الاحتجاجات مستمرة أمام مؤسسات رسمية ومواجهات بين الجيش والمتظاهرين

مصادر عسكرية أكدت قرارها بمنع قطع الطرقات

من المواجهات بين عناصر الجيش وأحد المتظاهرين في منطقة جل الديب (إ.ب.أ)
من المواجهات بين عناصر الجيش وأحد المتظاهرين في منطقة جل الديب (إ.ب.أ)
TT

الاحتجاجات مستمرة أمام مؤسسات رسمية ومواجهات بين الجيش والمتظاهرين

من المواجهات بين عناصر الجيش وأحد المتظاهرين في منطقة جل الديب (إ.ب.أ)
من المواجهات بين عناصر الجيش وأحد المتظاهرين في منطقة جل الديب (إ.ب.أ)

شهدت عدة مناطق لبنانية أمس تحركات شعبية، ولا سيما أمام بعض الإدارات الرسمية فيما عمد المتظاهرون في منطقة جل الديب (شمال بيروت) إلى إقفال الطريق حيث سجلت مواجهات بينهم وبين الجيش اللبناني.
ومنذ ساعات الصباح الأولى أقدم المحتجون على قطع أوتوستراد جل الديب بالاتجاهين قبل أن يعمل الجيش اللبناني على إعادة فتحه أمام السيارات بعد عدة محاولات. وأدى ذلك إلى اعتقال عدد من المتظاهرين لبعض الوقت قبل أن يُطلق سراحهم. وقال المتظاهرون إن «قطع الطريق تم صباحا للتأكيد أن الثورة لم تمت وأنهم لن يرضوا إلا برئيس حكومة مستقل».
وفي بيان له دعا «حزب الكتائب اللبنانية» قائد الجيش لمساءلة ومحاسبة من أساء إلى صورة المؤسسة العسكرية. وقال جهاز الإعلام في «الكتائب»: «نتابع منذ فترة ميل أجهزة أمنية لبنانية لاستعمال مفرط للقوة لترهيب وقمع متظاهرين سلميين في عدد من المناطق اللبنانية، منذ اجتياح خيم الثوار في مزرعة يشوع مروراً باعتداءات حرس مجلس النواب على المارة في بيروت وصولاً إلى وحشية التعاطي صباح اليوم في جل الديب». وأضاف بيان الكتائب: «لقد أثبتت المؤسسة العسكرية منذ بدء الانتفاضة الشعبية مسؤولية عالية بالتعاطي مع الأحداث»، سائلا: «ماذا تغير اليوم؟ ولماذا هذه الوحشية في قمع بعض المتظاهرين الذين يريدون إيصال صوتهم لسلطة غائبة وعاجزة... لماذا هذه الازدواجية في التعاطي، بالتساهل مع جمهور أحزاب السلطة من جهة، والتشدد مع متظاهرين سلميين أحرار من جهة أخرى؟». وأضاف: «هل من نية خفية للإيقاع بين الجيش وشعبه؟ ومن المستفيد من هذا الواقع الجديد؟».
وبينما حذّر «الكتائب» من الاستمرار في نهج القوة المفرطة، دعا «قائد الجيش الذي يحظى بإجماع اللبنانيين إلى تدارك خطورة هذه الأفعال عبر مساءلة ومحاسبة من أساء إلى صورة المؤسسة العسكرية لتبقى هذه المؤسسة حامية للوطن وضامنة لشعبها كل شعبها».
وفي رد منها على الانتقادات التي وجهت إلى الجيش، قالت مصادر عسكرية، لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف قائد الجيش جوزيف عون الأخير كان واضحا لجهة رفض قطع الطرقات مع احترام حرية التعبير عن الرأي والتظاهر في الساحات، وإذا بصباح أمس عمد متظاهرون إلى قطع طريق جل الديب حيث حاول العناصر فتحها مستخدمين (القوة الناعمة) لكن تمت مواجهتهم بالقوة والتعدّي على العناصر وتوجيه إهانات وكلام بذيء لهم ما اضطرهم إلى اللجوء إلى القوة المتدرجة»، داعية إلى الأخذ بعين الاعتبار الظروف التي يعيش في ظلها العسكريون المحتجزون في مراكزهم وعملهم منذ 60 يوما.
وفي رد منها عن سبب عدم توقيف المعتدين من مناصري «حزب الله» وحركة «أمل» الذين يهاجمون المتظاهرين في وسط بيروت، قالت المصادر: «في الأيام الأولى للاحتجاجات حين نفذ هجوم من قبل هؤلاء على ساحات التظاهر كان الجيش لهم بالمرصاد، لكن بعد ذلك وزّعت المناطق على الأجهزة الأمنية بحيث لم يعد الجيش مسؤولا عن منطقة وسط بيروت». وأوضحت: «في الاجتماع الأمني الأول في 26 أكتوبر (تشرين الأول)، تم توزيع المناطق على الأجهزة حيث اتفق على أن تكون منطقة وسط بيروت (ساحتي الشهداء ورياض الصلح وجسر الرينغ) تابعة لقوى الأمن الداخلي ويأخذ الجيش دور المؤازرة، على أن يكون وجوده الأساسي في جل الديب والشفروليه وجونيه، ويتولى أمن الدولة مسؤولية منطقة الصالومي، والأمن العام في الأشرفية ومنطقة المطار».
وسجل أمس عدد من التحركات والوقفات الاحتجاجية في عدد من المناطق وأمام عدد من الإدارات الرسمية.
وفي بيروت، دخلت مجموعة من شبان الحراك الشعبي قبل الظهر إلى حرم مركز هيئة «أوجيرو» المركزي في بئر حسن، حاملين لافتات تندد باقتراحات خصخصة «أوجيرو» وقطاع الاتصالات في لبنان وبيعها والدفاع عن حقوق صغار المستخدمين والمياومين. وبدأ المحتجون برفع الأصوات وإطلاق شعارات داخل المبنى وتوجيه الاتهامات المباشرة إلى إدارة «أوجيرو» ورئيسها ومجلس إدارتها والمستخدمين الكبار فيها. وتدخل حرس المركز الرئيسي التابع للهيئة وحصل تدافع وتضارب، انسحب على إثرها المحتجون وتراجعوا إلى أمام بوابة المركز الخارجية، بحسب «الوكالة الوطنية للإعلام»، مشيرة إلى أن المحتجين قالوا إنهم «سيرفعون دعوى قضائية بسبب ما تعرضوا له من اعتداء داخل المبنى».
وفي جونيه، أقفل محتجون لليوم الثاني مدخل مصلحة تسجيل السيارات والآليات في سرايا جونيه، ومنعوا الموظفين من الدخول إلى مكاتبهم، ووضعوا عند المدخل العلم اللبناني.
وفي صيدا، قام عدد من الشابات والشبان من مجموعة «أنا مستقل» من الحراك المدني بالدخول إلى مبنى الضمان الاجتماعي «للمطالبة بحقوق المواطن من ضمان شيخوخة وضمان صحي وتغطية علاج الأمراض المزمنة والمستعصية بشكل كامل وضمان أصحاب المؤسسات وتغطية علاج الأسنان واللثة وميكنة إنجاز المعاملات». وقاموا بمحاولة لصق منشورات بمطالبهم على أبواب مكاتب الموظفين، إلا أن أحد الموظفين قام بمنعهم مستغربا دخولهم إلى مبنى الضمان.
وفي صور نفذ محتجون من حراك المدينة وقفة تضامنية أمام مصرف لبنان مرددين شعارات منددة بالسياسات المصرفية المالية والسياسات الاقتصادية المتبعة.
وفي طرابلس، نفذ محتجون اعتصاما أمام المدخل الخارجي لسرايا طرابلس احتجاجا على الفساد المستشري فيها، مرددين هتافات تطالب باستقالة محافظ الشمال رمزي نهرا، وسط انتشار كثيف لعناصر قوى الأمن الداخلي في محيط السرايا وعند أبوابها الخارجية والداخلية.
وفي بعلبك أيضا اعتصم عشرات المحتجين صباحا أمام فرع مصرف لبنان رافعين الأعلام اللبنانية ومرددين الهتافات المطلبية.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.