مفاوضات «سد النهضة» تنطلق في القاهرة وسط أجواء «إيجابية» ورقابة دولية

مفاوضات «سد النهضة» تنطلق في القاهرة وسط أجواء «إيجابية» ورقابة دولية
TT

مفاوضات «سد النهضة» تنطلق في القاهرة وسط أجواء «إيجابية» ورقابة دولية

مفاوضات «سد النهضة» تنطلق في القاهرة وسط أجواء «إيجابية» ورقابة دولية

انطلقت في القاهرة، أمس، فعاليات ثاني الاجتماعات الأربعة لمفاوضات «سد النهضة»، بحضور وزراء الموارد المائية لمصر وإثيوبيا والسودان، ومشاركة ممثلي الولايات المتحدة والبنك الدولي كمراقبين، في إطار مساعي إيجاد حلول توافقية بخصوص قواعد ملء وتشغيل السد، الذي تبنيه أديس أبابا على الرافد الرئيسي لنهر النيل، وتتحسب القاهرة لتأثيره على حصتها من المياه.
ووسط «أجواء إيجابية»، افتتح محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية المصري، أعمال الاجتماع، الذي يستمر لمدة يومين، مؤكداً التزام بلاده بـ«التوصل لاتفاق عادل ومتوازن بشأن ملء وتشغيل السد». فيما تعهد نظيره الإثيوبي سيلشى بيكيلي، بأن يكون السد «مثالاً للاندماج في المنطقة».
ويأتي الاجتماع، ضمن 4 جولات تقرر عقدها على مستوى وزراء المياه، قبل حلول 15 يناير (كانون الثاني) المقبل، وفقاً لاتفاق تم التوصل إليه خلال اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث بواشنطن، في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وبرعاية وزير الخزانة الأميركي وحضور رئيس البنك الدولي.
وقال محمد السباعي، المتحدث باسم وزارة الري المصرية، لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماع سيناقش التوافق بين الدول الثلاث حول سياسات تخزين وتشغيل السد بما يراعي الشواغل المصرية ويحقق أهداف التنمية الإثيوبية.
وتعد فترة ملء الخزان كبرى النقاط الخلافية، وخلال المفاوضات السابقة كانت إثيوبيا تصر على أن تتم في 3 سنوات، بينما تريد القاهرة زيادتها لـ7.
ونوه السباعي إلى أن مصر طرحت، خلال اجتماع أديس أبابا الشهر الماضي، أن «يكون ملء خزان السد على مراحل وفق هيدرولوجية نهر النيل الأزرق (الرافد الرئيسي لنهر النيل)، بما يجنب التأثيرات السلبية على دولتي المصب (مصر والسودان) قدر الإمكان»، مشيراً إلى بيان ختامي سيصدر في ختام اللقاء، اليوم (الثلاثاء).
وفي كلمته الافتتاحية، أمس، قال وزير الموارد المائية المصري، إنه من الضروري مناقشة قواعد ملء وتشغيل السد الإثيوبي بشكل معمق، مشدداً على التزام مصر بالتوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن.
وأضاف عبد العاطي: «هناك طريق واضح نحو إيجاد حل مريح للجانبين»، موضحاً أن بلاده «ترغب في التوصل لاتفاق يتضمن خطة ملء السد تمكن إثيوبيا من توليد الطاقة الكهرومائية في أقرب فرصة ممكنة، تتضمن أيضاً قواعد تشغيلية تسمح لإثيوبيا بمواصلة إنتاج الطاقة الكهرومائية وتحقيق عائد على استثماراتها في السد، إلا أنه يجب أن تحمي مثل هذه الاتفاقية دول المصب (مصر والسودان) من الأضرار الكبيرة التي يمكن أن تتسبب في استخداماتها للمياه».
وأكد أن مصر تعاني بالفعل عجزاً كبيراً في تلبية احتياجاتها من المياه يصل إلى 21 مليار متر مكعب في السنة، ويتم سد العجز في الوقت الحالي من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الصحي.
وقال عبد العاطي إن هناك اتفاقاً على أن يكون ملء وتشغيل سد النهضة وفق نهج تعاوني، اعتماداً على العائد السنوي للنيل الأزرق من المياه وعلى ضوء منسوب المياه في السد العالي بمصر، وبالمثل، أن يكون تشغيلاً متعاوناً مع السد العالي، ويتمكن السدان من التنسيق والتكيف مع الهيدرولوجيا المتغيرة للنيل الأزرق.
من جانبه، أعرب ياسر عباس وزير الموارد المائية السوداني، عن أمله إحراز تقدم، ليس فقط من أجل الدفاع عن مصالح وحقوق الشعوب لكن من أجل البحث عن فرص جديدة لتعزيز التعاون المشترك.
واقترح الوزير السوداني خيارين كي تكون هذه المحادثات بنّاءة، على حد وصفه، الأول هو الاستمرار في المحادثات والبناء على ما تم في أديس أبابا، وضبط اللغة التي استُخدمت كي تصبح نقاط الخلاف والاتفاق أوضح، أما الخيار الثاني فهو التركيز على قضيتين أو ثلاث مثل التشغيل طويل الأمد.
بدوره، شدد وزير المياه والطاقة الإثيوبي على التزام بلاده التام بأن يكون السد مثالاً للاندماج في المنطقة، معرباً عن أمله في نجاح اجتماعات القاهرة.
وقال سيلشى بيكيلي: «المراقبون لعبوا دوراً مهماً في تقديم المشورة وركزت الدول الثلاث على المشكلات التقنية، ونتوقع أن تبقى هذه الروح بيننا في اجتماع القاهرة»، مشيراً إلى أن بلاده تعمل من خلال السد على توليد الطاقة والقضاء على الفقر من خلال توليد الكهرباء وتحسين الحياة الاجتماعية والاقتصادية، مضيفاً: «هذا النهر مهم جداً لمصر والسودان كما يحق لإثيوبيا استخدام موارد هذا النهر».
ومن المقرر أن تستضيف العاصمة السودانية الخرطوم الاجتماع الثالث أواخر ديسمبر (كانون الأول) الجاري، على أن تشهد أديس أبابا الاجتماع الرابع في أوائل يناير المقبل. وبالإضافة للاجتماعات الأربعة، هناك اجتماعان آخران في الولايات المتحدة بهدف المساعدة في حل مشكلات التفاوض العالقة، الأول منتصف ديسمبر الجاري، والثاني منتصف يناير المقبل.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».