ترتدي الكنيسة المعلقة، أحد أهم وأشهر آثار مصر القبطية، حلة جديدة، وتحتفل الكنيسة العريقة بثوبها الجديد غدا (السبت)، بعد نحو 16 عاما من أعمال الترميم والصيانة خضعت لها منذ عام 1998، من قبل وزارة الآثار المصرية.
يدشن حفل الافتتاح المهندس إبراهيم محلب، رئيس الحكومة، بحضور البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، وعدد من الوزراء والسفراء والشخصيات العامة ومحافظ القاهرة.
ويأتي افتتاح الكنيسة ضمن خطة لوزارة الآثار للحفاظ على الآثار المصرية في مختلف عصورها، تشمل عددا من المناطق الأثرية سيجري افتتاحها خلال الشهور المقبلة أمام حركة السياحة المحلية والعالمية في محاولة لاستعادة حركة السياحة في مصر لسابق عهدها. وقد تكلف مشروع ترميم وتأهيل الكنيسة أكثر من 101 مليون جنيه، بحسب بيان لوزارة الآثار.
وحول عملية الترميم أوضح المهندس وعد الله محمد، القائم بأعمال رئيس قطاع المشروعات بالوزارة، أن المشروع شمل ترميم الكنيسة معماريا وإنشائيا، حيث جرت معالجة الآثار الناتجة عن زيادة منسوب المياه الجوفية أسفلها عن طريق مشروع شامل لخفض منسوب المياه تحت الأرض. كما تضمن المشروع ترميم الرسوم الجدارية والأيقونات، وتطوير منظومة التأمين عن طريق تزويد الكنيسة بكاميرات مراقبة وتأمين مداخلها، وكذلك تركيب تكييف مركزي لتثبيت درجة الحرارة والرطوبة النسبية بالكنيسة. وأشار إلى أنه جرت صيانة وتنسيق المداخل والموقع العام لإعادته إلى ما كان عليه طبقا للأصول الأثرية.
وتقع الكنيسة المعلقة في حي مصر القديمة، في منطقة القاهرة القبطية الأثرية المهمة، التي تعد بمثابة متحف مفتوح للأديان السماوية الثلاثة، فعلى مقربة من الكنيسة يقع جامع عمرو بن العاص، ومعبد بن عزرا اليهودي، كما تقع جنوب المتحف القبطي بالقاهرة، وتضم عند مدخلها 13 عمودا مزودا بالنقوش والرسوم والكتابات، تمثل المسيح وحوارييه الاثني عشر.
وتُعد الكنيسة المعلقة من أجمل الكنائس على مستوى الشرق الأوسط، وسميت «المعلقة» لأنها بنيت على برجين من الأبراج القديمة للحصن الروماني المعروف بـ«حصن بابليون»، الذي بناه الإمبراطور تراجان في القرن الثاني الميلادي.
وتشير بعض الروايات إلى أن الكنيسة بنيت على أنقاض مكان احتمت فيه العائلة المقدسة (السيدة مريم العذراء، والمسيح الطفل، والقديس يوسف النجار) وذلك أثناء السنوات الثلاث التي قضوها في مصر. وتستند هذه الروايات إلى الإنجيل، وقصة هروب العائلة المقدسة من هيرودس حاكم فلسطين الذي كان قد أمر بقتل الأطفال تخوفا من نبوءة وردته. والبعض يرى أنها بنيت على أثر لمكان كان عبارة عن قلاية (مكان للخلوة) يعيش فيها أحد الرهبان النساك، في واحد من السراديب الصخرية المحفورة في المكان. وجددت الكنيسة عدة مرات خلال العصر الإسلامي، كما كانت مقرا للكثير من البطاركة منذ القرن الحادي عشر. وكان البطريرك خريستودولوس هو أول من اتخذ الكنيسة المعلقة مقرا بابويا لبابا الإسكندرية، وقد دفن فيها عدد من البطاركة في القرنين الحادي عشر والثاني عشر، ولا تزال توجد لهم صور وأيقونات بالكنيسة، كما كانت تقام بها محاكمات المهرطقين. وتعد مزارا مهما للأقباط، نظرا لقدمها التاريخي، وارتباط المكان برحلة العائلة المقدسة إلى مصر، وجودها بين كنائس وأديرة، تسهل زيارتها أيضا.
وتشير نشوى جابر، مدير عام المكتب الفني بوزارة الآثار، إلى أن تاريخ بناء الكنيسة المعلقة يعود إلى أواخر القرن الرابع وبداية القرن الخامس الميلادي، وهو ما يتضح من أخشاب العمارة الأولى الموجودة بالمتحف القبطي وتمثل دخول السيد المسيح إلى القدس، وشهدت في فترات كثيرة من العصر الإسلامي رسامة البطاركة كما كانت تعقد بها كثير من الاحتفالات الدينية المسيحية الكبرى، وحوكم فيها بعض الخارجين على الطقوس الكنسية. وتشتهر الكنيسة بالأيقونات والصور الموزعة على جدرانها التي تبلغ نحو 90 أيقونة وصورة يرجع أقدمها إلى القرن الخامس عشر الميلادي، لكن أغلبها يعود إلى نهاية القرن الثامن عشر الميلادي.
وبثوبها الجديد تفتح الكنيسة أبوابها للزوار لمشاهدة الآثار الحية للتاريخ المصري القديم، التي تنبض في كل ركن من أركان الكنيسة.
«الكنيسة المعلقة» في القاهرة تستعيد بهاءها
خضعت لعملية ترميم استغرقت 16 عاما ويفتتحها رئيس الحكومة غدا
«الكنيسة المعلقة» في القاهرة تستعيد بهاءها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة