الإعلام اللبناني «رأس حربة» الاحتجاجات الشعبية

انقسم المشهد بين مؤسسات مؤيدة للحراك وأخرى لحقت بمواقف أحزاب السلطة

TT

الإعلام اللبناني «رأس حربة» الاحتجاجات الشعبية

منذ اللحظة الأولى لانطلاق الاحتجاجات الشعبية كان للإعلام اللبناني الدور الأبرز في تغطية التحركات في مختلف المناطق.
وشكّلت القنوات التلفزيونية رأس الحربة في هذا السياق باستثناء تلك المحسوبة بشكل كامل على أحزاب السلطة، والتي دفع إعلاميوها ثمن انتماءاتهم لهذه المؤسسات التي تنطلق بلسان هذه الأحزاب، فتعرضوا للإهانات والاعتداء في أحيان كثيرة، من قبل المحتجين.
وكانت قنوات الـ«lbc» والـ«الجديد» والـ«MTV» في مقدمة القنوات التي حملت لواء المظاهرات، فيما تفاوتت القنوات الأخرى في تغطيتها للقضية. إذ في الأيام الأولى للاحتجاجات أبقت شاشة الـ«أو تي في» (التابعة للتيار الوطني الحر)، على برامجها الاعتيادية على غرار «تلفزيون لبنان الرسمي»، فيما رافقت كل من الـ«إن بي إن» (حركة أمل) و«المنار» (حزب الله)، التحركات ليعود المشهد ويتبدل بعد أيام على الشاشات التابعة للأحزاب، انطلاقا من أسباب مرتبطة بكل منها.
إذ عاد تلفزيون «أو تي في» ليتابع المظاهرات في الساحات ولم يسلم إعلاميوه من المضايقات من قبل محتجين على الأرض على خلفية التوجهات السياسية للقناة، بينما خضع التلفزيون الرسمي للضغوط ونقل بدوره الاحتجاجات بعدما عمدت مجموعة من الفنانين على اقتحامه رافضة تجاهله تحركات الشارع.
في المقابل، تراجع مستوى نقل قناة «إن بي إن» نتيجة تعرض المحتجين لرئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، أما «المنار» فبدلّت سياستها على وقع خطاب أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله، الذي أثنى في الأيام الأولى على الاحتجاجات ومطالبها، ليعود بعدها ويتّهمها بتلقي التمويل من السفارات، وهو ما انعكس على مسار متابعة «المنار» للاحتجاجات بما يتناسب مع سياسة «حزب الله».
في موازاة ذلك بقيت القنوات الأخرى، وتحديدا الـ«LBC» والـ«MTV» و«الجديد»، تتابع تغطية المظاهرات في مختلف المناطق، وهو ما عرّضها للحملات والاتهامات بتلقيها الأموال من الخارج لفتح هوائها على مصراعيه لنقل التحركات، وهو ما نفاه مديرو ومسؤولو القنوات، مع إقرارهم بتعرضهم للضغوط لوقف البث، وهو ما لم يخضعوا له.
وفي هذا الإطار، لا ينفي مدير الأخبار والبرامج السياسية في «قناة إم تي في» غياث يزبك، تعرضهم لبعض الضغوط في الأيام الأولى للاحتجاجات لكن الخيار الأول والأخير كان للشعب اللبناني الذي لا يمكن تجاهله وهو ينتفض في الشارع، بحسب ما يؤكده.
وفي رد منه على الاتهامات التي طالت قنوات التلفزيون لجهة حصولها على تمويل لتغطية تكلفة البث المباشر المتواصل، يقول يزبك: «المطّلع على تقنيات التطوّر التكنولوجي الحديث يدرك تماما أن النقل المباشر لم يعد يتطلب تكلفة مادية كتلك التي كنا نحتاجها في السنوات الماضية، مؤكدا أن تكلفة تغطية يوم كامل لا تتجاوز الـ1500 دولار أميركي».
وعن الخسارة التي قد تترتّب على القناة نتيجة عدم بثّها البرامج وغياب الإعلانات عنها، لا ينفي يزبك انعكاس هذا الأمر سلبا خاصة إذا طال أمد الاحتجاجات. ويقول: «لا شكّ أن هناك خسارة عندما نضطر أن نخرج عن شبكة البرامج المقررة ما يؤدي إلى تأجيلها وتوقف المعلن عن دفع الأموال، لكن في المقابل، الوقوف إلى جانب الشعب في انتفاضته هو مشروع ارتباط به في المدى الطويل».
ولا يختلف موقف رئيس مجلس إدارة قناة «إل بي سي»، بيار الضاهر الذي شوهد مرارا متنقلا في المناطق خلال تغطية القناة للتحركات عن موقف يزبك.
وكان الضاهر قد أوضح في حديث سابق له نشر على موقع القناة توضيحا حول تكلفة النقل المباشر، وقال: «الكاميرا نملكها أساسا، فإذا شغّلناها فهل أنفق بذلك أموالا؟ بمعنى آخر، إذا كان لديكِ دراجة هوائية، فهل تنفقين مالا في كل مرة تستخدمينها فيها؟ كذلك المراسلون، فهم منتشرون في المناطق في إطار عملهم اليومي، فلا رواتب أو زيادات طارئة في هذا المجال».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.