تعهدت الخارجية الأميركية، أمس، بفرض عقوبات على مسؤولين إيرانيين ضالعين في انتهاكات حقوق الإنسان. وفي طهران، وجه نواب رسالة إلى وزارة الاتصالات تطالب برفع القيود عن الإنترنت، فيما قال قيادي بـ«الحرس الثوري» إن دعم المرشد الإيراني لقرار زيادة أسعار البنزين «حال دون نزول المزيد من مطالب الإيرانيين في الشارع». وقال مسؤول قضائي في طهران إن الاعتقالات الأخيرة «زادت أعباء القضاء الإيراني».
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن واشنطن ستواصل فرض عقوبات على المسؤولين الإيرانيين المتهمين بممارسة القمع ضد الاحتجاجات، وارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، مضيفاً أن النظام الإيراني ما زال مستمراً في نشاطه القمعي ضد الاحتجاجات التي اندلعت بسبب سوء إدارة النظام الإيراني، وأن رد المسؤولين الإيرانيين كان العنف ضد المتظاهرين وقطع الإنترنت، مؤكداً: «سنواصل معاقبة إيران والمسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان».
وقال بومبيو، في مؤتمر صحافي بواشنطن: «تلقينا حتى الآن قرابة 20 ألف رسالة وتسجيلات مصورة وصوراً وإخطارات عن انتهاكات من قبل النظام... ونأمل في استمرار إرسالها (تلك المواد) لنا... سنواصل فرض عقوبات على المسؤولين الإيرانيين الضالعين في انتهاكات حقوق الإنسان».
وقال عضو لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي الإيراني محمد جواد جمالي نوبندغاني إن «عدداً من قتلى المواجهات الأخيرة من أتباع دول أجنبية، وعدد آخر لديهم خلفيات جنائية».
ولم يذكر النائب عدد القتلى الأجانب في الاحتجاجات، أو الجهة المسؤولة عن سقوط القتلى. وجاء إعلان النائب بعد أيام من توجيه نائب قائد «الحرس الثوري»، علي فدوي، اتهامات إلى مندسين في الاحتجاجات بإطلاق النار على المحتجين.
ومنذ اليوم الثاني للاحتجاجات التي اندلعت منذ نحو أسبوعين، نقلت وسائل الإعلام الإيرانية عن مسؤولين أنه اعتقل أتباع دولة في شرق إيران في أثناء القيام بعمليات تخريب وحرق للممتلكات في أثناء الاحتجاجات.
وكان عدد من المسؤولين الإيرانيين قد اتهموا أتباع دولة جارة في شرق إيران بالمشاركة في الاحتجاجات، وذلك في إشارة إلى المهاجرين الأفغان، البالغ عددهم نحو 3 ملايين في إيران.
وأشار النائب إلى استخدام «قذائف (آر بي جي) وقذائف يدوية ومتفجرات في الاحتجاجات».
وأعلنت منظمة العفو الدولية، الاثنين، أن 143 متظاهراً على الأقل قتلوا في إيران خلال الاحتجاجات التي أعقبت ارتفاع أسعار الوقود في 15 نوفمبر (تشرين الثاني)، في حين تجمع الآلاف في طهران تأييداً للحكومة، وتنديداً بـ«أعمال الشغب».
وذكرت المنظمة، ومقرها لندن، أنه «وفقاً لتقارير موثوق بها (...) عدد القتلى هو 143 شخصاً على الأقل. وقد نجمت جميع الوفيات تقريباً عن استخدام الأسلحة النارية»، وتابعت أنها «تعتقد أن عدد القتلى أعلى بكثير»، مشيرة إلى أن التحقيقات حول ذلك ما زالت مستمرة.
وكانت منظمة العفو قد أعلنت، الأسبوع الماضي، عن مقتل أكثر من 100 شخص.
وأفاد بيان منظمة العفو بأن «مقاطع الفيديو التي تم التأكد منها تظهر أن قوات الأمن أطلقت النار عمداً على متظاهرين غير مسلحين من مسافة قصيرة. وفي بعض الحالات، أطلقت النار على المتظاهرين في أثناء فرارهم». كما تظهر أن قوات الأمن أطلقت النار من فوق أسطح المنازل، موضحة أن الحملة نفذتها الشرطة و«الحرس الثوري» و«الباسيج» وغيرهم.
وطالب رئيس القضاء في طهران، محمد جواد حشمتي مهذب، القضاء بدراسة ملفات المعتقلين «بالدقة والسرعة المطلوبة» و«المواجهة القانونية الحازمة» مع من وصفهم بـ«الأشرار والمجرمين»، مشيراً إلى زيادة «العبء على الجهاز القضائي». ونقلت عنه وكالة «ميزان» أن «أعباء الجهاز القضائي زادت لأن عليها دراسة كم هائل من الاتهامات الموجهة للمعتقلين، وفرض تكاليف مضاعفة على المجتمع والنظام».
ونقل المتحدث باسم لجنة القضاء في البرلمان الإيراني حسن نوروزي عن رئيس القضاء إبراهيم رئيسي تأكيده على الفصل بين «المعتقلين المذنبين والأبرياء» و«ضرورة منع غلاء الأسعار والتهاب الأسواق، ومصارحة الناس».
وقالت السلطات إنها اعتقلت عدداً من «قادة الاضطرابات» في عدة محافظات شهدت احتجاجات وأعمال عنف أدت إلى حرق محطات بنزين وبنوك ومراكز حكومية وحافلات.
وتفاعل أمس آلاف الأشخاص مع تغريدة للصحافي مهدي محموديان، قال فيها إن «شخصاً ملثماً اقتحم صيدلية بملابس مضادة للنيران في بلدة قدس (غرب طهران)، أمسك به الناس وحصروه في مكتب عقارات، هو عضو أحد الأجهزة شبه العسكرية في الحي، واليوم هو طليق وجميع من أمسكوه هاربون».
وكان المدعي العام محمد حسين منتظري قد قال، الأحد، بعد تفقد سجن فشافويه في جنوب طهران، إن المعتقلين «راضون عن أوضاع السجن». ولكن صحفاً إيرانية نقلت أمس عن عضو مجلس بلدية مدينة ري أن «السجن لا يتجاوب مع هذا الحجم الكبير من المعتقلين».
وفي الأثناء، دفع استمرار انقطاع الإنترنت على الهواتف المحمولة في إيران البرلمان الإيراني إلى المطالبة برفع الحظر المفروض على الإنترنت بالهواتف المحمولة.
وكان مجلس الأمن القومي قد قام بقطع خدمات الإنترنت بسبب الاحتجاجات الغاضبة التي اندلعت في أنحاء البلاد اعتراضاً على ارتفاع أسعار البنزين، لمنع انتشار المعلومات والصور ومقاطع الفيديو الخاصة بالاحتجاجات.
وقال 30 نائباً في البرلمان، في رسالة إلى وزارة الاتصالات: «لقد انتهت أعمال الشغب الآن، ولا سيما في طهران، لذا يتوقع المواطنون أن يتمكنوا من استخدام الإنترنت على هواتفهم المحمولة من جديد». وحذر النواب من التبعات السلبية لاستمرار حظر الإنترنت، خصوصاً بالنسبة لرجال الأعمال والأكاديميين.
ولم يتمكن نحو 80 مليون إيراني، لمدة أسبوع تقريباً، من فحص رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بهم، أو الوصول إلى محركات البحث أو خدمات المراسلة أو وسائل التواصل الاجتماعي بسبب حظر الإنترنت.
وعادت الإنترنت منذ بداية الأسبوع بشكل بطيء، ولكن عن طريق الخطوط الأرضية فقط، وليس عن طريق الهواتف المحمولة التي يستخدمها الإيرانيون للاتصال بالإنترنت بشكل رئيسي.
ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن وزير الاتصالات والتكنولوجيا محمد جواد آذري جهرمي، رداً على النواب أمس، أنه يتابع إعادة الإنترنت، مضيفاً أن الإنترنت «ستعود إلى الأوضاع السابقة، ما إن يصدر ترخيص من المجلس الأعلى للأمن القومي».
ومن جانبه، انتقد عضو اللجنة الثقافية الرئيس السابق لهيئة الإذاعة والتلفزيون عزت الله ضرغامي، في تغريدة على «تويتر»، قرار زيادة رفع أسعار البنزين.
وقال ضرغامي الذي يعد من أبرز السياسيين في التيار المحافظ إن «القادة الحقيقيين للاحتجاجات مسؤولون لا يفرقون بين السياسة والاستراتيجية وبين التوجه والأسلوب»، وتساءل: «الاستراتيجية الصحيحة ضبط استهلاك البنزين»، واصفاً إعلان قرار زيادة البنزين في «منتصف الليل» بـ«الصدمة».
وذكرت وكالة «إرنا» الرسمية أن وزير النفط بيجن نامدار زنغنه حضر اجتماعاً مشتركاً في لجنة الطاقة البرلمانية لمناقشة أسئلة موجهة من النواب حول قرار زيادة أسعار البنزين. ومن المفترض أن يكون الوزير وجهاً لوجه مع النواب الذين عارضوا القرار، قبل رسالة خطية من المرشد علي خامنئي طلب فيها عدم التدخل في القرار.
وعلى نقيض ذلك، قال مساعد الشؤون الثقافية والاجتماعية في «الحرس الثوري» حسين نجابت إن دعم المرشد الإيراني لقرار زيادة أسعار البنزين «حالت دون مطالب أخرى في الشارع الإيراني»، مضيفاً أن «استمرار مطالب الشارع كان من الممكن أن يؤدي إلى المطالبة باستقالة رؤساء السلطات (الرئيس ورئيس القضاء ورئيس البرلمان) واستقالة البرلمان وانهيار الثورة».
ومع ذلك، قال نجات إن الحراك في إيران «بدأ ضد زيادة البنزين، وكانت احتجاجات الناس محقة، لكن عدداً من المنظمين استغلوا احتجاجات الناس».
ووصف القيادي في «الحرس الثوري» الاحتجاجات بـ«المنظمة»، قبل أن يشير إلى نقاط «تشابه» بين الاحتجاجات الإيرانية والعراقية، عاداً الاحتجاجات العراقية «منظمة تحت ذريعة الاحتجاجات المعيشية»، وانتقد نخباً عراقية على «دعمها حراك الشارع العراقي»، وقال إن تلك النخب «تراجعت بعدما شاهدت تضرر الأموال»، مضيفاً أن «تدخل المرجعية والمجموعات السياسية أطاحت بالمؤامرة» في العراق.
واتهم ائتلاف من «السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل» بالوقوف وراء الاحتجاجات في العراق ولبنان، وقال إن «الأعداء أرادوا القيام بهذه التحركات في لبنان، لكنها واجهت إدارة حسن نصر الله التي هزمت المؤامرة»، على حد تعبيره.
إلى ذلك، قالت وكالة «إرنا» الرسمية، أمس، إن سعر الدولار تخطى أمس 12 ألفاً و350 تومان، وارتفع 400 تومان، مقارنة بيوم الاثنين، فيما نقلت صحيفة «همشهري»، على «تويتر»، أن الشرطة «اعتقلت 100 من سماسرة الدولار»، وفق حملة «مفاجئة» على مدى الشهر الماضي وسط شارع ناصر خسرو.
وقال قائد شرطة طهران، حسين رحيمي، إن الشرطة «ضبطت 300 ألف من أنواع الأدوية، بما فيها المزورة»، في الحملة التي شنتها بالمركز المالي وسط طهران.
بومبيو يتعهد بعقوبات على منتهكي حقوق الإنسان في إيران
قيادي في «الحرس»: موقف خامنئي منع المزيد من المطالب في الشارع ونواب يطالبون بإعادة الإنترنت
بومبيو يتعهد بعقوبات على منتهكي حقوق الإنسان في إيران
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة