ماكرون يحاول أن يجد لأوروبا مكاناً في النظام العالمي الجديد

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
TT

ماكرون يحاول أن يجد لأوروبا مكاناً في النظام العالمي الجديد

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

يمكن القول إن الثورة الفرنسية (1789) أفضت إلى ولادة مفهوم جديد للسلطة والدولة، أعطى المواطن قيمة ودوراً في المجتمع، الأمر الذي أرسى أسس الدولة الحديثة في ذلك الجزء من العالم. وفي الموازاة، كانت بريطانيا تتطور بطريقة تدريجية أوصلتها إلى ديمقراطية فريدة من نوعها من دون القَطع مع الماضي أو ممارسة عمل عنفي على غرار ما حصل في فرنسا. ويمكن القول أيضاً، إن النموذجين المتقابلين على ضفّتي بحر المانش، صنعا معاً نظاماً عالمياً جديداً أعلى بنيان الديمقراطيات الغربية ومكّنها من عبور تجارب التاريخ القاسية.
النظام العالمي «تجدّد» طبعاً أكثر من مرة، آخرها بعد سقوط جدار برلين وانهيار المعسكر السوفياتي، فنشأ نظام أحادي القطب حل محل نظام القطبين. غير أن التطورات الجيوسياسية والاقتصادية تعيد خلط الأوراق وإن ببطء، وهذا أمر طبيعي في عالم دائم التحوّل.
هنا يقول الدبلوماسي الإيطالي السابق ماركو كارنيلوس: «يبدو أن نظاماً عالمياً متعدد الأقطاب ومتنوعاً ثقافياً بشكل متزايد بدأ يظهر أخيراً، وهي عملية لا يستطيع أحد وقفها». ويضيف أن نهوض الصين وتقدّم روسيا يعجّلان في عملية التحوّل.
وتتبدّى المعادلات الجديدة بالمواجهات الساخنة في أوكرانيا والباردة في بحر الصين الجنوبي، العقوبات الأميركية والأوروبية ضد روسيا، الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، الحروب السيبرانية، الأزمة الفنزويلية، مبادرة الحزام والطريق الصينية، البحث عن نظام مالي بديل للنظام الأميركي...
ولا شك في أن الديناميّات الأساسية للتغيّرات تنجم عن تفاعلات العلاقات بين واشنطن وموسكو وبكين، وبدرجة أقل الاتحاد الأوروبي الذي سيفقد مزيداً من القوة بالخروج الوشيك لبريطانيا منه.
والمؤكد أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يدرك أن العالم يتحوّل وأن أوروبا لم تعد ما كانت عليه. وقد قال في منتدى باريس الثاني للسلام إن النظام السياسي العالمي يواجه «أزمة غير مسبوقة»، داعياً إلى تحالفات من نوع جديد وإلى التعاون لتسوية مشكلات العالم. ورأى أن الأنظمة السياسية والمالية العالمية التي عملت بشكل ناجح بعد الحرب العالمية الثانية هي اليوم في أزمة. وأوضح أنه يسعى إلى منع انقسام العالم حول قوتين كبريين هما الولايات المتحدة والصين، منبّهاً الى أن «الانقسام بين بعض القوى المهيمنة يولّد خيبات» ولا يمكن أن يستمر على المدى الطويل.
وجاء تحذير ماكرون بعد أيام على مقابلة أجرتها معه مجلة «ذي إيكونوميست» البريطانية الخميس، رأى فيها أن حلف شمال الأطلسي في حالة «موت دماغي» وأن أوروبا أمام «خطر كبير لأن تختفي من الخريطة الجيوسياسية مستقبلاً، أو أقله ألا نعود أسياد مصيرنا»، في تصريحات كان لها ارتدادات في العواصم الأوروبية.
واعتبر الرئيس الفرنسي الذي يجد نفسه وراء المقود الأوروبي بعد أفول نجم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي تخرج قريباً من الحياة السياسية، أن على الأوروبيين أن يقرروا اعتماد خيار من اثنين: دفن الرأس في الرمال فيصير الاتحاد الأوروبي لاعباً لا أهمية له، أو التحرك والمبادرة، وهذا يعني أن على قادة الاتحاد الأوروبي أن يجعلوا دولهم أكثر تكاملاً من الناحيتين السياسية والاقتصادية. ورأى في هذا السياق أنه من دون اعتماد الخيار الثاني لن يستطيع الاتحاد الأوروبي التعامل مع نهضة الصين وتزايد النفوذ الروسي، ناهيك بالتوترات مع الولايات المتحدة.
ولم يكن مفاجئاً أن يثير كلام ماكرون عن الحلف الأطلسي حفيظة شركاء أوروبيين، بدءاً من ألمانيا وانتهاء بدول أوروبية شرقية رأت في خروجها من عباءة المعسكر الاشتراكي ولجوئها إلى مظلة الأطلسي الدرع الواقية لها من استفاقة أي نزعة توسعية لموسكو.
وترى المحللة الاستراتيجية الآيرلندية جودي ديمبسي في هذا الإطار أن ماكرون يريد لشركائه الأوروبيين أن يبلوروا استراتيجية دفاعية موحّدة وصلبة من دون أن يعني ذلك التنافر أو التنافس مع الحلف الأطلسي، مع التذكير بأن فرنسا تركت الجناح العسكري للحلف عام 1966 وعادت إليه عام 2009. ولعله يعوّل هنا على مؤيدين في الكونغرس الأميركي لفكرة تعزيز الأطلسي وتوثيق الروابط مع الأوروبيين، خلافاً لسياسة الرئيس دونالد ترمب الذي انتقد مراراً الشريك الأوروبي وتقاعسه عن الاضطلاع بواجباته ضمن الحلف مؤثراً الاتكال على القوة الأميركية.
اختصاراً، يرى عدد كبير من المحللين أن صورة العالم الآن تحفظ الصدارة لقوة أولى هي الولايات المتحدة التي تملك أكبر اقتصاد وأقوى جيش في العالم، لكن الصين خصوصاً ومن بعدها روسيا تتحركان بنشاط لاحتلال موقع أكبر في هذه الصورة، بينما تبهت الألوان الأوروبية بما يجعل القارة القديمة الساحة الأكثر خصباً لصراع اللاعبين الثلاثة الأقوى الذين يتواجهون في حلبات عدة قبل أن يخوضوا في الملعب الأوروبي «المباراة النهائية» التي سترتسم بعدها ملامح النظام العالمي للربع الثاني من القرن الحادي والعشرين.



السجن 4 سنوات لأميركي باع أجزاء من أسلحة بشكل غير قانوني لأشخاص في إسرائيل

أسلحة (أ.ب)
أسلحة (أ.ب)
TT

السجن 4 سنوات لأميركي باع أجزاء من أسلحة بشكل غير قانوني لأشخاص في إسرائيل

أسلحة (أ.ب)
أسلحة (أ.ب)

قالت شبكة «فوكس 32 شيكاغو» إن رجلاً من مدينة بالوس هيلز الأميركية حُكم عليه بالسجن لمدة أربع سنوات تقريباً بتهمة شحن أجزاء من أسلحة بشكل غير قانوني إلى أفراد في إسرائيل في ثلاث مناسبات عام 2022.

وكان أمين بيتوني، 37 عاماً، أقر بالذنب في وقت سابق من هذا العام بتهمة تصدير أجزاء أسلحة نارية عن علم في انتهاك للقوانين واللوائح وحُكم عليه بالسجن لمدة 46 شهراً، وفقاً للمدعين الفيدراليين.

وقال المدعون إنه وضع معلومات كاذبة على ملصقات الشحن وأخفى أجزاء البنادق في عبوات تحتوي على أجزاء سيارات أو شوايات.

وخلال تفتيش منزله، عثرت الشرطة على أكثر من 1200 طلقة من الذخيرة المتنوعة، وبندقية صيد، وبندقية، ومسدس، وثلاثة أجهزة معروفة باسم «مفاتيح جلوك»، التي تمكن البنادق من إطلاق طلقات متعددة بضغطة واحدة على الزناد.

وقال القائم بأعمال المدعي العام باس كوال في بيان: «إن انتهاكات ضوابط التصدير مهمة للغاية لأنها تقوض القوانين واللوائح التي تسعى إلى حماية الأمن الدولي وسيواصل مكتب المدعي العام العمل مع شركائنا في إنفاذ القانون لملاحقة أولئك الذين يسعون إلى استغلال قوانين ضوابط التصدير لتحقيق مكاسب مالية بلا هوادة».