إلهام أحمد: أميركا باقية وشجعتنا على التفاوض مع دمشق برعاية روسية

رئيسة الهيئة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية» قالت لـ «الشرق الأوسط» إن قوات الإدارة الذاتية يجب أن تحافظ على خصوصيتها ضمن الجيش

إلهام أحمد رئيسة الهيئة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»
إلهام أحمد رئيسة الهيئة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»
TT

إلهام أحمد: أميركا باقية وشجعتنا على التفاوض مع دمشق برعاية روسية

إلهام أحمد رئيسة الهيئة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»
إلهام أحمد رئيسة الهيئة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»

قالت رئيسة الهيئة التنفيذية لـ«مجلس سوريا الديمقراطية» إلهام أحمد في حديث إلى «الشرق الأوسط» في لندن، أمس، إن «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية - العربية تبلغت رسمياً من واشنطن بأن القوات الأميركية باقية في شمال شرقي سوريا وقرب حدود العراق لـ«حماية آبار النفط ومنع وقوعها بأيدٍ غير أمينة»، لكن أشارت إلى أنه ليس هناك جدول زمني لبقاء هذه القوات «التي تعززت» في رقعة جغرافية أقل، بعد قرار الرئيس دونالد ترمب في بداية الشهر الماضي الانسحاب من الحدود مع تركيا.
وقالت أحمد إن المطالب التي نقلتها إلى واشنطن والعواصم الأوروبية شملت «إنهاء التهديد التركي ومعاقبة تركيا ووقف توريد الأسلحة لتركيا، وفرض عقوبات اقتصادية، ومعاقبتها على استخدام أسلحة محرمة. أيضاً، نريد إرسال قوات دولية إلى الحدود لضمان عدم عودة (الدواعش) إلى البلدان الأوروبية».
وأوضحت رداً على سؤال أن «قوات سوريا الديمقراطية» توصلت برعاية روسية إلى اتفاق مع دمشق لنشر قوات الحكومة السورية على حدود تركيا، مشيرة إلى أنها تطالب بمفاوضات سياسية لـ«انتزاع اعتراف دمشق بالإدارة الذاتية ضمن الدستور السوري. بموجب الاتفاق يكون هناك توزيع للصلاحيات بين المركز والأطراف. هي (الإدارة) جزء من سوريا والدستور السوري وتتم إدارة المنطقة ضمن صلاحيات معينة». وأشارت إلى أن الجانب الأميركي «شجع» على هذه المفاوضات. وأضافت أنه يجب الحفاظ على خصوصية «قوات سوريا الديمقراطية» بموجب أي اتفاق مستقبلي، بحيث تبقى «قوات خاصة ضمن الجيش السوري. يعني يجب أن تكون الإدارة الذاتية هي الواجهة الأساسية لهذه القوات وبعلاقة قانونية مع وزارة الدفاع السورية».
وهنا نص الحديث الذي جرى في لندن أمس:

> الرئيس دونالد ترمب أعلن بداية الشهر الماضي الانسحاب من سوريا ثم عدل موقفه. هل تشعرون أن واشنطن خانتكم بعدما ساهمت «قوات سوريا الديمقراطية» بالقضاء على «داعش»؟
- طبعاً، القرار الذي اتخذته إدارة ترمب بسحب قواتها بأسلوب عشوائي ومفاجئ، أثر بشكل سلبي جداً على المنجزات في الحرب ضد «داعش» والدعم الذي قدمته لتحقيق الاستقرار وعودة النازحين إلى المناطق والقضاء على الخلايا النائمة لـ«داعش».
لم نكن نأمل قراراً مفاجئاً كالذي حصل، خصوصاً أنه كانت لدينا وعود من الدبلوماسيين والعسكريين الأميركيين أنهم باقون في المنطقة إلى حين تحقيق الحل السياسي النهائي في سوريا ومحاربة خلايا «داعش» النائمة، وأن المناطق التي وجد فيها الأميركيون سيدافعون عنها ولن يسمحوا لأي طرف بالهجوم عليها.
> لكن التوقعات بالانسحاب كانت موجودة والسفير الأميركي الأسبق روبرت فورد توقع «خيانة» أميركية للأكراد؟
- لن أتحدث بذلك بالأسلوب. من لم يفِ بوعوده، دعه يسمي الأمور بنفسه. الرأي العام الأميركي كان ضد الانسحاب. كان هذا واضحاً.
> ما هو الوضع حالياً عسكرياً على الأرض؟ هل حصل تراجع؟
- هناك تراجع عن القرار، لكن لا نعرف المدة الزمنية والمهمات التي سيقوم الأميركيون بها. قال الأميركيون إنهم باقون لمحاربة «داعش» وكي لا تقع حقول النفط في أيدٍ غير أمينة.
> هل تبلغت ذلك رسمياً؟
- نعم، تبلغنا ذلك رسمياً.
> ماذا؟
- تبلغنا رسمياً أنهم باقون للاستمرار في محاربة الإرهاب وحماية آبار النفط كي لا تقع في أيدٍ غير أمينة، ولا يستفيد منها «الدواعش» وغيرهم.
> من هذه «الأيادي غير الأمينة»؟ هل ذكروا روسيا أم دمشق؟
- لم يحددوا. هكذا قالوا.
> هل عزز الأميركيون مواقع آبار النفط والغاز؟
- نعم.
> هل أقاموا قواعد؟
- سبق وكانت لديهم قواعد عسكرية، لكن حصلت عودة للقوات وتعزيز لها. كل الذين انسحبوا عادوا.
> الوضع عاد كما كان قبل قرار الانسحاب؟
- المساحة تقلصت. تقريباً، تقلصت إلى النصف.
> كنتِ في واشنطن والتقيت مسؤولين في وزارتي الدفاع والخارجية والكونغرس. ماذا طلبت؟
- طلبنا إنهاء التهديد التركي ومعاقبة تركيا عما قامت به من تطهير عرقي واغتيالات السياسيين، إضافة إلى ضمان تشميلنا بالعملية السياسية في جنيف.
> ثلاثة طلبات؟
- نعم.
> ماذا كان الجواب؟
- الإدارة كانت في وضع عدم الاستقرار ولم تكن الآراء واضحة حول المستقبل في منطقتنا. الكونغرس كان واضحاً واتخذ قرارات لفرض عقوبات ومعاقبة تركيا. بقي أن يصادق عليها مجلس الشيوخ. هذا سيحصل في الأيام المقبلة. لكن الإدارة كانت في حالة عدم وضوح وعدم الاستقرار في الرأي والاستراتيجية.
> وزارة الدفاع؟
- في البداية كان الأمر غير واضح، لكن حالياً الصورة واضحة لديهم، وفق ما ذكرت سابقاً.
> هل هناك إطار زمني لبقاء القوات الأميركية؟
- لا. هم موجودون من دون برنامج زمني.
> إلى متى؟
- حسب استراتيجيتهم. وإلى الآن لم تتضح أسباب بقائهم في سوريا. لذلك لا نعرف هل سيبقون شهرا أو شهرين أو سنة.
> أنت في لندن، ما هي طلباتك في لندن والعواصم الأوروبية.
- لنا مطالب من الدول الأوروبية، هي إنهاء التهديد التركي ومعاقبة تركيا ووقف توريد الأسلحة لها وفرض عقوبات اقتصادية ومعاقبتها على استخدام أسلحة محرمة. أيضاً، نريد إرسال قوات دولية إلى الحدود لضمان عدم عودة «الدواعش» إلى البلدان الأوروبية.
> ماذا عن «الدواعش» الأجانب؟
- نريد تنظيم محاكم خاصة لـ«الدواعش» وتوفير حماية للسجون والمخيمات مع قواتنا للأمن الداخلي. ونناقش موضوع محاكمة «الدواعش» مع الفرنسيين.
> ماذا عن مستقبل «الدواعش» الأجانب، هل ستسلمونهم لدمشق؟
لا، إذا استمر الهجوم التركي، سيعرض «الدواعش» للخطر. ممكن أن يأخذهم النظام السوري أو روسيا أو تركيا أو يهربوا. لذلك، طلبت وقف العملية التركية والهجوم العسكري.
> واقعياً، بالنسبة إلى أميركا والدول الأوروبية، هل تتوقعون أن تنحاز لصالحكم على حساب تركيا وهي عضو في «حلف شمال الأطلسي» (ناتو) ومجموعة العشرين؟
- هم يعرفون أن تركيا لم تعد تغرد ضمن «ناتو» وانحازت كثيرا للطرف الآخر، أي روسيا. هم يعرفون ذلك. يبقى اتخاذ قرارهم واختيار شريكهم.
> لندن، ستستضيف قمة «ناتو» في 3 و4 الشهر المقبل، وهناك قمة بريطانية - ألمانية - فرنسية - تركية. كما أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان سيلتقي ترمب في 13 الجاري؟
- الكل يعرف أن تركيا تحولت إلى دولة راديكالية وهي كانت ولا تزال الممول الأساسي لـ«الدواعش». إذا استمرت العلاقة بينهم، رغم الحقائق، يعني أنهم يتعاملون مع دولة ممولة للإرهاب.
> البعض يعترض على العلاقة بينكم و«حزب العمال الكردستاني» الذي تصنفه دول تنظيماً إرهابياً؟
- إردوغان يخلق الحجج لاحتلال أراض من دول أخرى. الجغرافيا التي نعيش فيها كردية، لكن نتحدث عن خليط من المكونات. لا يمكن أن تتذرع تركيا بـ«وحدات حماية الشعب» الكردية. هي (الوحدات) لم تعتد على أمن تركيا. كل دول التحالف وأميركا تعرف ذلك. ما نقوم به بسوريا، والكل يعرف ذلك، أننا حاربنا الإرهاب ولا علاقة لنا بالإرهاب. لدينا أولويات داخل سوريا ولدينا أولوية سورية، أدافع عن مصالح شعبنا، وأناقش ذلك مع كل الدول المعنية. أولويات سورية ولا أنكر قضيتي القومية، خصوصاً أن القضية الكردية مشكلة في دول أخرى مثل تركيا وإيران.
> هل تريدون تأسيس «روج آفا» (غرب كردستان)؟
- ليس لدي مشروع قومي، كما يسميه البعض، دولة قومية، لكن لنا حقوق قومية كشعب كردي ولنا حقوق كشعب سوري. القضيتان تكملان بعضهما بعضاً. من دون حل القضية الكردية، لا يمكن حل الأزمة السورية.
> لا تريدون كياناً كردياً؟
- أبدا ومطلقاً، لكنْ لدينا حقوق.
> الدبلوماسي الأميركي ويليام روباك اتهم أنقرة بـ«التطهير العرقي»، وفصائل سورية معارضة تتهمكم بـ«التطهير العرقي» ضد العرب وتهجيرهم من مناطقهم شرق الفرات. ما هي الحقيقة؟
- التطهير العرقي يعني أن تهجر قوماً بالكامل من مناطقهم وترتكب المجازر. لننظر إلى تاريخ «وحدات حماية الشعب».
> هناك من يقول إنها هجرت العرب من مناطقهم شرق الفرات؟
- لا، لم تهجر أحداً. بحكم المعارك خرج الناس من مناطقهم ثم عادوا بعد انتهاء المعارك. بقي قسم في تركيا وهم ممن تعاملوا مع «داعش» ولا يستطيعون الرجوع. الآن، أطلقت الإدارة الذاتية نداء لعودة الجميع إلى مناطقهم.
> هل عاد النازحون؟
- نعم. عاد كثيرون.
> هناك من يقول إنكم تستعملون ذريعة «الدواعش» ضد العرب لمنع الناس من العودة؟ أي كل الناس «دواعش» غير الأكراد؟
- كلها ادعاءات غير صحيحة، ليس في محلها. إطلاق صفة «داعش» على الكل غير صحيحة، وإلا لما كان 70 في المائة من «قوات سوريا الديمقراطية» من العرب. حتى العشائر التفت حول هذه القوات ودعمتها بالقوة المالية والمعنوية والبشرية.
> بعد قرار ترمب، جلست جلسة مفاوضات بين «قوات سوريا الديمقراطية» ودمشق برعاية روسية؟
- اتفاق عسكري.
> ملامحه؟
- تسلمت قوات الحكومة والشرطة الروسية كامل الحدود، لكن حافظوا على منطقة الاتفاق بين تركيا وروسيا بين رأس العين وتل أبيض. تركيا تسميها «منطقة آمنة» نحن نسميها «منطقة الجحيم»، لأن تركيا تستعملها لتمرير «الدواعش».
> سياسيا، ماذا تضمن الاتفاق مع دمشق؟
- نسعى إلى انتزاع الاعتراف الرسمي بالإدارة الذاتية لتضمينها بالدستور.
> تريدون الاعتراف بالإدارة الكردية بالدستور السوري؟
- هي ليست كردية. هي إدارية ذاتية وهي جزء من سوريا، بموجب الاتفاق يكون هناك توزيع للصلاحيات بين المركز والأطراف. هي جزء من سوريا والدستور السوري وتتم إدارة المنطقة ضمن صلاحيات معينة.
> هل بدأتِ المفاوضات برعاية روسية؟
- لم تحصل بعد. أبدوا الاستعدادات، لكن لم تحصل بعد.
> هل أبلغتم الأميركيين بمضمون المفاوضات؟
- نعم، هم يعرفون كل شيء. عندما اتخذوا قرارهم وتركوا الحدود، قالوا لنا: أنتم خذوا قراركم وتصرفوا.
> هل شجعوكم على التفاوض مع دمشق برعاية روسية؟
- نعم، طبعا. باعتبار أنهم انسحبوا، ما هو قرارهم؟
> لكنهم عادوا؟
- صحيح، لكن طالما أنهم انسحبوا من الحدود، نحن تصرفنا.
> ما هي ملامح التسوية بينكم ودمشق؟
- الإطار العام، ذكرته، لكن الخطوات العملية لم تبدأ بعد.
> ما هو عدد «قوات سوريا الديمقراطية»؟
- 70 ألفا، وإذا أضفنا الشرطة سيصل العدد إلى مائة ألف عنصر.
> ما هو تصوركم لمستقبلها؟
- لهذه القوات خصوصية، ويجب الحفاظ عليها.
> ما هو المقصود؟
- يجب الحفاظ عليها بموجب اتفاق، قوات خاصة ضمن الجيش السوري. يعني يجب أن تكون الإدارة الذاتية هي الواجهة الأساسية لهذه القوات وبعلاقة قانونية مع وزارة الدفاع السورية.
> الحكومة السورية اقترحت اندماجا فرديا؟
- هذا تصور دمشق، لكنه ليس في محله.
> موسكو اقترحت نسخ تجربة الجنوب السوري، أي اعتبار هذه القوات «فيلقاً خامساً» بإشراف موسكو؟
- لا أظن أن هذا ممكن. القوات عددها كبير ولها خصوصية.



الرئيس الصومالي يزور تركيا الثلاثاء تلبية لدعوة إردوغان

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
TT

الرئيس الصومالي يزور تركيا الثلاثاء تلبية لدعوة إردوغان

الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)
الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود يتحدث خلال مقابلة مع «رويترز» داخل مكتبه بالقصر الرئاسي في مقديشو (رويترز - أرشيفية)

قال برهان الدين دوران، مدير الاتصالات في مكتب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم (الاثنين)، إن الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود سيزور تركيا غداً (الثلاثاء) تلبيةً لدعوة إردوغان.

وأضاف دوران، على منصة «إكس»، أنه سيتم خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية بين تركيا والصومال وتقييم الخطوات التي يمكن اتخاذها لتعزيز التعاون.

وتابع قائلاً: «سيناقش الزعيمان جهود الصومال في مكافحة الإرهاب، وخطواته لضمان الوحدة الوطنية، والتطورات الإقليمية».

كانت تركيا قد أدانت، يوم الجمعة، اعتراف إسرائيل بإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، ووصفته بأنه عمل غير قانوني يستهدف زعزعة الاستقرار الإقليمي والدولي.

وأكدت «الخارجية التركية»، في بيان، أن الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم هو تدخل سافر في الشؤون الداخلية للصومال، مؤكدة استمرار تركيا في دعمها لوحدة أراضي الصومال.


اتهامات لقوات «الانتقالي» بارتكاب مئات الانتهاكات في حضرموت

عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)
عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)
TT

اتهامات لقوات «الانتقالي» بارتكاب مئات الانتهاكات في حضرموت

عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)
عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)

انضم وزير الدفاع في الحكومة اليمنية الشرعية محسن الداعري إلى الإجماع اليمني الواسع المرحب برسالة وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إلى الشعب اليمني، التي تدعو «المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى إخراج قواته من حضرموت وشبوة، بالتوازي مع تقارير حقوقية تتهم هذه القوات بارتكاب مئات الانتهاكات.

وفي هذا السياق، عبّر الوزير الداعري عن تقديره العميق لرسالة نظيره وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، «وما حملته من تأكيد على موقف السعودية الثابت في دعم ومساندة اليمن وشرعيته، وحرصها الدائم على وحدة الصف، وتضافر جهود الجميع لاستعادة مؤسسات الدولة، وتحرير كامل التراب الوطني، وتحقيق أهداف (عاصفة الحزم) و(إعادة الأمل)، بما يعزز الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة».

وأكد الوزير الداعري، في منشور له على صفحته في «فيسبوك»، ثقته المطلقة «بحكمة القيادة السعودية، وقدرتها على تجاوز وحل أي خلافات أو تباينات لإخراج اليمن إلى بر الأمان شمالاً وجنوباً».

وزير الدفاع في الحكومة اليمنية الشرعية محسن الداعري (سبأ)

وثمّن وزير الدفاع اليمني، عالياً، «التضحيات السعودية والدعم السخي والإسناد المتواصل في مختلف الجوانب وعلى الصعد كافة»، مؤكداً اعتزازه «بهذه الشراكة الاستراتيجية التي ستظل ركيزة أساسية لاستكمال التحرير وبناء مستقبل آمن ومزدهر».

وقال الداعري: «أكرر الشكر والتقدير للأشقاء في المملكة العربية السعودية، قائدة التحالف، على مساعيهم الحكيمة وجهودهم الصادقة ليتحقق لنا الأمن والاستقرار والتنمية».

مئات الانتهاكات

وفي ظل استمرار التصعيد العسكري الأحادي الذي يقوده «المجلس الانتقالي الجنوبي»، كشفت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات»، عن توثيق 614 واقعة انتهاك ارتكبتها قواته في محافظة حضرموت، خلال الفترة من 2 ديسمبر (كانون الأول) إلى 25 من الشهر نفسه، في تصعيد وصفته بـ«المنظم والممنهج» استهدف المدنيين والبنية المجتمعية، وأسفر عن تهجير وتشريد ما يقارب 5000 أسرة من مناطق متفرقة في المحافظة.

وقالت الشبكة، في تقرير، الاثنين، إن «طبيعة وحجم الانتهاكات المسجلة يعكسان نمطاً متكرراً من الممارسات الجسيمة التي لا يمكن توصيفها بأنها حوادث فردية أو عرضية، بل تأتي في سياق سياسة ممنهجة تهدد السلم الاجتماعي، وتقوّض سيادة القانون في واحدة من أكثر المحافظات اليمنية استقراراً نسبياً».

موالون لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» يرفعون في عدن صورة زعيمهم عيدروس الزبيدي (إ.ب.أ)

ووفقاً للتقرير، شملت الانتهاكات جرائم قتل وإصابة، وتصفيات ميدانية خارج إطار القانون، واعتقالات تعسفية، وإخفاءً قسرياً، ونهباً لممتلكات عامة وخاصة، وتهجيراً قسرياً واسع النطاق. وأشار إلى توثيق مقتل 35 عسكرياً من أفراد الجيش و12 مدنياً من أبناء حضرموت، إلى جانب إصابة 56 شخصاً بجروح متفاوتة.

كما سجل التقرير 7 حالات تصفية ميدانية لأسرى دون أي إجراءات قضائية، و316 حالة اعتقال تعسفي طالت مدنيين، في خرق واضح للضمانات القانونية الأساسية. وفيما يتعلق بملف الإخفاء القسري، وثقت الشبكة 216 حالة توزعت على محافظات عدة، من بينها حضرموت (53 حالة)، وريمة (41)، وحجة (31)، وتعز (28)، وذمار (26)، وأبين (19)، وإب (18)، إضافة إلى حالات من محافظات أخرى.

وأشار التقرير كذلك إلى نهب 112 منزلاً سكنياً و56 منشأة تجارية، والاستيلاء على 20 مركبة خاصة، فضلاً عن التهجير القسري وتشريد آلاف الأسر، ما فاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية في المحافظة.

إخفاء قسري

وأكدت الشبكة الحقوقية تلقيها عشرات البلاغات الموثقة من أسر مدنية، أفادت باختفاء أبنائها قسراً، دون أي معلومات عن أماكن احتجازهم أو مصيرهم حتى لحظة إعداد التقرير، إضافة إلى مئات العسكريين التابعين للمنطقة العسكرية الأولى الذين لا يزال مصيرهم مجهولاً، في انتهاك جسيم للقانون الوطني والمعايير الدولية.

وشدد التقرير على أن هذه الممارسات «تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، وخرقاً لالتزامات اليمن بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بما في ذلك الحق في الحياة، وحظر الاعتقال التعسفي، وحظر الإخفاء القسري».

وذهبت الشبكة إلى أن «بعض هذه الأفعال قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لا سيما إذا ثبت طابعها واسع النطاق أو المنهجي، وهي جرائم لا تسقط بالتقادم وتستوجب المساءلة الجنائية الفردية والمؤسسية».

«المجلس الانتقالي الجنوبي» يسعى إلى الانفصال عن شمال اليمن وإخضاع حضرموت والمهرة بالقوة (أ.ب)

وحذرت الشبكة الحقوقية من «تداعيات إنسانية كارثية، تشمل تفكك النسيج الاجتماعي، وتفاقم النزوح الداخلي، والانهيار الاقتصادي المحلي، وتعاظم الصدمات النفسية لدى النساء والأطفال، في ظل غياب آليات حماية فعالة للمدنيين».

وطالبت بـ«إدانة دولية واضحة وصريحة للانتهاكات المرتكبة في حضرموت، والوقف الفوري وغير المشروط لها، والإفراج العاجل عن جميع المحتجزين تعسفياً، والكشف عن مصير المخفيين قسراً، وإعادة الممتلكات المنهوبة إلى أصحابها». كما دعت إلى محاسبة المسؤولين «وفق مبدأ عدم الإفلات من العقاب».

وأكدت الشبكة أن ما يجري في حضرموت «ليس وقائع معزولة، بل هو نمط ممنهج يهدد فرص الاستقرار والسلام في اليمن»، مجددة استعدادها للتعاون مع آليات الأمم المتحدة والجهات الدولية المختصة، وتزويدها بالتقارير التفصيلية والأدلة الموثقة وقوائم الضحايا.


الحوثيون يصعّدون اقتصادياً ضد الحكومة اليمنية

مسلحون حوثيون يسيرون في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون يسيرون في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يصعّدون اقتصادياً ضد الحكومة اليمنية

مسلحون حوثيون يسيرون في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)
مسلحون حوثيون يسيرون في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)

في تصعيد جديد للحرب الاقتصادية، تواصل الجماعة الحوثية فرض قيود مشددة على حركة الاستيراد في اليمن، عبر منع دخول البضائع القادمة من المنافذ البحرية والبرية الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وإجبار التجار والمستوردين على تحويل شحناتهم إلى مواني الحديدة الخاضعة لسيطرتها.

وتأتي هذه الخطوة، في وقت تعاني تلك المواني تراجعاً حاداً في قدرتها التشغيلية؛ نتيجة الضربات الأميركية والإسرائيلية التي لحقت بها خلال الأشهر الماضية.

وتؤكد مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة تحتجز منذ أسابيع عشرات الشاحنات في المنافذ الجمركية التي استحدثتها على خطوط التماس؛ بذريعة مخالفة التعليمات الجديدة التي تُلزم المستوردين بإدخال بضائعهم عبر مواني الحديدة فقط.

عشرات الشاحنات محتجزة في المنافذ الجمركية التي استحدثها الحوثيون (إعلام محلي)

وتشير المعلومات، إلى أن هذه الإجراءات تستهدف بالدرجة الأولى تعظيم الموارد المالية للجماعة، بعد أن فقدت نحو 75 في المائة من العائدات الجمركية التي كانت تحصل عليها من البضائع الداخلة عبر المواني الخاضعة للحكومة.

وحسب المصادر، فإن من بين أبرز السلع التي طالتها القيود الحوثية، شحنات الأخشاب المستوردة، التي جرى منع دخولها رغم عدم شمولها بقرارات وزارتي المالية والتجارة التابعتين للجماعة بشأن المواد المحظورة.

ابتزاز منظم

وتوضح المصادر، أن الحوثيين يحاولون عقد صفقات مع التجار، تسمح بدخول الشحنات المحتجزة مقابل تعهدات خطية بعدم الاستيراد مستقبلاً عبر المنافذ الحكومية، في خطوة وُصفت بأنها «ابتزاز اقتصادي منظم».

وتشير إلى أن هذه السياسة تتزامن مع تراجع كبير في كفاءة ميناء الحديدة، الذي تضررت معظم أرصفته ورافعاته، إضافة إلى الأضرار التي لحقت بـ«ميناء رأس عيسى» المخصص لاستقبال الوقود.

تراجع القدرة التشغيلية لميناء الحديدة بعد الضربات الأميركية والإسرائيلية (إعلام محلي)

وعلى الرغم من فشل الجماعة في إعادة تشغيل الميناء بطاقته السابقة، فإنها لجأت إلى توجيه السفن نحو «ميناء الصليف» الأقل تضرراً، مع تقديم حوافز مالية وإدارية للمستوردين، مقابل تمرير بضائعهم عبر هذه المواني وتسويقها حتى في مناطق سيطرة الحكومة.

وفي هذا السياق، يؤكد الجانب الحكومي، أن الحوثيين لا يكتفون بتقديم الإغراءات، بل يمارسون ضغوطاً مباشرة على المستوردين لتحويل مسار شحناتهم.

وتشمل هذه الضغوط، تسهيلات تتجاوز خفض سعر الدولار الجمركي، لتصل إلى السماح بدخول سلع مخالفة للمواصفات الخليجية المعتمدة في اليمن؛ ما يشكل تهديداً مباشراً للسوق المحلية وصحة المستهلكين، مستغلين رفض الحكومة استحداث نقاط رقابة في مناطق التماس، على غرار ما قامت به الجماعة.

احتكار القمح

لم تقتصر سياسات الجماعة الحوثية على السلع المستوردة، بل امتدت إلى المواد الغذائية الأساسية، وفي مقدمتها القمح والطحين. إذ منعت استيراد الطحين بحجة قدرتها على توفيره محلياً عبر المطاحن الموجودة في الحديدة، بعد أن قامت باستئجار «مطاحن البحر الأحمر» من مالكيها. غير أن مصادر تجارية تؤكد، أن الطاقة الإنتاجية لهذه المطاحن لا تغطي حتى نصف احتياجات السكان، وهو ما ينطبق أيضاً على إنتاج القمح المحلي.

وتوضح البيانات، أن المساحات المزروعة بالقمح في محافظة الجوف لا تنتج سوى أقل من 5 في المائة من احتياجات السوق، ومع ذلك يُباع القمح المحلي بأسعار تفوق المستورَد بشكل كبير، حيث يبلغ سعر كيس القمح (50 كيلوغراماً) نحو 20 ألف ريال يمني، مقارنة بنحو 12 ألف ريال للقمح المستورَد؛ ما يجعله غير قادر على المنافسة في السوق الحرة. (الدولار نحو 535 ريالاً يمنياً في مناطق سيطرة الحوثيين).

تحوّل مَزارع القمح في الجوف مصدرَ ثراء لقيادات حوثية (إعلام محلي)

وتتهم المصادر مسؤولي وزارة الصناعة والتجارة، ومصلحة الجمارك التابعة للجماعة الحوثية، بتعمد خلق اختناقات تموينية؛ بهدف تصريف مخزون القمح المحلي المكدس نتيجة ضعف الإقبال عليه.

كما كشفت عن دور ما يُعرف بـ«الحارس القضائي» في مصادرة مساحات واسعة من أراضي زراعة القمح في الجوف؛ بحجة ملكيتها لشخصيات مؤيدة للحكومة، قبل منحها لقيادات حوثية تستثمرها مقابل توريد نسب محددة من العائدات إلى حسابات خاصة بالجماعة.

ولم يتوقف العبث عند هذا الحد؛ إذ جرى - حسب المصادر - تأجير معظم مزارع القمح من الباطن لتجار نافذين، يحصلون على أموال طائلة من المال العام والمساعدات، تحت غطاء دعم الإنتاج الزراعي. وأسهمت هذه الممارسات، إلى جانب غياب الإرشاد الزراعي، في فشل مشاريع القمح المحلية، وفاقمت الأزمات التموينية وارتفاع الأسعار بين الحين والآخر.

وتكشف معلومات، من القطاع التجاري عن صراع متصاعد بين مستوردي القمح والمستثمرين المرتبطين بالجماعة؛ نتيجة إجبار المستوردين على شراء القمح المحلي مرتفع السعر، محمّلين هذه السياسات، مسؤولية تكرار الأزمات التموينية، وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين في مناطق سيطرة الحوثيين وخارجها.