إسرائيل تعين مسؤولا لشؤون المفقودين استعدادا لمفاوضة حماس

الحركة نشرت ملصقات تثير شكوكا حول وجود جنود أحياء لديها

إسرائيل تعين مسؤولا لشؤون المفقودين استعدادا لمفاوضة حماس
TT

إسرائيل تعين مسؤولا لشؤون المفقودين استعدادا لمفاوضة حماس

إسرائيل تعين مسؤولا لشؤون المفقودين استعدادا لمفاوضة حماس

في الوقت الذي تسعى فيه حركة حماس لفصل المفاوضات حول جنود إسرائيليين مفقودين في غزة عن مفاوضات وقف إطلاق النار وإعادة إعمار غزة، التي يتوقع استئنافها الأسبوع القادم في القاهرة، عين رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، العقيد في الاحتياط ليئور لوتان لشغل منصب منسق شؤون الأسرى والمفقودين، وذلك في مؤشر على نية الطرفين خوض مفاوضات شبيهة بمفاوضات تبادل إطلاق الأسرى التي توجت بصفقة شاليط.
وقال نتنياهو بعد تعيين لوتان: «إسرائيل ملزمة بإعادة مفقوديها إلى بيتهم، وأنا أبارك لليئور لوتان على تطوعه ليشغل هذا المنصب».
وتبحث إسرائيل عن مصير جنديين فقدا في الحرب الأخيرة على غزة، هما أورون شاؤول وهدار غولدين.
وعلى الرغم من إعلان الجيش الإسرائيلي، بعد تحقيقات خاصة، بأنهما ليسا على قيد الحياة، إلا أنه لا يوجد أي مؤشر حقيقي على حالتهم، خصوصا وأن حماس التزمت الصمت التام تجاه مصير الجنديين، أو ما إذا كان لديها أشلاء لجنود آخرين.
ووفقا للتقديرات الإسرائيلية، فقد قُتل شاؤول في المعركة الدموية التي جرت في حي الشجاعية شرق غزة، وتكبد فيها الإسرائيليون خسائر كبيرة، وذلك عندما تمت مهاجمة المركبة المحصنة التي كان يستقلها مع خمسة جنود آخرين وتم إحراقها، أما جولدين ففقد في الأيام الأخيرة من الحرب على مشارف مدينة رفح، في اشتباك مع مسلحي حماس، وقتل خلاله جنديان آخران.
وفي أوقات سابقة أجرى الجيش الإسرائيلي جنازات رمزية للجنديين بحضور عائلاتهم، لكن العائلات ما زالت تتمسك بالأمل. وكانت إسرائيل قد عرضت في المفاوضات الأخيرة في القاهرة الإفراج عن 25 فلسطينيا اعتقلتهم خلال الحرب، إضافة إلى 18 جثة لفلسطينيين، مقابل تسلم جثتي الجنديين في غزة، لكن حماس رفضت ذلك بشكل قاطع، وطلبت فصل المفاوضات. إلا أن إسرائيل لم توافق آنذاك على هذا المقترح.
ونشرت حماس في اليومين الماضيين ملصقات في غزة، أثارت شكوكا كبيرة حول وجود أحد الجنود على قيد الحياة. ورفعت لافتات كبيرة في شوارع غزة كتب عليها «قريبا وفاء الأحرار 2»، مع العلم أن وفاء الأحرار هو الاسم الذي أطلقته الحركة على صفقة شاليط التي انتهت بتبادل الجندي جلعاد شاليط، بأكثر من ألف أسير فلسطيني، كانوا في السجون الإسرائيلية، في 11 أكتوبر (تشرين الأول) 2011. كما نشرت حماس ملصقات ضخمة يظهر فيها مقاتلون ملثمون من القسام في مهمات مختلفة، وإلى جانبهم صورة للجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، وإطار آخر وضع في داخله علامة استفهام، في إشارة إلى وجود الجندي الثاني لدى القسام، وأنه قد يكون حيا. وكانت اشتباكات قد وقعت في الأول من أغسطس (آب) الماضي في رفح انتهت بإعلان الجيش الإسرائيلي اختفاء الجندي هدار جولدين، بعد بدء سريان هدنة متفق عليها، وهو الأمر الذي نفته «القسام» لاحقا، قائلة إنه لا علم لها بمصير الجندي أو المقاتلين الذين اشتبكوا مع الجيش.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».