استئناف أعمال اللجنة الدستورية... وموسكو تحذر من إفشالها

روسيا تدعو إلى تسريع ضم «قسد» إلى الجيش السوري

TT

استئناف أعمال اللجنة الدستورية... وموسكو تحذر من إفشالها

وجهت موسكو، أمس، اتهامات مبطنة إلى موظفين في مكتب المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن، بالسعي إلى إفشال عمل اللجنة الدستورية السورية، وتحدثت عن تعويل أطراف دولية على «العودة إلى سيناريو القوة».
ودعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأمم المتحدة، إلى منع محاولات التدخل في عمل اللجنة، وحذر من محاولات لفرض إملاءات على عملها.
وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره النيبالي براديب غيافالي، في موسكو، إن «خطر التدخلات الخارجية، وفرض حلول من الخارج على السوريين، ما زال متواصلاً، وعلى الزملاء في الأمم المتحدة، بمن فيهم الأمين العام ومبعوثه الخاص إلى سوريا غير بيدرسن إيقاف المحاولات من هذا النوع بكل حزم».
ولم يوضح لافروف طبيعة التدخلات التي يتحدث عنها، لكن حديثه حمل اتهامات مبطنة إلى موظفين في مكتب المبعوث الدولي، وإلى عدم رضا موسكو عن آلية اختيار الموظفين في فريق بيدرسن، إذ أوضح أنه «بشكل خاص لا يجب السماح بأن تصدر محاولات تدخل كهذه من مكتب الممثل الخاص للأمم المتحدة نفسه»، وشدد على أهمية «تحقيق التوازن في كادر موظفي مكتب المبعوث الأممي، الذي يجب أن يعتمد مبدأ التمثيل الجغرافي العادل المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة».
وقال الوزير الروسي إنه لا يستبعد عقد لقاء مع بيدرسن قبل نهاية العام الحالي، وقال إنه في حال حدوث هذا اللقاء، فإنه سيؤكد للمبعوث الأممي على ضرورة أن «يلتزم بالتفويض الممنوح له، ويضمن احترام كل الأطراف من دون استثناء، لمبدأ توصل السوريين بأنفسهم إلى اتفاقات وعدم السماح بأي محاولات للتدخل في هذه العملية».
وفي إشارة حملت اتهامات مماثلة لأطراف دولية لم يحددها، قال لافروف إن «كثيرين يريدون للدستورية السورية أن تفشل، من أجل أن يتخذوا من ذلك تبريراً لتحركاتهم المشبوهة، بما في ذلك ربما في اتجاه تصعيد التدخل بالقوة في شؤون سوريا بهدف تغيير النظام».
إلى ذلك، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أن وفدي الحكومة والمعارضة في اللجنة الدستورية سيكون لهما تمثيل في جولة المحادثات المقبلة في إطار «مسار آستانة»، التي تنعقد في العاصمة الكازاخية نور سلطان يومي 10 و11 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وقال بوغدانوف إن وفدي الحكومة السورية والمعارضة المشاركين في اللجنة الدستورية السورية في جنيف، هما من يحدد تشكيل الوفدين إلى اجتماعات آستانة.
ورغم أن بوغدانوف لفت إلى أن «وفدي الحكومة والمعارضة الممثلين في الدستورية شاركا سابقاً في اجتماعات آستانة، ونأمل أن يشاركا في الجولات المقبلة»، لكن إشارته إلى أن «أعضاء الدستورية سوف يشكلان وفدي الطرفين» حملت توجهاً لإحداث تغيير في آلية تمثيل الطرفين الحكومي والمعارض في جولات آستانة المقبلة، لجهة إبراز دور اللجنة الدستورية في كل الملفات السياسية والأمنية والإنسانية التي تناقش في هذا المسار.
كان ممثل روسيا الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف، غينادي غاتيلوف، أعلن قبل يومين، أن مسار آستانة للتسوية السورية «أثبت أهميته ولقاءات نور سلطان ستتواصل بالتوازي مع عمل اللجنة الدستورية السورية».
وبدأت اللجنة المصغرة المنبثقة عن الهيئة الموسعة للجنة الدستورية المشكلة لوضع دستور جديد، الاثنين، اجتماعات جولتها الثانية بمبنى الأمم المتحدة في جنيف. ومن المقرر أن تكون اجتماعات اللجنة مغلقة أمام الإعلام، كما كانت الجولة السابقة. ومن المقرر أن تستمر الجولة لمدة أسبوع.
وتضم اللجنة المصغرة 45 عضواً يمثلون الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني. تجدر الإشارة إلى أن اللجنة الموسعة تضم 150 ممثلاً عن الأطراف الثلاثة.
وكان بيدرسن قال الجمعة الماضية إن المفاوضات السورية - السورية لوضع دستور جديد لم تتوصل بعد إلى إجماع حول المبادئ الدستورية. وقال أمام مجلس الأمن الدولي: «من المبكر للغاية قول إنه تم التوصل لاتفاق حول المبادئ الدستورية، كما لم يتم الاتفاق على أي من القضايا التي سيتم التعامل معها في النص الدستوري المستقبلي».
على صعيد آخر، أعرب بوغدانوف عن ثقة موسكو بأن «الإسراع في انضمام (قوات سوريا الديمقراطية) إلى الجيش السوري، سيكون مفيداً لكل الأطراف».
وقال إن موسكو تواصل اتصالاتها مع الأطراف المختلفة، وبالدرجة الأولى مع دمشق وممثلي الأكراد من أجل التوصل إلى تفاهمات تتيح تسريع عملية انضمام مقاتلي «قسد» إلى الجيش.
كانت الخارجية الروسية أكدت أنها تعمل لـ«إنجاح المفاوضات بين الأكراد ودمشق حول هذا الموضوع».
تأتي الدعوة الروسية على خلفية تحفظات أبداها الجانب الكردي حول اقتراح دمشق بانضمام قوات «قسد» إلى الجيش، وقال ممثلون للإدارة الذاتية للأكراد في موسكو أنهم أبلغوا الجانب الروسي بتحفظاتهم التي اشتملت على ضرورة وضع آلية تضمن المحافظة على استقلالية نسبية لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، وهو أمر ترفضه الحكومة السورية.
كانت موسكو وجهت انتقادات قوية قبل أيام إلى قيادات كردية وصفها الوزير سيرغي لافروف، بأنها «تراهن على التأييد الأميركي»، وقال إن «هذا الخيار خاطئ»، داعياً الأكراد إلى تنشيط المفاوضات مع دمشق، والعمل من أجل دفع تسوية تضمن سيادة ووحدة سوريا، مع إشارته إلى أن موسكو «تضمن أن تتم مراعاة مصالح كل مكونات الشعب السوري بما في ذلك الأكراد».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».