«داعش» يتراجع إلى أطراف «كوباني» والتحالف يقصف مواقعه في محيط المدينة

مسؤول كردي: غارات النهار حدت من تقدمه والعمليات النوعية أوقعت خسائر فادحة في صفوفه

«داعش» يتراجع إلى أطراف «كوباني» والتحالف يقصف مواقعه في محيط المدينة
TT

«داعش» يتراجع إلى أطراف «كوباني» والتحالف يقصف مواقعه في محيط المدينة

«داعش» يتراجع إلى أطراف «كوباني» والتحالف يقصف مواقعه في محيط المدينة

شن تنظيم «داعش» أمس هجوما في شرق مدينة كوباني (عين العرب) السورية الكردية بهدف استعادة أحياء انسحب منها ليلا على وقع تأثير الضربات الجوية التي استهدفت مواقعه الخلفية من طائرات الائتلاف الدولي، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان، فيما أعلنت القيادة المركزية الأميركية عن شن 9 غارات أميركية وإماراتية في سوريا خلال 48 ساعة. وعلى أثر الضربة الجوية ارتفع دخان أسود كثيف فوق تلة تقع إلى شرق المدينة حيث لا تزال معارك طاحنة تدور منذ أيام بين المقاتلين الأكراد و«داعش». في غضون ذلك، لا يزال عشرات الأكراد محتجزين لدى السلطات التركية منذ الاثنين وأبدى المرصد تخوّفه من إعادتهم عبر معبر تل أبيض إلى الأراضي السورية التي يسيطر عليها التنظيم.
وأعلن الجيش الأميركي أنه نفذ 6 ضربات جوية استهدفت تنظيم «داعش» قرب مدينة كوباني يومي الثلاثاء والأربعاء. وقالت القيادة المركزية الأميركية في بيان إن الضربات الجوية التي نفذتها قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة دمرت حاملة جند مدرعة ومركبات تحمل أسلحة وقطع مدفعية خاصة بالمتشددين. وأضافت أن الضربات الجوية كانت ضمن 9 غارات جوية على سوريا جرى تنفيذها خلال اليومين الأخيرين بالاشتراك مع الإمارات العربية المتحدة باستخدام قاذفات ومقاتلات وطائرات يجري التحكم فيها عن بعد.
وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن ضربات التحالف أرغمت مقاتلي تنظيم «داعش» على الانسحاب ليل الثلاثاء الأربعاء من بعض المناطق الواقعة في شرق المدينة وعند أطرافها الجنوبية الغربية. وأوضح المرصد أن الانسحاب جاء بعد استهداف «مواقعهم الخلفية بالغارات ما خلف خسائر بشرية في صفوفهم كما تأكدت إصابة 4 عربات على الأقل تابعة لهم». وأمس، قال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» «تدور اشتباكات عنيفة في شرق المدينة بعدما شن التنظيم هجوما لاستعادة الأحياء التي فقد السيطرة عليها». وأضاف «قتل 3 من مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية وأصيب عدد آخر منهم بجروح، وهناك خسائر بشرية مؤكدة في صفوف التنظيم». وقال مسؤولون أكراد في المدينة إنّ مقاتلي داعش تراجعوا إلى أطراف المدينة الاستراتيجية بعد أن كانوا اقتربوا من السيطرة عليها خلال هجوم مستمر منذ 3 أسابيع.
وأظهرت لقطات صورها تلفزيون «رويترز» تمركز أكثر من 20 دبابة تركية على تلال تبعد نحو كيلومتر واحد عن الحدود أمس. ورأى نائب وزير الخارجية في الإدارة المحلية في مقاطعة كوباني إدريس نعسان أن تراجع «داعش» الأخير مهم جدا ويمكن أن يكون بداية العدّ العكسي للتراجع بشكل نهائي. وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنّ «تنظيم داعش موجود في الأحياء الشرقية والجنوبية الشرقية وعلى المداخل في الجهة الغربية والجنوبية الغربية».
وأكّد نعسان أنّ ضربات التحالف في النهار ساهمت ولا سيما في اليومين الأخيرين، في الحد من تقدّم التنظيم الذي يختبئ عناصره ليلا، وأشار إلى أنّ هناك عمليات نوعية تقوم بها وحدات حماية الشعب توقع خسائر فادحة في الأرواح والعتاد لدى «داعش».
ولفت إلى أن «العمليات النوعية تتمثّل بالكمائن بشكل رئيس وقد تصل إلى العمليات الانتحارية إذا وجد المقاتل نفسه مضطرا لذلك لأنها ليست سياسة عامة متبعة لدينا». وكان مقاتلو التنظيم يتقدمون صوب المدينة ذات الموقع الاستراتيجي من 3 جهات ويقصفونها بالمدفعية على الرغم من المقاومة الشرسة التي واجهوها من المقاتلين الأكراد الأقل تسليحا بكثير. وتمكن «داعش» مساء الاثنين من دخول كوباني التي يتقدم نحوها منذ أكثر من 3 أسابيع، بعد معارك ضارية مع مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية. وسيطر على 3 أحياء في شرق المدينة وتمركز على بعض الأطراف الجنوبية والجنوبية الغربية قبل أن يتمكن المقاتلون الأكراد من صده، ما أجبره على التراجع بعض الشيء.
وذكر الصحافي والناشط مصطفى عبدي من كوباني على صفحته على موقع «فيسبوك» صباح أمس أن «جثث قتلى داعش تملأ شوارع حي مقتلة جنوب شرقي كوباني». وأشار من جهة ثانية إلى استمرار وجود «المئات من العائلات وكبار السن» في كوباني، وإلى أن «الأوضاع الإنسانية صعبة، والأهالي بحاجة إلى مواد غذائية وماء».
وبدأ «داعش» هجومه في اتجاه كوباني في 16 سبتمبر (أيلول)، وسيطر على منطقة واسعة في محيطها، حتى فرض عليها حصارا من 3 جهات، بينما تحدها تركيا من الجهة الرابعة. وقتل في المعارك أكثر من 400 شخص غالبيتهم من المقاتلين من الطرفين، بحسب المرصد السوري. كما نزح أكثر من 300 ألف شخص. وكان عدد سكان كوباني قبل بدء النزاع السوري يناهز الخمسين ألفا، لكنه تضخم بعشرات الألوف الأخرى مع موجة النزوح إليها من مناطق سورية أخرى.
من جهة أخرى، نقل المرصد السوري لحقوق الإنسان أمس الأربعاء عن أحد المحتجزين في مدرسة بقرية علي كور في الجانب التركي من الحدود المشتركة مع سوريا أن أكثر من 100 مواطن كردي بينهم إعلاميون ممن احتجزوا في المدرسة، بعد نزوحهم نحو الأراضي التركية قاموا أمس بجمع حاجياتهم الشخصية وفُرشِهم بغية حرقها احتجاجا على قرار من السلطات التركية بترحيلهم إلى السجن العسكري بمدينة شانلي أورفا التركية التي تقع قبالة مدينة تل أبيض السورية التي يسيطر عليها تنظيم «داعش».
وقال المصدر إن ثمة مخاوف من قيام السلطات التركية بإعادتهم عبر معبر تل أبيض إلى الأراضي السورية التي يسيطر عليها التنظيم.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».