ماكرون والنقابات... سنتان من التوتر

الرئيس الفرنسي يريد حركة نقابية أقل تسييساً

النقابي أوليفييه ماتو يخاطب أمس عمال نقابات مضربين في جنوب فرنسا (أ.ب)
النقابي أوليفييه ماتو يخاطب أمس عمال نقابات مضربين في جنوب فرنسا (أ.ب)
TT

ماكرون والنقابات... سنتان من التوتر

النقابي أوليفييه ماتو يخاطب أمس عمال نقابات مضربين في جنوب فرنسا (أ.ب)
النقابي أوليفييه ماتو يخاطب أمس عمال نقابات مضربين في جنوب فرنسا (أ.ب)

تشهد العلاقات بين النقابات والسلطة التنفيذية في فرنسا منذ أكثر من سنتين تقلبات كبيرة، وتجري المفاوضات بين الطرفين تحت الضغط وتصل أحياناً إلى حد الاستفزازات.
رئيس الحكومة إدوار فيليب رفض عرض الأمين العام «للكونفدرالية الديمقراطية الفرنسية للعمل» (سي إف دي تي) لوران بيرجيه للمساعدة مع تنامي الحركة الاحتجاجية ضد سياسات الحكومة، وأطلق سلسلة إجراءات سميت «الفصل الثاني» للولاية الرئاسية. لكن ذلك لم يقنع النقابيين. وبدأت ملامح الوضع ترتسم. وقال ممثل نقابة «الكونفدرالية الفرنسية للكوادر» فرنسوا هومريل إن «السير قدماً مع شخص لا يتقن العمل أمر معقد». وعلق ماكرون قائلاً: «نحن في نظام غريب. كل يوم يرددون في البلاد هيئات وسيطة وديمقراطية مناطقية وديمقراطية اجتماعية، ودعونا نتحرك وعندما نمد لهم اليد يقولون هذا أمر صعب لا نريده».
وشكل هذا التصريح استفزازاً للنقابات ولهيئة أرباب العمل. وقال لوران بيرجيه إن «البحث عن كبش محرقة مغرٍ على الأمد القصير، لكنه يأتي بنتائج عكسية في المستقبل». وبعد 9 أشهر، شارك بيرجيه في مظاهرات الثلاثاء ضد تعديل نظام التقاعد، بينما كان هو شخصياً الأكثر تأييداً لمبدأ «نظام للتقاعد الشامل» بدلاً من أنظمة التقاعد الـ42 المعمول بها حالياً في فرنسا.
الرئيس إيمانويل ماكرون حذر من قبل من أنه يفضل أن تبقى النقابات في مكانها، أي داخل المؤسسات. وقال عندما كان مرشحاً للرئاسة: «أرغب في حركة نقابية أقل تسييساً. نحتاج إلى هيئات وسيطة لكن في المكان الصحيح». وعند وصوله كان النقابات، التي كان لبعضها تجربة مع ماكرون كمستشار في الإليزيه أو في وزارة المال، تعرف أنه سيكون عليها اقتحام الوزارات لإسماع صوتها. وقال الأمين العام «للكونفدرالية الديمقراطية الفرنسية للعمل» (سي إف دي تي) لوران بيرجيه لوكالة الصحافة الفرنسية، إن العلاقة «يشوبها الحذر». وأضاف: «اعتمدوا نظرية مفادها أن الهيئات الوسيطة تمنع الديمقراطية وليست رافعة لها». لكن تراجعت شعبية النقابات إلى أدنى مستوى على غرار الأحزاب السياسية. ولهذا السبب أخفقت التعبئة ضد قانون العمل في 2016.
وفيما يعبر البعض في قاعدة «الكونفدرالية الديمقراطية الفرنسية للعمل» عن سخطهم، لا يريد لوران بيرجيه الدخول في مواجهة. وقال: «علينا ألا نعطي الحكومة الحجج لإدراجنا في خانة العالم القديم في صف المشتكين العاجزين». لكن التشنجات حول المضمون والأسلوب تتزايد، وباتت النقابات تشعر أنه يتم تجاهلها والالتفاف عليها حتى إهانتها.
ومر تعديل القانون الذي كان أول إصلاح في الولاية الممتدة 5 سنوات، بلا مشاكل مع أن هذه النصوص تثير غضب النقابات أيضاً، لأنها تنص على دمج الهيئات التمثيلية للموظفين وتلغي على مر الوقت عشرات الآلاف من الممثلين المنتخبين في الشركات الفرنسية.
ونظمت نقابتا «الكونفدرالية العامة للعمل» (سي جي تي) و«متضامنون» (سوليدير) بعض المظاهرات، لكنها لم تحقق نجاحاً كبيراً. وتم تقديم طلبات إلى القضاء لم تفضِ إلى نتيجة.
وقال باسكال بافاجو الذي شغل منصب الأمين العام لنقابة «القوة العاملة» (فورس أوفريير)، إن «ماكرون من الذين يؤمنون بمبدأ أنا أفكر إذن أنا موجود».
من جهته، رأى فيليب مارتينيز الذي يقود «الكونفدرالية العامة للعمل» أن ماكرون «يلعب بالنار»، بينما يطلق ممثل نقابة «الكونفدرالية الفرنسية للكوادر» فرنسوا هومريل التغريدة تلو الأخرى ضد السلطة التنفيذية ويقاطع بعض الاجتماعات.
وكان لوران بيرجيه صرح في مايو (أيار) 2018 بأنه «مع إيمانويل ماكرون إما أن نوافق على كل شيء أو لا يحق لنا التدخل»، موضحاً قبل 6 أشهر من بدء حركة «السترات الصفراء» أنه يخشى صعود «التطرف».
بعد شهر دان بيرجيه «الرؤية الأنجلوسكسونية» لمجتمع ماكرون، التي تعزز «التيارات الشعبوية». كما شن هجوماً على سياسة الهجرة في مقال كتب فيه: «السيد ماكرون؛ سياستكم تتناقض مع المبادئ الإنسانية التي تدعون إليها». وبعدما كانت المحاور المفضلة في الولاية الرئاسية السابقة، لم تعد «للكونفدرالية الديمقراطية الفرنسية للعمل» حظوة لدى السلطة وتسعى لإيجاد مخرج للوضع. في هذه الأثناء، في «الشركة الوطنية لسكك الحديد» لم يمنع نزاع استمر 3 أشهر إصلاحاً حول المؤسسة إلى شركة مغفلة وأثار استياء عمال السكك الحديدية. وحتى في هيئة أرباب العمل التي يديرها رئيس جديد هو جوفروا دو بيزيو، لم يلقَ ذلك قبولاً.
وفي حادثة غير مسبوقة في ذاكرة النقابيين والمتعهدين، اجتمعت كل النقابات ومنظمات أرباب العمل في المجلس الاقتصادي البيئي والاجتماعي. وقد قررت التوافق قبل أول موعد في الإليزيه مع كل الشركاء الاجتماعيين، قدمه رئيس الدولة على أنه فرصة «لإرساء أسس عقد اجتماعي جديد». واحترمت النقابات كل اللقاءات لكنها التزمت الحذر. وبعد شهر عقد اجتماع في مقر رئاسة الحكومة هذه المرة. ولم يقنع اللقاء فيليب مارتينيز. وقال: «لم يتغير شيء. يستدعوننا ليوضحوا ما سيفعلونه هذا العام (...) ويقولون لنا: على كل سنفعل ما نريد». وجاءت بعد ذلك أزمة «السترات الصفراء» في خريف 2018، التي كان كثير من النقابيين يتوقعون حدوثها. وغرقت السلطة التنفيذية في أزمة تواجه صعوبة في الخروج منها.



«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.