حرب حوثية ضد مقاهي صنعاء لإجبار ملاكها على دفع الإتاوات

TT

حرب حوثية ضد مقاهي صنعاء لإجبار ملاكها على دفع الإتاوات

دشنت ميليشيات الحوثي الانقلابية حملات واسعة جديدة لإغلاق المقاهي في العاصمة صنعاء تحت مبرر منع الاختلاط، وهي نفس الحجة التي تستخدمها كل سنة لجباية الأموال وابتزاز ملاك المقاهي.
وأفادت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن الميليشيات والموظفين التابعين لها في مكاتب السياحة في مديريات صنعاء بدأت في اليومين الماضيين تنفيذ حملات أغلقت خلالها كثيراً من المقاهي الشهيرة في العاصمة، بعد أن رفض ملاكها دفع الإتاوات التي فرضتها الجماعة.
وذكرت المصادر أن عدداً آخر من المقاهي اضطر ملاكها إلى دفع مبالغ طائلة تفادياً للإغلاق وتجنب الاعتداء من القيادات والمسلحين الحوثيين الذين يعبثون بالمقاهي ومحتوياتها في حال عدم الانصياع ودفع الإتاوات التي يريدونها.
وأوضح مالك مقهى بمنطقة السبعين جنوب العاصمة لـ«الشرق الأوسط» أن المشرف الحوثي، ومعه مسلحون اقتحموا «الكافيه» وتوجهوا إلى المحاسب وطلبوا منه كشفاً تفصيلياً بالأموال التي جمعها خلال الأسابيع الأخيرة، وعندما رفض الانصياع لهم قام المسلحون بإشهار السلاح في وجهه وطرد العمال وإغلاق المحل بعد تحطيم بعض مقتنياته.
وذكر مالك المقهى الذي طلب عدم ذكر اسمه خشية التنكيل به أن القيادات الحوثية تريد أن تفرض مبالغ مالية على ملاك المقاهي أو اتهامهم بعدم توافق شروط مزاولة عملهم مع بنود القانون السياحي، وأيضاً التهديد بالإغلاق بحجة الاختلاط بين الجنسين، وهو نفس السيناريو الذي تمارسه قيادات الميليشيات سنوياً.
ويفصح مالك المقهى أن عملية الابتزاز لا تطال المقاهي «فهناك عدد من الكافيهات لا تتم مطالبتهم بأي إتاوات أو رسوم مالية لأن أصحابها من الحوثيين أو المقربين لهم، بينما نحن نطالب بدفع الضرائب والواجبات ودعم المجهود الحربي ورسوم البلدية ورسوم النظافة والزكاة ورسوم المجالس المحلية، إلى جانب دفع رشاوى وإتاوات وأتعاب ومواصلات المسلحين».
وغالباً ما يرتاد هذه «الكافيهات» كثير من الشباب الناشطين الحقوقيين والسياسيين والمثقفين والفنانين يتبادلون الأحاديث لبضع ساعات حيث تعد المتنفس الوحيد الذي يلجأ إليه الشباب اليمني، كما تعد ملتقى للفنانين ورواد العمل الاجتماعي، وهو ما لا تتقبله الميليشيات التي تسعى إلى تكميم الأفواه وإغلاق أي مكان يكون مصدراً لإزعاج قياداتها.
وكانت ميليشيات الحوثي الطائفية أغلقت العام المنصرم عدداً من «الكافيهات» تحت مبررات واهية من قبيل الاختلاط بين الذكور والإناث، أو لأن موقع الكافيه يقع قرب موقع أمني حوثي، أو لأنه مخالف للمواصفات والمقاييس، زاعمين في أغلب دعاويهم أن المقاهي وروادها من أحد الأسباب التي أدت إلى تأخير «النصر الإلهي» الذي تنتظره الجماعة.
وتعمد الميليشيات إلى اقتحام المكان بمعية أشخاص مسلحين يتعاملون مع الموجودين في «الكافيه» بصلف وغطرسة وإذلال حيث يشهرون الأسلحة ويعتدون على الشباب أو العاملين كما يقومون بتكسير بعض محتويات المقهى كنوع من إرهاب الحاضرين، وفي أحيان كثيرة يتم الاعتداء المباشر على الشباب أو العاملين بالضرب.
وعبر سكان محليون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عن استيائهم من ابتزاز هذه الميليشيات وأساليب نهبها لأصحاب الكافيهات التي باتت عرضة للإغلاق في أي وقت ما لم يدفع ملاكها بصورة مستمرة وبسخاء.
ويشتكي ملاك المقاهي من أنهم لم يعودوا يستطيعون حصر الجهات الحوثية التي تأتي لابتزازهم، ففي كل مرة «يأتي أشخاص مدججون بالأسلحة يريدون مبالغ مالية تصل أحياناً إلى ما يعادل 1000 دولار».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».