الحكومة المغربية تناقش اليوم قانون التقاعد المثير للجدل

المعارضة تجتمع الجمعة.. والأغلبية السبت للإعداد للدخول البرلماني الجديد

عبد الاله ابن كيران
عبد الاله ابن كيران
TT

الحكومة المغربية تناقش اليوم قانون التقاعد المثير للجدل

عبد الاله ابن كيران
عبد الاله ابن كيران

تناقش الحكومة المغربية اليوم مرسوم تعديل قانون التقاعد الجديد المثير للجدل خلال اجتماعها الأسبوعي استعدادا لطرحه على أنظار البرلمان خلال دورته الخريفية التي تنطلق غدا الجمعة بالرباط. وينص التعديل على رفع سن التقاعد من 60 إلى 65 سنة، إضافة إلى إمكانية استثناء الأساتذة الباحثين والموظفين من هذه القاعدة «كلما اقتضت المصلحة الاحتفاظ بهم»، كما ينص على استمرار الأساتذة الباحثين والموظفين «في مزاولة مهامهم إلى غاية متم السنة الدراسية أو الجامعية رغم بلوغهم سن الإحالة إلى التقاعد». وكانت الحكومة قد أصدرت المرسوم الذي يعدل قانون التقاعد في بداية سبتمبر (أيلول) الماضي، خلال فترة عطلة البرلمان، أي بين دورتيه الربيعية والخريفية، ونشر المرسوم في الجريدة الرسمية في اليوم الثاني من الشهر ذاته ليصبح نافذا في انتظار عرضه على البرلمان خلال دورته العادية المقبلة.
وواجه المرسوم معارضة شديدة من طرف النقابات، التي صعدت من لهجتها تجاه الحكومة مطالبة إياها بالتراجع عن مرسوم القانون. وبدأت العديد من الاتحادات العمالية تلوح بخوض إضرابات عامة وقطاعية، فيما نفدت أخرى إضرابا عاما إنذاريا في القطاعات الحكومية يوم 23 سبتمبر الماضي.
وآخذت النقابات الحكومة على إخراج ملف إصلاح أنظمة التقاعد من لجنة الحوار الاجتماعي المتخصصة، والتي تضم الحكومة والنقابات وممثلي أصحاب العمل، وإصدار قرارات منفردة بدل ذلك. وطرحت الحكومة اقتراحاتها المتعلقة بإصلاح أنظمة التقاعد على أنظار المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي قصد إبداء الرأي فيها باعتباره مؤسسة دستورية، والتي تضمنت على الخصوص الرفع من سن التقاعد والزيادة في نسبة المساهمات. غير أن المجلس انتقد الاقتراحات الحكومية، ودعا إلى ضرورة إعادة الملف إلى طاولة الحوار الاجتماعي، وضرورة التريث والتطبيق التدريجي للإصلاح، خاصة القرارات المتعلقة بالزيادة في سن التقاعد والرفع من نسبة الاشتراكات، والتي أوصى بالتدرج في تطبيقها على مدة قد تصل عشر سنوات. كما دعا المجلس إلى ضرورة مواكبة الإصلاح التدريجي لأنظمة التقاعد بمحفزات تمكن الموظفين من تحسين أجورهم وتحسين قاعدة احتساب معاشاتهم.
في غضون ذلك، قرر الأمناء العامون لتحالف أحزاب الأغلبية الذي يضم حزب العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والتقدم الاشتراكية عقد اجتماع بحضور الفرق النيابية ووزراء التحالف يوم السبت المقبل بالرباط. وكشفت مصادر مطلعة أن الاجتماع سيخصص لوضع الترتيبات الأخيرة المصاحبة للدخول البرلماني الجديد.
ومن جهتها، قررت فرق المعارضة المتمثلة في أحزاب الاستقلال والأصالة والمعاصرة والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاتحاد الدستوري عقد اجتماع غد الجمعة مباشرة بعد الخطاب الافتتاحي للسنة التشريعية الذي سيوجهه العاهل المغربي لنواب ومستشاري الأمة. واختارت المعارضة عقد اجتماعها التنسيقي بمجلس النواب (الغرفة الأولى) تحت شعار «دفاعا عن الديمقراطية».
ومع افتتاح العاهل المغربي للسنة التشريعية الرابعة يبدأ العد العكسي لولاية الحكومة الذي تدوم دستوريا خمس سنوات. وتسعى الحكومة التي يقودها الإسلاميون لاستغلال السنة ما قبل الأخيرة من ولاية الحكومة لإجراء إصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية عميقة قبل حلول موعد الانتخابات البلدية والبرلمانية المقرر إجراؤهما خلال السنتين المقبلتين.
ويخيم على السنة التشريعية الجديدة التحضير للانتخابات البلدية المزمع عقدها منتصف السنة المقبلة بحسب الأجندة الحكومية المعلنة. وشرعت وزارة الداخلية في إحالة القوانين التي انتهت من إعدادها إلى البرلمان الأسبوع الماضي، ويتعلق الأمر بمشروع قانون تنقيح القوائم الانتخابية الذي حظي بخيبة أمل حزب العدالة والتنمية الذي كان يراهن على مراجعة شاملة للقوائم الانتخابية تقوم على أساس سجلات الأمن الوطني. ويتوقع أن تحيل الحكومة خلال الدورة التشريعية الجديدة مشروع القانون التنظيمي الخاص بالمحافظات بعد مصادقة مجلس الوزراء على مقتضياته.
وتتجه الحكومة خلال السنة التشريعية الرابعة إلى الإعلان عن خمسة قوانين تنظيمية من ضمن تسعة قوانين تنظيمية متبقية، منها قانونان تنظيميان مرتبطان بإصلاح المنظومة القضائية، ويتعلق الأمر بالقانون المحدث للمجلس الأعلى للسلطة القضائية والقانون التنظيمي الخاص بالنظام الأساسي للقضاة.
وستشهد الدورة الخريفية بحسب العارفين بشؤون التشريع هيمنة مطلقة لجلسات مناقشة قانون موازنة 2015، والقوانين المرتبطة بمؤسسات الحكامة ومحاربة الريع والفساد، بالإضافة إلى القوانين التي تكتسي أهمية كبرى في الشق الاجتماعي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.