أنقرة تلوح بمواصلة «نبع السلام» بديلاً عن «المنطقة الآمنة»

تحذيرات من أزمة إنسانية في إدلب

TT

أنقرة تلوح بمواصلة «نبع السلام» بديلاً عن «المنطقة الآمنة»

لوَّحت أنقرة باستئناف عمليتها العسكرية «نبع السلام»، في شمال شرقي سوريا، حال عدم الوفاء بالتعهدات المقدّمة إليها من جانب كل من الولايات المتحدة وروسيا، التي بموجبها تم إيقاف العملية بعد 8 أيام من انطلاقها في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في وقت حذرت فيه تركيا من موجة نزوح جديدة من إدلب في ظل التصعيد من جانب الجيش السوري الحكومة بدعم من روسيا.
وقالت تركيا إنها تحتفظ بحقها في مواصلة عملية «نبع السلام»، في شمال شرقي سوريا، حال عدم الوفاء بالتعهدات المقدمة لها، مشددة على أنها لن تخرج من سوريا حتى يتم تطهير المنطقة الآمنة من الإرهابيين، في إشارة إلى مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية التي تقود تحالف قوات سوراي الديمقراطية (قسد) في شمال سوريا.
ورأى المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية، حامي أكصوي، أن عملية «نبع السلام» حرمت بعض الدول (لم يسمّها) من تحقيق طموحاتها في المنطقة، ودمّرت أحلام البعض، لذلك بدأت حملة تشويه ضد تركيا منذ انطلاق العملية.
وأضاف أكصوي، في مؤتمر صحافي عقده لسل الجمعة - السبت، أنه في مقابل حملة التشويه، بدأت تركيا بأنشطة لنشر المعلومات الصحيحة، وأبلغت المجتمع الدولي بنطاق وركائز وطبيعة العملية، التي قال إن تركيا أسهمت من خلالها في ضمان وحدة تراب سوريا، على عكس ما يُقال.
وأشار إلى أن تركيا وقّعت اتفاقية مع الولايات المتحدة في 15 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأخرى مع روسيا في سوتشي، في 22 من الشهر ذاته، وهذا دليل صريح على إقرار هذين البلدين بشرعية العملية. وتابع: «رغم ذلك، نحتفظ بحقنا في مواصلة عمليتنا حال لم يتم الوفاء بالتعهدات المقدمة لنا... لن نخرج من سوريا حتى يتم تطهير المنطقة الآمنة، التي تحدث عنها الرئيس رجب طيب إردوغان»، ممن وصفهم بـ«الإرهابيين».
واتهم المتحدث التركي وحدات حماية الشعب الكردية بقتل 45 مدنياً، وإصابة 244 آخرين منذ انطلاق العملية العسكرية في المنطقة في 9 أكتوبر الماضي.
وعدّ أكصوي التدخل التركي عبر عملية «نبع السلام» في سوريا حقّاً من حقوق تركيا لحماية حدودها وأمنها القومي، لافتاً إلى أن المخاطر التي تتعرض لها تركيا من حدودها المشتركة مع سوريا، «لا تقتصر فقط الإرهابيين، وإنما تمتد إلى معاناتها مع أزمة اللاجئين»، وأن «تركيا سعت منذ البداية إلى تأسيس منطقة آمنة للاجئين».
في السياق ذاته، كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد، على هامش منتدى «حوار المتوسط» في روما، أول من أمس، أن تنفيذ «اتفاقية سوتشي» بين تركيا وبلاده، مكّن من تحقيق الاستقرار في سوريا.
وأكد لافروف أن بلاده تولي أهمية للمخاوف التركية، المتعلقة بتحقيق الأمن على حدودها، مشيراً إلى تنفيذ أنقرة لعملية «نبع السلام» بالمنطقة، لافتاً إلى أن تركيا عبرت عن مخاوفها الأمنية منذ فترة طويلة، وأن تفاهم سوتشي الموقع بين تركيا وبلاده في 22 أكتوبر الماضي، يجري تنفيذه على الأرض، ومكّن التفاهم من تحقيق استقرار الوضع في سوريا.
وأكدت مندوبة الولايات المتحدة الدائمة لدى الأمم المتحدة، كيلي كرافت، دعم بلادها لمقترح تركي يقضي بفتح معبر حدودي جديد مع سوريا، ضمن آلية مواصلة المساعدات الإنسانية إليها. وتطرقت كرافت، وهي الرئيس الدوري لمجلس الأمن الدولي في مؤتمر صحافي، أول من أمس، إلى الآلية التي تمكّن من إدخال المساعدات الإنسانية للمدنيين بسوريا منذ إقرارها في 2014، المزمع انتهاء العمل بها نهاية العام الحالي.
وأكدت كرافت أن واشنطن ستدعم بشكل قوي تمديد عمل الآلية لمدة سنة إضافية، وأيضاً مقترح أنقرة القاضي بفتح معبر حدودي جديد مع سوريا، في إطار الآلية ذاتها، مشيرة إلى أن هذا مهم جداً من ناحية تغطية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة في المنطقة.
وأنشأ مجلس الأمن هذه الآلية بموجب قراره رقم «2165»، الصادر في يوليو (تموز) 2014. وبموجبها تمكّنت الأمم المتحدة من تقديم مساعدات إنسانية منقذة للحياة إلى ملايين المدنيين، وسنوياً، يجدد المجلس مهام الآلية.
على صعيد آخر، حذرت مصادر دبلوماسية تركية من وقوع كارثة إنسانية جديدة بسبب تصعيد الجيش السوري الحكومي بدعم من روسيا هجماته في إدلب، لافتة إلى أن نحو 25 ألفاً من المدنيين في إدلب نزحوا باتجاه الحدود التركية في الأيام الأخيرة.
وتواصل حصيلة الخسائر البشرية ارتفاعها جراء القصف الجوي من قبل طيران النظام السوري والروسي على محافظة إدلب.
ومنذ اتفاق وقف إطلاق النار بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان، في أغسطس (آب) الماضي، بلغ عدد القتلى في إدلب 772 شخصاً.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.