بن قرينة مرشح الرئاسيات الجزائرية: الحراك الشعبي لا يعارض الانتخابات

بن قرينة أثناء إلقاء خطاب له (الشرق الأوسط)
بن قرينة أثناء إلقاء خطاب له (الشرق الأوسط)
TT

بن قرينة مرشح الرئاسيات الجزائرية: الحراك الشعبي لا يعارض الانتخابات

بن قرينة أثناء إلقاء خطاب له (الشرق الأوسط)
بن قرينة أثناء إلقاء خطاب له (الشرق الأوسط)

تعهد عبد القادر بن قرينة المرشح الإسلامي في انتخابات الرئاسة بالجزائر، المقررة في 12 من الشهر المقبل، باختصار ولايته و«الدعوة إلى انتخابات مبكرة» لاعتقاده أن الظروف التي يجري فيها التحضير للانتخابات المقبلة «غير عادية ولا تحظى بتأييد شعبي».
وقال بن قرينة أثناء مقابلة مع «الشرق الأوسط»، جرت بمقر مديرية حملته الانتخابية بأعالي العاصمة، إن «التوجه إلى الانتخابات في هذه المرحلة المتميزة بالاضطراب، والتدافع والألغام المزروعة في كل مكان، يعكر صفو التصويت، وأنا أعي هذا جيدا. غير أن وجود نصف رئيس أو رئيس منقوص الشرعية أفضل من عدمه، وهذا الاعتقاد يسود صفوف حزبنا (حركة البناء الوطني التي يرأسها)، وهو مبني على أصول سياسية وشرعية».
وبحسب بن قرينة (61 سنة) فإن قطاعا من الجزائريين «لا يعارض الانتخابات، والأغلبية في رأيي لم تعلن أنها لا تريدها، وهؤلاء هم من أخاطبهم وأعرض عليهم برنامجي. والحقيقة أن الجزائر خرجت نهائيا من معدلات التصويت 99 في المائة. وأنا يكفيني من سينتخب، وأتعهد لهم عن طريق وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بحل البرلمان والمجالس المحلية، وبإدخال تعديل عميق على الدستور عن طريق الاستفتاء الشعبي، وسأختصر ولايتي لتنظيم رئاسية جديدة، تكون معبرة عن رئيس حقيقي، وسأترشح من جديد».
ولاحظ بن قرينة، الذي كان وزيرا للسياحة في فترة حكم الرئيس الجنرال اليامين زروال (1994 - 1998)، أن «قطاعا من الحراك الشعبي يطالب بمرحلة انتقالية قبل تنظيم انتخابات، لكنها كانت تجربة سيئة سيطرت فيها على البلاد جهات معينة، لم يكن الشعب في حسابها». في إشارة إلى فترة حكم جنرالات معادين للإسلاميين، وكان ذلك بعد تدخل الجيش لإلغاء نتائج الانتخابات، التي فازت فيها «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» نهاية 1991.
ودعا بن قرينة أحزاب المعارضة، التي تطالب بـ«جمعية تأسيسية»، إلى «تبديل المصطلح لأنه يخيف الكثيرين، كأن ينادوا بانتخابات رئاسية تأسيسية لبناء جزائر جديدة، يصل فيها المواطن إلى أعلى المناصب، على أساس الاقتدار والاستحقاق والانتخاب، بدل التعيين».
وعلى عكس الانطباع السائد في البلاد بأن انتخابات نهاية العام «مرفوضة شعبيا»، خاصة أن المترشحين الخمسة يتعرضون للهجوم مرتين في الأسبوع (حراك الجمعة ومظاهرات الطلاب يوم الثلاثاء)، يقول بن قرينة إن «الحراك الشعبي لا يعارض الانتخابات، ولم يسبق أن هاجمني أحد، لا في الحراك الذي يشارك فيه مناضلونا، ولا في الأسواق الشعبية التي أتردد عليها». مشيرا إلى أنه «يريد أن يستمر الحراك بعد وصولي إلى قصر الرئاسة، فالشعب الجزائري ظل محروما من المظاهرات، ومن التعبير عن أوجاعه في الشارع طيلة 20 سنة (فترة حكم بوتفليقة)، وكان مقيدا، وقد ضربوا الأطباء والمدرسين والقضاة عندما خرجوا إلى الشارع، وهذا يتعارض مع الحريات المكفولة دستوريا».
وعما إذا كان يعتبر نفسه ممثلا للأحزاب الإسلامية في الانتخابات المنتظرة، قال بن قرينة: «الشائع أن الترشيحات عندنا هي 4 زائد واحد. فالأربعة يحسبون على النظام، رغم أن فيهم من عارض السلطة مبكرا. أما أن أوصف بمرشح الإسلاميين، فهذا إضافة لي والوعاء الإسلامي الذي أنهل منه أكثر أمانا من بقية الأوعية، التي يأخذ منها المترشحون للرئاسة. أكثر من هذا، فأنا أستقي الأنصار بكثرة من الجنوب الكبير الذي أتحدر منه... فلأول مرة تشهد الانتخابات مرشحا من مناطق الجنوب، التي ظلت مهمشة وبعيدة عن حسابات السلطة».
ويعتقد بن قرينة جازما بأن «بقية الإسلاميين سيساندونه لعلمهم أنني بعيد عن دوائر السلطة».
يشار إلى أن المترشحين هم رئيسا الوزراء سابقا عبد المجيد تبون، وعلي بن فليس، ووزير الثقافة سابقا عز الدين ميهوبي (اشتغلوا مع الرئيس السابق)، والقيادي بحزب بوتفليقة سابقا «جبهة التحرير الوطني»، بلعيد عبد العزيز.
ويتوقع مراقبون أن لجوء نشطاء بالحراك إلى القوة لمنع التجمعات، التي سينظمها المترشحون خلال الحملة التي ستنطلق في 17 من الشهر الجاري، لكن بن قرينة لا يبدو متخوفا من ذلك: «فعشرات الأشخاص في الولايات يدعونني إلى جلسات للحديث عن الانتخابات. ولعلمكم فإن المكون البشري في ولايات الداخل يختلف عن سكان العاصمة والحواضر الكبرى. فهناك الكثير من التجمعات السكانية أبدت استعدادا للتجاوب معنا في الحملة، لكننا لن نخوض الحملة بطريقة المهرجانات الكبرى الكلاسيكية. فنمط الحملات الانتخابية تطور عالميا، ونحن سنمضي في الأساليب العصرية التي تتمثل في العمل الجواري، والإقناع بالحوار المباشر».
وأضاف بن قرينة موضحا «إذا كان المرشحون الآخرون يشعرون بالحرج بخصوص لقاء الناخبين في الميدان، فذلك يختلف معي. فقد أقمت لقاءات في فضاءات فسيحة والأسواق الشعبية، والتقيت بالشباب، ولم أتعرض لأي موقف سيء. والكثير من قيادات حزبنا يسيرون في الحراك، ولم يسبق أن واجههم المتظاهرون بمواقف سيئة. لكن لا يمكننا أن ننكر أن جزءا من الشعب يعارض الانتخابات بشدة، ونحن نعتقد أن من يعادي الأشخاص الذين يريدون الانتخاب يتصرفون بأسلوب غير ديمقراطي. فمن حقك ألا تصوت، ولكن ليس من حقك أن تمنع وتناهض من اختار التصويت».
وعما إذا كان للجيش مرشح قال بن فليس: «لا أعتقد أن المؤسسة العسكرية تراهن على مرشح بعينه، لكن حكومة نور الدين بدوي (رئيس الوزراء) المرفوضة شعبيا، اختارت مرشحها، وهي تسخر الإدارة العمومية له، لكن الشعب ذكي ويعرف من هو، وأتوقع أن يأخذ منه موقفا سلبيا يوم الاقتراع»، في إشارة ضمنا لعبد المجيد تبون، الذي يعتقد في الأوساط الإعلامية بأنه «مرشح السلطة»، وكان بن فليس هاجمه قائلا: «إنه يمثل الولاية الخامسة من دون بوتفليقة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.