القضاء يحيل ملف وزراء الاتصالات إلى المجلس النيابي

TT

القضاء يحيل ملف وزراء الاتصالات إلى المجلس النيابي

أحال النائب العام التمييزي في لبنان القاضي غسان عويدات، ملفّ الادعاء على وزراء الاتصالات السابقين، نقولا صحناوي، بطرس حرب وجمال الجراح، إلى مجلس النواب للنظر بأمر ملاحقتهم، باعتبار أن صلاحية الملاحقة تعود للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
وتأتي الإحالة بناء على ادعاء النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، على الوزراء المذكورين بجرائم «هدر واختلاس المال العام والإثراء غير المشروع». وادعائه بالجرائم نفسها على مديري شركتي «ألفا» و«تاتش» للهاتف الخليوي ومدير عام شركة «أوجيرو» للهاتف الثابت المهندس عماد كريدية، وتسليم الملف للقاضي عويدات لإجراء المقتضى القانوني.
وأدى ادعاء النائب العام المالي على الوزراء الثلاثة إلى إرباك في الأوساط القضائية، وفق تعبير مصدر قضائي أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن القاضي إبراهيم «ارتكب مخالفة قانونية من خلال الادعاء على صحناوي وحرب والجرّاح، وكان يفترض به بعد إنهاء التحقيقات التي أجراها في الإخبارات المقدمة ضد الوزراء المذكورين، أن يعلن عدم اختصاص القضاء العدلي لملاحقتهم، لأن الصلاحية تعود إلى المحكمة الخاصة بمحاكمة الرؤساء والوزراء». وأكد المصدر أن القاضي عويدات «قرر إحالة الملف إداريا إلى المجلس النيابي، الذي يحق له التصويت على إمكانية محاكمة هؤلاء أمام المجلس الأعلى أم لا».
ويفترض أن تسلك القضية مساراً محدداً قبل وصولها إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، فاعتبر الخبير القانوني والدستوري النائب السابق صلاح حنين في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «إحالة الملف إلى المجلس النيابي، تستوجب دعوة الهيئة العامة إلى جلسة، يصار خلالها التصويت على إحالة هذا الملف إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء». وأوضح أنه «إذا صوت ثلثا النواب على الإحالة، تبدأ مرحلة المحاكمة أمام المحكمة الخاصة، وإذا لم يتأمن الثلثان تسقط الملاحقة ويحفظ الملف».
إلى ذلك، ردّ وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال جمال الجراح (وزير الاتصالات السابق)، على ادعاء القاضي إبراهيم ضدّه وضدّ زميليه، ورأى في مؤتمر صحافي أن القاضي إبراهيم «يصادر دور النائب العام التمييزي ووزير العدل والمجلس النيابي». وتوجه إليه قائلا: «لا يمكنك كلّما سالت أحداً سؤالاً في ملفّ ما أن تبني عليه اتهاماً». وسأل «هل يعرف القاضي إبراهيم أن واجبه يقضي بالحفاظ على سرية التحقيقات؟، ولماذا يقوم بتسريب معلومات مغلوطة إلى وسائل الإعلام؟، ولماذا نتبلغ بالإجراءات التي يتخذها أو التبليغات التي تصدر عنه بواسطة الإعلام، وليس بإبلاغ الأشخاص المعنيين وفق الأصول القانونية؟». ولفت الجراح إلى أن القاضي إبراهيم «متهم بالفساد من خلال دوره في رئاسة صندوق تعاضد القضاة، وبملف العقارات». وتوجه إليه قائلا: «لقد رفعوا (الثوار) صورك في ساحة الشهداء وأمام قصر العدل وطالبوا بمحاكمتك، طبعاً لديك الحق في أن تدافع عن نفسك، لكن ليس من حقك أن تضع الاتهام على غيرك».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».