مفاوضات لتشكيل حكومة جديدة مع تواصل الاحتجاجات في العراق

محتجون مناهضون للحكومة يستخدمون أضواء ليزر في مواجهة قوات مكافحة الشغب وسط بغداد (إ.ب.أ)
محتجون مناهضون للحكومة يستخدمون أضواء ليزر في مواجهة قوات مكافحة الشغب وسط بغداد (إ.ب.أ)
TT

مفاوضات لتشكيل حكومة جديدة مع تواصل الاحتجاجات في العراق

محتجون مناهضون للحكومة يستخدمون أضواء ليزر في مواجهة قوات مكافحة الشغب وسط بغداد (إ.ب.أ)
محتجون مناهضون للحكومة يستخدمون أضواء ليزر في مواجهة قوات مكافحة الشغب وسط بغداد (إ.ب.أ)

يجري السياسيون العراقيون جولة مفاوضات على أمل التوصل لاتفاق على تشكيل حكومة جديدة، فيما تتواصل الاحتجاجات المناهضة للسلطة القائمة والنفوذ الإيراني فيها، مع المطالبة بتغيير كامل الطبقة السياسية.
وبدأت الأحزاب السياسية، حتى قبل أن يعلن البرلمان موافقته رسمياً على استقالة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي وحكومته الأحد، عقد اجتماعات و«لقاءات متواصلة» للبحث في المرحلة المقبلة، حسبما أكد مصدر سياسي رفيع لوكالة الصحافة الفرنسية.
وعلى البرلمان الذي أصيب بشلل هو الأطول في تاريخ العراق الحديث، التوصل إلى اتفاق على تشكيل حكومة تضمن توازن القوى وموافقة جميع الأطراف السياسيين.
ودفع المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني باتجاه سحب الثقة من عبد المهدي. كما أدان المجتمع الدولي القمع الذي قوبلت به الاحتجاجات وخلّفَ أكثر من 420 قتيلاً، فيما يتواصل ضغط الشارع.
من جهة أخرى، أفاد مصدر حكومي وكالة الصحافة الفرنسية بأن قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني يزور العراق لإجراء محادثات حول الأزمة السياسية في البلاد.
وفي سياق المواقف الدولية، أدانت الولايات المتحدة أمس (الاثنين) الاستخدام «المروع والشنيع» للقوة ضد المتظاهرين جنوب العراق.
وقال مساعد وزير الخارجية الأميركي للشرق الأوسط ديفيد شينكر للصحافيين إن «استخدام القوة المفرطة خلال عطلة نهاية الأسبوع في الناصرية كان مروعا وشنيعا».
وأضاف شينكر «ندعو الحكومة العراقية إلى التحقيق ومحاسبة أولئك الذين يحاولون أن يكمموا بوحشية أفواه المتظاهرين السلميين».
وبعد شهرين من أول حركة احتجاجات عفوية انطلقت في بغداد ومدن جنوب العراق، ولدت قناعة لدى الكوادر السياسية العليا في البلاد، بأنّ «التظاهرات أقوى من التدخل الأجنبي».
وبعدما كانت مقتصرة على الدعوة إلى توفير فرص عمل وخدمات عامة، تصاعدت مطالب المحتجين الذين ما زالوا يسيطرون على ساحات التظاهر، لتشملَ إصلاح كامل المنظومة السياسية التي نصبتها الولايات المتحدة بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003.
وأصبح تغيير الطبقة السياسية المتهمة بالفساد، مطلباً أساسيا للمحتجين الذين يكررون في المدن كافة رفضهم بقاء «الفاسدين» و«جميع السياسيين» الحاليين.
ووقف تحالف «سائرون»، الكتلة السياسية الأكبر في البرلمان والمدعوم من رجل الدين الشيعي البارز مقتدى الصدر، وتحالف «النصر» الذي يرأسه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، إلى جانب المحتجين عبر رفضهم المشاركة في المفاوضات الحالية.
من جهته، قال المحلل المختص في الشأن العراقي حارث حسن في هذا الصدد «إنهم يعلمون أن السقف مرتفع للغاية ومن الصعب عليهم إرضاء الشارع». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية: «إنهم لا يريدون مواجهة مزيد من الغضب والرفض»، في حين لم تتغير الطبقة السياسية التي تسيطر على مقدرات البلاد منذ 16 عاماً، وهي «لا تدرك كيف تتخلص من أساليب تفكيرها التقليدية».
وأكد حسن أن «السيناريو الأفضل (الآن) هو تشكيل حكومة انتقالية ترسّخ إطاراً تشريعياً جديداً للانتخابات القادمة».
ويرى المحلل أن من يتولى القيادة «لا يحتاج إلى أن يكون خبيراً في السياسة، بل يمكنه قيادة هذه المهمة، وبالتأكيد يقدّم وعداً بعدم الترشح للانتخابات».
وأكد مسؤول رفيع رفض كشف هويته تأييده هذا الأمر، مشيراً إلى أن الفترة «الانتقالية يجب ألا تستمر أكثر من ستة أشهر».
وقال رئيس البرلمان محمد الحلبوسي يوم أمس (الاثنين) إن البرلمان يعمل على بلورة قانون انتخابي جديد بهدف «استعادة الثقة بالعملية السياسية والانتخابية». وبدأ في هذا السياق مشاورات مع رؤساء الكتل البرلمانية وممثلي الأمم المتحدة في العراق.
في غضون ذلك، يواصل محتجون تأكيد مطالبهم في بغداد ومدن أخرى في جنوب البلاد بينها الحلة والكوت والنجف التي تعيش توترا شديدا منذ إحراق القنصلية الإيرانية مساء الاربعاء الماضي.
ويرى متظاهرون أن مشكلات البلاد تتطلب حلولاً جذرية تتجاوز استقالة عبد المهدي.
من جانبه، قال محمد المشهداني وهو طبيب متظاهر في ميدان التحرير ببغداد يوم أمس  «نطالب بتغيير كامل الحكومة من جذورها».
وعلى مقربة منه، قال طالب القانون عبد المجيد الجميلي لوكالة الصحافة الفرنسية إن «هذا يعني ان على رئيس البرلمان المغادرة وحتى رئيس الجمهورية». واضاف "إذا تخلصوا من عبد المهدي وجلبوا شخصًا آخر من الطبقة السياسية ، فلن يتغير شيء".
واستمرت المواجهات ليل الأحد عند مرقد محمد باقر الحكيم، أحد رجال الدين البارزين، على بعد مئات الامتار من ساحة التظاهر الواقعة وسط النجف، وأطلق مسلحون يرتدون ملابس مدنية الرصاص على متظاهرين.
وتدخل زعماء عشائر صباح امس لوقف المواجهات، لكنهم لم يستطيعوا الوصول لاتفاق.
وفي الناصرية عاصمة محافظة ذي قار التي يتحدر منها عبد المهدي، توقف العنف الذي اندلع بعد وصول قوات من بغداد سرعان ما انسحبت من المدينة.
وما زال المحتجون يحتشدون وسط الناصرية، مطالبين بـ«رحيل النظام» السياسي الذي يتهمونه بالفساد والفشل في تقديم إصلاحات لتحسين اوضاع مدينتهم.
واتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش» السلطات العراقية بـ«السماح لمجموعات مسلحة بخطف الناس»، مطالبة إياها بـ«اتخاذ إجراءات صارمة» للحؤول دون ذلك.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.