مصدر وزاري يشدد على {ضرورة} عودة الحريري لرئاسة الحكومة

قال إنه الأقدر على استيعاب الشارع

TT

مصدر وزاري يشدد على {ضرورة} عودة الحريري لرئاسة الحكومة

يسأل مصدر وزاري لبناني عن صحة ما يشاع حول انطلاق جولة من المشاورات السياسية تسبق الاستشارات المُلزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية ميشال عون مع الكتل النيابية لتسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة الجديدة، ويقول إنه لا مبرر لها وتتعارض مع روحية وثيقة الوفاق الوطني التي أقرها مؤتمر الطائف في المملكة العربية السعودية.
ويؤكد المصدر الوزاري أن ما يتردّد عن وجود 3 خيارات تتحكّم في تسمية الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة الجديدة ما هي إلا بمثابة «حرتقات سياسية» لن تقدّم أو تؤخّر في المسار الدستوري للاستشارات النيابية المُلزمة، بمقدار ما أن من يستحضرها يتطلّع إلى الضغط على رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري لانتزاع تنازلات منه تتعلق بتشكيل الحكومة.
ويلفت إلى أنه لا جدوى من التعامل مع هذه الخيارات كأنها واقعة لا محالة وتبدأ بتسمية الحريري رئيساً للحكومة، وفي حال تعذّرت تسميته يترك له اختيار البديل من بيئته السياسية، وإلا لا مفر من اعتماد الخيار الثالث بتسمية رئيس حيادي.
ويقول المصدر نفسه لـ«الشرق الأوسط» إن الحريري لن يُقدم على تسمية رئيس للحكومة من بيئته السياسية، مشيراً إلى أن الخيار الثالث - أي تسمية رئيس حيادي - لن يُصرف سياسياً لا في الداخل ولا في الخارج، ويؤكد أن ما يتردد عن وجود مثل هذا الخيار «ما هو إلا محاولة للهروب إلى الأمام». ويعزو السبب إلى أن الحريري لا يتزعم تيار «المستقبل» وثاني أكبر كتلة نيابية فحسب، وإنما يُعدّ الزعيم السياسي الأول في طائفته، وبالتالي من غير الجائز مساواته برئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل وإنما برئيسي الجمهورية ميشال عون والبرلمان نبيه بري. فالحريري - كما يقول المصدر - لم يعقد صفقة سياسية مع باسيل وإنما مع عون، ولهذا السبب، فإن مجرد المساواة يعني أن هناك من يضغط لإحداث خلل ميثاقي، وهذا سيرتدّ سلباً على من يحاول تبنّي مثل هذه المعادلة التي تفتقد إلى التوازن.
وينقل المصدر عن قطب نيابي بارز قوله إن هناك من يلعب في الوقت الضائع ويحاول من خلال طرحه أسماء مرشحين للرئاسة الثالثة، الضغط على الحريري أو ابتزازه، لكنه سيكتشف لاحقاً أن هناك صعوبة في تسويق اسم آخر بديلاً عن الحريري.
كما ينقل المصدر عن القطب النيابي قوله إن هناك ضرورة لعودة الحريري إلى رئاسة الحكومة، لأنه الأقدر على استيعاب الشارع ومخاطبة المجتمع الدولي، وأيضاً الدول العربية، رغم أن لبنان يدخل حالياً في مرحلة سياسية جديدة غير تلك المرحلة التي كانت قائمة قبل 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو التاريخ الذي شهد انطلاقة «الحراك الشعبي».
ويعتقد القطب النيابي، بحسب ما ينقل عنه المصدر الوزاري، أن لا مانع من التعامل بانفتاح وبمرونة مع هذا الحراك لدى البحث في التشكيلة الوزارية فور تسمية الرئيس المكلف تأليفها وصولاً إلى تمثيله فيها، خصوصاً أن الانقسام العمودي بين «قوى 14 آذار» و«قوى 8 آذار» أصبح من الماضي في ضوء الاصطفاف السياسي الجديد الذي فرضه «الحراك الشعبي».
ويكشف المصدر الوزاري أن الرئيس بري لم ينقطع منذ استقالة الحكومة عن التواصل مع الرئيسين عون والحريري، مشيراً إلى أن الأخير يلتقي من حين لآخر شخصيات سياسية مقربة من رئيس الجمهورية، في إشارة إلى استقباله نائب رئيس البرلمان إيلي الفرزلي.
ويؤكد أن أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله لم يبادر في خطابه الأخير إلى رفع السقوف السياسية، وإن كان لم يتطرق لا سلباً ولا إيجاباً إلى الحريري، وأنه حاول الانفتاح على «الحراك الشعبي» مع تحفّظه عن وجود محاولة لـ«حرفه عن مطالبه المحقة».
ويحذّر المصدر من التعاطي مع الحريري على أنه ليس أكثر من مظلة لتأمين التواصل مع الدول العربية والمجتمع الدولي لأن لا قدرة للآخرين على تأمينها. ويقول إن من يحاول حصر دوره برئاسة «حكومة للآخرين» سيصطدم فوراً بموقف حاسم منه. ويقول إن من يلوّح بوجود «أكثر من بديل للحريري» على رأس الحكومة سيكتشف أن معظم المرشحين الذين يتواصلون مع الفريق الوزاري والنيابي المحسوب على باسيل يفتقدون إلى المواصفات التي يتمتع بها زعيم تيار «المستقبل».
ويتوقف المصدر ذاته أمام إمكانية المجيء بحكومة مختلطة من اختصاصيين (تكنوقراط) وسياسيين، ويسأل ما إذا كان يمكن تسويق باسيل وزيراً في الحكومة العتيدة في ضوء علاقته المشتعلة بجميع القوى السياسية باستثناء حليفه «حزب الله»، أم لا؟ ويرى المصدر الوزاري أن مجرد الموافقة على توزير باسيل في حكومة برئاسة الحريري يعني أنها ستولد معطوبة كونها ستلقى معارضة في الشارع الذي ينظر إليه على أنه من الوجوه النافرة وأن وجوده فيها لا يؤدي إلى تبريد الأجواء بمقدار ما يسهم في رفع منسوب الاعتراض ويدفع باتجاه توترات سياسية وشعبية.



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.