غوتيريش يعرض وساطته في الأزمة البوليفية ويطالب بضبط النفس

نقص المواد الغذائية يشل البلاد... والغموض ما زال يكتنف الانتخابات الجديدة

قام المتظاهرون من السكان الأصليين بقطع طريق سريع من إل ألتو على بُعد 10 كيلومترات عن العاصمة الإدارية لبوليفيا ما أثار مخاوف نقص في الوقود والمواد الغذائية (رويترز)
قام المتظاهرون من السكان الأصليين بقطع طريق سريع من إل ألتو على بُعد 10 كيلومترات عن العاصمة الإدارية لبوليفيا ما أثار مخاوف نقص في الوقود والمواد الغذائية (رويترز)
TT

غوتيريش يعرض وساطته في الأزمة البوليفية ويطالب بضبط النفس

قام المتظاهرون من السكان الأصليين بقطع طريق سريع من إل ألتو على بُعد 10 كيلومترات عن العاصمة الإدارية لبوليفيا ما أثار مخاوف نقص في الوقود والمواد الغذائية (رويترز)
قام المتظاهرون من السكان الأصليين بقطع طريق سريع من إل ألتو على بُعد 10 كيلومترات عن العاصمة الإدارية لبوليفيا ما أثار مخاوف نقص في الوقود والمواد الغذائية (رويترز)

في مؤشر آخر على ازدياد المخاوف الدولية من خروج الأزمة البوليفية عن السيطرة بعد الاحتجاجات التي عمت مناطق السكان الأصليين والقمع الشديد الذي تعرضت له على يد قوات الجيش والشرطة وأدى إلى مقتل 23 شخصاً وإصابة المئات بجراح، ناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الحكومة البوليفية الجديدة ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في التعامل مع هذه الاحتجاجات، وعرض وساطة المنظمة الدولية لفتح قنوات الحوار من أجل التوصل إلى حل سلمي للأزمة.
وكانت المناطق الريفية التي يتمتع فيها الرئيس السابق إيفو موراليس بشعبية واسعة قد شهدت صدامات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن التي استخدمت ذخيرة حية، ما تسبب في مقتل 9 أشخاص من السكان الأصليين وأطلق موجة من الغضب الشعبي في مدينة كوتشابامبا ومحيطها، خصوصاً بعد القرار الذي اتخذته الحكومة المؤقتة برفع المسؤولية الجنائية عن أفراد القوات المسلحة والشرطة الذي يشاركون في قمع المظاهرات الاحتجاجية. وقالت الحكومة، أول من أمس (الأحد)، أيضاً إن وتيرة المظاهرات العنيفة في البلاد تتباطأ.
وقال وزير الداخلية المؤقت أرتورو مورييو، إن عدد نقاط التوتر «انخفض إلى النصف».
وأثار مورييو غضب مجموعات المعارضة بعد أن لمح إلى أن بعض مزارعي الكوكا قد يكونون أطلقوا النار على عدد من أنصارهم لاستدرار التعاطف. غير أن توماس بيكر المحامي الأميركي لدى مركز حقوق الإنسان في جامعة هارفرد، رفض تلك النظرية.
قال بيكر إنه توجه إلى المشرحة في مدينة ساكابا حيث نقل الضحايا، وإن التسعة جميعهم قُتلوا بإطلاق النار. وقال بيكر في اتصال هاتفي مع وكالة الصحافة الفرنسية إنه تحدث إلى 50 شخصاً في ساكابا، أكد جميعهم أن أياً من المتظاهرين لم يكن مسلحاً. ورغم أن المظاهرات كانت تتلاشى عموماً، الأحد، قام المتظاهرون بقطع طريق سريع من إل ألتو على بُعد 10 كيلومترات عن العاصمة الإدارية لبوليفيا، ما أثار مخاوف نقص في الوقود. وتقوم مصفاة سنكاتا في إل ألتو بتزويد منطقة لاباز بالبنزين والغاز الطبيعي.
غير أن الضغط على الحكومة لا يزال مرتفعاً، وطالبت ست نقابات لزراعة الكوكا في شاباري، معقل موراليس، في ساعة متأخرة، السبت، باستقالة الرئيسة المؤقتة جانين آنييز «خلال 48 ساعة» وإجراء انتخابات خلال 90 يوماً.
ورغم التحذيرات الشديدة التي صدرت عن اللجنة الأميركية لحقوق الإنسان، التابعة لمنظمة البلدان الأميركية، من تعارض هذا القرار مع المواثيق والمعاهدات الإقليمية والدولية لحماية حقوق الإنسان، وقّعت الرئيسة المؤقتة جانين آنييز، مرسوماً اشتراعياً جاء فيه أن «عناصر القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الذين يشاركون في إعادة الأمن العام وتثبيت الاستقرار، لا تقع عليهم مسؤوليات جنائية عندما يمارسون حق الدفاع عن النفس أو في حال الضرورة، إنفاذاً لمهامهم الدستورية ووفقاً لأحكام الشرعية ومبدأ التناسب في صد الاعتداء». وقد وصف مراقبون هذا القرار بأنه «إجازة للقتل» تطلق يد الأجهزة الأمنية في قمع الاحتجاجات والتضييق على المعارضة. والمجموعة الحقوقية، وهي ذراع مستقلة لمنظمة الدول الأميركية، قالت إن هدف المرسوم قد يكون «تحفيز القمع العنيف». وشدد مدير مكتب الرئاسة جرجس جوستينيانو، على أن المرسوم لا يعطي الجنود «تفويضاً بالقتل» بل يوفر الغطاء الدستوري لجهود الحفاظ على السلام.
وأعلن «التيار نحو الاشتراكية»، وهو الحزب المؤيد للرئيس السابق ويسيطر على ثلثي المقاعد في البرلمان، أنه سيتقدم بطعن في هذا المرسوم أمام المحكمة الدستورية، وذكّر بما ورد في بيان منظمة البلدان الأميركية من أن هذا القرار هو «خطوة خطيرة تتجاهل المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ويحفز على القمع العنيف، كما يتعارض مع واجبات الدول بالتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان ومحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم». وكانت منظمة «هيومان رايتس واتش» قد طالبت الحكومة البوليفية بإلغائه فوراً، لأنه بمثابة «رسالة إلى القوات المسلحة بأنها مطلقة اليد لإساءة استخدام السلطة». ونفت الحكومة من جهتها أن يكون القرار دعوة للقوات المسلحة لاستخدام القوة، وقالت إن الهدف منه هو ردع أعمال العنف والتخريب التي شهدتها البلاد في الأسابيع الأخيرة.
كانت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باتشيليه، قد أعربت عن قلقها نهاية الأسبوع الماضي، من إفراط الأجهزة الأمنية في استخدام القوة لقمع المظاهرات، وحذرت من عواقب هذا السلوك في الظروف الدقيقة التي تمر بها بوليفيا، مبديةً خشيتها من أن يؤدي ذلك إلى «القضاء على فرص الحوار الذي يشكّل السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة». وما يزيد في تعقيد الوضع وتصعيد الاحتجاجات التي يقوم بها أنصار الرئيس السابق الذي لجأ يوم الثلاثاء الماضي، إلى المكسيك، أن الحكومة الجديدة لم تحدد موعداً بعد لإجراء الانتخابات التي قالت إنها في طليعة أولوياتها. وتقول الرئيسة المؤقتة جانين آنييز، التي كانت تتولى منصب النائبة الثانية لرئيسة مجلس الشيوخ وتم تنصيبها في جلسة برلمانية لم يكتمل نصابها، إن تحديد موعد لإجراء الانتخابات يقتضي تجديد عضوية المحكمة الانتخابية العليا، وأن القرار يعود للبرلمان حيث يتمتع أنصار موراليس بالأغلبية المطلقة.
وقالت آنييز في خطاب في القصر الرئاسي: «قريباً جداً سنعلن عن أنباء تتعلق بمهمتنا الرئيسية: الدعوة لانتخابات شفافة». ولم تقدم تفاصيل أخرى باستثناء القول إن الإعلان سيهدف إلى «استعادة المصداقية الديمقراطية لبلدنا».
ويميل مراقبون في العاصمة البوليفية إلى الاعتقاد بأن الحكومة الحالية ليست في وارد الدعوة قريباً إلى إجراء انتخابات جديدة، خشية أن تؤدي هذه الانتخابات إلى احتفاظ أنصار موراليس بالأغلبية في البرلمان، ما قد يمهد لعودته وتنصيبه رئيساً من جديد بعد إلغاء الإجراءات البرلمانية الأخيرة التي تمت من غير نصاب. ويخشى هؤلاء أن تكون هذه المماطلة مفروضة من القوات المسلحة التي تجمع كل الأوساط أنها كانت وراء استقالة الرئيس السابق وخروجه من البلاد. ومن المكسيك ندد موراليس بأحداث القتل، وقال في تغريدة إن «هذه الجرائم ضد الإنسانية... لا يجب أن تمر دون عقاب».
واصطف البوليفيون في طوابير طويلة في شوارع العاصمة لاباز، يوم الأحد، للحصول على احتياجاتهم من الدجاج والبيض وزيت الطهي بعد أن أغلق أنصار موراليس الطرق الرئيسية في البلاد ليعزلوا بذلك المراكز السكنية عن المزارع. وقال جريج جستنيانو وزير شؤون الرئاسة، للصحافيين، إن حكومة الرئيسة المؤقتة جنين آنييز أقامت «جسراً جوياً» لنقل الإمدادات إلى لاباز لتفادي الحواجز الموجودة على الطرق المحيطة بالعاصمة. وأضاف أن المسؤولين يأملون فعل نفس الشيء مع المدن الأخرى التي انقطعت عنها الإمدادات.
وأرسلت الحكومة المؤقتة طائرة محملة بـ35 طناً من اللحوم إلى لاباز، ووعدت بتوفير 25 طناً من لحم الدجاج، وفق جوستينيانو.



جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
TT

جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)

قُتلت 85 ألف امرأة وفتاة على الأقل عن سابق تصميم في مختلف أنحاء العالم عام 2023، معظمهن بأيدي أفراد عائلاتهنّ، وفقاً لإحصاءات نشرتها، (الاثنين)، الأمم المتحدة التي رأت أن بلوغ جرائم قتل النساء «التي كان يمكن تفاديها» هذا المستوى «يُنذر بالخطر».

ولاحظ تقرير لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في فيينا، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في نيويورك أن «المنزل يظل المكان الأكثر خطورة» للنساء، إذ إن 60 في المائة من الـ85 ألفاً اللاتي قُتلن عام 2023، أي بمعدّل 140 كل يوم أو واحدة كل عشر دقائق، وقعن ضحايا «لأزواجهن أو أفراد آخرين من أسرهنّ».

وأفاد التقرير بأن هذه الظاهرة «عابرة للحدود، وتؤثر على كل الفئات الاجتماعية والمجموعات العمرية»، مشيراً إلى أن مناطق البحر الكاريبي وأميركا الوسطى وأفريقيا هي الأكثر تضرراً، تليها آسيا.

وفي قارتَي أميركا وأوروبا، يكون وراء غالبية جرائم قتل النساء شركاء حياتهنّ، في حين يكون قتلتهنّ في معظم الأحيان في بقية أنحاء العالم أفرادا من عائلاتهنّ.

وأبلغت كثيرات من الضحايا قبل مقتلهنّ عن تعرضهنّ للعنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي، وفق بيانات متوافرة في بعض البلدان. ورأى التقرير أن «تجنّب كثير من جرائم القتل كان ممكناً»، من خلال «تدابير وأوامر قضائية زجرية» مثلاً.

وفي المناطق التي يمكن فيها تحديد اتجاه، بقي معدل قتل الإناث مستقراً، أو انخفض بشكل طفيف فقط منذ عام 2010، ما يدل على أن هذا الشكل من العنف «متجذر في الممارسات والقواعد» الاجتماعية ويصعب القضاء عليه، بحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، الذي أجرى تحليلاً للأرقام التي استقاها التقرير من 107 دول.

ورغم الجهود المبذولة في كثير من الدول فإنه «لا تزال جرائم قتل النساء عند مستوى ينذر بالخطر»، وفق التقرير. لكنّ بياناً صحافياً نقل عن المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، شدّد على أن هذا الواقع «ليس قدراً محتوماً»، وأن على الدول تعزيز ترسانتها التشريعية، وتحسين عملية جمع البيانات.