موسكو تؤكد السعي لإيجاد «حلول وسط» بين دمشق وأنقرة

TT

موسكو تؤكد السعي لإيجاد «حلول وسط» بين دمشق وأنقرة

جددت موسكو دعوتها لفتح حوار بين دمشق وأنقرة، وأعلن مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف أن بلاده «تعمل على إيجاد سبيل للتوصل إلى حلول وسط وتطبيع العلاقات بين البلدين الجارين».
وحذّر المسؤول الروسي من مخاطر «بقاء إدلب تحت سيطرة الإرهابيين»، ملمحاً إلى «تدابير ميدانية إضافية» قد يتم اتخاذها، من بينها توسيع «المنطقة الآمنة حول محافظة حلب والمناطق المحيطة بها».
وأعرب لافرينتييف عن ارتياح لنتائج جولة مناقشات آستانة الأخيرة، برغم أنه أقر في لقاء تلفزيوني بعدم تحقيق تقدم كبير في الملفات المطروحة، وقال إن التواصل بين تركيا وسوريا صعب، و«تركيا دعمت وما زالت تدعم المعارضة السورية، لكن لدى روسيا رغبة في تحسين العلاقات بين البلدين». وزاد أن بلاده تسعى إلى توصل الجانبين لـ«اتفاقات معينة، من شأنها دفع مسار تطبيع العلاقات في المستقبل».
وقال إن الوضع في محافظة إدلب «ما زال معقداً»، لافتاً إلى أن «روسيا نبهت من مخاطر توسيع نفوذ الإرهابيين، وهم الآن يسيطرون على 95 في المائة من أراضي المحافظة، والمعارضة المعتدلة المدعومة من جانب تركيا ليست قادرة على تغيير هذا الوضع». وزاد أن دولاً غربية تدعو إلى ترك الوضع في إدلب على حاله بحجة حماية المدنيين، مشدداً على أن «موقفنا هو أنه لا يجوز السماح بأن تظهر خلافة إسلامية جديدة» مزعومة.
ورداً على سؤال حول تزايد الهجمات من إدلب على المناطق المجاورة، قال: «تظهر ضرورة لاتخاذ خطوات معينة لضمان أمن هذه المناطق، ربما يكون بينها توسيع المنطقة الآمنة المحيطة بحلب، وإذا كنا سمحنا لتركيا بإنشاء منطقة آمنة على الحدود لضمان مصالحها فالطبيعي أن ندفع لإقامة مناطق آمنة داخل سوريا نفسها لحماية المدن».
ولفت لافرينتييف إلى أن الأوضاع في المنطقة الآمنة بشمال سوريا مستقرة، بفضل الدوريات الروسية التركية. لكنه لفت إلى أن القوات الحكومية لم تنتشر في الفترة الماضية في بعض المناطق، لذلك وقعت صدامات، «والآن استقرت الأوضاع إلى الشرق والغرب من المنطقة الآمنة، وعلى طول الطريق (إم 4) الذي يشكل خط التماس الذي تم الاتفاق عليه».
وفيما يتعلق بالقضية الكردية، أكد أن روسيا تلفت انتباه الأكراد دائماً إلى أن الأميركيين سيذهبون، وأن عليهم التأني قبل اتخاذ أي قرار.
وتطرق إلى عمل اللجنة الدستورية السورية، مشيراً إلى غياب الثقة بين أطراف اللجنة، «ويجب خلق الظروف المواتية لمتابعة عملها»، معرباً عن ثقته بأن قرار إطلاق اللجنة الدستورية صائب ومفيد، رغم الخلافات بين أطرافها.
وكان الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أعلن أن الوضع في سوريا كان محوراً أساسياً لمحادثات هاتفية أجراها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان. وأضاف أن الرئيسين أكدا دعمهما تنشيط جهود مواجهة التهديد الإرهابي في سوريا، بما فيها محافظة إدلب. من دون أن يقدم تفاصيل إضافية عن فحوى المحادثة.
وكانت موسكو شككت في وقت سابق بإمكان نجاح قمة تجمع زعماء تركيا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، في حال إذا لم تتم دعوة روسيا للمشاركة فيها. وينتظر أن تعقد القمة في فبراير (شباط) المقبل في إسطنبول، ورجحت أوساط روسية أن يكون هذا الملف محوراً للبحث بين الرئيسين الروسي والتركي.
في غضون ذلك، أعلنت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن موسكو وأنقرة تواصلان تنفيذ مذكرة سوتشي بشأن سوريا، وأن «عملية انسحاب القوات الكردية قد تم الانتهاء منها».
وأشارت إلى نجاح الطرفين في «استكمال إنشاء منطقة منزوعة السلاح حول محيط المنطقة الآمنة التركية»، وأنه تم إطلاق مركز تنسيق روسي تركي في المنطقة.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، في إفادة صحافية أمس، بدء تسيير الدورية الروسية التركية المشتركة الخامسة عشرة، على الحدود السورية التركية.
وقالت الوزارة، في بيان، إن «الدورية المشتركة الـ15 للشرطة العسكرية الروسية والقوات المسلحة التركية بدأت أعمالها، اليوم (أمس) الخميس، في المناطق الحدودية الواقعة على بعد عشرات الكيلومترات غربي مدينة القامشلي، ونفذت أطقم المروحيات الروسية أعمال الدوريات الجوية».
ولفتت إلى أن الدوريات تنفذ مهامها باستخدام مركبات «تيغر» المدرعة وناقلات الجنود المدرعة من طراز «بي تي آر – 80» تابعة للشرطة العسكرية الروسية ومركبات «كيربي» المدرعة التابعة لقوات حرس الحدود التركية، وتضم الدورية 8 وحدات من المعدات العسكرية ونحو 50 من الأفراد العسكريين من البلدين. وأضافت وزارة الدفاع أن حركة الدوريات تجري مراقبتها بشكل دائم بواسطة طائرات «أورلان 10» المسيرة التابعة للشرطة العسكرية الروسية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».