نتنياهو: الصراع مع الفلسطينيين عقبة أمام العلاقات مع العالم العربي

إسرائيل احتفلت منفردة بمرور 25 عاماً على معاهدة وادي عربة

TT

نتنياهو: الصراع مع الفلسطينيين عقبة أمام العلاقات مع العالم العربي

في الوقت الذي أشارت فيه نتائج استطلاع رأي إلى أن غالبية الإسرائيليين غير مهتمين بتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، اعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس الاثنين، بأن استمرار هذا الصراع يشكل عقبة أمام إقامة علاقات أو تطوير علاقات قائمة مع العالم العربي.
وقال نتنياهو الذي كان يتحدث في مؤتمر سياسي لذكرى مرور 25 سنة على اتفاقية السلام مع الأردن، إن حكومته «تقيم علاقات مع ست دول عربية، ولديها رغبة جامحة في إقامة علاقات مع المزيد، وتعميق هذه العلاقات إلى أوسع وأعمق الحدود؛ لكنها تصطدم بحاجز القضية الفلسطينية. فالدول العربية، بما في ذلك حتى مصر والأردن، تطلب تسوية القضية الفلسطينية أولاً. ونحن نقول لهم إننا نفعل الأمرين معاً، نتقدم مع الفلسطينيين ونتقدم معهم؛ لكن الأمر عالق حتى الآن. وأنا أخطط بشكل فعلي لخرق جدار الجمود في علاقاتنا مع الفلسطينيين والعودة إلى الحوار معهم، وكلي ثقة بأن صراعنا معهم سيجد حلاً جيداً في نهاية المطاف، وعندها تفتح على مصاريعها أبواب العالم العربي لأفضل علاقات بيننا».
وكان المؤتمر المذكور إحدى المحاولات النادرة للحديث عن السلام مع الأردن، إذ حاولت حكومة نتنياهو إقامة أي نشاط بالمناسبة، احتفالاً أو مؤتمراً أو ندوة، فلم تجد تعاوناً من الحكومة الأردنية. لذلك بادرت عضو الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، ميراف ميخائيلي، لعقد مؤتمر يقتصر على النواب الإسرائيليين في مقر الكنيست. ومع أن نتنياهو يعتبر المسؤول الأول عن تراجع العلاقات مع الأردن، فقد كان خطيباً رئيسياً. فقال: «نحن نقدم مساعدات إلى الأردن، بشكل علني وبشكل خفي. ولكن في الطرفين نسمع تصريحات محرجة تعرقل مساراتنا. ففي الأردن يتحدثون كثيراً عن ممارسات إسرائيلية ضد الأقصى؛ بلغت حد القول إننا نزعزع أساسات المساجد هناك، وهذا غير صحيح طبعاً؛ لكن الكلام فيه يؤثر على الناس ويغذي التحريض. ولكن ليس هذا فقط، ففي الأردن وفي مصر، وفي دول الخليج، يربطون بين التقدم في الموضوع الفلسطيني وبين العلاقات معهم، وسنتقدم».
وتكلم في الموضوع وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، فقال إن «إسرائيل أرادت إقامة حفل بمناسبة مرور 25 عاماً على إبرام معاهدة وادي عربة (اتفاقية السلام الإسرائيلية - الأردنية)، ولكن رفض الأردن حال دون ذلك. هذا هو الواقع المعقَّد اليوم، في العلاقات بين الدولتين».
وتزامن انعقاد هذا المؤتمر مع نشر نتائج استطلاع رأي حول مواقف الإسرائيليين من شؤون العلاقات الخارجية، والتي دلت على أن غالبية الإسرائيليين غير مهتمين بعملية السلام مع الفلسطينيين؛ لأنهم مقتنعون بموقف حكومة نتنياهو التي تزعم أنه لا يوجد شريك فلسطيني في عملية السلام، ويؤيدون ما يقوله نتنياهو في مختلف شؤون السياسة الدولية. وقد أجرى الاستطلاع معهد «ميتافيم» للسياسة الخارجية في تل أبيب، ضمن برنامجه السنوي الذي يتم تحت عنوان «مؤشر السياسة الخارجية الإسرائيلية». وتم إجراء الاستطلاع في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، ونشرت نتائجه أمس الاثنين.
ووفقاً للنتائج، رأى 30 في المائة أنه في حال تولى رئيس «كحول لفان»، بيني غانتس، رئاسة الحكومة، فإن علاقات إسرائيل الخارجية ستتضرر، وقال 27 في المائة إنها ستبقى على حالها، بينما اعتبر 25 في المائة أنها ستتحسن. وقال 32 في المائة إن إسرائيل تنتمي إلى الشرق الأوسط، و27 في المائة إلى أوروبا، و21 في المائة إلى حوض البحر المتوسط. واعتبرت أغلبية الإسرائيليين أن على المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48)، أن يؤدوا دوراً مركزياً أكثر في دفع السلام مع الفلسطينيين، ولكن ليس في بلورة السياسة الخارجية. ويعتقد 50 في المائة أن القرارات الإسرائيلية ينبغي أن تأخذ اليهود في العالم بالحسبان.
وقال 45 في المائة من الإسرائيليين إنهم ينظرون إلى الاتحاد الأوروبي على أنه خصم، بينما قال 27 في المائة إنه صديق. وقال 49 في المائة إن أهمية الدول الأوروبية بالنسبة لإسرائيل قد تراجعت. وقال 17 في المائة إنهم ينظرون إلى فرنسا على أنها الدولة الأهم بالنسبة لإسرائيل في العالم، واختار 26 في المائة بريطانيا، و28 في المائة ألمانيا، و24 في المائة الصين، و16 في المائة اختاروا مصر كأهم دولة في الشرق الأوسط بالنسبة لإسرائيل. واعتبر 48 في المائة أن روسيا هي الدولة الأهم، بعد الولايات المتحدة.
ودل الاستطلاع على أن 71 في المائة من الإسرائيليين يعتبرون السلام مع الأردن «كنزاً استراتيجياً» بالنسبة لإسرائيل؛ لكن 16 في المائة قالوا إن هذا السلام أقل أهمية من الماضي.
وقال 60 في المائة إنهم راضون عن أداء الحكومة في مجال السياسة الخارجية، وعبر 40 في المائة عن عدم رضاهم من هذا الأداء. كذلك قال 53 في المائة إنهم راضون عن وضع إسرائيل في العالم، و47 في المائة غير راضين.
واعتبر 61 في المائة أن رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، ليس شريكاً في مفاوضات سلام مع إسرائيل، ويولون أهمية ضئيلة لدفع عملية سلام مع الفلسطينيين. وفي حال استئناف عملية سلام إسرائيلية – فلسطينية، فإن الولايات المتحدة هي الوسيط المفضل عند الإسرائيليين. وقال 32 في المائة إنه لن يكون بالإمكان الامتناع عن حرب على غزة.
واعتبر 58 في المائة من الإسرائيليين أن التعاون الإقليمي مع دول الشرق الأوسط ممكن؛ لكن ثلث الإسرائيليين لا يعتقدون أنه ينبغي دفع تعاون مع أي دولة عربية. وقال 46 في المائة إنه بالإمكان إقامة علاقات سلام مع دول الخليج من دون تقدم في عملية السلام مع الفلسطينيين، ورأى 32 في المائة أن علاقات سلام كهذه مع دول الخليج يمكن دفعها بعد تقدم مع الفلسطينيين فقط.
وعلى الرغم من تواصل الأزمة في العلاقات بين إسرائيل وتركيا، فإن 53 في المائة من الإسرائيليين يعتقدون أنه ينبغي محاولة تحسين العلاقات بين الدولتين.
ويعتقد 86 في المائة من الإسرائيليين، وفقاً للاستطلاع، أن العلاقات مع الولايات المتحدة «جيدة أو جيدة للغاية»، وقال 36 في المائة إن على إسرائيل التقرب من الرئيس دونالد ترمب أكثر حتى انتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة. وقال 34 في المائة إن على إسرائيل تصحيح الأزمة بينها وبين الحزب الديمقراطي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».