفذتها قوات التحالف العربي والدولي لمحاربة الإرهاب في سوريا، المقاتلين الأكراد من الثبات في معظم مواقعهم داخل مدينة كوباني (عين العرب)، التي تسكنها أغلبية كردية، واستعادة مواقع فقدتها مع تقدم «داعش»، في حين لم تحقق الضربات نتائج مماثلة في مناطق سوريا أخرى «نظرا لأنها استهدفت مواقع ومباني للتنظيم بما يتخطى الأهداف المتحركة»، بحسب ما قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط».
وأخلى تنظيم «داعش» معظم مواقعه العسكرية الثابتة، غداة تدشين التحالف ضربات ضد المتشددين في سوريا، وحشد مقاتليه لمهاجمة مدينة كوباني في ريف حلب الشرقي، في محاولة للسيطرة على المدينة. وبدأت طائرات التحالف باستهداف تمركزات التنظيم في تخوم المدينة، وداخل أحيائها، منذ مطلع الشهر الحالي، مستهدفة مقاتليه وآلياته العسكرية بأكثر من مائة غارة جوية. وقال عبد الرحمن إن الغارات «قوّضت إلى حد كبير قدرته العسكرية، ودمرت آلياته الثقيلة ومدافعه التي كان يقصف بها أحياء المدينة»، مشددا على أن تلك الغارات «كانت مفيدة جدا للمقاتلين الأكراد، ومكنتهم من الثبات وإطلاق هجمات مضادة ضد تمركزات التنظيم ومجموعاته المقاتلة».
لكن الغارات في مواقع أخرى، لم تثمر النتائج نفسها. وقال رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية الدكتور هشام جابر لـ«الشرق الأوسط» إن ضربات التحالف «كانت مفيدة جدا في الأسبوعين الأخيرين في كوباني، كونها أخّرت تقدم التنظيم، ولم تمنعه، لأنها تحتاج إلى توسيع لبنك الأهداف وتوسيع الضربات»، موضحا أن الضربات الجوية، في العلوم العسكرية «يجب أن تكون مساندة للقوات المتقدمة على الأرض، وهو ما يُفتقد في سوريا بغياب قوة عسكرية برية فاعلة يمكن أن تقضي على التنظيم».
ولفت إلى أن ضربات التحالف قبل استهداف تحركات التنظيم في كوباني «ركزت على الثكنات ومستودعات الأسلحة والمباني ومراكز القيادة والسيطرة التي بدت أنها أخليت بعد الضربة الأولى»، مما منعها من تحقيق نتائج كبيرة.
ويجمع الخبراء على أن الضربات في كوباني أثمرت نتائج مهمة، خلافا لنتائج الأسبوع الأول من بدئها، حيث رأى خبراء أن «لحملة الغارات الجوية تأثيرا محدودا على تنظيم (داعش)، الذي قام بإخلاء البنى التحتية الظاهرة، بينما يندس مقاتلوه بين السكان المحليين».
وبدأت قوات التحالف ضرباتها لمواقع المتشددين في سوريا، في 23 سبتمبر (أيلول) الماضي، ونفذت منذ ذلك الوقت أكثر من 300 غارة جوية وهجوم بالصواريخ شملت 7 محافظات سوريا هي دير الزور (شرق) وحمص (وسط) والحسكة (شمال شرق) وحماه والرقة وحلب وإدلب (شمال)، استهدفت مقرات التنظيمات، ومستودعات ذخيرة، وآبار نفط، ومنشآت لتكرير النفط والغاز، كما استهدفت مقاتلين أجانب، مما دفع بالتنظيمات إلى إخلاء مقراتها، وتنفيذ إعادة انتشار في مواقع أخرى، فيما تسببت الضربات بأزمة وقود في المناطق التي يسيطر عليها «داعش».
وتعتمد «داعش»، بحسب ما يقول جابر، وهو عميد متقاعد من الجيش اللبناني، على أسلوبين قتاليين في معاركها. الأول «يتمثل في أدائها كمحارب في حرب خفية، أي حرب العصابات، بينما تمارس الحرب كجيش نظامي في معارك تقليدية، كما هو الحال في مناطق أخرى، مثل الحرب في مطار الطبقة العسكري، الذي سيطرت عليه في شهر أغسطس (آب) الماضي، وكوباني حيث تحشد الدبابات وراجمات الصواريخ والمدافع وجميع الأسلحة الثقيلة، مما يجعل استهدافها أسهل».
وقال إن تلك الضربات «استطاعت أن تعطي معنويات وزخما ودفعا للمقاومين الأكراد، لكنها لم توقف الهجوم». وتغيب أي إحصاءات دقيقة لعدد الغارات التي استهدفت جهاديين في سوريا، وسط أنباء وردت في وسائل إعلام أميركية، بأن الطائرات الأميركية نفذت ما يقارب الـ400 غارة جوية ضد معاقل المتشددين في العراق وسوريا.
أما في سوريا، فإن الطلعات الجوية بين مهام القصف والتصوير والمراقبة ناهزت الألف، رغم أن عدد الغارات كان أقل من ذلك بكثير، ويقارب الـ300، بمشاركة طائرات عربية إلى جانب الطائرات الأميركية.
ويختلط على الناشطين إحصاء الغارات في معرض مقارنتها بالضربات، إذ يشرح عبد الرحمن أن الغارة الواحدة، أحيانا، تتضمن 6 ضربات، كما هو الحال فجر أمس الجمعة، حين رمت طائرة واحدة 6 صواريخ ضد مواقع مسلحين متشددين في محيط كوباني.
ورغم أن الضربات «أوقفت قدرة التنظيم على التمدد في سوريا والعراق»، فإن الغارات التي شنها التحالف على التنظيم في كوباني «كانت أكثر تأثيرا»، كما قال عبد الرحمن، نافيا في الوقت نفسه أن تكون الغارات استهدفت عن طريق الخطأ مقاتلين أكرادا، كما ذكر ناشطون. وأضاف أن الضربات التي ناهزت المائة منذ مطلع الشهر الحالي «أسفرت عن مقتل عدد كبير من مقاتلي (داعش)، وقوضت حركتهم، وأتاحت لمقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي إطلاق هجمات مضادة»، مشيرا إلى أن تأثير الضربات في مناطق أخرى «كان أقل وقعا، لكنها هزت (داعش)».
وأعلن المرصد السوري، أمس، أن ضربات التحالف الدولي قتلت الخميس 13 مقاتلا من تنظيم «داعش» في مناطق مختلفة من كوباني. ومن جهة أخرى، أعلنت قيادة المنطقة العسكرية الأميركية الوسطى في بيان أن طائرات التحالف شنت 14 غارة جوية ضد التنظيم قرب كوباني وفيها، يومي الأربعاء والخميس، بعد 22 غارة يومي الاثنين والثلاثاء، لافتة إلى أن هذه الضربات دمرت 19 مبنى يحتله المسلحون الجهاديون ومركزين للقيادة. وأسفرت الضربات عن مقتل 100 مقاتل من «داعش» على الأقل، بحسب ما أفادت به وسائل إعلام أميركية.
وبينما برزت انتقادات لضربات التحالف في أنحاء من سوريا، بوصفها استهدفت مدنيين، قال عبد الرحمن إن آخر مدنيين قُتلا نتيجة الضربات عن طريق الخطأ عند استهداف منطقة الصوامع في منبج (ريف حلب الشرقي)، مشيرا إلى مقتل 22 مدنيا منذ بدء الحملة ضد التنظيمات المتشددة في سوريا، كان أقساها في استهداف مقر لتنظيم «جبهة النصرة» في ريف إدلب. وأضاف: «في النهاية نحن نعارض قتل المدنيين، ويتوجب علينا الإقرار بأن غارات التحالف لم تستهدف المدنيين بشكل أساسي، خلافا لغارات النظام السوري التي تستهدف المدنيين بشكل مباشر، وكان آخرها مقتل 37 مدنيا في ريف دمشق».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.